المولدُ النبوي وسؤالُ التغيير والبناء
تاريخ النشر: 15th, September 2024 GMT
عبدالرحمن مراد
في عالم اليوم ثمة تناقضات في جوهر الأشياء وفي ظواهرها العامة، فالكثير من أفراد المجتمع المسلم يعد العدة للاحتفال بعيد الكريسمس، وهو احتفال ديني عند المسيحيين يبالغون فيه إلى درجة عالية من الترف، وهو احتفال متعدد الوجوه بين طقوس دينية وقداس الميلاد، وبين احتفالات عائلية وتبادل للهدايا واستقبال رمزهم الديني البابا نويل وبين طقوس رمزية كوضع شجرة الميلاد ومغارة الميلاد، ويقف العالم المسيحي إجلالاً واحتراماً لهذه المناسبة، والكثير من أفراد المجتمع المسلم يفرح بهذه المناسبة ويذهب إلى الغرب حتى يشارك في مباهجها، وتقف دولة الإمارات على رأس الدول العربية التي تبتهج بالمناسبة وتنفق أموالاً كبيرة في مظاهر الاحتفال وفي الألعاب النارية وتوظف الإعلام العالمي لتغطية الحدث في دبي، وهذه الدولة نفسها تقف ضد الاحتفاء بذكرى المولد النبوي ولا تكاد تنفق على مظاهر الاحتفال به سنتاً واحداً، بل يذهب الكثير من تيار الوهَّـابية إلى القول إن الاحتفال بالمولد بدعة، وفي السياق بدأت الوهَّـابية في سنوات هيئة الترفيه في السعوديّة تحتفي بالكريسمس مجاراة للعالم.
العالم المسيحي يحتفل برموزه الدينية ومثل ذلك أمر مستحسن عند الوهَّـابية لكنها تقف ضد المولد النبوي الشريف الذي يشكل بعداً تحوليًّا وقيميًّا في حياة العرب والمسلمين، هذا البعد التحولي هو من ترك أثراً محمودًا على الحضارة الإنسانية المعاصرة، فعصر النهضة الأُورُوبية بدأ من عند المسلمين، وهو الذي أحدث كُـلّ هذا التحول عند الغرب بشهادات رموزهم الفكرية، بل يمكننا القول إن التقنيات الحديثة التي تعتمد الخوارزميات يعود الفضل فيها للمسلمين، وما يزال المصطلح دال على أسسه الأولى التي ابتكرها العرب والمسلمون.
لقد كان الإسلام ثورة عميقة أحدثت تحولاً عميقاً في التاريخ البشري كله، ولذلك يقف العالم الرأسمالي ضد فكرة الإسلام؛ لأَنَّه يرفض رفضاً قاطعاً فكرة الاستغلال والعبودية ويدعو إلى الحرية والاستقلال وإلى كرامة الإنسان، وقد كانت تلك المبادئ جوهرية في الفكر الإسلامي وفي الفقه التشريعي، في حين ظل العالم غير المسلم يعاني من العبودية ومن الاستغلال ومن التمايز الطبقي إلى عهد قريب، وعلى إثر ذلك نشأ تيار الاشتراكية الذي اصطدم مع النظم الاجتماعية القائمة على الاستغلال والتمايز الطبقي، وقد استفاد مفكرو الاشتراكية من ثورة الإسلام التي جاءت كي تنتصر لكرامة الإنسان وتحرّره من العبودية والاستغلال وقالوا بفكرة العدالة الاجتماعية وهي فكرة أصيلة في حركة وتاريخ الرسالة المحمدية.
ما يحدث اليوم في عالمنا الإسلامي هو انصهار في ثقافة الغالب ظناً منهم أنه يقود الحضارة الإنسانية المعاصرة، وتناسى هذا الجمع المعنى العظيم للثورة المحمدية التي قادت هذا التحول العميق في حياة البشر كلهم، وما يزال الكثير يجهل حجم التحول الذي أحدثته الثورة الإسلامية ويجهل ظلالها وفضلها على الحضارة المعاصرة، فحركة التجهيل كانت مشروعاً استعماريًّا غربيًّا يهدف إلى التيه والتضليل للعرب والمسلمين حتى لا يستعيد العرب والمسلمون دورهم الرائد في التحكم بمقاليد الحياة المعاصرة القائمة على أسس ومنطلقات قيمية وأخلاقية ذات تواشج عميق مع مقاصد الله في التشريعات السماوية للبشرية جمعاء.
