تخضع برامج الإقراض في المصارف الحكومية السورية، لتعديلات جديدة، بعد أن أوقفت منح القروض الشخصية مؤقتا، لأسباب قالت إنها تتعلق بنقص السيولة القابلة للإقراض، ووجود تفاوت بين مستويات الدخل (الذي يتراجع بسبب انهيار قيمة الليرة) وقيمة الأقساط المترتبة على القروض.

وأوضح مدير عام المصرف التجاري (أكبر المصارف في البلاد) الدكتور علي يوسف في حديث لصحيفة تشرين المحلية "إن القروض ستخضع في فترة ما بعد استلام الطلبات الجديدة، لخطة إقراض تراعي طاقة واستيعاب كل فرع من الفروع المانحة، وستقتصر على عدد محدد شهريا".

في حين تراجعت مصارف مماثلة كـالتسليف الشعبي والتوفير عما أعلنته في وقت سابق، بخصوص رفع سقف قروضها الشخصية، واعتمدت السقف الذي كانت تعمل به، وقيمته 5 ملايين ليرة فقط (350 دولارا)، باستثناء المصرف العقاري الذي استمر في منح قروضه الشخصية، تحت السقف الذي حدده 10 ملايين ليرة (700 دولار).

وربط معاون مدير عام مصرف التسليف عدنان حسن رفع سقف القروض التي سيمنحها المصرف بتوفر السيولة، حيث يحتاج تعزيزها -كما يرى- لاستقطاب معدلات إضافية من الودائع.

وأكد في تصريح لصحيفة الوطن مقربة من الحكومة أنه على الرغم من رفع سعر الفائدة على الودائع، الذي يصل في بعض الأحيان إلى 13%، فإنه لم يسهم في رفع معدلات الإيداع، نظرا لوجود قلق من معدلات التضخم، وتقييد السحوبات، وغيرها. مبينا أن معظم الودائع الموجودة هي ودائع لجهات عامة على شكل حسابات جارية.

أماكن أخرى للودائع

وتسهم عوامل عديدة في تراجع عمليات الإقراض في المصارف بحسب الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق الدكتور رغيد قصوعة ويرى أن نقص السيولة، وارتفاع معدلات التضخم، والإجراءات النقدية التي تقيد السحوبات -سقف السحب اليومي- وتقييد نقل الأموال، من شأنه أن يدفع الأفراد للادخار خارج المصارف، أي في أماكن أخرى، أكثر جدوى لأن الإيداع في البنوك مع وجود التضخم المتسارع غير مجد وغير محفز.

رفع سعر الفائدة لم يكن حلا

ويؤكد خبراء بهذا الصدد أن المصارف السورية ركزت منذ مطلع 2022 على التسهيلات الائتمانية القصيرة الأجل لتغطية سحوباتها، بعد أن انحصرت أغلب الودائع فيها بالحسابات الجارية.

مما دفع مجلس النقد والتسليف لإصدار قرار رفع بموجبه سعر الفائدة على الودائع بالليرة السورية وشهادات الاستثمار، من 7% إلى 11%، كحد أدنى، منعا لزيادة مخاطر استخدام هذه التسهيلات بعمليات المضاربة، وزيادة سرعة دوران النقد، وجذبا للمدخرات، وتوجيه التسهيلات نحو أنشطة منتجة.

وتساءل الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة حلب الدكتور حسن حزوري "في ظل الوضع الراهن، وأمام سياسة تجفيف السيولة التي يعتمدها المصرف المركزي، من سيودع أمواله في المصارف إذا كان لا يستطيع سحبها بسهولة عندما يريد؟، بما فيها الحسابات الجارية والودائع تحت الطلب".

ووصف معدل الفائدة الحقيقي، في تصريح لوكالة سبوتنيك الروسية بالسالب، أي أن معدل التضخم وانخفاض القوة الشرائية لليرة السورية خلال مدة الإيداع، أعلى بكثير من العائد الذي سيحصل عليه المودع في نهاية مدة الإيداع، وبالتالي تكون محصلة استثماره خسارة فعلية وليس ربحا.

