حياة الماعز والماذاعنية بالسعودية.. تعليق حقوقي على فيلم جدلي
تاريخ النشر: 3rd, September 2024 GMT
أورد موقع "منظمة هيومن رايتس ووتش"، الثلاثاء، تقريرا عن ردود الأفعال المتعلقة بفيلم "حياة الماعز" الذي أثار ضجة كبيرة في السعودية، ودول أخرى.
وبدأت منصة "نتفليكس"، قبل أيام، عرض فيلم "حياة الماعز" (The Goat Life) الذي يرتكز على تجربة نجيب محمد، وهو عامل هندي وافد عمل في السعودية أوائل تسعينيات القرن الماضي، أُجبِر على رعي الماعز بعد أن علق في الصحراء.
والفيلم مقتبس من رواية "أيام الماعز" التي نُشرت في 2008 وكانت من الأكثر مبيعا، وكتبها عامل وافد آخر تحت اسم مستعار "بنيامين".
وأثار الفيلم ضجة عارمة في السعودية، إذ دعا مواطنون سعوديون إلى مقاطعة نتفليكس، على منصات التواصل الاجتماعي، معتبرين أن الفيلم "يبالغ بشكل كبير" في وصف حالة فردية عن انتهاك حقوق عامل وافد، ويعزز الصور النمطية السلبية عن الثقافة السعودية، وهو وصف قديم وخاطئ بالأساس لمعاملة السعودية لعمالها الوافدين.
ويرى تقرير "هيومن رايتس ووتش" أن الفيلم يبالغ على الأرجح في بعض عناصر قصة نجيب، لأغراض سينمائية، ويستند إلى حالة من تسعينيات القرن الماضي، إلا أن الانتهاكات التي يسردها "لا تزال مع الأسف واسعة الانتشار أكثر مما يود المنتقدين السعوديين على التواصل الاجتماعي الاعتراف به".
والانتهاكات المصورة في الفيلم تتمحور حول عزلة رعاة الماعز، وتشمل السيطرة غير المتناسبة على حياة العمال التي يتيحها نظام الكفالة السعودي، وتفشي انتهاكات الأجور ورسوم التوظيف الباهظة، والتعرض للحرارة الشديدة، وغياب إشراف الدولة.
ويقول تقرير المنظمة إنه تم توثيق جميع هذه الانتهاكات في السعودية ودول خليجية أخرى على مدى عقود. ورعاة الماشية الوافدون، مثلهم مثل عاملات المنازل، يعانون من بعض أسوأ الانتهاكات بسبب استثنائهم من قانون العمل السعودي، وغالبا ما يقعون ضحية الإتجار بالبشر والعزلة والاعتداء الجسدي.
لكن "هيومن رايتس ووتش" ترى أن محاولة رفض الوصف المزعج لانتهاكات حقوق العمال الوافدين بصفته عنصرية أو تشهير، أو محاولة صرف النظر باللجوء إلى "الماذاعنية" هي أساليب للتقليل من شأن الانتهاكات التي يتيحها نظام الكفالة، وهو نظام عنصري لإدارة العمل.
وتضيف: "صحيح أن نجيب احتُجز على يد كفيل محتال انتحل صفة صاحب عمله واصطحبه من المطار، إلا أن نظام الكفالة التعسفي لا يزال قائما بعد 30 عاما من مغادرة نجيب للسعودية".
و"الماذاعنية" أو Whataboutism مصطلح يشير إلى طريقة الرد على اتهام بارتكاب مخالفات، من خلال الادعاء بأن الجريمة التي ارتكبها شخص آخر مماثلة أو أسوأ، بحسب تعريف قاموس "وبستر".
ولفتت المنظمة الحقوقية إلى أن تحقيق الطموحات العالمية للسعودية المذكورة بالتفصيل في خطط "رؤية 2030"، بما في ذلك تقديم عرض استضافة "كأس العالم لكرة القدم للرجال 2034"، يعتمد إلى حد كبير على العمال الوافدين.