ومن هنا يصبح الاحتفال بذكرى المولد النبوي من ضرورات العصر حتى يستوعب المسلمون والعالم من حولهم القيمة المثلى للثورة المحمدية، ويدركوا أثرها ويعوا دورهم الريادي في الحياة القائمة على مبادئ الحق والخير والعدل والحرية وعلى مكارم الأخلاق، وهو دور لا بُـدَّ أن يتحول إلى سؤال دائم يحفر في الوعي الجمعي الذي أمسى ضحية التعسف ورهن التضليل الذي يمارسه النظام الرأسمالي على البشر اليوم.
فما الذي يحدث اليوم؟
لماذا يبدو الواقع الإسلامي اليوم ضبابيًّا ومتوحشاً وغابيًّا بعد أن عملت فيه الجماعات التابعة للجهات الاستخبارية العالمية على تفكيكه وتشويه صورته المثالية في الأذهان؟
إن الجماعات التي تدعي الانتماء إلى الإسلام وتعمل باسمه وتحت رايته هي من يفت في عضده، وهي من تعمل على تقويضه من خلال أخلاق التوحش والغابية والفوضى التي ساد منطقها وتداولها الإعلام منذ مطلع العقد الأول من الألفية، تلك الصورة التي تسيطر بقتامة مشهديتها على العقول اليوم هل تمثل الجوهر الحقيقي للإسلام؟
نحن نرى أن فقهَ التمدن في الإسلام، وفكرة الحريات العقائدية، وفكرة التدافع بين الجماعات سياقات ذات تجذر وعمق في الفكر الثوري الإسلامي الذي قاد مرحلة انتقال من أصعب المراحل ليبدع واقعاً اجتماعيًّا وثقافيًّا جديدًا في عهد الرسول الأكرم عليه وعلى آله الصلاة والسلام.
لقد أصبحنا أمام واقع حضاري جديد، ودلت التفاعلات أن الفكر الإسلامي بحاجة إلى حركة تدافع لتحديد المفاهيم الحضارية الجديدة والمستجدة عليه ليكون أكثر ديناميكية مع واقعه، فالتمدن ما يزال يأخذ بعداً نظريًّا جامداً في تصورات البعض، والتدافع ما يزال يأخذ بعداً نظريًّا متوحشاً عند الكثير، والحريات تأخذ بعداً نظريًّا إلغائيًّا إلى حَــدّ الفناء عند البعض، والوقوف أمام هذه المصطلحات لتحديد مفاهيمها هو البداية الصحيحة للولوج إلى العصر للتأثير فيه لا التأثر به وخَاصَّة في اليمن الذي عمل الصراع فيه كما لم يعمل في غيره من البلدان.
وأمام هذا الواقع المعاصر يصبح الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف ضرورة اجتماعية وثقافية؛ فالقراءة الواعية وفق منهج جدلي للسيرة النبوية قد تبعث سؤالاً دائم التجدد وقادراً على البعث وإحياء ما اندثر.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: المولد النبوی ما یزال
إقرأ أيضاً:
من مكةَ إلى المدينةِ: رحلةُ بناء أمة
حنين البطوش
استشارية نفسية أسرية وتربوية
تُطلّ علينا الهجرةُ النبويةُ الشريفةُ كلّ عامٍ حاملةً معها عبقَ التاريخِ وجلالَ الإيمانِ، حاملةً معها بشائرَ الفجرِ ونورَ الأملِ، من تاريخٍ عريقٍ يزخرُ بالعزةِ والجلالِ لتُذكّرَنا بدروسٍ وعظاتٍ وإضاءةٍ للأجيالِ ، كشمسٍ هُدًى تُنيرُ دروبَنا، وتُرشدُنا إلى طريقِ الخير والصلاح ،لتُعلّمُنا معنى الإيمانِ والصبرِ والتضحيةِ في سبيلِ الله تعالى.
