عادات الجزائريين واحتفالاتهم بذكرى المولد النبوي الشريف
تاريخ النشر: 11th, September 2024 GMT
يحتفل بعض المسلمين في عدد من الدول العربية والإسلامية بمناسبة المولد النبوي الشريف التي تصادف الـ12 من شهر ربيع الأول حسب التقويم الهجري. وفي كل عام، يقيم الجزائريون احتفالات لذكرى المولد، وتمثل هذه المناسبة الدينية جزءا لا يتجزأ من عادات وتقاليد العائلات في الجزائر والمترسخة منذ القدم.
وأعلنت وزارة الشؤون الدينية والأوقاف الجزائرية، في بيان لها، أن إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف سيكون يوم الاثنين 12 ربيع الأول 1446هـ الموافق 16 سبتمبر/أيلول 2024.
ومن المنتظر أن يحصل الموظفون والطلاب على إجازة رسمية في الجزائر حتى يتسنى لهم المشاركة في الفعاليات والاحتفالات التي تنظم بهذه المناسبة.
وتتهيأ المساجد ببرنامج ثري من العبادات، حيث تخصص الخطب الدينية للحديث عن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، فتُعرّف به وبسيرته العطرة وبأخلاقه النبيلة التي اتسم بها منذ ولادته إلى غاية رحيله.
ويتعبد الجزائريون الذين يتوافدون بأعداد كبيرة على المساجد، بإقامة جلسات ذكر الله والصلاة على النبي محمد عليه الصلاة والسلام وتلاوة القرآن، كما تقيم بعض الجوامع مسابقات دينية في تلاوة القرآن وأسئلة مكتوبة، ويكرم بعدها الفائزون بجوائز تقديرية.
ويجتمع الأهل والأصدقاء في بيت واحد لتناول ما تم إعداده لهذه المناسبة، إذ تعدّ النساء أصنافا وأنواعا من الأكلات الشعبية والحلويات التقليدية نذكر منها "الكسكس" و"الشخشوخة" و"الرشتة" و"الطمينة".
كما تحرص معظم الأسر الجزائرية في ليلة إحياء الذكرى على ختان أولادهم، مع ارتداء اللباس التقليدي الذي تشتهر به كل ولاية من ولايات الجزائر الـ58، كما تزين الأمهات في ليلة المولد أيادي أطفالهن بالحناء ويشعلن الشموع.
أما الجمعيات الخيرية والمحسنون فيحرصون خلال هذه المناسبة على القيام بحملات الختان الجماعية للأطفال من ذوي الأسر المعوزة أو اليتامى بغية تخفيف العبء عن الأولياء خاصة وأن المناسبة تزامنت مع الدخول المدرسي وما يتطلبه من مصاريف إضافية تكون عبئا على العائلات الجزائرية ذات الدخل المتوسط.
وغالبا ما يفضل الشباب والأطفال الاحتفال في الشوارع إلى وقت متأخر من الليل، إذ تعتبر المفرقعات والألعاب النارية وبعض اللعب المضيئة أشهر تقاليدهم التي يحيون بها المناسبة، في الوقت الذي يتم فيه تشكيل فرق من الأطفال لأداء بعض الأغاني الدينية في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات المولد النبوی الشریف
إقرأ أيضاً:
الوقاية الدينية والصحية.. حماية المجتمع تبدأ من الداخل
محمد بن علي بن ضعين البادي
في الآونة الأخيرة، شهدنا تصاعدًا ملحوظًا في الأصوات التي تنادي بمنع دخول بعض الجنسيات إلى البلاد، بحجة انتشار أمراض مُعدية في أوطانهم، وهو أمر ظاهرٌ منه الحِرص على الصحة العامة، ويستحق التقدير والمتابعة. ولكن، الخطر الحقيقي لا يكمن في القرارات وحدها، بل في اختزال القضية في البُعد الصحي فقط، وإغفال البُعد الديني والأخلاقي الذي يضمن حماية الإنسان والمجتمع على حد سواء.
