شبكة اخبار العراق:
2025-08-02@21:03:53 GMT

ما هذا العراق الذي لا يثق به أحد

تاريخ النشر: 15th, September 2024 GMT

ما هذا العراق الذي لا يثق به أحد

آخر تحديث: 15 شتنبر 2024 - 9:45 صبقلم:فاروق يوسف أما أن رجال الدين في العراق قد تأخروا في إعلان دولتهم الدينية فذلك ذكاء منهم. بعد 2003 لم يشهد العراق صراعا بين دعاة الدولة المدنية ودعاة الدولة الدينية. كانت الدولة المدنية يتيمة. لقد حسمت الولايات المتحدة الأمر حين سلمت السلطة لنوري المالكي وهو المعروف بتطرفه الديني الطائفي.

كان المالكي يعرف بسبب حنكته الحزبية التآمرية أنه سيدير مطحنة تقع بين عدوين. الولايات المتحدة وإيران. ذلك ما كان. حرب أهلية قُتل فيها الآلاف من الأبرياء وحرب هُزمت فيها القوات العراقية قبل أن تجرّب أسلحتها في القتال. لقد خسر العراق الكثير من ثرواته مقابل أن يقيم المالكي دولته التي لا تزال مستمرة حتى اليوم. كل القوانين الاستثنائية التي سنها المالكي من أجل خدمة مصالح فئات موالية له لا تزال سارية المفعول. حين حاول مصطفى الكاظمي إعادة النظر في جزء بسيط من تلك القوانين قصفت الميليشيات بيته. في مشهد مضحك خرج المالكي ببندقيته محاطا بحرّاسه حين اقتحم أنصار التيار الصدري المنطقة الخضراء. لقد انحصر الصراع بين القوى الدينية. أسوأ ما في الأمر أن مفكرين يساريين صاروا يقيمون مقارنة بين الصدر والمالكي. ذلك عراق خرافي. أما علماء الاجتماع الجدد فقد كانوا أشبه بكتّاب تقارير، اعتقدوا أنها ستفيد الأميركان في مشروعهم. هل كانوا غافلين عن المشروع الأميركي؟ لا أعتقد أنهم كانوا سذجا إلى الدرجة التي تخيلوا فيها أن العراق سيصبح يابانا أخرى. في السنوات الأخيرة صمتوا واختفوا لأن مهمتهم انتهت. لقد وصل المشروع الأميركي إلى غايته. أن يكون العراق ولاية إيرانية. ليست الجغرافيا الطبيعية مهمة. الأهم هي جغرافية القرار السياسي. عراق اليوم يفكر بطريقة إيرانية. وهو إذا ما شنت إيران الحرب عليه فإنه سيقف معها. تلك معادلة غرائبية لا يقبل بها عاقل. ولكنّ بلدا ينفق على زواره الحسينيين ثلاثة مليارات دولار لا يصلح العقل مقياسا فيه. وإلا فما معنى أن يتفقد الرئيس الإيراني المنتخب مؤخرا المحافظات الرئيسة في العراق ليطمئن على أحوال المواطنين فيها؟ إنهم بطريقة مواربة مواطنوه أيضا.تلك وجهة نظر مقبولة في ظل تراجع الوعي الوطني لدى الكثير من العراقيين منذ أن صارت الوطنية العراقية تهمة يُحاسب عليها الفرد. الإعلام “الحر” في العراق لم يستنكر جولة مبعوث المرشد الأعلى الذي وُضعت صوره في الطرق. ما هذا العراق الذي يتطلع حكامه إلى أن يقوموا بدور الوسيط بين إيران والدول العربية؟ في حالة من هذا النوع لا يمكن لأحد أن يثق به. حين يتم ذكر الأحزاب الشيعية الحاكمة في العراق تُوصف دائما بالموالية لإيران. تلك صفة تعريفية لا أذكر أن الجهات الرسمية في الدولة العراقية قد أنكرتها واستنكرتها يوما ما. فالعبارة تعبّر عن الواقع الذي صنعته تلك الأحزاب وصارت تفخر به.ما من خطأ إذاً في أن يكون حكام العراق عملاء تابعين لإيران. هم في ذلك يشبهون حسن نصرالله زعيم حزب الله في لبنان. ولكن هناك فرق كبير ما بين زعيم ميليشيا تنفق إيران عليه وعلى جنوده أموالا طائلة وبين حكام دولة ذات سيادة، ثراؤها يمكن أن يبني بترف أربعة بلدان بحجم العراق من غير الحاجة إلى إيران التي لا تملك خبرة إلا في الفوضى. ولكن الأمور لا تُقاس بتلك الطريقة. لقد جرّت الولايات المتحدة العراق إلى الفخ الطائفي. السقوط في ذلك الفخ يسبب العمى. مَن يسقط في ذلك الفخ لا يرى الواقع ولا يحب أن يتعامل مع الحقيقة وسيعزف عن استعمال عقله في النظر إلى المسافة التي تفصل بين الواقع والحقيقة. لذلك فإن كل الحقائق التي يتداولها العراقيون هي حقائق زائفة تم استلهامها من واقع زائف أقامته الأحزاب التي قبضت على السلطة بإرادة أميركية ومشورة إيرانية منذ 2005 أي بعد عامين من الغزو الأميركي. وإذا ما عدت إلى مسألة الدولة الدينية فقد تتدخل إيران لمنع قيامها. لن تكون تلك الدولة نافعة للإيرانيين. سيقاطعها العالم باعتبارها بؤرة جديدة للتعصب والإرهاب. أفغانستان ثانية. الأفضل بالنسبة إلى إيران أن يبقى العراق كما هو. يجلد رجال الدين المؤمنين بفتاواهم نهارا وفي الليل يذهب المؤمنون للقاء الحوريات محاطين بأنهار من الخمر.العراق هو نافذة إيران المفتوحة على العالم. أما بالنسبة إلى أبنائه فهو الجحيم بعينه لما ينطوي عليه العيش فيه من إذلال.