معدل التضخم وانخفاض القوة الشرائية لليرة السورية خلال مدة الإيداع، أعلى بكثير من عائد الإيداع (الجزيرة) رواية أخرى للبنك المركزي

بخلاف ذلك، أكد مدير الأبحاث الاقتصادية والإحصاءات العامة والتخطيط في البنك المركزي السوري منهل جانم، أن الإجراءات النقدية التي اتخذها المصرف منذ عام 2022 لا سيما قرار مجلس النقد والتسليف المتضمن رفع أسعار الفائدة من 7% إلى 11% على الودائع لأجل شهر، أسهمت بشكل إيجابي في هيكلية السيولة على جانبي الميزانية الموحدة للمصارف العامة والخاصة.

وأوضح أن معدل التضخم العام السنوي تراجع معدله من مستوى 118.8%، وفق بيانات المكتب المركزي للإحصاء لعام 2021 إلى مستوى 51%، وفق تنبؤات البنك الدولي لعام 2022 علما أن المعدل بلغ وفق بيانات البنك نحو 59.5% لعام 2022.

وبين جانم "وفق ما نشره البنك المركزي عبر قناته على تليغرام" أن إجمالي الودائع لدى المصارف الخاصة، ارتفع منذ صدور القرار المذكور ولغاية نوفمبر/تشرين الثاني 2022 بمقدار 841 مليار ليرة سورية، وبمعدل نمو 17% من مستوى 5039 مليار ليرة سورية إلى 5880 مليار ليرة، ونمت الودائع الآجلة خلال هذه الفترة بمعدل 14% كما بلغ الوزن النسبي للودائع الآجلة من إجمالي الودائع 24%.

3 مخاطر

إلى جانب ذلك، يرى الباحثان الاقتصاديان سمير شرف ووجد الصائغ، أن أغلب المصارف السورية تعرضت لمخاطر عديدة، منها:

مخاطر ائتمانية نتيجة عدم قدرة الزبائن على التسديد مخاطر سيولة نتيجة طلبات المودعين المفاجئة لسحب ودائعهم مخاطر سعر الصرف نظرا لانخفاض قيمة العملة الوطنية

وأوضحت دراسة مشتركة لهما، حول أثر محددات القطاع المالي على الشمول المالي في سوريا ودول الجوار، أن الاستقرار السياسي من المحددات الأساسية للتطور المالي، لأن اضطرابه يؤدي إلى زيادة عدم اليقين بشأن مردودية المشاريع الممولة، ويمكن أن يزيد مشكلات عدم الدفع، مما يدفع المصارف للتوجه نحو تمويل استثمارات قصيرة الأجل فقط. وأضافت الدراسة، أن من شأن الحرب أن تسخر القطاع المالي لتمويل الاحتياجات العسكرية والعتاد الحربي، وتسهم في غياب التنظيم عن القطاع المالي، مما يعرض سلامة النظام المالي للخطر.

وأشارا إلى أن ترتيب سوريا بالنسبة لمؤشر الشمول المالي الديمغرافي وفق قاعدة البيانات العالمية تراجع في عام 2010 بشكل واضح حيث بلغ 148 من أصل 228 بلدا.

وفي عام 2015 خرجت سوريا من قاعدة البيانات العالمية. وفي عام 2017 بلغ عدد الفروع المصرفية لكل 100 ألف فرد بالغ 3.35 في حين بلغ في لبنان 22.28. أما بالنسبة لأجهزة الصراف الآلي فقد بلغت حصة عدد الأفراد في العام نفسه 5.36 بينما بلغت في لبنان 38.03. نسبة التضخم السنوي بلغت في أبريل/نيسان الماضي 122% (رويترز)

 

ضعف الشمول المالي

تتمثل إحدى المشكلات الرئيسية التي أثرت على أداء القطاع المصرفي منذ السنوات الأولى الانفتاح الاقتصادي الذي شهدته سوريا 2002 – 2006، أنه لم يشهد أية خطوات متقدمة على مستوى انتشار المصارف وتنوع خدماتها، وفق المعايير الدولية. وتركزت شبكة الفروع المصرفية في دمشق وحلب، بينما بقي الريف السوري خارج الشمول المالي، حيث لم يستفد من الخدمات والتسهيلات المصرفية كما استفادت المناطق الحضرية.

