أسود مجان.. "الخناجر"
تاريخ النشر: 7th, September 2024 GMT
د. أحمد بن علي العمري
مجان هو الاسم التاريخي لسلطنة عُمان، وعندما أقول أسود مجان أعني أسود عُمان، مثلما يقولون أسود الأطلس أو أسود الرافدين، وكل التحية والتقدير والاحترام لجميع أسودنا في الوطن العربي.
لكن عندما أقول الخناجر؛ وهو اللقب الرديف لأسود مجان الذي أرجو أن يكون متابعًا ومتكاملًا ومتسقًا مع اللقب الأول؛ فهي تبقى عُمانية قحة، فلا خنجر في الوطن العربي سوى خنجر سلطنة عُمان.
خضنا مباراة العراق لكننا لم نوفق، رغم الأداء الجيد للاعبينا، وأملنا كبير في مباراة كوريا المرتقبة يوم الثلاثاء المقبل، ونود أن نرى انتصارًا على أرضنا هذه المرة، وهذا ليس ببعيد عن أبطال منتخبنا الذين يسعون للفوز وسلوك طريق الانتصارات، والصعود بإذن الله إلى نهائيات كأس العالم 2026.
وهناك قضية تُثار دائمًا عند كل استحقاق كروي، ألّا وهو مسألة البث التلفزيوني للمباريات، نعمل أن هناك حقوقًا تجارية وحصرية، لكن لماذا لا تشتري قناة عُمان حقوق البث لمباريات منتخبنا، حتى يتمكن كل أبناء الشعب من مشاهدة المباريات، ولا يكون الأمر مقتصرًا فقط على من يملك حق الاشتراك أو الذهاب إلى أحد المقاهي لمشاهدة المباراة. نأمل أن تنظر وزارة الإعلام في هذا المقترح، مثل دول عربية أخرى، على أن يكون البث عبر الإرسال الأرضي وليس الفضائي.
وبمناسبة الإعلام، لفت انتباهي شكوى بعض الإعلاميين العُمانيين الذين ذهبوا مع المنتخب إلى البصرة، من عدم قدرتهم على إجراء حوارات ومقابلات مع اللاعبين أو بعض أعضاء الجهاز الفني والإداري، والاكتفاء بالمؤتمر الصحفي الذي لا يتيح الفرصة لكل إعلامي بطرح أسئلته.. والسؤال هنا: لما يرفض اللاعبون وقبلهم اتحاد الكرة منح الإعلاميين حق إجراء مقابلات صحفية؟ بينما نراهم يتحدثون إلى الصحف ووسائل الإعلام الأجنبية بكل أريحية!! ما هذا التناقض؟
لقد انطلقت حملة "كلنا معك" لدعم منتخبنا الوطني في مشواره بالتصفيات المزدوجة المؤهلة لكأس العالم، لكن يبدو أن البعض ما زال يريد أن يعرقل أي جهد لدعم المنتخب، والصحافة والإعلام جزء أصيل من الدعم.
لقد أثبت التاريخ أن الخناجر العُمانية لا يمكن مقاومتها؛ لأصالتها وعراقتها وحديدها الهندواني المتميز، ونحن في الوقت الحاضر ندعو لاعبينا لأن يكونوا مثل الخناجر العُمانية، أشداء على أرض الميدان ويحرزون الأهداف وينتزعون النصر، ونتطلع لأن يمنحونا فرحة سماع النشيد الوطني في نهائيات كأس العالم.
نعم خسرنا من العراق بهدف وحيد، وقد اختار العراقيون بكل دقة وحنكة أن تكون مباراتنا معهم على ملعب جذع النخلة بالبصرة وليس في العاصمة بغداد لأنهم يعلمون جيدًا التأثير النفسي الذي بقى عالقًا من أيام كأس الخليج.
وأتمنى أن يقرر الاتحاد العُماني لكرة القدم أن تقام مباراة العودة على استاد السعادة الرياضي بصلالة، من باب المعاملة بالمثل، وساعتها سوف يكون لكل حادثهة حديث.
لقد كان منتخبنا مُهيئًا من جميع النواحي؛ فمن الناحية البدنية فاق الشقيق العراقي في اللياقة والجاهزية البدنية، ومن ناحية الانسجام والتكتيك، كانت لديه أفضلية وبكل امتياز.
