فضل الله: مؤسف في بلد الأديان أن نشهد هذه السلبيات في العلاقة بين الطوائف
تاريخ النشر: 8th, September 2024 GMT
دعا العلامة السيد علي فضل الله، المؤسسات التعليمية في جمعية المبرات إلى "تطوير مناهجها، بحيث توفّق بين التحصيل العلمي وبناء الشخصية وتطويرها"، مشددا على "إعداد المعلمين والإداريين ليكونوا قدوة يحتذى بهم على مستوى الالتزام بالقيم والسلوكيات الحسنة".
ورأى أنه "من المؤسف في بلدنا الذي يُنعت بأنه بلد الأديان أن نشهد هذا التردي على مستوى القيم الأخلاقية وفي العلاقات داخل كل طائفة أو في علاقاتها مع الطوائف الأخرى"، مؤكداً أن "مؤسسات المبرات عملت على تفعيل الدور التربوي والأخلاقي وفتحت أبواب الحوار والعلاقات التواصلية على مستوى الوطن، وستبقى ضمن أولوياتها ورسالتها".
جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها فضل الله في اختتام فاعليات المؤتمر التربوي الثالث والثلاثين لجمعية "المبرات الخيرية"، والتي شدّد في بدايتها على أن "أهمية هذا المؤتمر تعود إلى ما يدعو إليه من تعزيز حضور التربية والقيم الأخلاقية في صلب العملية التعليمية، حتى لا يبقى تقويم نجاح المؤسسات التعليمية على أساس أرقام الانتساب إليها أو على معدلات النجاح في المواد التعليمية على صعيد المدارس أو في الجامعات، أو إنجازات الخريجين من الجامعات في سوق العمل أو حضورهم فيها، من دون الأخذ في الوقت نفسه بالاعتبار دور هذه المؤسسات التربوي والأخلاقي أو على الصعيد الاجتماعي أو الوطني بطلابها والمتخرجين منها".
أضاف: "ونحن عندما ندعو إلى دور للمؤسسات التعليمية لا نُغفِل دور الأسرة في تنمية القيم وتربية الشخصية، فالأسرة تعتبر المؤسسة الأولى التي يتلقى فيها الطفل قيمه وأخلاقه، ولكن مع تعقيدات الحياة المعاصرة وانشغال الأهل غالباً بتأمين متطلبات الحياة، ونظراً إلى حجم التداعيات التي باتت تتركها وسائل الإعلام ومواقع التواصل على منظومة القيم التي يريد الأهل ترسيخها، بات دور الأهل يتراجع على الصعيد القيمي والأخلاقي، الأمر الذي يلقي على المدرسة مسؤولية أكبر ويجعلها شريكاً أساسياً في العملية التربوية، وهو ما يتطلب توثيق العلاقة بين المدرسة والأسرة لتكون العلاقة بينهما علاقة تعاون وتكافل".
ودعا المؤسسات التعليمية إلى "العمل على تطوير المناهج التعليمية بأن توفق فيها ما بين التحصيل العلمي الأكاديمي وبناء الشخصية وتطويرها، فالمناهج لا ينبغي أن تتجزأ بحيث يكون هناك حيّز للتعليم والتلقين الأكاديمي، وحيز آخر للأخلاق والتربية والدين وسلوكيات التواصل، نحن بحاجة إلى مقاربة شاملة تضمن هذا التكامل"، آملا "إعداد المعلمين والإداريين في المؤسسات التعليمية على الصعيد الخلقي والتربوي والإيماني واختيارهم على قاعدة ما يملكون من مقومات على هذا الصعيد، حتى يكونوا قدوة يحتذى بهم في عالم تزداد فيه المعضلات الأخلاقية وتضيع فيه القيم لحساب المصالح حتى باتت القيم وجهة نظر، بحيث يتعدى دور المعلم نقل المعرفة إلى نقل القيم والسلوكيات إلى الطلاب ويتعامل مع طلابه على أساسها ويعبر عنها".
وشدد فضل الله على "بناء التفكير النقدي لدى الطلاب لحمايتهم مما بات يصل إليهم عبر مواقع التواصل والإعلام أو من أقرانهم أو بأن لا يأخذوا بما يرد إليهم إلا بعد تدقيق وتمحيص ودراسة واستشارة، ليكونوا واعين للتداعيات حتى لا يخدعهم الآخرون أو يكونوا صدى لأفكار لا تمت إلى العقل أو القيم بصلة".
وقال: "إننا معنيون بتثبيت القيم الأخلاقية التي هي أساس في بناء المجتمع والوطن، فلا تبنى المجتمعات والأوطان إلا بها، وتعزيز التواصل بين أفراده ومكوناته والمناعة فيه، ونحن نراها تمثل عمق الدين والهدف الذي لأجله جاء. لذا كان من الطبيعي أن يشير رسول الله إلى رسالته وكل الرسالات السماوية، بقوله "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق".
وأضاف: "نحن إذا كنا نعيش المعاناة في هذا العالم إن على الصعيد الاجتماعي او السياسي او الاقتصادي، فلأن القيم لم تعد حاكمة ولم يعد لها الحضور في كل هذه الميادين، وباتت الغلبة لغة المصالح الخاصة والفئوية على حساب المصالح العامة وعلى حساب القيم، فلم يعد الصدق ولا الأمانة ولا العدالة ولا الشفافية ولا الصداقة والقول بالأحسن والاحترام لأموال الناس ومقدراتهم هي القيم السائدة".