وتظهر نتائج دراسة أعدها المركز الاقتصادي السوري، أن لكل 26 مواطنا سوريا حسابا مصرفيا واحدا، في حين تشير الإحصائيات إلى أن لكل 16مصريا حسابا واحدا، ولكل 3 مغاربة حساب، وهذا يشير بحسب المركز الى أن آلية الإقراض ما زالت بطيئة، لم ترتق للمستوى المطلوب. متأثرة بعوامل عديدة منها وضع إشارات التأمين والرهونات، ورسوم الطابع وغيرها، ماتصل نسبته بالنسبة للتسليفات الاستثمارية والسكنية إلى 5% من القرض.

أما بالنسبة لتسليفات الدخل المحدود، فلا يحق للمصرف حجز سوى 19% من نسبة 75% من الراتب، وهذا مايحدد سقف قروض الدخل المحدود، نظرا لأن موارد المصارف قصيرة الأجل عبارة عن إيداعات أقصاها لأجل سنة واحدة، وتساءلت الدراسة "كيف يمكن تمويل قروض لمدة 3 أو 4 سنوات بإيداعات قصيرة الأجل".

التضخم طارد للودائع

يربط البنك المركزي ارتفاع نسب التضخم في سوريا، بارتفاع مماثل وغير مسبوق شهدته العديد من الاقتصاديات، مدفوعا بعوامل عدة، يبرز منها اضطراب سلسلة التوريد المرتبطة بجائحة كوفيد 19، وارتفاع صدمات أسعار السلع الأساسية، الناتجة عن الأزمة الروسية الأوكرانية.

وكشفت معاونة حاكم البنك المركزي السوري، الدكتورة مها عبد الرحمن أن نسبة التضخم السنوي بلغت في أبريل/نيسان الماضي 122%، معتبرة الرقم كبيرا، وتابعت، لكن البلاد لم تصل بعد إلى مرحلة التضخم الجامح.

وأرجعت في تصريح تلفزيوني أسبابه لعوامل خارجية مثل العقوبات المفروضة على سوريا، والصراعات في عدة دول، والحدود غير القابلة للضبط التام مما يؤدي إلى عمليات تهريب مستمرة. وعوامل الداخلية تتمثل في ضعف الإنتاج، ومشكلات مزمنة كعجز الميزان التجاري، والتمويل بالعجز.

غياب الشفافية

غير أن تداعيات الحرب أثرت بشكل كبير على القطاع المالي والمصرفي، خلال السنوات الـ13 التي مضت، نتيجة تعرض قيمة أصوله السوقية للخطر، إضافة للركود الناجم عن التضخم، وتغيّر احتياجات المستهلكين، وتزايد القروض المتعثرة.

وقيدت العقوبات الغربية المشددة على القطاع المالي، وعقوبات مؤسسة سويفت العالمية، التي تتخذ من بلجيكا مقرا، وتتيح للبنوك استعمال نظام تحويل الأموال حول العالم، نشاط المصارف السورية في تحويل العملات الأجنبية. واتجه أغلب رجال الأعمال السوريين إلى لبنان والأردن وتركيا لفتح خطابات اعتماد بالدولار، وإنجاز التحويلات التجارية العادية مع أطراف خارجية، لمواصلة أعمالهم..

ويرى الخبير المالي المقيم في ألمانيا عبد القادر بركات أن تفسير ما يشهده القطاع المصرفي، على صعيد الادخار ومنح القروض، وغيرها من الصعوبات التي تعرقل وصول الأشخاص إلى خدماته المتاحة، بمعزل عن وجود استقرار سياسي، يطوي صفحة الحرب وتأثيراتها الخطيرة على قطاعات المال والمصارف والأعمال، هو مجرد دوران في حلقة مفرغة.

