حكم بيع الكلاب: اختلاف المذاهب الفقهية وفتوى دار الإفتاء المصرية
تاريخ النشر: 2nd, September 2024 GMT
تعتبر مسألة بيع الكلاب من المسائل الفقهية التي أثارت جدلًا بين علماء المذاهب الأربعة، حيث تتباين الآراء حول جواز بيع الكلاب واستخدامها لأغراض مختلفة.
يعكس هذا الاختلاف تباين الرؤى الفقهية حول ما إذا كان الكلب يعتبر مالًا يجوز بيعه والاستفادة منه، أو إذا كان يُحرَّم التعامل به تجاريًا.
آراء المذاهب الأربعة حول بيع الكلابالمذهب الحنفي:
يرى الحنفية أن بيع الكلاب جائز، حيث يعتبر الكلب مالًا يُنتفع به شرعًا، وبالتالي يجوز بيعه.
يستند هذا الرأي إلى أن الكلب يمكن أن يكون له قيمة مادية يمكن الاستفادة منها في الحياة اليومية، سواء لأغراض الصيد، أو الحراسة، أو غيرها من الاستخدامات.
المذهب المالكي والشافعي والحنبلي:
على الجانب الآخر، يُحرِّم كل من المالكية والشافعية والحنابلة بيع الكلاب مطلقًا.
يستند هذا الحكم إلى حديث ابن عباس رضي الله عنه: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ثمن الكلب خبيث وهو أخبث منه».
يعتبر هذا الحديث دليلًا على أن بيع الكلب يُعتبر من المعاملات غير المقبولة شرعًا.
استثناءات بيع الكلاببينما يتفق غالبية العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة على تحريم بيع الكلاب، إلا أن هناك بعض العلماء الذين يرون جواز بيع كلب الصيد فقط.
يُستدل على هذا من حديث جابر بن عبد الله وعطاء النخعي، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من اتخذ كلبًا أنقص الله من أجره قيراطين إلا كلب صيد، أو كلب زرع، أو كلب حراسة».
هذا النص يُشير إلى أن استخدام الكلاب في أغراض معينة مثل الصيد أو الحراسة قد يُعد مبررًا شرعيًا لجواز بيعها.
ومن بين من أيدوا هذا الرأي ابن نافع وسحنون من المالكية، الذين ذهبوا إلى جواز بيع الكلب المأذون في إمساكه استنادًا إلى حديث عبد الله بن عمرو: «أنه قضى في كلب الصيد أربعين درهمًا، وفي كلب الغنم شاة، وفي كلب الزرع فرقًا من الطعام، وفي كلب الطعام فرقًا من التراب».
فتوى دار الإفتاء المصريةأوضحت دار الإفتاء المصرية عبر موقعها الرسمي أن الفقهاء اختلفوا في حكم بيع الكلاب، ومع ذلك، رأت دار الإفتاء ترجيح الرأي القائل بعدم جواز بيع الكلاب، والذي يُعد رأيًا غالبًا عند المالكية والشافعية والحنابلة.
يُشير هذا الرأي إلى أن بيع الكلاب غير جائز شرعًا باستثناء الحالات التي وردت فيها نصوص صريحة تجيز استخدام الكلاب لأغراض محددة مثل الصيد أو الحراسة.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: تربية الكلاب الفتوى الشرعية دار الإفتاء المصرية المذاهب الأربعة دار الإفتاء بیع الکلاب فی کلب
إقرأ أيضاً:
الإفتاء: القلب السليم أصدق من صورة الطاعة أو المعصية
أكدت دار الإفتاء المصرية أن طاعة الله ورسوله هي سبيل الفوز الحقيقي برضا الله وجنته، وأن من ثمرات الطاعة مرافقة النبيين والصديقين والشهداء، مستشهدة بآيات قرآنية متعددة تدل على أن الطاعة طريق النجاة، ومنها قوله تعالى: ﴿ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات...﴾ [النساء: 13]، و﴿فقد فاز فوزا عظيما﴾ [الأحزاب: 71].
وشددت الدار في بيانها على أن المعصية سبب في الهلاك والعذاب والغضب الإلهي، مصداقا لقوله تعالى:﴿ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا﴾ [الأحزاب: 36].
القلب هو المعيار الحقيقي
وأوضحت دار الإفتاء أن القلب هو الميزان الحقيقي في القرب من الله، مستندة إلى قول الله تعالى:﴿فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب﴾ [الحج: 46]، وإلى حديث رسول الله:
«إن الله لا ينظر إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم».
الطاعة ليست بالمظهر
وأكدت الدار أن الطاعة التي لا تورث تواضعا وانكسارا، وتنتج عنها حالة من الكبر والعجب، لا تعد طاعة حقيقية، بل قد تصبح سببا للخذلان، بينما قد تكون المعصية التي تدفع الإنسان إلى التوبة والتذلل والخشوع أقرب إلى القبول عند الله، مشيرة إلى قول الإمام ابن عطاء الله السكندري:“معصية أورثت ذلا وافتقارا خير من طاعة أورثت عزا واستكبارا”.
وبينت دار الإفتاء أن هذا المعنى يتفق تماما مع مقاصد الشريعة وأصول السلوك الروحي، إذ يركز على مراقبة القلوب لا مجرد الظواهر، مشيرة إلى أن المقصود ليس مدح المعصية أو ذم الطاعة، وإنما التحذير من الغرور والتعالي بعد الطاعة، والتنويه بقيمة التوبة والخضوع بعد الذنب.
دعوة للتوبة والتجرد
ونقلت دار الإفتاء قول العارف بالله أبو مدين:
“انكسار العاصي خير من صولة المطيع”، مؤكدة أن الانكسار والافتقار صفات عبودية يحبها الله، بخلاف الاستكبار الذي هو من صفات الربوبية، ولا يليق بالعبد.
وختمت الإفتاء بيانها بالدعاء أن يرزقنا الله قلوبا سليمة، خاشعة، لا تعرف الكبر بعد الطاعة، ولا تيأس بعد الذنب، مستشهدة بقوله تعالى:
﴿يوم لا ينفع مال ولا بنون ۞ إلا من أتى الله بقلب سليم﴾ [الشعراء: 88-89].