إنّ قراءةَ قصةِ الهجرة ليست مجرّد سطورٍ تَسردُ أحداثًا تاريخيّةً مضى عليها الزّمنُ، بل هي قراءةٌ عميقةٌ لدروسٍ عظيمة وإضاءةٌ للأجيالِ المتعطشة للمعرفةِ والثقافةِ الصافيةِ ،ففي رحلةِ الهجرةِ المباركةِ جسّدَ النّبيّ وصاحبُهُ أبو بكرٍ الصديقُ رضي الله عنه منهجًا ربّانيًا جمعَ بينَ معرفةِ الحقّ وسلوكِ طريقهِ.
تُمثّلُ الهجرةُ النبويةُ المباركةَ منارةً تُضيءُ دروبَنا، وتُقدّمُ لنا عبرًا ودروسًا مدى الحياة، فقد واجهَ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وأصحابهُ الكرامُ في رحلةِ الهجرةِ أشدّ المحنِ، إلّا أنّ إيمانَهم الراسخَ وصبرَهم الجميلَ كانا سلاحَهم في وجهِ كلّ الصعاب وتُمثّل الهجرة الشريفة حدثًا فارقًا ومحورياً في تاريخ الإسلام، حيث شكّلت رحلة بداية الفتح سطرها التاريخ من مكة إلى المدينة نقطة تحولٍ هامة وحاسمة في مسيرة الدعوة الإسلامية، ونقلتها من مرحلة السرية إلى مرحلة العلانية، ومهّدت الطريق لبناء دولةٍ إسلاميةٍ قويةٍ قائمةٍ على أسسٍ من العدل والمساواة والإخوة ،وبدايةً لتأسيس الدولة الإسلامية، ونشر رسالة التوحيد والعدل في الأرض.
من المهم أن نؤكد على أن هجرة النّبيّ الكريم لم تكن بدافعٍ الهروب أو الخوف من المشركين أو الرغبة في الشهرة أو الجاه أو السّلطة ، بل كانت استجابةً لأمرٍ الله ،سعى فيها بكلّ ما أوتي من قوّةٍ لنشرِ دعوةِ اللهِ تعالى، وإبلاغِ رسالتهِ السمحةِ ،حيث واجهَ في سبيلِ ذلك العداءَ والمقاومةَ من قريشٍ، إلّا أنّهُ لم ييأسْ ولم يتراجعْ، بل واصلَ مسيرتَهُ بِعزيمةٍ وإصرارٍ ،لتعلن نهاية عهد الاستبداد وبداية فجر مشرق وعهد مجيد من هناك ،من يثرب انبثق نور الدعوة المحمدية قويا وضاء فبدد الظلمات وجاز ما اعترضه من عقبات ،فقد واجهَ النّبيّ وأصحابهُ الكرامَ في بدايةِ دعوتهم الإسلاميّةِ في مكةَ أشدّ أنواعِ الأذى والاضطهادِ من قبلِ قريشٍ، ممّا دفعَ اللهَ تعالى إلى الأمرِ بالهجرةِ إلى المدينةِ المنورةِ.
ومن هنا شكّلتْ هذهِ الهجرةُ بدايةَ عهدٍ جديدٍ يُعرفُ بالعهدِ المدنيّ، بعدَ عهدٍ مكّيٍّ حافلٍ بالتحدياتِ والصبرِ ،تميّزَ بِتركيزِ النّبيّ على نشرِ دعوةِ الإسلامِ سرًّا، وذلك في ظلّ مضايقاتٍ شديدةٍ من قريشٍ ومشركي العربِ ، فقد تعرّضوا إلى التّنكيلِ والمضايقاتِ، والضّربِ والإهاناتِ، والحصارِ الاقتصاديّ، بل ومحاولاتِ القتلِ ،ولكنْ ورغمَ كلّ ما واجههُ النّبيّ وأصحابهُ من شدائدَ ومحنٍ، إلّا أنّهم ثبتوا على إيمانِهم بدينِ اللهِ، ولم يضعفْ عزيمتُهم، ولم ينحنِوا أمامَ الضّغوطِ ،رافضون أن يرجعوا إلى عبادة الأصنام التي لا تنفع ولا تضر شيئا ،تاركين وراءهم كلّ ما يملكونَ، إيمانًا منهم بِاللهِ تعالى وتصميمًا على نشرِ رسالتهِ.