ولفت في حديثه للجزيرة نت إلى أن الخطاب الرسمي لنظام الأسد، مايزال يأمل في تحسن وضع اقتصاده العام، معتمدا في قراءته على أموال ومعونات قادمة من الخارج، بعد الانفتاح الذي شهدته العلاقات السورية العربية، وبالأخص الخليجية منها، ستسهم كما يبشر في تحسن وضع الليرة، وخفض نسب التضخم، وعودة ثقة المواطنين بمصارفهم للإيداع فيها.

وأضاف: حتى تحين الفرصة، مايزال الاقتصاد السوري يحافظ إلى الآن على تصنيفه السالب وفق أغلب المؤشرات العالمية. خاصة بالنسبة للقطاع المالي والمصرفي، إذ بلغ مؤشر نمو سوق المال في سوريا بحسب بيانات الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي (التابع لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية في جامعة الدول العربية) 32.58 وهي أدنى نسبة في أداء أسواق المال العربية لعام 2022. كما بلغ مؤشر سلامة البنوك 31.19 في حين بلغ المؤشر ذاته للأردن 82.09 ولبنان 74.63، أما ما يتعلق بسهولة الحصول على قروض فقد بلغ مؤشر سوريا 0.00 مقابل 95.00 للأردن و40.00 بالنسبة للبنان.

وأشار بركات إلى أن الافتقار للشفافية في توصيف الوضع، وغياب الأرقام الدقيقة حول واقع الاقتصاد، ومعدلات النمو، ومالية الدولة، وديونها، ومدخراتها من القطاع الأجنبي، وما يتعلق بأوضاع القطاع المالي المصرفي، يعوق إجراء تحليلات ذات جدوى لأن جوهر المشكلة أن من يديرون السياسة المالية لا يريدون أن يتحدثوا بصراحة عن فشل سياساتهم، ولا عن الاختلالات الكبيرة التي يعاني الاقتصاد منها نتيجة تحوله خلال الحرب إلى اقتصاد زبائني، يعمل لصالح نخبة متحالفة مع النظام، سيطرت على أدواته، واستثمرته لملء محافظها المالية، بمعنى أن لا أحد في منظومة الحكم يريد أن يعالج المشكلة من خلال أسبابها.

الوضع السياسي عقبة رئيسية

وكان بنك الاستثمار الأوروبي قد نفذ استبيانا بين عامي 2006 – 2005 بدعم من صندوق الاتحاد الأوروبي وبرنامج الاستثمار والشراكة الأورومتوسطية في سوريا، حول الصعوبات التي تواجه الشركات وتحد من نموها المستقبلي، شاركت فيه 650 شركة سورية، أشارت 81% منها إلى أن عدم الثقة في الوضع السياسي هو العقبة الرئيسية.

أما مشكلات الفساد، فجاءت بالمرتبة الثانية 71%، وكان من المشكلات البارزة بالنسبة للشركات المدروسة، قضايا التضخم 68%، والبيئة القانونية 55%.

وجوابا على سؤال (لماذا لم تستلم قرضك) الذي طرحه الاستبيان على 19 جهة لم تستلم القروض التي طلبتها، أجاب 63% بسبب طول المدة، و42% بسبب فساد موظفي القروض، و32% بسبب عدم توفر الضمانات اللازمة.

وسجل بنك الاستثمار الأوروبي في ختام تقريره 6 ملاحظات على واقع عمل المصارف الحكومية في سوريا:

ضعف الإدارة العامة وشدة التدخل الحكومي ضعف تأهيل العاملين ضعف المعلوماتية ونظام معلومات الإدارة محدودية الربط بين الإقراض والسيولة النقدية ضعف إدارة المخاطر الافتقار إلى المعايير المحاسبية الدولية

كما نوه بأن المصارف الخاصة وحدها ملزمة بالتقيد بالمعايير المحاسبية الدولية، في حين تخضع المصارف الحكومية لمراقبة الجهاز المركزي للرقابة المالية، بناء على المبادئ المحاسبية الخاصة بها، ولم يجر إخضاع أي مصرف عام إلى رقابة تلتزم المعايير المحاسبية الدولية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات المصارف الحکومیة القطاع المالی البنک المرکزی الشمول المالی فی سوریا إلى أن عام 2022 فی حین

إقرأ أيضاً:

سوريا تعود إلى الاقتصاد العالمي بعد 14 عاما من العزلة

 

فايننشال تايمز البريطانية

 

قال محافظ البنك المركزي السوري الجديد إن سوريا ستعيد ارتباطها بالكامل بنظام المدفوعات الدولي “سويفت” في غضون أسابيع، ما يعيد ربط البلاد بالاقتصاد العالمي بعد 14 عامًا من الحرب والعقوبات التي حولتها إلى دولة منبوذة.

