بقلم/ اوهاج م صالح

منذ ان اشتعلت هذه الحرب اللعينة بالسودان والى يومنا هذا، فقد ارسل الله تعالى رسائل عديدة للذين اشعلوها ويصرون على استمرارها، وعلى رأسهم قائد القوات المسلحة الفريق أو بالأحرى الغريق السيد/ البرهان. وكان أي من هذه الرسائل كفيل بأن يجعل أي من له صلة بالله ولو ضعيفة ان يفقهها ويسارع بإيقاف هذه الحرب التى لا طائل منها سوى تشريد واهانة وازلال الشعب وتفتيت او زوال الوطن.

ومن اهم الرسائل التي ارسلها الله تعالى لقائدي هذه الحرب مقتل اقرب اقربائهم والذين من حولهم من حراسهم الشخصيين. فقد ذكر قائد الدعم السريع الفريق حميتي انه فقد اكثر من 20 شخص من اقربائه المباشرين. اما البرهان فبالإضافة الى وفاة اكثر من 30 فردا من حراسه الشخصيين، وفـاة ابنه الذي كان يعتقد انه في معزل عن الموت في قصره المنيف في تركيا (نسأل الله لهم جميعا الرحمة والمغفرة).
الآن وقد تجاوزت الحرب شهورها الستة عشر شهرا، ولا يزال قائد الجيش ونوابه يصرون على استمرارها حتى وان بلغت المائة عام حتى يقضوا على الدعم السريع الذي يحتل اكثر من 70% من الأراضي السودانية. الآن قد تبقى لنا من المائة عام 98 سنة و8 شهور، وهذا يعنى ان كل الذي حدث حتى الآن عبارة عن تسخين فقط، وقطعا لن يحضر أي منا وحتى الذين يولدون اليوم نهاية هذه الحرب المتوقع استمرارها مائة عام ومضى منها عام وأربعة اشهر فقط.
لقد استجاب قائد قوات الدعم السريع لجميع نداءات وقف الحرب وآخرها النداء المتعلق بمفاوضات جنيف، غير ان قيادة القوات المسلحة قد رفضت الذهاب للمفاوضات بحجج لا نرى فيها أي منطق لأن المنطق السليم هو ان تذهب قيادة الجيش للمفاوضات وتطرح فيها ما تشاء من مطالب. حقيقة وحسب الكثير من المعطيات التي تشيرمعظمها الى رغبة العديد من قيادات الجيش لضرورة الذهاب للمفاوضات لولا زيارة تمت من قبل استخبارات احدى الدول والتى منعت قائد الجيش من الذهاب للمفاوضات وطمأنته بأنها سوف تذهب نيابة عنه وتتحدث بإسمه وتدافع عنه وتمنع أي عقوبات قد تفرض عليه نتيجة رفضه الذهاب للمفاوضات. وبالفعل قد انفضت المفاوضات ولم يتم فرض أي عقوبة على الجهة الرافضة لإيقاف الحرب، بل استعرت الحرب اكثر، وكل الذي خرجت به المفاوضات هو فتح بعض المعابر لإيصال المساعدات - وبرضو نقول خير ورحمة ورأفة بالمشردين والنازحين والجوعى الذين ذكرت جميع منظمات الدنيا بفداحتها وانها سوف تفتك بأكثر من ثلث سكان السودان ، عدا وزير مالية حكومة بورتكيزان ووزير الزراعة الذين انكرا وجود أي مؤشرات لمجاعة في السودان وان كلما يثار القصد منه هو فتح المعابر واستغلالها لإدخال سلاح وعتاد للتمرد ودخول قوات اجنبية، علما ان القوات الأجنبية قد ادخلها الجيش وهي التي تقصف الأبرياء بالطيران والمسيرات ليل نهار. من أي كوكب جاء هؤلاء الأوباش ذوي الوجوه الكالحة التي عليها غبرة؟.