حيث بدأتْ مرحلةٌ جديدةٌ تُعرفُ بالعهدِ المدنيّ ،تميّزَ هذاَ العهدُ بتأسيسِ الدولةِ الإسلاميةِ ونشرِ الإسلامِ بشكلٍ علنيٍّ ، وقد سعى المشركون بكل عزمهم وأموالهم أن يصدوا الناس عن دين الحق، وأن يوقفوا مسيرة الإيمان والتوحيد، ولكن جهودهم ذهبت أدراج الرياح وانتصر الحق وارتفع نداء التكبير.
يُجسّدُ موقفُ الرسولِ صلّى الله عليه وسلّم بعدَ عودتهِ من الطائفِ أروعَ مَثالٍ على ثقتِهِ المطلقةِ باللهِ عزّ وجلّ وتوكّلهِ عليهِ سبحانه وتعالى ، فبعدَ تعرّضِهِ لأقسى أنواعِ الرّدّ من الأقوام في الطائفِ لم ييأسْ ولم ينكسرْ، بل ظلّ مُؤمناً برسالتِهِ وواثقاً بنصرِ اللهِ تعالى ، وعندما عرضَ عليهِ جبريلُ عليه السلامُ خيارَ العقابِ لقومهِ، رفضَ صلّى الله عليه وسلّم ذلك، وأظهرَ بصيرتَهُ النبويةَ الثاقبةَ حينَ طلبَ من اللهِ تعالى أن يُخرِجَ من أصلابِ قومهِ من يُعبدُهُ وحدهُ لا يُشركُ به شيئاً.
لم يكنْ نبيّنا الكريمُ مُعلّمًا فحسبُ، بل كانَ بانيَ أمةٍ متماسكةٍ قويةٍ قائمةٍ على أسسٍ من الإيمانِ والحكمةِ ،فقد استطاعَ بحكمتهِ الواسعةِ وإرشاداتهِ البليغةِ العظيمةِ أن يُوحّدَ القلوبَ ويُجمّعَ الطاقاتِ ، ويوجّهَها نحوَ الخيرِ ونشرِ المعرفةِ النقيّةِ والمبادئِ الساميةِ والمفاهيمِ الراقيةِ ،كانَ صلّى الله عليه وسلّم يُوصي أصحابهَ الكرامَ بالتوادّ والتّعاطفِ والتّراحُمِ، وأنْ يشدّ بعضُهم أزرَ بعضٍ ، فكانَ يُعلّمُهم أنّ المؤمنينَ كالجسدِ الواحدِ ،إذا اشتكى منهُ عضوٌ تداعى لهُ سائرُ الجسدِ بالألمِ ،وكان يُحذّرُ أصحابهَ من الغلوّ في الدّينِ، ويُبيّنُ لهم أنّ الغلوّ هلاكٌ وخسرانٌ ،فقد كانَ يقولُ:”إيّاكم والغلوّ في الدّينِ فإنّما هلك من كان قبلكم بالغلوّ في الدّينِ” ،إنّ المبادئَ والقيمَ التي غرسَها النّبيّ في أصحابهِ هي مبادئُ لا تزالُ صالحةً لكلّ زمانٍ ومكانٍ ،فهي تُشكّلُ الأساسَ المتينَ لبناءِ مجتمعٍ مُسلمٍ متماسكٍ قويٍّ، ينعمُ بالخيرِ والسّلامِ والازدهارِ.