وتمثل عودة “سويفت” أول إنجاز كبير في إطار إصلاحات الحكومة الجديدة التي تهدف إلى تحرير الاقتصاد السوري، وتشير إلى أن السلطات الجديدة تتحرك بسرعة لجذب التجارة والاستثمار الدوليين بعد أن رفعت الولايات المتحدة العقوبات الشهر الماضي.

وشرح عبد القادر حسريه، محافظ البنك المركزي، في مقابلة بدمشق،خارطة طريق لإعادة هيكلة النظام المالي والسياسة النقدية في البلاد لإعادة بناء الاقتصاد المنهار، وأعرب عن أمله في استعادة الاستثمارات الأجنبية، وإزالة الحواجز التجارية، وتطبيع العملة، وإصلاح القطاع المصرفي.

وقال حسريه لصحيفة “فايننشال تايمز”: “نهدف إلى تعزيز صورة البلاد كمركز مالي بالنظر إلى الاستثمارات الأجنبية المباشرة المتوقعة في مجالي الإعمار والبنية التحتية — وهذا أمر حاسم”، وأضاف: “رغم إحراز تقدم كبير، لا يزال هناك الكثير من العمل في المستقبل”.

وعمل حسريه مستشارًا تقنيًا لفترة طويلة وشارك في صياغة عدد من قوانين التمويل في عهد الأسد، ويعمل حاليًا مع وزارة المالية على “خطة استقرار لمدة 6 إلى 12 شهرًا”، تتضمن إصلاح قوانين البنوك والبنك المركزي، وإعادة هيكلة نظام الضمان الاجتماعي وتمويل الإسكان، بهدف تشجيع السوريين في الشتات على الاستثمار في البلاد، إلى جانب مبادرات أخرى.

وكانت سوريا معزولة عن الأسواق العالمية منذ عام 2011، عندما قمع الرئيس آنذاك بشار الأسد انتفاضة شعبية بعنف، ما أدى إلى اندلاع حرب أهلية شاملة، وعندما أُطيح بالأسد على يد أحمد الشرع وتحالفه من المتمردين في ديسمبر الماضي، كان الاقتصاد في حالة انهيار وخزائن الدولة فارغة.

وقد شكك كثير من الخبراء فيما إذا كان يمكن لفصيل مسلح يفتقر إلى الخبرة في إدارة الدولة أن ينقذها، لكن خلال أسابيع من تولي السلطة، أعلن القادة الجدد عن إصلاحات سوقية حرة في الاقتصاد الخاضع لسيطرة مشددة في عهد الأسد، وطرحوا خطابًا يتسم بالشفافية والانفتاح، ما ساعد على جذب مستثمرين أجانب كانوا في البداية مترددين في التعامل مع متمردين إسلاميين.

وبنى الرئيس المؤقت أحمد الشرع على هذا الزخم، إذ حصل على دعم واسع لحكومته الناشئة من قوى عالمية حريصة على تحقيق الاستقرار في البلاد — رغم أعمال العنف المتفرقة التي شوهت عملية الانتقال، وقد حصل على دفعة قوية الشهر الماضي عندما رفع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب العقوبات بشكل غير متوقع.

وقال حسريه، الذي بدأ عمله في أبريل: “رغم أن هذه كانت خطوة مرحّب بها، إلا أن هناك حاجة إلى تغيير شامل في السياسة”، وأضاف: “حتى الآن، رأينا فقط إصدار التراخيص ورفعًا انتقائيًا لبعض العقوبات. يجب أن تكون عملية التنفيذ شاملة، لا عشوائية”.

