بأول هجوم “فرط صوتي”.. اليمن يسجِّلُ ثاني وصول عسكري إلى “تل أبيب”
تاريخ النشر: 16th, September 2024 GMT
يمانيون/ تقارير سجّلت القواتُ المسلحةُ اليمنية، الأحد، ثانيَ وصول تأريخي لها إلى عاصمة كيان العدوّ الصهيوني خلال شهرين، وذلك بضربة صاروخية غير مسبوقة ترافقت مع حلول ذكرى المولد النبوي الشريف؛ لتحملَ في طياتها ما هو أكثرَ من رسائل الردع والتحدي والتصعيد، حَيثُ مثلت الضربة بكل تفاصيلها زلزالًا كَبيراً لم يكن بحسبان العدوّ الذي يمارس منذ مدة حالة تأهب دفاعية قصوى بمشاركة عدة دول عربية وغربية، على رأسها الولايات المتحدة التي تشكل الضربة إخفاقًا واضحًا لها في مهمة التعامل مع جبهة الإسناد اليمنية، حَيثُ بات من المسلَّم به الآن أن يافا المحتلّة (تل أبيب) أصبحت هدفًا مباشرًا لعمليات مرحلة التصعيد الخامسة ولا شيء يمكن القيام به لمنع ذلك، علمًا بأن حساب الرد على استهداف الحديدة لا يزال مفتوحًا.
الضربةُ -التي تأتي بعد شهرين من عملية “يافا”- حملت الكثير من عناصر المفاجأة التي فرضت نفسها بالرغم من الاستنفار الدفاعي الكبير الذي يمارسه العدوّ الصهيوني وشركاؤه منذ أسابيع، وأبرز تلك العناصر كان استخدام صاروخ “فرط صوتي” جديد لم تكشف عنه القوات المسلحة، لكنها حرصت على إبراز بعض خصائصه المميزة من خلال الإشارة إلى كونه قطع مسافة أكثر من 2040 كيلو مترًا في ظرف 11 دقيقة ونصف؛ وهو ما يعني وفقًا للعمليات الحسابية أن الصاروخ كان يتحَرّك بسرعة 10 آلاف و643 كيلو مترًا في الساعة، وذلك يقارب 8.7 ماخ، وهو ما يجعله بوضوح صاروخًا فرط صوتي (يطلق هذا المصطلح على الصواريخ التي تزيد سرعتها عن 5 ماخ).
وكانت القوات المسلحة قد أعلنت سابقًا عن التوصل إلى هذه التقنية التي لا زال انتشارها محدودًا جِـدًّا على مستوى العالم، عندما كشفت عن صاروخ (حاطم2) الفرط صوتي، لكن ذلك لم يقلل من المفاجأة التي حملها الصاروخ الجديد؛ لأَنَّ مميزاته تجاوزت بوضوح مسألة السرعة، حَيثُ أظهر قدرة مدهشة للغاية على المناورة من خلال اختراق عدة أحزمة دفاعية عربية وغربية (منظومات رصد مبكر وصواريخ متعددة المديات) منتشرة على طول البحر الأحمر وعلى طول المسافة البرية بين اليمن وفلسطين، بالإضافة إلى المنظومات الإسرائيلية التي فشلت جميعها (القبة الحديدية، ومنظومة السهم3، و2، ومنظومة مقلاع داوود) في التصدي للصاروخ، برغم إطلاق صافرات الإنذار؛ وهو ما أغلق الطريق أمام أية محاولة من جيش العدوّ للادِّعاء بان الخطأ كان “بشريًّا” مثلما قال بعد عملية طائرة “يافا”، واضطره إلى الحديث عن أنه سقط في منطقة مفتوحة، بدون أية إجَابَة عن الفشل في التصدي له واعتراضه.
وبحسب موقع “أكسيوس” الأمريكي، فَــإنَّ “هذا هو الصاروخ الأطول مدى الذي يضرب “إسرائيل” على الإطلاق”، وربما يكون هذا أَيْـضاً هو أطول هجوم صاروخي من قاعدة برية، وهو رقم كانت القوات المسلحة قد كسرته في بداية معركة إسناد غزة عندما استهدفت أم الرشراش المحتلّة بالصواريخ، بحسب ما أفادت وسائل إعلام عبرية آنذاك.
هدف الضربة كان أَيْـضاً عنصرًا مفاجئًا؛ فبرغم أن القوات المسلحة اليمنية قد تمكّنت من ضرب عاصمة كيان العدوّ في عملية طائرة “يافا”، فَــإنَّ ذلك لم يجعل الهجوم الجديد متوقَّعًا، ذلك أن العدوّ كان قد بنى سقف توقعاته لأي هجوم جديد على معطيات العملية السابقة ولم يضع في حسبانه استخدام سلاح صاروخي فائق السرعة وقادر على المناورة، الأمر الذي جعل الأمر أسوأ بكثير، فالآن أثبتت القوات المسلحة اليمنية قدرتها على استهداف قلب كيان العدوّ مرتين بسلاحين مختلفين، وفي ظل استنفار دفاعي كبير على مستوى المنطقة بأكملها؛ وهو ما يعني أن يافا المحتلّة (تل أبيب) تصبح شيئاً فشيئاً هدفًا اعتياديًّا للعمليات اليمنية في مرحلتها الخامسة التي يبدو أنها تركز بشكل كبير على تحويل هذه المنطقة ذات الأهميّة القصوى إلى منطقة غير آمنة وإلى مسرح ثابت لعمليات بعيدة المدى وعالية التقنية، وهو تصعيد لم يسبق أن واجهه العدوّ من قبلُ أبدًا، ويشكل ضربة قاضية لكل استراتيجياته الأمنية، بدءًا بالردع الذي لم يعد هناك شك في سقوطه المدوي، وُصُـولاً إلى استراتيجية الأحزمة الدفاعية.