واعتبرت أنه إذا لم تعطِ السعودية الأولوية لتدابير جريئة لحماية العمال بموازاة مشاريعها الطموحة، سنشهد مزيدا من الروايات المشابهة لرواية نجيب، التي تفضح انتهاكات مرعبة التي يعاني منها العمال الوافدون في السعودية.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: فی السعودیة
إقرأ أيضاً:
منظمات حقوقية: موجة إعدامات قياسية بالسعودية.. وصحفي بين الضحايا
حذّرت منظمات حقوقية دولية من موجة غير مسبوقة من الإعدامات في السعودية خلال العام 2025، وسط مؤشرات قوية على استخدام هذه العقوبة لتصفية المعارضين، بعد تنفيذ حكم الإعدام بحق الصحفي البارز تركي الجاسر في 14 يونيو/حزيران الماضي، بتهم "إرهابية" وُصفت بأنها ملفقة وغير مدعومة بأدلة علنية.
وقالت "هيومن رايتس ووتش" و"مركز الديمقراطية في الشرق الأوسط" إن السلطات السعودية نفذت حتى 5 أغسطس/آب الجاري إعدام 241 شخصا، بينهم 22 إعداما في أسبوع واحد فقط، بحسب بيانات منظمة "ريبريف" الدولية، محذّرة من أن هذا الرقم قد يحطم كل الأرقام القياسية إذا استمر المعدل الحالي.
وأضافت جوي شيا، باحثة الشؤون السعودية في "هيومن رايتس ووتش": "السلطات السعودية استخدمت نظامها القضائي كسلاح، لتنفيذ عدد مرعب من الإعدامات هذا العام، في أحدث تجليات الحكم الاستبدادي الوحشي لولي العهد محمد بن سلمان".
الجاسر.. من كشف الفساد إلى مقصلة الإعدام
الجاسر، الذي عُرف بكتاباته في صحيفة "التقرير" المستقلة وإدارته لحساب "كشكول" على منصة "إكس" الذي كشف قضايا فساد وانتهاكات حقوقية داخل العائلة المالكة، اعتُقل عام 2018 في حملة أمنية موسعة. ووفق المنظمات الحقوقية، فقد جرى احتجازه في سجن الحائر سيئ السمعة، وتعرض للتعذيب، وحُرم من محاكمة علنية أو حضور محاميه وأسرته.
وبحسب أسرته، لم يتم إبلاغهم بالحكم أو موعد الإعدام، ولم تُسلَّم جثته بعد.
استغلال الأحداث الإقليمية
يرجح نشطاء أن اختيار تاريخ إعدام الجاسر جاء عمدا غداة هجوم إسرائيلي على مواقع إيرانية حساسة، في وقت كان فيه الاهتمام الإعلامي منصبًّا على التطورات العسكرية في المنطقة.
سلسلة إعدامات لمعارضين
لم يكن الجاسر الوحيد؛ ففي فبراير/شباط 2024 أعدمت السلطات المحلل السياسي عبد الله الشمري، فيما يواجه دعاة ومفكرون بارزون، مثل الشيخ سلمان العودة والمفكر حسن فرحان المالكي، تهديدا مماثلا على خلفية مواقف سياسية ودينية سلمية.
كما تشير تقارير حقوقية إلى أن أكثر من نصف من تم إعدامهم هذا العام من الأجانب، وأن 162 منهم أُدينوا في قضايا مخدرات لا تتضمن القتل، في مخالفة واضحة للمعايير الدولية التي تشترط حصر العقوبة في "أخطر الجرائم".
وجددت "هيومن رايتس ووتش" و"مركز الديمقراطية في الشرق الأوسط" دعوتهما لوقف الإعدامات التعسفية في المملكة، محذّرتين من أن "السعودية تعدم خلف الأبواب المغلقة نشطاء وصحفيين سلميين عقب محاكمات مسيّسة"، معتبرة أن هذه الممارسات تمثل "قتلا برعاية الدولة" وانتهاكا صارخا لحقوق الإنسان الأساسية.