المصدر: شبكة اخبار العراق

كلمات دلالية: فی العراق

إقرأ أيضاً:

العراق: الميليشيات وحرب الموارد!

تسبب قرار إداري بتغيير مدير زراعة بغداد، وهي وظيفة مدنية تتبع لمجلس محافظة بغداد، في مواجهة مسلحة بين الميليشيات التي يتبع اليها مدير الزراعة المقال (وهي ميليشيا كتائب حزب الله) والميليشيات التي يتبع اليها المدير الجديد (وهي ميليشيا كتائب الإمام علي)، وأدى إلى تدخل القوات الأمنية وقد نتج عن هذه المواجهة سقوط قتيل و14 عشر جريحا منهم.

في العراق، لا يمكن فهم المواجهة المسلحة بين الميليشيات، والتي يفترض أنها تتبع القائد العام للقوات المسلحة، وأنها تنتمي إلى هيئة الحشد الشعبي، إلا في سياق حقيقة أن هذه الميليشيات لا تتبع سوى أوامر «عرابيها»، وأنها تستخدم كأدوات للسيطرة على الموارد، عبر ما يسمى بالمكاتب الاقتصادية التابعة لها، والمستنسخة من المكاتب الاقتصادية للأحزاب. وأن دورها الرئيسي هو ضمان الحاكمية الشيعية في العراق وضمان فرض هوية أحادية على الدولة والمجال العام، وضمان سيطرة القوى الحليفة لإيران على السلطة في العراق في مواجهة القوى الشيعية الأخرى (بشكل خاص التيار الصدري)، ثم استخدامها بطبيعة الحال لتحقيق مصالح شخصية لعرابيها، وللمجموعات الزبائنية المحيطة بهم!

منذ 2014 وأنا شخصيا أقول إن الحشد الشعبي، الذي أعلن عن تشكيله في حزيران 2014 دون إطار قانوني (بعد تحريف فتوى المرجع الديني السيد علي السيستاني التي دعت إلى الجهاد الكفائي عبر التطوع في القوات الأمنية حصرا)، كان خيارا إيرانيا، وإن القوى السياسية الشيعية وأجنحتها المسلحة والميليشيات الشيعية (التي أعاد رئيس مجلس الوزراء الأسبق نوري المالكي تفعيل نشاطها في منتصف عام 2012، كرد فعل على محاولة سحب الثقة عنه، ولاستخدامها لدعم نظام بشار الأسد من جهة ثانية) ظلت عصية على الضبط طوال السنوات اللاحقة.