نقول للبرهان كفاك يا رجل يجب ان تزيل هذا الصمم الذي في اذنيك والغشاوة التي في عينيك لتعي وترى تلك الرسائل التي جاءتك هدية من الله لتنبهك الى ان التمادي في طريق الشر سوف تكون عواقبه وخيمة ونهايتك بعدها اليمة.
يا برهان ان الله قد امتحنك وابتلاك في اعز ما تحب وهو ابنك، الله يرحمه، وذلك ليبلغك ويذيقك شىء من اوجاع ومعاناة الملايين الذين فقدوا ابنائهم وبناتهم وآبائهم وأمهاتهم وبناتهم واحبائهم.
يا برهان ان الله قد نبهك بمحاولات الإغتيالات العديدة التي استهدفتك ونجوت منها بأعجوبة، ولم تتعظ.
يا برهان ان الله قد ارسل لك جند من جنوده اشد بأساً وفتكاً من سلاحك الذي تمدك به بعض الدول، ويتمثل ذلك في الفيضانات العارمة التي مسحت المناطق الآمنة التي لم تطلها الحرب، نسأل الله ان يعوضهم خير ( سيول وأمطار ولايتي نهر النيل والشمالية وولايات شرق السودان) وذلك ليريك الله ان يديه ليست مغلولة وتستطيع ان تصل حيث تشاء ولا تستطيع جميع مضادات الدنيا ان تصدها، وكذلك لم تتعظ.
يا برهان ان الله قد ارسل لك جند آخر من جنوده وهي تلك الأمطار التى نزلت من السماء سوداء كالقطران، لتريك سواد فعلتك التي فعلتها في هذا الشعب المسكين، وكذلك التلوث البيئي الذي احدثته حربك العبثية، وأيضاً لم تتب وتتعظ.
يا برهان ان الرسائل التي ارسلها الله تعالى لك لم ترسل لقائد قبلك، والمهلة التي امهلك الله لها لم يمهلها لشخص جبار ظالم مثلك (انظر الى نهاية فرعون وهامان، وهتلر، والقذافي وغيرهم) فكل هؤلاء كانت نهايتهم سريعة ومريعة، فعليك ان تبادر بالتوبة والرجوع لصوت العقل قبل ان تغرغر ولا تكن مثل الذين قال تعالى عنهم:
(وَجَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِىٓ ءَاذَانِهِمْ وَقْرًا ۚ وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِى ٱلْقُرْءَانِ وَحْدَهُۥ وَلَّوْاْ عَلَىٰٓ أَدْبَٰرِهِمْ نُفُورًا).
وقد ورد في الحديث الصحيح عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث معاذ بن جبل إلى اليمن، فقال له: «اتق دعوة المظلوم، فإنها ليس بينها وبين الله حجاب).
وانت يا برهان بحربك العبثية هذه قد ظلمت الملايين من الأبرياء ودعواتهم حتما سوف تلاحقك. فأنظر الى تلك المرأة البسيطة التي قصف الطيران مواشيها ورفعت يديها للسماء بدعوة عميقة فتحت لها ابواب السماء فكانت استجابة الله سريعة جدا، حيث في اليوم التالى سقطت الطائرة التي قصفت مواشيها وشاهد الناس هلاك ذلك الطيار في الجو والنار تشتعل فيه وفي مظلته حتى سقط في الأرض متفحماً. ويجب ان تعلم ان تلك المرأة قد خصتك بدعوة خاصة قد رفعت فيها إسمك الى الله الذي لا يظلم عنده احدا، وتلك رسالة أخرى لك.
اختتم مقالي هذا لأقول لك يا برهان والذين من حولك من دول تغويك وكيزان يأووك وفلول وبلابسة يشجعوك، قد انتهت رسائل الله لك وعليك انتظار مصيرك القاتم، والذي اعتقد انه سيكون مشابها لمصير معمر القذافي، ان لم يكن اسوأ منه، خاصة اذا علمنا بكثرة العيدان في بلادنا.