نرى للأسف الشديد إنّ أصحابَ التّطرفِ والغلو ، يُسيئونَ إلى الإسلامِ ويُشوّهونَ صورتهِ أمامَ الجميع، فبدلًا من أنْ يُقدّموا الإسلامَ كدينِ رحمةٍ ومحبّةٍ ،يُقدّمونهُ كدينِ عنفٍ وكراهيةٍ ، فالحلّ يكمنُ في العودةِ إلى سيرةِ النّبيّ والاقتداءِ بهِ في كلّ شيءٍ ،فبِالاقتداءِ بهِ نستطيعُ أنْ نُنشرَ الإسلامَ الحقيقيّ، الإسلامَ الذي يقومُ على الرحمةِ والمحبّةِ والتّسامحِ ، ولا مكانَ فيهِ للظلم .
تحوّلَ “غارُ ثورٍ” إلى مدرسةٍ تُعلّمُ الصّبرَ وتُرشدُ إلى السعادةِ ،ففي ذلك الغارِ المباركِ ،واجهَ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وصاحبُهُ أشدّ المحنِ ،إلّا أنّ إيمانَهما باللهِ تعالى وثقتَهما بنصرهِ صبّرتْ قلوبَهما وأضاءتْ دروبَهما ،كانتْ كلماتُ اللهِ تعالى شفاءً لِجروحِ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في أشدّ لحظاتِهِ غمّةً، حينما قالَ لهُ أبو بكرٍ رضي الله عنه: “لا تحزنْ إنّ الله معنا” ،إنّ عقيدةَ “إنّ الله معنا” هي البوصلةُ التي تُرشدُ المؤمنَ في مسيرةِ حياتهِ، وتُؤكّدُ لهُ أنّ اللهَ تعالى هو حافظُهُ وناصرُهُ، وعليهِ يتّكلُ.
هجرتك يا رسول الله درس يسطره التاريخ شمساً منيرة ترشد وتهدي ،تُعلّمُنا أنّ الحقَّ لا يُمكنُ التّنازلُ عنهُ مهما كانتِ التّضحياتُ، وأنّ الصّبرَ والمثابرةَ هما طريقُ النّجاحِ ،وأنّ التّوكّلَ على اللهِ تعالى هو أساسُ القوّةِ والعزيمةِ ،هجرة بأمر الله لنشر الخير ، فسرت في ركب العزيمة، وحملت لواء الدين ،وتآخى الناس تحت راية الحب في الله مهاجرين وأنصارا ،وأن كانت الدنيا قد فرقتهم إلا أن الآخرة قد جمعتهم ،وكلهم رجاء أن يلقوك فيها، ويحشروا تحت لوائك، ويشربوا من حوضك، وتكون أنت إمامهم فيها كما كنت إمامهم في حياة خرجوا منها مؤمنين موحدين.
إنّنا في أمسّ الحاجةِ إلى توحيدِ صفوفِنا ونبذِ الفرقةِ والتّباعدِ بينَنا ،فالمرحلةُ التي نمرّ بها تتطلّبُ منّا تضافرَ الجهودِ وتعاونًا وثيقًا بينَ جميعِ فئاتِ الأمّةِ ،لمواجهةِ المخاطرِ والتحدياتِ التي تُحيطُ بنا ، لنشرِ الخيرِ والصّلاحِ في المجتمعِ ،فالمسلمُ مسؤولٌ عن أخيهِ المسلمِ، وعليهِ أنْ يبذلَ كلّ ما في وسعهِ لمساعدةِ المحتاجينَ ونصرةِ المظلومينَ ،ولا بدّ لنا من التّعاونِ في وجهِ منْ يريدُ الشرّ والفتنةَ بينَنا ،فالمؤمنُ لا يهجمُ على أخيهِ، ولا يحسدهُ على ما آتاهُ اللهُ، ولا يفرحُ لِمصيبتهِ ،سائلين المولى أنْ يسدّدَنا وأنْ يوفقّنا لما فيهِ خيرُ هذهِ الأمّةِ، وأنْ يوحدَ كلمتَنا تحتَ رايةِ الحقّ والعدلِ.