تأثير الذكاء الاصطناعي على وسائل الإعلام التقليدية (2- 3)
تاريخ النشر: 7th, September 2024 GMT
عبيدلي العبيدلي **
الذكاء الاصطناعي
لكي يتسنى لنا الإحاطة بتأثير الذكاء الاصطناعي على وسائل الإعلام التقليدي، يجب أن نفهم الإطار العام لمفهوم الذكاء الاصطناعي.
بخلاف ما يتوقع البعض، فإن تحديد مفهوم الذكاء الاصطناعي أمر صعب. إذ لا يوجد تعريف محدد عام، ومقبول لهذا المفهوم. واليوم يتم استخدام العديد من أدوات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، وعلى نطاق واسع في مختلف أنواع ى وسائل الإعلام.
فبينما يقصر صندوق النقد الدولي تعريف الذكاء الاصطناعي على أنه “أحد مجالات علوم الحاسب الذي يركز على بناء النظم لمحاكاة السلوك البشري والكشف عن ذكاء الآلات".
نجد موقع شركة أمازون (AWS) يعتبر الذكاء الاصطناعي (AI) أنه “مجال علوم الكمبيوتر المخصص لحل المشكلات المعرفية المرتبطة عادةً بالذكاء البشري، مثل التعلم والإبداع والتعرف على الصور...ويُمكن للذكاء الاصطناعي تطبيق تلك المعرفة لحل المشكلات الجديدة بطرق تشبه الإنسان".
وعلى نحو مواز للتعريفين السابقين يعتبر موقع شركة غوغل للذكاء الاصطناعي Gimini)) أنه " تطوير الخوارزميات وبرامج الحاسوب التي يمكنها إظهار السلوك الذي نربطه بالذكاء البشري، مثل التعلم وحل المشكلات والإدراك وفهم اللغة واتخاذ القرار".
لكن ما يتفق عليه الجميع أن للذكاء الاصطناعي تأثيرات عميقة على الأنشطة البشرية، بما فيها الأنشطة الإعلامية. ويمكن حصر أهم تلك التأثيرات على أداء المؤسسات الإعلامية في المجالات الرئيسية التالية:
1. إنشاء المحتوى الآلي
يتم استخدام الذكاء الاصطناعي لإنشاء مقالات إخبارية وملخصات وتقارير. على سبيل المثال، تستخدم شركات مثل أسوشيتد برس ورويترز الذكاء الاصطناعي لإنتاج تقارير إخبارية قصيرة، لا سيما في مجال التمويل والرياضة. يمكن للمنصات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي تحليل مجموعات البيانات الكبيرة وصياغة محتوى قابل للقراءة، بشكل أسرع من الصحفيين البشريين.
ويؤدي ذلك إلى زيادة الكفاءة في إنتاج محتوٍ كبير الحجم وحساس للوقت، ولكنه يثير مخاوف بشأن الدقة والإبداع واستبدال الصحفيين البشريين.
2. إضفاء الطابع الشخصي على المحتوى
تقوم خوارزميات الذكاء الاصطناعي بتحليل بيانات المستخدم لتقديم محتوٍ مخصص للمستهلكين. تستخدم منصات مثل Netflix وYouTube وحتى مواقع الويب الإخبارية الذكاء الاصطناعي للتوصية بالمقالات ومقاطع الفيديو والمحتويات الأخرى بناء على السلوكيات والتفضيلات السابقة.
ويزيد التخصيص من تفاعل المستخدمين من خلال تقديم محتوٍ مستهدف. وقد يسهم أيضا في ظاهرة "فقاعة التصفية"، حيث لا يتعرض المستخدمون إلا لوجهات النظر التي يتفقون معها بالفعل، مما يحد من وجهات النظر المتنوعة.
3. الإعلان المُحسَّن
يسمح الذكاء الاصطناعي بإعلانات أكثر استهدافا من خلال تحليل بيانات المستهلك والتنبؤ بالسلوكيات؛ يمكن للمعلنين عرض إعلانات مُصمَّمة بعناية فائقة، مُخصَّصة وموجهة لجمهور معين. ومن المرجح أن يكون لها صدى لدى جماهير محددة مسبقًا بشكل علمي من خلال مراكمة منظمة لمعلومات تخص ذلك الجمهور.
ويعزز هذا من ربحية الوسائط الرقمية، ولكنه يثير مخاوف وتحديات تتعلق بالخصوصية لمنصات الوسائط التقليدية التي تعتمد على إعلانات واسعة الجمهور.
4. تحسين تحليلات توجهات الجمهور
من خلال تحليلات البيانات المتقدمة، يمكن الذكاء الاصطناعي شركات الإعلام من اكتساب رؤى أعمق حول سلوك الجمهور. تساعد هذه الرؤى المؤسسات الإعلامية على اتخاذ قرارات أفضل بشأن استراتيجيات إنتاج المحتوى، وتوزيعه، وتحقيق الدخل الأعلى، وأكثر انتظامًا، ومصداقية لمن يتولى إرسال الإعلان.
ويسمح هذا النمط من بناء الإعلان لشركات الإعلام التقليدية بالتنافس مع المنصات الرقمية الأصلية، ولكنه يتطلب منها اعتماد تقنيات جديدة، ونهج مختلف يعتمد ساسَا تعتمد على البيانات، والتي يمكن أن تكون كثيفة الاستخدام للموارد.
5. التزييف العميق
يمكن لتقنيات الذكاء الاصطناعي، خاصة على المدى الطويل المنتظم، إنشاء ما يطلق عليه "التزييف العميق". ويشمل ذلك مقاطع الفيديو أو الصوت أو الصور التي تم تغييرها أو تلفيقها بالكامل. وهذا يشكل تحديًا لوسائل الإعلام التقليدية، حيث يصبح التمييز بين المحتوى الحقيقي والمزيف أمرًا صعبًا للغية، وبشكل متزايد.