فبعد ما يقارب ثلاثين شهرا من التشكيل الفعلي للحشد الشعبي، صدر قانون هيئة الحشد في تشرين الثاني 2016، وكان قانونا مهلهلا غايته توفير الغطاء القانوني والمالي للميليشيات العاملة فعليا على الأرض، ومع ذلك تضمن مادة نصت على أن «يتم فك ارتباط منتسبي هيئة الحشد الشعبي الذين ينضمون الى هذا التشكيل عن كافة الاطر السياسية والحزبية والاجتماعية ولا يسمح بالعمل السياسي في صفوفه». لكن هذا لم يحدث مطلقا، وأقصى ما حصل هو استبدال أسماء تلك الميليشيات بألوية ذات أرقام محددة، مع معرفة الجميع بأن كل لواء من هذه الألوية هو ميليشيا تابعة لهذه الجهة أو تلك، وبقاء ارتباطها الكامل بعرابيها (على سبيل المثال اللواء 45 و46 اللذان شاركا في المواجهة التي تحدثنا عنها بداية المقالة، يتبعان لكتائب حزب الله)!

ولمواجهة هذا الانفلات، أصدر رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي عام 2018 أمرا ديوانيا في محاولة منه لضبطها، وتضمن فقرة تنص على أنه «يشترط لمن يشغل منصب آمر تشكيل فما فوق [أي قادة المناطق ونائبا رئيس هيئة الحشد الشعبي] أن يكون خريج دورات كلية القيادة او كلية الأركان التابعة لوزارة الدفاع، ولا يكون إشغال المناصب المذكورة إلا بموافقة القائد العام للقوات المسلحة، وله حق استثناء من لا تتوفر فيه الشروط المذكورة لمن لديه خبرة عملية وأثبتت كفاءة في الميدان وباقتراح من رئيس الهيئة». لكنه عجز عن تنفيذ ذلك، وأصرت الميليشيات، ومن خلفها إيران والقوى السياسية الشيعية، على إبقاء الوضع على ما هو عليه!

عام 2019 أصدر رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي أمرا ديوانيا آخر، أكثر شدة، لضبط الميليشيات التي أصبحت فاعلا سياسيا رئيسيا، فلم تعد الأحزاب الشيعية الرئيسية لديها أجنحة مسلحة، بل أصبح لكل ميليشيا جناح سياسي يمثلها في مجلس النواب.

تضمن هذا الأمر الديواني التخلي نهائيا عن جميع المسميات التي عملت بها فصائل الحشد الشعبي في سياق الحرب على داعش، واستبدال ذلك بتسميات عسكرية (فرقة، لواء، فوج، الخ)، كما يحمل أفرادها الرتب العسكرية المعمول بها في القوات المسلحة، وأن تقطع هذه الميليشيات افرادا وتشكيلات أي ارتباط سياسي أو عقائدي، وتضمن الأمر الديواني «غلق جميع المكاتب الاقتصادية أو السيطرات أو التواجدات أو المصالح المؤسسة خارج الإطار الجديد لعمل وتشكيلات الحشد الشعبي كمؤسسة تعتبر جزءا من القوات المسلحة» لكنه فشل أيضا في تنفيذ هذا الأمر الديواني للأسباب نفسها!

بعد احتجاجات تشرين، لم تعد هذه الميليشيات مجرد دولة موازية، بل فرضت سطوتها على الدولة نفسها، وبدا هذا واضحا عندما اضطُر رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي، حينها، إلى الإذعان الكامل لها. وبعد انتخابات 2021 أصبحت هذه الميليشيات الفاعل الرئيسي في الدولة بعد سيطرتها على مجلس النواب بعد استقالة التيار الصدري، وسيطرتها على الدولة بضوء أخضر إيراني!

بعيدا عن السلطة والدولة، كانت المكاتب الاقتصادية لهذه الميليشيات، قد بدأت بأخذ حصتها من الاستثمار في المال العام، لكن سلاحها مكنها هذه المرة من تجاوز المكاتب الاقتصادية للقوى السياسية، خصوصا في المناطق التي تنتشر فيها؛ بمحافظات بغداد ونينوى والأنبار وصلاح الدين وديالى وكركوك.