ويعد القطاع المصرفي عنصرًا أساسيًا في إعادة الإعمار، إذ انهار إلى حد كبير بسبب الحرب وأزمة مالية في لبنان المجاور عام 2019، بالإضافة إلى السياسات العقابية في عهد الأسد، ويريد حسريه إنهاء إرث تدخل النظام السابق، وإعادة قدرات الإقراض، والشفافية، والثقة.

وقال: “كان البنك المركزي سابقًا يدير النظام المالي بشكل دقيق، وينظم الإقراض بشكل مفرط، ويقيّد سحب الودائع”.

وأضاف: “نهدف إلى إصلاح القطاع من خلال إعادة الرسملة، وتخفيف القيود، وإعادة دور البنوك كوسيط مالي بين الأسر والشركات”.

وأوضح أن عودة “سويفت” ستساعد في تشجيع التجارة الخارجية، وخفض تكاليف الاستيراد، وتسهيل التصدير. كما ستُدخل عملات أجنبية تمسّ الحاجة إليها، وتقوّي جهود مكافحة غسيل الأموال، وتقلّل الاعتماد على الشبكات المالية غير الرسمية في التجارة العابرة للحدود.

وأضاف: “الخطة هي أن تُمرّر جميع المعاملات التجارية الخارجية عبر القطاع المصرفي الرسمي”، مما يلغي دور الصرّافين الذين كانوا يأخذون 40 سنتًا من كل دولار يدخل سوريا.

واعلن عن تخصيص رموز سويفت للبنوك والبنك المركزي والخطوة المتبقية هي أن تستأنف البنوك المراسلة معالجة التحويلات.

وسيتم دعم الاستثمارات الأجنبية أيضًا من خلال تقديم ضمانات، حسبما أفاد، وبينما تدعم الحكومة بالكامل القطاع المصرفي العام، يسعى حسريه إلى إنشاء مؤسسة حكومية تضمن ودائع البنوك الخاصة.

وفقدت الليرة السورية نحو 90٪ من قيمتها مقابل الدولار قبل الإطاحة بالأسد، وقد استعادت جزءًا من قيمتها منذ ذلك الحين لكنها لا تزال متقلبة، ولا يزال هناك تفاوت بين السعر الرسمي وسعر السوق السوداء.

وقال حسريه إنه يهدف إلى توحيد هذه الأسعار، وإنهم “ينتقلون نحو تعويم مُدار” للعملة.

ومع دمار معظم البلاد وتكاليف إعادة الإعمار التي تُقدّر بمئات المليارات من الدولارات، تُعدّ إعادة إنعاش الاقتصاد أكبر تحدٍّ يواجه الشرع.

وبدأت سوريا محادثات مع صندوق النقد الدولي، الذي أرسل وفدًا إلى البلاد الأسبوع الماضي، والبنك الدولي، وتسعى للحصول على دعم من دول المنطقة.

وقامت السعودية وقطر الشهر الماضي بسداد ديون سوريا المستحقة للبنك الدولي البالغة 15.5 مليون دولار، والتزمتا بدفع رواتب موظفي القطاع العام لثلاثة أشهر على الأقل.

كما وقّعت سوريا اتفاقيات مبدئية مع شركات إماراتية وسعودية وقطرية لتنفيذ مشاريع كبرى في مجالي البنية التحتية والطاقة.

وقال حسريه إن قادة البلاد قرروا عدم اللجوء إلى القروض، إلا أن البنك ووزارة المالية يبحثان ما إذا كان بإمكان سوريا للمرة الأولى إصدار صكوك، وهي شهادة مالية إسلامية شبيهة بالسندات لكنها متوافقة مع الشريعة التي تحظر الفائدة.

كما قبلت البلاد منحًا، منها 146 مليون دولار من البنك الدولي لقطاع الطاقة، و80 مليون دولار من السويد لإعادة تأهيل المدارس والمستشفيات.