فلماذا خسر منتخبنا؟ أعتقد وأنا لست محللًا رياضيًا، لكنني محب للكرة العُمانية ولكل ما يحمل اسم سلطنة عُمان، أن الهزيمة سببها أحد الأسباب التالية:
1) عندما تكون الكرة في تخوم المرمى العراقي وفي اتجاهه ويلعبها اللاعب العُماني للخلف دون الدفع بها للأمام في ظل الضعف البدني وعدم الانسجام بين أفراد المنتخب العراقي الشقيق، فهذا يعكس توجيهات المدرب، وربما يكون المدرب بذلك فشل في أول مهمة رسمية له ويجب إيجاد البديل قبل فوات الأوان.
2) عندما يدخل لاعب المباراة بدون حماس، فهذا يؤكد أن هناك تقصيرًا من اللاعب.
3) إذا كانت المشكلة في تغيير اللاعبين في المنتخب، فليتم ذلك عاجلا، لأن الوطن أغلى وأسمى وأثمن وأهم من كل الأفراد، مهما عظموا وارتقى شأنهم.
علينا ألا نتراجع عن حلمنا بالصعود لكأس العالم، فقد خسرت فرق أخرى مبارياتها الافتتاحية، لكنها حققت ألقابًا وكؤوسًا متعددة بعد ذلك.
المجد والسؤدد لعُمان.. وحفظ الله عُمان وسلطانها وشعبها.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الصين تخطط لرحلة نحو الثقب الأسود.. حلم العلم يقترب من الواقع
انضم إلى قناتنا على واتساب
شمسان بوست / متابعات:
في لحظة يذوب فيها الفاصل بين الواقع والخيال تقترح دراسة حديثة نُشرت في دورية “آي ساينس” مهمة بين النجوم، لاكتشاف ومعاينة أحد أقرب الثقوب السوداء إلى كوكبنا.
قد يبدو الأمر مجرد فرضية من وحي باحث في نطاق الفيزياء الفلكية، لكن بحسب الدراسة -التي قادها علماء من جامعة فودان الصينية- فإن الأمر ممكن.
وتهدف هذه المهمة إلى إرسال مسبار فضائي صغير إلى ثقب أسود قريب، ربما يبعد عنا 20 إلى 25 سنة ضوئية فقط، لتحليل طبيعة الجاذبية في أقوى حالاتها، واختبار صحة تنبؤات النظرية النسبية العامة لأينشتاين في بيئة يصعب تكرارها أو فهمها من الأرض.
ويقول كوزيمو بامبي أستاذ الفيزياء النظرية بالجامعة في تصريحات حصرية للجزيرة نت “إذا وُجد ثقب أسود على هذا القرب فإن المسألة فقط مسألة وقت قبل أن نرسل مسبارا لدراسته، والمعلومات التي سنحصل عليها ستكون ثمينة للغاية، وقد يستحيل الحصول عليها بوسائل أخرى”.
أينشتاين وكرة الفراء
تخيل الكون نسيجا يجمع بين المكان والزمان كأنه ملاءة سرير مطاطية، إذا وضعت كرة بولينغ ثقيلة جدا على الملاءة فستغوص في المنتصف وتُحدث انحناء عميقا.
يرى أينشتاين أن الثقب الأسود هو بمثابة كرة البولينغ في هذه الملاءة، أو بالأحرى نقطة من شدة الثقل والجاذبية لا تستطيع أي كرة توضع على الملاءة الهروب منها وستسقط إليها بسبب انحناء حواف الملاءة للأسفل نحو كرة البولينغ أو نحو الثقب الأسود.
بما أننا نتحدث عن الكون فالملاءة إذن كبيرة جدا، وليس كل كوكب أو نجم أو كرة توضع على الملاءة الكونية قريبة بما يكفي من الانحناء الذي تسببه كرة البولينغ أو الثقب الأسود لتسقط.
هناك حد يُسمى أفق الحدث، وهو بمثابة “باب بلا عودة” إذا تخطاه أي شيء يسقط في الثقب الأسود ويختفي إلى الأبد ولا يمكن رؤيته أو تتبع أثره، وهذا هو ما يتصوره أينشتاين كتفسير للثقب الأسود.