اوهاج م صالح

awhaj191216@gmail.com

   

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: هذه الحرب

إقرأ أيضاً:

عودة الجيش الأحمر

هل تكرهون الحروب مثلما تكرهون رجال السياسة الذين يعطون الضوء الأخضر باندلاعها، أو بالأحرى يفعلون ما بوسعهم فـي كثير من الأحيان كي تستعر نيرانها؟ هل ثمة بينكم من يشعر بالأسف على هذا المسار الذي يسلكه عالمنا، والذي يبدو «فـي العمق» وكأنه تطبيق حرفـي للكثير من خطابات بعض القادة العسكريين، الذين ينظرون إلى العالم من خلال فوهة المدافع، لا أكثر؟ إن كنتم كذلك فعلا، فما عليكم إلا أن تقرأوا كتاب «مغامرات فـي الجيش الأحمر» للكاتب التشيكي ياروسلاف هاسيك، الذي أعادت نشره مؤخرا دار «لا باكونيير» الفرنسية مع رسوم للمؤلف.

كتاب طريف ومفـيد وصغير الحجم، ينتهي فـي جلسة واحدة (88 صفحة)، على الرغم من أنه قد يبدو للوهلة الأولى وكأنه صار جزءا من تاريخ إنسانية مضى، وبدءا من عنوانه الذي يستعيد «الجيش الأحمر» الذي لم يعد موجودا عمليا. لكن وكما يقال، لا حاضر أو مستقبل من دون تاريخ. فمن لا يعرف الماضي، قد لا يجد حاضرا أمامه. أضف إلى ذلك كلّه، أنه كتاب يبدو، عمليا، بمثابة «تخطيط أولي» لرواية الكاتب الشهيرة «الجندي الطيب شفـيك وما جرى له فـي الحرب العالمية الأولى» (التي لا بدّ وأن قرأتموها فـي ترجمتها العربية). بيد أن «الزمان» و«المكان»، هنا، يختلفان قليلا، إذ يروي هاسيك ذكرياته الشخصية فـي الجيش الأحمر، خلال الحرب الأهلية (الروسية) العام 1918، وهو فـي «بوغولما» (التي تقع اليوم فـي تتارستان شرق روسيا) حيث كان يتواجه مع القوزاق.

كان ياروسلاف هاسيك (1883-1923)، الصحفـي الساخر من براغ، شاربًا كبيرًا (كالكثير من التشيكيين) ومتحدثا دائما فـي الملاهي الليلية، ومُجنّدًا فـي البداية فـي الجيش النمساوي. إلا أنه انضم لاحقا إلى البلاشفة عام 1918. أي انضم إلى جيش تروتسكي. لكن ما إن وصل إلى سيمبيرك حتى عُيّن حاكمًا عسكريًّا لمدينة بوغولما فـي أكتوبر 1918. وكانت أولى كلماته السؤال التالي: «هل أنت متأكد أن المدينة فـي أيدينا»؟ لا نعلم. أين تقع هذه المدينة؟ «ألا تعتقد حقًا أن لديّ ما أفعله سوى البحث عن مكان مثل بوغولما»؟ يجيب رئيس السوفـييت العسكري الثوري لـ«مجموعة الضفة اليسرى». جملة تحدد نبرة هذه الذكريات، مثلما تحدّد الفوضى التي سادت روسيا بعد عام من الثورة. لم يكن هاسيك ينتمي إلى شاعرية «الحرس الأبيض» المأساوية مثلما نجدها عند ميخائيل بولغاكوف (كما فـي روايته المدهشة «المعلم ومرغريتا» وغيرها بالطبع)، ولا إلى تلك الواقعية الباروكية التي عرفناها فـي رواية اسحق بابل «الفرسان الحمر». كلّ ما يفعله هنا، يقتصر على المحن التي تُروى كقصص الثكنات. لذا يبدو الأمر لا يُقاوم فـي معرفة ماذا كان يدور هناك بين العسكر.

نعود فـي كتابه هذا لنجد تلك النبرة التي عرفناها فـي مغامرات «الجندي الشجاع شفـيك...»، تلك النبرة التي تناساها العالم، للأسف، وهو يحتفل مؤخرا بذكرى إحياء الحرب العالمية الأولى. المأساة موجودة، لكنها مخفـية فـي حكايات هزلية. فـي إحدى المرات، حُكم عليه بالإعدام من قِبَل محكمة ثورية، بناءً على برقية من خصمه يتهمه فـيها بالخيانة. حكمٌ واجب النفاذ فورًا. لم يعرض رئيس المحكمة سوى إحضار السماور وفنجان شاي قبل الشروع فـي العمل. انتهز المحكوم عليه الفرصة لطلب جلسة استماع مع كاتب البرقية، فقد اعتُبرت غير ضرورية. سُمع الرجل وقال: «يا رفاقي، البرقية، كنتُ ثملًا عندما أرسلتها». وانقلبت الأدوار. اتُهم كاتب البرقية بدوره. ليلة من المداولات مع رئيس المحكمة. فـي النهاية، لم يُطلق النار على أحد؛ وُجّه تحذير للسكير المتهم. أشار هاسيك: «خلال مداولاتنا، كان الشخص المعني، من جانبه، نائمًا نومًا عميقًا».