يمن مونيتور9 يونيو، 2025 شاركها فيسبوك تويتر واتساب تيلقرام وفاة شيخ قبلي تدهورت حالته الصحية في سجن لحلفاء الإمارات في عدن وفاة شاب وإصابة آخرين في انفجار بمحطة وقود شرقي اليمن مقالات ذات صلة حاكم كاليفورنيا يهدد بمقاضاة ترامب والأخير يتهم “متمردين” باضطرابات لوس أنجلس 10 يونيو، 2025 إيران تعلن حيازة معلومات تمكّنها من ضرب إسرائيل إذا هاجمت منشآتها النووية 10 يونيو، 2025 إعلام عبري: سقوط صاروخ من اليمن قبل وصوله إلى “إسرائيل” 10 يونيو، 2025 “المدينة المنورة” تستقبل طلائع الحجاج المتعجلين زيارة المسجد النبوي 10 يونيو، 2025 اترك تعليقاً إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التعليق *

الاسم *

البريد الإلكتروني *

الموقع الإلكتروني

احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.

Δ

شاهد أيضاً إغلاق عربي ودولي “المدينة المنورة” تستقبل طلائع الحجاج المتعجلين زيارة المسجد النبوي 10 يونيو، 2025 الأخبار الرئيسية حاكم كاليفورنيا يهدد بمقاضاة ترامب والأخير يتهم “متمردين” باضطرابات لوس أنجلس 10 يونيو، 2025 إيران تعلن حيازة معلومات تمكّنها من ضرب إسرائيل إذا هاجمت منشآتها النووية 10 يونيو، 2025 إعلام عبري: سقوط صاروخ من اليمن قبل وصوله إلى “إسرائيل” 10 يونيو، 2025 “المدينة المنورة” تستقبل طلائع الحجاج المتعجلين زيارة المسجد النبوي 10 يونيو، 2025 الاحتلال الإسرائيلي يلوّح بهجمات جديدة على الحديدة 10 يونيو، 2025 الأكثر مشاهدة واللاتي تخافون نشوزهن 14 مارس، 2018 التحالف يقول إن نهاية الحوثيين في اليمن باتت وشيكة 26 يوليو، 2019 الحكومة اليمنية تبدي استعدادها بتوفير المشتقات النفطية لمناطق سيطرة الحوثيين وبأسعار أقل 12 أكتوبر، 2019 (تحقيق حصري) كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ 29 أغسطس، 2021 مجموعة العشرين تتعهّد توفير “الغذاء الكافي” في مواجهة كورونا 22 أبريل، 2020 اخترنا لك حاكم كاليفورنيا يهدد بمقاضاة ترامب والأخير يتهم “متمردين” باضطرابات لوس أنجلس 10 يونيو، 2025 إيران تعلن حيازة معلومات تمكّنها من ضرب إسرائيل إذا هاجمت منشآتها النووية 10 يونيو، 2025 “المدينة المنورة” تستقبل طلائع الحجاج المتعجلين زيارة المسجد النبوي 10 يونيو، 2025 مدير وكالة الطاقة الذرية ينقل تحذير إيران من ضربة عسكرية لمنشآتها النووية 9 يونيو، 2025 الاحتلال يستولي على سفينة المساعدات “مادلين” وتعتقل 12 شخصاً وتنقلهم إلى للتحقيق في أسدود 9 يونيو، 2025 الطقس صنعاء سماء صافية 20 ℃ 29º - 18º 21% 1.36 كيلومتر/ساعة 29℃ الثلاثاء 29℃ الأربعاء 28℃ الخميس 29℃ الجمعة 30℃ السبت تصفح إيضاً حاكم كاليفورنيا يهدد بمقاضاة ترامب والأخير يتهم “متمردين” باضطرابات لوس أنجلس 10 يونيو، 2025 إيران تعلن حيازة معلومات تمكّنها من ضرب إسرائيل إذا هاجمت منشآتها النووية 10 يونيو، 2025 الأقسام أخبار محلية 30٬392 غير مصنف 24٬215 الأخبار الرئيسية 16٬601 عربي ودولي 7٬826 غزة 10 اخترنا لكم 7٬383 رياضة 2٬568 كأس العالم 2022 88 اقتصاد 2٬407 كتابات خاصة 2٬180 منوعات 2٬110 مجتمع 1٬944 تراجم وتحليلات 1٬955 ترجمة خاصة 187 تحليل 25 تقارير 1٬709 آراء ومواقف 1٬608 ميديا 1٬537 صحافة 1٬501 حقوق وحريات 1٬419 فكر وثقافة 953 تفاعل 857 فنون 505 الأرصاد 480 بورتريه 68 صورة وخبر 41 كاريكاتير 33 حصري 29 الرئيسية أخبار تقارير تراجم وتحليلات حقوق وحريات آراء ومواقف مجتمع صحافة كتابات خاصة وسائط من نحن تواصل معنا فن منوعات تفاعل English © حقوق النشر 2025، جميع الحقوق محفوظة   |   يمن مونيتورفيسبوكتويترملخص الموقع RSS فيسبوك تويتر واتساب تيلقرام زر الذهاب إلى الأعلى إغلاق فيسبوكتويترملخص الموقع RSS البحث عن: أكثر المقالات مشاهدة واللاتي تخافون نشوزهن 14 مارس، 2018 التحالف يقول إن نهاية الحوثيين في اليمن باتت وشيكة 26 يوليو، 2019 الحكومة اليمنية تبدي استعدادها بتوفير المشتقات النفطية لمناطق سيطرة الحوثيين وبأسعار أقل 12 أكتوبر، 2019 (تحقيق حصري) كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ 29 أغسطس، 2021 مجموعة العشرين تتعهّد توفير “الغذاء الكافي” في مواجهة كورونا 22 أبريل، 2020 أكثر المقالات تعليقاً 1 ديسمبر، 2022 “طيران اليمنية” تعلن أسعارها الجديدة بعد تخفيض قيمة التذاكر 4 سبتمبر، 2022 مؤسسة قطرية تطلق مشروعاً في اليمن لدعم أكثر من 41 ألف شاب وفتاه اقتصاديا 3 مايو، 2024 تفحم 100 نخلة و40 خلية نحل في حريق مزرعة بحضرموت شرقي اليمن 30 ديسمبر، 2023 انفراد- مدمرة صواريخ هندية تظهر قبالة مناطق الحوثيين 21 فبراير، 2024 صور الأقمار الصناعية تكشف بقعة كبيرة من الزيت من سفينة استهدفها الحوثيون 29 نوفمبر، 2024 الأسطورة البرازيلي رونالدينيو يوافق على افتتاح أكاديميات رياضية في اليمن أخر التعليقات ليلى علي عمر الاحمدي