المجتمع المسلم لا يدير شؤونه بالخوف أو الإجراءات الصحية وحدها، بل يستند إلى منهج رباني جعل الوقاية قبل العلاج، والسلوك قبل القانون، وتقوى الله قبل كل شيء. فالأمراض مهما كثرت أسماؤها أو تنوعت صورها، لا تنتشر إلا في بيئةٍ خالية من الضوابط الأخلاقية، ومرتعٍ للسلوكيات المنحرفة، وفراغٍ قيَمي.
إن تصنيف النَّاس على أساس جنسيتهم، أو ربط الأمراض بهويات بشرية، لا يعالج جذور المشكلة، بل يخلق وهمًا بالأمان، ويغفل المجتمع عن مسؤولياته الداخلية، ويتساهل فيما هو أخطر وأشد تأثيرًا. فقد انتقل مرض في بيئة تعلن الأمان، وولد خطر من داخل المجتمع نفسه، لا من خارجه.
ويبين لنا هدي النبي صلى الله عليه وسلم المبين في الوقاية من الأوبئة والأمراض، فقد قال صلى الله عليه وسلم: "إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوها، وإذا وقع بأرض وأنتم فيها فلا تخرجوا منها." وهذا الحديث يضع مبدًا شرعيًا عظيمًا، قائمًا على منع نقل الوباء، وحفظ الأنفس، وسد أبواب الضرر قبل وقوعه. فلا يجوز شرعًا أن يدخل الإنسان أرضًا يعلم أنها موبوءة، كما لا يحل لمن كان في أرض موبوءة أن ينتقل إلى غيرها، فيكون سببًا في نقل الأذى للآخرين.
وعليه، فإنَّ المسؤولين عن حماية المجتمع مطالبون بمراعاة هذا الأصل النبوي الواضح، خاصة إذا أعلنت دولة ما بشفافية أن لديها أعدادًا هائلة من المصابين بمرض مُعدٍ. فكيف لنا أن نسمح بقدومهم، ونحن نعلم أن الشرع سبقنا بالتحذير، وأوجب حفظ النفس والمجتمع من كل ما يهددهما؟
وفي هذا الوطن المبارك، الذي أنعم الله عليه ببيوت الله العديدة، تتضاعف مسؤوليتنا في توجيه الناس وترسيخ القيم الصحيحة؛ فالمساجد لم تُبنَ للصلاة فقط؛ بل للتعليم والتوجيه، ولتحصين النفوس قبل وقوع الزلل. ومن على المنابر يجب أن يُسمع خطاب صريح وحكيم، يذكّر الناس بخطورة المحرمات، وأن التساهل فيها لا يهدم الفرد فقط، بل يُهدد سلامة المجتمع بأسره. فبالعفة تُحفظ الأجساد، وبالاستقامة تُصان الأبدان، وبالوعي الديني الصادق تُغلق أبواب الفتن والأمراض معًا، ويصبح المجتمع حصينًا بترابط قيمه وسلوكياته.
المطلوب ليس التراخي في الإجراءات الصحية، ولا التهاون في حماية المجتمع؛ بل المطلوب أن يسير الوعي الصحي والوعي الديني جنبًا إلى جنب، دون أن يطغى أحدهما على الآخر؛ فالقرار وحده لا يصنع أمة واعية، والمنع وحده لا يبني حصانة دائمة، أما ترسيخ القيم فهو الضمانة الأبدى.
حماية المجتمع تبدأ من داخله، من تربية الضمير، وإحياء الرقابة الذاتية، وتذكير الناس أن طاعة الله ليست خيارًا ثانويًا، بل هي خط الدفاع الأول عن صحتهم وأخلاقهم وأمنهم المجتمعي. فبالدين تُصان الأجساد، وبالقيم تُحمى الأوطان، ومن أراد وقاية حقة فليبْدأ بإصلاح السلوك قبل التفكير في منع الدخول.