حيث استحوذت على الحصة الأكبر في المشاريع والمقاولات فيها، وفرضت إتاوات على الجميع، وسيطرت على مساحات واسعة من الأراضي المملوكة للدولة. ولم تكتف بذلك، بل أصبحت تبتز المواطنين عبر التهديد بالتهم الكيدية، وعلى رأسها الإرهاب، أو الانتماء إلى حزب البعث، أو عبر التهديد بالتهجير القسري لدفع مالكي البساتين والأراضي الزراعية بالتخلي عنها لمصلحتهم.
لا يمكن أيضا التعويل على موقف للفاعلين السياسيين السنة في هذه المسألة، بسبب خضوعهم الكامل لإرادة الفاعل السياسي الشيعي
ويحرص الفاعلون السياسون الشيعة، ومن خلفهم إيران، على الإبقاء على الميليشيات، خاصة بعد التغيير الذي حدث في سوريا، لاعتقادهم أنها الضامن الوحيد ليس لضمان الحاكمية الشيعية وحسب، بل لاستمرار وجودهم نفسه، لهذا يرفضون الحلين الوحيدين المنطقين وهما حلها أو دمجها في القوات المسلحة العراقية، فالجميع يدرك أنه لا إمكانية لإعادة هيكلة هذه الميليشيات وإنهاء طبيعتها المزدوجة (قوات رسمية وغير رسمية)، وولائها المزدوج (العراقي -الإيراني)، ونطاق عملها المزدوج أيضا (في الداخل وخارج الحدود)، ولا إمكانية لضمان التزامها بالقانون أو بسياقات الدولة، والتخلي عن تكوينها العقائدي الطائفي.

ولا يمكن أيضا التعويل على موقف للفاعلين السياسيين السنة في هذه المسألة، بسبب خضوعهم الكامل لإرادة الفاعل السياسي الشيعي، كما أن الانقسام الكردي بين السليمانية الحليفة للميليشيات، وأربيل التي تواجه صواريخهم ومسيّراتهم، يمنعهم من اتخاذ موقف حاسم، ومن ثم لم يبق سوى الموقف الأمريكي الذي يصر على دمجها في القوات المسلحة، وهو الموقف الوحيد الذي سيحدد مستقبلها، بل ومستقبل الدولة العراقية ككل لاسيما أن المجتمع الدولي لديه تجربة مرة مع العراق، بسبب الممارسات السياسية الطائفية التي أدت إلى ظهور داعش، والتداعيات الخطيرة التي نتجت عن ذلك.

وعلى العقلاء في الطبقة السياسية العراقية، إن وجدوا، أن يتعلموا من دروس الماضي، وأن يصححوا الخطايا التي ارتكبوها؛ بينها خطيئة صناعة الدولة الموازية التي شكلتها هذه الميليشيات، وأن الإصرار على استمرار هذه الخطايا لغرض فرض الحاكمية الشيعية، وتقويض الدولة، لا يمكن إلا أن يكون إصرارا على الخراب.

القدس العربي

مقالات مشابهة

  • تقرير بريطاني: العراق في مواجهة إنذار اقتصادي وحرب إيران وإسرائيل كشفت المستور
  • ائتلاف المالكي:قانون الحشد لن يُقر لرفضه أمريكياً وشعبياً
  • محمد بن راشد: فخور بفريق عمل قطارات الاتحاد الذي يقوده ذياب بن محمد بن زايد
  • العراق يطلب من إيران”تزوبده بالغاز لراحة زوار الأربعين”
  • الحكومة: الحوثيون يجنون من قطع التبغ الذي سيطروا عليه نصف مليار دولار سنوياً
  • مفكر سياسي: ترامب أدخل حالة الفوضى التي حاول من خلالها التحكم بكل مفاصل الدولة
  • قبلان: لا يملك أحد شرعية نزع القوة الدفاعية التي تحمي لبنان
  • العراق: الميليشيات وحرب الموارد!
  • الزراعة النيابية:السوداني غير مكترث بالجفاف الذي يحصل في العراق
  • إيران:العراق السوق الأول لبضائعنا