أنا طالبة علم حصلت معي ظروف صعبة جداً و عجزت اكمل دراستي و أ...

علي الشامي

نحن اقوياء لاننا مع الحق وانتم مع الباطل...

محمد عبدالخالق سعيد محمد الوريد

محمد عبدالخالق سعيد محمد الوريد مدير بنك ترنس اتلنتيك فليوري...

موطن غلبان

قيق يا مسؤولي تعز تمخض الجمل فولد فأرة تبا لكم...

أحمد ياسين علي أحمد

المتحاربة عفوًا...

مقالات مشابهة

  • مؤرخ في جحيم غزة.. خبير فرنسي يكتب عن القطاع الذي اختفى
  • بعثة الحج السورية 1446هـ.. إنجاز تنظيمي واستعادة لمكانة سوريا في محيطها العربي والإسلامي
  • شما المزروعي: علاوات بدل التضخم تمنح للأسر التي يقل دخلها الشهري عن 25 ألف درهم
  • ترامب يطالب نتنياهو بإنهاء الحرب على غزة.. لهذه الأسباب
  • العراق يحظر الدفع النقدي بالمؤسسات الحكومية
  • بعد سنوات من الحظر.. سوريا تستعد للعودة إلى النظام المالي العالمي
  • مستشار حكومي:أعتبارا من مطلع الشهر المقبل ستُنفذ جميع المدفوعات الحكومية إلكترونيا
  • سوريا تعود إلى الاقتصاد العالمي بعد 14 عاما من العزلة
  • السلطات السورية تكشف عدد المواطنين العائدين إلى سوريا منذ سقوط النظام
  • رئيس الجمهورية العربية السورية السيد أحمد الشرع يستقبل في قصر الشعب بدمشق المبعوث الخاص لرئيس الوزراء العراقي إلى سوريا السيد عزت الشابندر