ونظرية أينشتاين ليست النظرية الوحيدة لتفسير الثقوب السوداء، فهناك نظرية “كرة الفراء”، وهي جزء من نظرية الأوتار، وتقترح أن الثقب الأسود ليس “ثقبا” حقيقيا، بل هو جسم معقد جدا، هو نوع ما مثل كرة من الخيوط المتشابكة والمضغوطة بإحكام، وهذه الخيوط تمثل المعلومات والطاقة التي تكونت عندما انهارت النجوم.
وبدلا من وجود “أفق حدث” يخفي كل شيء إلى الأبد تقول نظرية “كرة الفراء” إن السطح الخارجي للثقب الأسود نفسه يتكون من هذه الخيوط، وكل ما يسقط عليه لا يختفي، بل يتفاعل مع هذا السطح.
نحن أمام نماذج نظرية يصعب الجزم بصحة أحدها، ويشير بامبي إلى أن القياسات عالية الجودة -سواء للموجات الثقالية أو الطيف الكهرومغناطيسي- تعتمد أيضا على نماذج نظرية لفك شفرتها، وهذه النماذج تصبح معقدة للغاية عندما يكون مصدر الإشارة محاطا ببيئة فلكية غير معروفة.
ولذلك، فإن إرسال مسبار إلى ثقب أسود معزول سيكون خطوة ثورية، ويقول “يمكننا حينها دراسة نظام أبسط بكثير، وتكون القياسات أقل تأثرا بالعوامل البيئية”.
كون فسيح
نظرية النسبية العامة لأينشتاين هي إطارنا الحالي (النظرية التي نستخدمها) لوصف التفاعلات التجاذبية وبنية الزمكان، وطُرحت هذه النظرية أواخر عام 1915، وخلال الـ110 سنوات الماضية اجتازت عددا كبيرا من الاختبارات الرصدية والتجريبية دون الحاجة إلى أي تعديل على نسختها الأصلية.
يقول بامبي “إن الاكتشاف المحتمل لثقب أسود فلكي ليس الجسم الذي تنبأت به نظرية أينشتاين، بل إنه على سبيل المثال مشابه للجسم الذي تنبأ به نموذج (كرة الفراء)، سيتطلب مراجعة فهمنا الحالي للجاذبية والزمكان، يرتبط هذان الأخيران ارتباطا وثيقا بأسئلة أساسية وفلسفية مثل أصل وطبيعة كوننا”.
وتعد التلسكوبات الأرضية ومراصد الموجات الثقالية من أكثر أدوات البشرية تقدما في استكشاف الكون، ومع ذلك يوضح بامبي أن هذه الوسائل تواجه حدودا جوهرية، فيقول “النقطة الجوهرية هي أن الأمر لا يتعلق فقط ببناء تلسكوبات قوية أو مراصد موجات ثقالية لمعرفة المزيد عن الثقوب السوداء، فبدون نماذج نظرية متقدمة تصبح البيانات التي نحصل عليها عديمة الجدوى تقريبا”.
إن أقرب ثقب أسود مكتشف حتى اللحظة هو “جايا بي إتش 1″، ويقع على بعد 1560 سنة ضوئية، ومع ذلك يعتقد الباحث أن احتمال وجود ثقب أسود قريب لا يتجاوز 25 سنة ضوئية هو احتمال حقيقي ويمكن البناء عليه.
ويشرح بامبي “النماذج الحالية لتطور النجوم في مجرتنا تتنبأ بوجود ما بين 100 مليون إلى مليار ثقب أسود ناتج عن انهيار النجوم”، مضيفا “وإذا كنا متفائلين يمكننا أن نستنتج أن أقرب ثقب أسود ربما يكون على بعد أقل من 20 سنة ضوئية منا”.
وعلى الرغم من أن هذه التقديرات ليست يقينية فإن بامبي يقول بتفاؤل “لا يمكنني الجزم بالطبع، لكنها استنتاجات معقولة، وأتوقع في غضون 10 سنوات تقريبا، إما أن نكتشف ثقبا أسود بهذا القرب أو نستنتج عدم وجوده، ونحن نعمل على هذا بالفعل”.
السفر بين النجوم
أحد التحديات الكبرى هو طريقة الوصول إلى هذا الثقب الأسود، إن التكنولوجيا التقليدية مثل الصواريخ الكيميائية أو الدفع النووي وغيرها من التقنيات المستخدمة غير مناسبة لمثل هذه الرحلة.