ومن الطبيعي أن يقوض مثل هذا السلوك والنتائج الرافقة له، الثقة في مصادر وسائل الإعلام التقليدية، مما يتطلب استثمارات كبيرة في أدوات التحقق القائمة على الذكاء الاصطناعي وعمليات التأكد من الحقائق التي تتولد.
6. الواقع المعزز (Augmented Reality) والواقع الافتراضي (Virtual Reality)
يطور الذكاء الاصطناعي تجارب الواقع المعزز والواقع الافتراضي في الوسائط للمتعددة، مما يوفر طرقًا إعلامية جديدة، غير مسبوقة في الإعلام التقليدي، للجمهور للتفاعل مع المحتوى. ومن الطبيعي أن يكون في وسع مثل هذه التقنيات أن توفر رواية قصص غامرة، مثل تجارب الفيديو بزاوية 360 درجة في الصحافة أو الأفلام الوثائقية للواقع الافتراضي.
وتفتح مثل هذه التقنيات وما ينتج عنها من مواد إعلامية إمكانيات إبداعية واسعة، وغير مسبوقة لدى وسائل الإعلام التقليدية، ولكنه يتطلب خبرة واستثمارات تكنولوجية ضخمة، خاصة لدى المؤسسات الإعلامية الصغيرة، وحتى المتوسطة منها.
** خبير إعلامي
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
وضع الذكاء الاصطناعي يصل إلى الشاشة الرئيسية في هواتف أندرويد
تشهد خدمة بحث Google تحولًا جذريًا في الفترة الأخيرة، والمحرك الرئيسي لهذا التغيير ليس سوى الذكاء الاصطناعي.
فعملاق البحث يعمل على دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في كل جوانب تجربة المستخدم، بدءًا من كيفية عرض النتائج ووصولًا إلى طريقة التفاعل معها.
والآن، تأتي خطوة جديدة لتعزيز هذه التجربة، إضافة اختصار مباشر لوضع الذكاء الاصطناعي على الشاشة الرئيسية لهواتف أندرويد.
اختصار جديد لبدء البحث الذكي بضغطة واحدةأطلقت Google اختصارًا دائري الشكل يظهر ضمن أداة البحث (Search Widget) على الشاشة الرئيسية، إلى جانب أيقونتي الميكروفون وGoogle Lens، ويتيح هذا الاختصار فتح واجهة بحث بملء الشاشة تعتمد على الذكاء الاصطناعي، في تجربة أقرب لما يشبه الدردشة التفاعلية الذكية.
ظهر هذا الاختصار لأول مرة في أبريل لبعض مستخدمي النسخة التجريبية، ثم اختفى لفترة، قبل أن يعود مجددًا ويبدو أنه سيبقى رسميًا هذه المرة.
ويمكن تفعيله بسهولة من خلال الضغط المطول على أداة البحث، ثم اختيار "تخصيص" ومن ثم التوجه إلى قسم "الاختصارات" لتفعيل "AI Mode" الذي أصبح الخيار الثاني في القائمة.
الاختصار متوفر الآن لمستخدمي النسخة التجريبية والمستقرة من تطبيق Google (الإصدار 16.28) على نظام أندرويد. ويعتبر هذا الاختصار أسرع وسيلة للوصول إلى وضع الذكاء الاصطناعي، خاصة لمستخدمي الهواتف غير التابعة لعائلة Pixel.
لكن يجدر بالذكر أنه إذا لم يكن المستخدم مشتركًا في برنامج "Search Labs"، فقد تبدو الواجهة كما كانت سابقًا. ففي هذه الحالة، سيظهر الاختصار على شكل شريط صغير أسفل شريط البحث، ولن يتمتع بتصميم واجهة المستخدم الجديدة المتكامل مع خلاصة Discover أو ميزة "Search Live".
مزايا جديدة ضمن تجربة البحث الذكييتوسع استخدام الذكاء الاصطناعي في بحث Google بشكل ملحوظ. فقد تم إطلاق ميزة AI Overview، التي تتيح تعميق نتائج البحث باستخدام ثلاثة أزرار تكميلية تفاعلية.
كما أصبح بإمكان Google إجراء مكالمات هاتفية نيابة عن المستخدم للأنشطة التجارية، بالإضافة إلى التعامل مع مهام بحثية معقدة.
إلى جانب ذلك، يجري حاليًا طرح ميزة Search Live، التي تسمح للمستخدم بالتحدث بطريقة طبيعية والحصول على إجابات فورية.
كما أن وضع الذكاء الاصطناعي AI Mode يتم توسيعه ليشمل خاصية "الدائرة للبحث Circle to Search"، مع دعم أفضل للألعاب وتحسينات في العرض البصري.
تطور مستمر... ولكن ليس دون تحفظاترغم أن هذه التحديثات تسعى لتوفير الوقت وتحسين كفاءة البحث، إلا أن هناك بعض المخاوف.
إذ يرى البعض أن الاعتماد المتزايد على الذكاء الاصطناعي في تقديم نتائج "متوقعة" قد يُضعف روح الاستكشاف، ويقلل من فرص العثور على محتوى جديد لم يكن المستخدم يبحث عنه أساسًا.
هكذا تدخل Google عصرًا جديدًا من البحث الذكي، لكن يبقى السؤال مطروحًا: هل ستجعلنا هذه الأدوات أكثر ذكاءً أم فقط أكثر كفاءة؟ الإجابة لا تزال غير محسومة.