وتابع: "من المؤسف أن نشهد ذلك في بلد ينعت بأنه بلد الأديان السماوية الذي يعني أنه بلد القيم الأخلاقية، إن في العلاقات داخل الطائفة الواحدة أو في علاقات الطوائف بعضها مع بعض، والذي نشهد مظاهره السلبية على أرض الواقع، ما بات يهدد أمان هذا البلد ووحدته ونهوضه والصورة المشرقة التي ينبغي أن يظهر بها".
وختم مؤكداً أن "مؤسساتنا عملت على تفعيل الدور التربوي والأخلاقي وفتحت الأبواب للحوار والعلاقات التواصلية، وهي اليوم تمد يدها إلى كل المؤسسات التعليمية والرعائية للتواصل لتحقيق هذا الهدف الذي لم تحد عنه ولن تحيد عنه، وهنا لا بد من الشكر والتقدير لمعلمينا ومربينا على الجهود التي بذلوها والتي تركت آثارها على أرض الواقع من خلال التميز الذي نشهده في هذه المؤسسات على هذا الصعيد".
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: المؤسسات التعلیمیة القیم الأخلاقیة على الصعید فضل الله
إقرأ أيضاً:
برلماني: الحضانات التعليمية بالمساجد مشروع قومي يعيد تشكيل وعي الأجيال القادمة
أشاد النائب حسانين توفيق، عضو مجلس الشيوخ عن حزب الشعب الجمهوري، بالبروتوكول الذي وقّعته وزارتا الأوقاف والتربية والتعليم والتعليم الفني، لإطلاق مشروع "الحضانات التعليمية" بالمساجد، واصفا إياه بأنه خطوة استراتيجية بالغة الأهمية تأتي في توقيت حاسم.
وأكد توفيق أن هذه المبادرة لا تمثل مجرد تعاون بين وزارتين، بل هي تجسيد حقيقي لرؤية الدولة المصرية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، في تحقيق التكامل بين مؤسساتها لخدمة المواطن وبناء الإنسان المصري كأولوية قصوى.
وأوضح النائب أن المشروع يمثل استثمارا جيدا للموارد المتاحة، ويعظم من دور المسجد كمنارة للعلم والمعرفة إلى جانب دوره التعبدي.
وقال إن استغلال الفترة الصباحية في المساجد لتقديم خدمات تعليمية وتربوية لمرحلة رياض الأطفال هو فكر خارج الصندوق، يحل مشكلة نقص الحضانات في بعض القرى والنجوع، ويضمن في الوقت ذاته تقديم محتوى تعليمي وتربوي عالي الجودة تحت إشراف مباشر من وزارة التربية والتعليم.
وشدد توفيق على الأهمية القصوى لمرحلة الطفولة المبكرة، معتبرًا إياها حجر الأساس في تكوين شخصية الطفل وتشكيل وعيه وقيمه، مشيرا إلى أن المشروع ينجح في تحقيق معادلة متوازنة تجمع بين تعليم المبادئ الأكاديمية الأولية كالحساب والهجاء، وبين غرس القيم الأخلاقية النبيلة والانتماء الوطني، وهو ما تحتاجه الأجيال الجديدة بشدة لتكون قادرة على بناء مستقبلها ومستقبل وطنها على أسس سليمة.
وذكر أن المبادرة تمثل حصنا منيعا في مواجهة التحديات التي يفرضها الانفتاح الرقمي وثورة المعلومات.
وتابع: "في ظل ما يواجهه أطفالنا من مؤثرات خارجية عبر الوسائل الرقمية، يأتي هذا المشروع ليقدم بديلا تربويا آمنا، ويرسخ الهوية المصرية الأصيلة، ويربط النشء بتراثهم الحضاري والديني، ويبني لديهم جدارا ثقافيا وأخلاقيا يحميهم من الأفكار الدخيلة والسلوكيات السلبية".
وأثنى عضو مجلس الشيوخ على الآليات التنفيذية للمشروع، خاصة البدء بمحافظة قنا كتجربة رائدة قبل تعميمها، وهو ما يعكس منهجية علمية في التطبيق.
كما أشاد بتكليف معلمين متخصصين من وزارة التربية والتعليم بهذه المهمة، ما يضمن احترافية العملية التعليمية، بالإضافة إلى الفكرة العملية المتمثلة في تجهيز المساجد بفرش وأدوات تعليمية وترفيهية يسهل طيها قبل مواعيد الصلاة، ما يحافظ على قدسية المسجد ووظيفته الأساسية.
كما أكد النائب حسانين توفيق أن هذا المشروع لا ينبغي النظر إليه كخدمة تعليمية مؤقتة، بل كمشروع قومي طويل الأمد يستهدف بناء الإنسان المصري منذ نعومة أظفاره. ودعا إلى تكاتف كافة الجهود المجتمعية لإنجاح هذه التجربة الفريدة، التي ستساهم في تخريج أجيال جديدة متوازنة الشخصية، تعتز بدينها ووطنها، وتمتلك الأدوات المعرفية والمهارية اللازمة للمستقبل.