ويشير بامبي إلى تقنية واعدة، ويقول “اليوم، تعد المركبات النانوية المدفوعة بأشعة ليزر قوية من الأرض الخيار الواعد”، مضيفا “وهناك مجتمع كبير يعمل على تطوير هذه التقنية”.
تتكون هذه “المركبات النانوية” من شريحة بوزن غرام واحد مزودة بكافة المعدات العلمية مثبتة على شراع خفيف يعكس أشعة الليزر لتوفير الدفع، قد تصل سرعة مركبة مشابهة إلى ثلث سرعة الضوء، ثم تصل إلى ثقب أسود قريب في غضون 60-70 سنة.
ومن بين أهم أهداف المهمة هو التحقق من وجود “أفق الحدث”، وهو الحد الذي لا يمكن عنده لأي شيء الفكاك من جاذبية الثقب الأسود ولا حتى الضوء، ووفقا للنظرية النسبية فإن أي جسم يقترب من أفق الحدث سيظهر للمراقب الخارجي وكأنه يتباطأ تدريجيا حتى تختفي.
التجربة التي يقترحها الباحث مبنية على تلك الفكرة تحديدا، يشرح بامبي “إذا تلاشت إشارة المسبار تدريجيا كما تتنبأ نظرية أينشتاين فهذا يدعم صحة النظرية، أما إذا توقفت فجأة كما تقترح بعض النماذج البديلة كنموذج (كرة الفراء) فسيكون لذلك تأثير هائل على فهمنا للجاذبية والكون”.
لكنه تصور لا يخلو من التحديات التقنية، ورغم التحديات فإن بامبي يعتقد “لا شيء يبدو مستحيلا من الناحية التقنية، فقط نحتاج إلى أن يحالفنا الحظ بوجود ثقب أسود قريب بما فيه الكفاية”.
ثمن باهظ
قد يكلف بناء مصفوفة الليزر اللازمة لتسريع هذه المركبة النانوية نحو تريليون يورو بالتكنولوجيا الحالية، لكن بامبي يشير إلى أن تكلفة هذه التكنولوجيا تتناقص بسرعة، فخلال 30 عاما قد تصل إلى مليار يورو، وهو ما يعادل تكلفة بعثات فضائية كبيرة اليوم.
أما عن مدة المهمة الكاملة من الإطلاق وحتى تلقي البيانات أي بعض الوصول وإرسال البيانات للعودة فقد تمتد إلى 80 أو حتى 100 عام، أي أن معظم العاملين على المشروع لن يكونوا أحياء عند نهايته.
ويجيب بامبي “أعلم أن هذا قد يبدو محبطا، لكن هذه ليست المرة الأولى، مشروع (ليزا) لرصد الموجات الثقالية -على سبيل المثال- بدأ اقتراحه في السبعينيات ولن يطلق قبل عام 2035”.
ويضيف “نحن بحاجة لرؤية طويلة المدى، وعلينا أن نفكر فيما يجب فعله من أجل تقدم البشرية، لا في مصالحنا الشخصية فقط”.
إذا نجحت هذه المهمة فستكون الأولى التي تمكّن العلماء من إجراء قياسات مباشرة في أقوى حقل جاذبية معروف، مما يمكّنهم من اختبار النظرية النسبية بدقة غير مسبوقة، وربما يقود إلى اكتشاف فيزياء جديدة تتجاوز نظرية أينشتاين للمرة الأولى.
يقول بامبي “اكتشاف أن الثقب الأسود لا يتطابق مع تنبؤات أينشتاين وأنه ربما يشبه ما تنبأت به نماذج مثل (كرة الفراء) سيتطلب إعادة نظر شاملة في فهمنا للجاذبية والزمان والمكان”.
بين التوقعات النظرية والتحديات التقنية والرؤية المستقبلية تقف هذه المهمة كبوابة محتملة لفصل جديد في علم الفلك والفيزياء النظرية، وإذا كان الطريق طويلا فإن الفكرة بحد ذاتها تلهم أجيالا من العلماء لاستكشاف المجهول.
هل ستشهد العقود المقبلة انطلاق أول مركبة نحو أفق الحدث؟ هذا ما سيجيب عنه المستقبل، لكن الأكيد أن العلماء قد رسموا بالفعل أول خطوة في هذا الطريق المدهش.
المصدر: مواقع إلكترونية