هكذا تفشل الطموحات الشخصية! يُسخر من الشكوك العسكرية وصراعات السلطة فـي سلسلة من التقلبات الطريفة. إنها أيضًا وسيلة للتعبير عن مخاوف السكان المدنيين المتضررين من الحرب. ربما يعود ذلك إلى صياغة معينة، مثل اليوم الذي يستعد فـيه هاسيك، بصفته الحاكم الجديد لبوغولما، لاستقبال سلاح الفرسان البطل والبارع من «فوج تفـير الثوري». أرسل أمر استيلاء إلى «رئيسة دير السيدة العذراء مريم»: «ضعي خمسين راهبة عذراء فورًا تحت تصرف فوج فرسان بتروغراد. يُرجى إرسال العذارى مباشرةً إلى الثكنات». ساد الذعر الدير والمدينة، واستنفرت الكنيسة الأرثوذكسية، وخرجت المواكب والتجمعات مع هتافات «المسيح حي، المسيح يحكم، المسيح منتصر!». سألته رئيسة الدير أخيرًا: «بحق الله، ماذا سنفعل هناك؟... لا تُدمر روحك»! فأجاب الحشد: «سنغسل الأرضيات وننظف الثكنات بأكملها حتى يشعر فوج فرسان بتروغراد بالراحة هناك. هيا بنا»! وتبعه الجميع. لاحقًا، أعطته «راهبة شابة وجميلة» أيقونة صغيرة لشكره...

وراء هذه الحكايات المتفرقة -التي قد تبدو عادية من حيث الظاهر، لكنها الحاملة فـي طياتها كل «فوضى الثورة»- نرى عنف السلطة السوفـييتية وتعسفها فـي إرساء دعائمها، ووحشية الأوامر وظلمها. وهكذا، أمرت هذه البرقية الصادرة من «الجبهة الشرقية السوفـييتية الثورية»، عندما خُطط لإخلاء المدينة، بتدمير كل ما خلفها وانتظار النجدة. يكتب هاسيك: «سقطت البرقية من يدي».

عاد ياروسلاف هاسيك إلى براغ عام 1920. كان يومها فرانتز كافكا قد أصدر «طبيب الريف»، بينما «رمى» هاسيك فـي حانات براغ (كما فـي قرى تشيكيا) تلك الشخصية الساخرة والساحرة: الجندي شفـيك، وهي الشخصية التي لم تتوقف لغاية اليوم، وبعد مرور أكثر من قرن، عن إثارة القراء فـي مختلف أرجاء العالم. بدأ بنشر مذكراته فـي الصحافة التشيكية العام 1921. ليستأنف كتابة مغامرات «الجندي الشجاع شفـيك» (كان من المقرر نشر ستة مجلدات، لكن لم يصدر منها سوى ثلاثة)، وتبنّى الناس شخصيته المناهضة للبطل، وازدادت شعبيته. فما فعله هاسيك مع بطله الفريد هذا، ليس سردًا دقيقًا لانهيار إمبراطورية، بل كما تمنى لورانس داريل، عملٌ من أعمال العرافة. بثقةٍ هادئة، نجح هاسيك فـي نقل تاريخ الحرب خارج نطاق 1914-1918، وجعله يخدم مصالحه. إن رؤية الكائنات والأشياء التي ينسبها إلى الجندي الشجاع، هذا الساذج الماكر، تُزعزع الصور المألوفة للنساء والرجال الذين يلتقيهم، كما نحن، بالطبع.

فـي أي حال، وبسبب إدمانه الكحول ونكساته الشخصية، تُوفـي هاسيك عن عمر يناهز 39 عامًا، فـي يناير 1923، وحيدًا وفقيرًا، تاركا وراءه تحفة أدبية، لن ينساها العالم أبدا.

مقالات مشابهة

  • في اليرزة... هذا ما بحثه قائد الجيش مع أبو الحسن
  • عودة الجيش الأحمر
  • نواة الجيش السوداني التي يريد آل دقلو القضاء عليها واستبدالها بلصوص ومرتزقة
  • صوفان: من ضمن الصلاحيات التي طلبناها من رئيس الجمهورية إمكانية القيام بإجراءات، منها إطلاق سراح الموقوفين الذين لم تثبت إدانتهم إضافة إلى أمور تفاعلية مع مؤسسات الدولة
  • رئيس أركان الجيش الجزائري يستقبل السفير الروسي.. رسائل أمنية ودبلوماسية
  • رسالة من الحوثيين إلى كتائب القسام.. فلسطين في قلب صنعاء
  • قائد الجيش عرض مع المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان الاوضاع
  • بن حبتور: التحديات التي تواجه اليمن جعلت اليمنيين يقفون خلف قائد الثورة
  • عاجل. الجيش الإسرائيلي يعلن العثور على جثة قائد حماس في غزة محمد السنوار
  • إسحق بريك: حماس هزمت الجيش الإسرائيلي الذي يقدم نفسه على أنه الأقوى