رشا عوض

نعم القتل والاغتصاب والسلب والنهب، وكل الانتهاكات ضد المواطن السوداني سبب موضوعي وأخلاقي جدا لإشهار الكرت الأحمر في وجه أي طرف عسكري لإخراجه من الملعب السياسي الذي يجب أن يكون خارجه أصلا حتى بدون انتهاكات!

ولكن لو طبق هذا المبدأ بعدالة فان الكرت الأحمر يجب إشهاره في وجه الجيش (سبعين سنة انتهاكات ونهب للثروة القومية وعمالة مذلة لمصر) وهيئة العمليات التابعة لجهاز الأمن وكتائب الظل، وابوطيرة (أبشع منتهكين في السودان)، والدعم السريع الذي انتهك انتهاكات بشعة خلال هذه الحرب وارتكب جرائم يجب أن لا تسقط بالتقادم، كلهم يشهر في وجوههم الكرت الأحمر على حد سواء، بمعنى تجريدهم من المشروعية السياسية وتحميلهم الوزر الأخلاقي ووضعهم جميعا في خانة المؤسسات المأزومة التي يجب أن تكون هدفا لإعادة التأهيل الأخلاقي والفني كشرط لامان المواطن من شرور انتهاكاتهم.

لم أفهم حتى الآن ما هو المنطق الذي يجعل الانتهاكات سببا في استئصال الدعم السريع وحده والمطالبة بمحوه من الوجود، بينما يتم تتويج الجيش ومليشيات الحركة الكيزانية الإجرامية وجهاز أمنها أبطالا وحكاما أبديون للسودان! لا المعايير الأخلاقية تسمح بذلك ولا منطق الميدان العسكري يسمح بذلك! ولا حتى منطق أخف الضررين واختيار الأقل شرا يسمح بذلك، فلو قلنا يجب الاصطفاف خلف الجيش للتخلص من الجنجويد، فإن هذا المنطق تهزمه حقيقة أن سبب وجود الجنجويد هو الخلل البنيوي في الجيش الذي يعتمد في مهامه القتالية على تكوينات عسكرية خارج هياكله، وهذا الخلل ما زال مستمرا حتى هذه اللحظة إذ ما زال الجيش متكئا على المليشيات الإسلاموية والحركات المسلحة في خوض هذه الحرب، بمعنى أن جنجويد المستقبل حاضرون الآن في صفوف الجيش!

الجنجويد لم يهبطوا من السماء!

انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب في السودان لم تبدأ يوم ١٥ أبريل ٢٠٢٣! وحتى لو تاريخها بدأ مع حرب الخامس عشر من أبريل فالجيش لديه انتهاكات على رأسها قصف الطيران الذي قتل مئات المواطنين، واعتقالات الشبهة، والتعذيب، والقتل على الهوية العرقية وسرقة الإغاثة وبيعها في السوق والناس يموتون جوعا فضلا عن جز الرؤوس وبقر البطون ومضغ الأحشاء.

التعامل المبدئي المحترم مع قضية الانتهاكات يقتضي إدانة كل الأطراف التي تمارسها، أما استخدامها كسكينة لذبح أحد أطراف صراع السلطة لصالح إعادة تمكين الطرف الآخر، فهذا تدليس واحتيال وابتذال مفهوم جدا من الكيزان الظاهرين والمستترين وصحافتهم التافهة،

ولكنه غير مفهوم أبدا من أناس يزعمون أنهم حراس بوابات حقوق الإنسان!

خسرنا الكثير في هذه الحرب، وربما هناك خسائر أفدح وأفظع في الطريق، ولكن المكسب الوحيد الذي يجب أن لا نفرط فيه أبدا هو “استخلاص الوعي الصحيح” من هذه التجربة القاسية، وبناء سرديتنا الخاصة عنها، ومن ثم ضبط بوصلتنا الفكرية والسياسية باتجاه الضفة الصحيحة من التاريخ: الديمقراطية وحقوق الإنسان والحكم المدني الراشد.

الوسومرشا عوض

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: رشا عوض یجب أن

إقرأ أيضاً:

الصليب الأحمر يسلم جثامين 15 شهيدا احتجزهم الاحتلال خلال الحرب

 

ونقل مراسل الجزيرة هاني الشاعر عن مسؤولين في القطاع الصحي أن هناك صعوبات في التعرف على جثامين الشهداء الذين تسلمهم إسرائيل، ويتم نقلهم إلى مجمع ناصر الطبي غربي مدينة خان يونس (جنوبي القطاع).

Published On 18/10/202518/10/2025|آخر تحديث: 19:24 (توقيت مكة)آخر تحديث: 19:24 (توقيت مكة)انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعيshare2

شارِكْ

facebooktwitterwhatsappcopylink

حفظ

مقالات مشابهة

  • اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان تعلن نشر تقريرها حول انتهاكات الحرب في السودان
  • القائد الذي لم ينحني .. الرواية الكاملة لاستشهاد رئيس هيئة الأركان اليمنية
  • الصليب الأحمر يسلم جثامين 15 شهيدا احتجزهم الاحتلال خلال الحرب
  • السفير الروسي:آلاف العراقيين من فصائل الحشد الشعبي يقاتلون مع الجيش الروسي
  • الجيش الإسرائيلي: تشخيص جثمان المخطوف "إلياهو مرغليت" الذي اعيد الليلة
  • الجيش الإسرائيلي يتسلم رفات رهينة من الصليب الأحمر في غزة
  • عاجل| الجيش الإسرائيلي: الصليب الأحمر تسلم جثمان أحد المختطفين وهو في طريقه إلى قواتنا
  • الجيش الإسرائيلي يعلن تسليم "حماس" جثة رهينة للصليب الأحمر
  • النائب محمد أبو العينين: لم نرفض أي مطلب لأهالي الجيزة.. وهم جميعا أهلي وأحبابي
  • نتنياهو: سنُحقق كل أهداف الحرب على غزة