وبحسب وسائل إعلام العدوّ فقد دوَّت صافراتُ الإنذار وسط “إسرائيل” بشكل غير مسبوق منذ أشهر، واضطر حوالي مليونَي مستوطن إلى دخول الملاجئ لأول مرة، وهو أمر لن تنجح دعايات “السقوط في منطقة مفتوحة” في التغطية عليه وعلى ما يمثله، فإلى جانب مقاطع الفيديو التي وثَّقت آثار سقوط الصاروخ في منطقة بالقرب من مطار بن غوريون، وتصاعد أعمدة الدخان التي شاهدها الجميع، وإصابة 9 مستوطنين، سيتذكر الجميع الآن أن اليمن استهدف قلب كيان العدوّ مرتين ونجح فيهما بشكل كامل، ولم تكن هناك أية محاولات فاشلة، كما أنه لا يمكن لـ”صدفة” أَو “خطأ” أن يتكرّر بهذه الصورة، وبالتالي فَــإنَّ “تل أبيب” ببساطة لم تعد آمنة، ولا يمكن التعويل على أية إجراءات لتجنب ذلك.
توقيت الضربة حمل هو أَيْـضاً رسالة شديدة الوقع وتتضمن تحديًا مهينًا للعدو؛ فاختيار يوم مناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف، وقبل ساعات من أكبر خروج جماهيري في اليمن على الإطلاق كان تأكيدًا صارمًا على أن انخراط اليمن في هذه المعركة هو أكثر من مُجَـرّد خيار سياسي وعسكري، بل عقيدة لا يمكن زعزعتها بأية وسيلة، ولا يمكن وضع سقف لمفاعيلها، بما في سقف التهديد بالقصف.
هذا أَيْـضاً ما أكّـدته أصداء العملية داخل كيان العدوّ، حَيثُ لجأ نتنياهو إلى التهديد بجعل اليمن يدفع الثمن، وقال موقع “والا” العبري: إن العملية “توضح أن إسرائيل لن تكون قادرة على الانتظار للتعامل مع التهديد اليمني حتى ينتهي الصراع في الساحات الأُخرى” وإنه “يجب على إسرائيل تخصيص موارد استخباراتية وعسكرية لتقليل التهديد اليمني قدر الإمْكَان”، لكن وراء هذه الانفعالات لم يكن هناك أي أفق حقيقي للتخلص من التهديد اليمني، حَيثُ أكّـد معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي أن “أي تحَرّك من جانب إسرائيل في اليمن، مهما كان كَبيراً وواسعًا، لن يؤدي إلى وقف الهجمات اليمنية” وأنه “من المشكوك فيما إذَا كان أي ضرر مستقبلي سيغيِّر بأي شكل من الأشكال تصميمَ اليمنيين على مهاجمة إسرائيل”، محذِّرًا من أن التركيز على اليمن سيأتي على حساب الجبهات الأُخرى الأقرب مثل جبهة شمال فلسطين المحتلّة.
وبالإضافة إلى كُـلّ ما سبق، فَــإنَّ تأكيد السيد القائد والقوات المسلحة على أن هذه الضربة تأتي في إطار المرحلة الخامسة، والتوعد بالمزيد من المفاجآت والعمليات القادمة، وإبقاء حساب الرد على استهداف الحديدة مفتوحًا.. كُـلُّ ذلك يجعلُ العملية أشَدَّ تأثيرًا؛ لأَنَّه يتجاوز بها حتى مستوى الإنجاز غير المسبوق الذي تحقّق، ويجعلها بما هي عليه من زلزال كبير، خطوة على مسار تصاعدي مفتوح على احتمالات مرعبة أدناها تكرار الهجوم وتثبيت حقيقة أن عاصمةَ العدوّ غيرُ آمنة.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: القوات المسلحة کیان العدو المحتل ة تل أبیب لا یمکن أ ی ـضا وهو ما ف ــإن
إقرأ أيضاً:
“بوابة الجحيم” في تركمانستان.. ما سر الفوهة المشتعلة التي لا يمكن إخمادها؟ / شاهد
#سواليف
وسط #صحراء_كاراكوم النائية التي تغطي نحو 70% من مساحة #تركمانستان لا شيء يغير منظر كثبانها الرملية الممتدة على مساحة 350 ألف كيلومتر سوى ضوء ساطع يسرّب غاز الميثان المشتعل منذ عام 1971 بلا انقطاع، حتى أصبح من أغرب المعالم الجيولوجية في العالم.
إنها “فوهة دارفازا” المعروفة بـ” #بوابة_الجحيم “، وهي حفرة اشتعلت فيها النيران قبل أكثر من نصف قرن من الزمان، ولم تنطفئ حتى اليوم، مما جعلها أحد أشهر وأكبر الألغاز القابعة في قلب قارة آسيا.
حاليا، يجذب المكان الزوار إلى روعته الليلية، حيث يضيء اللهب السماء ويخلق مشهدا مهيبا، وبالتالي فإن السياح يأتون للتخييم والتقاط الصور رغم بعد الفوهة وصعوبة الوصول إليها.
مقالات ذات صلة وسائل إعلام روسية: العثور على حطام طائرة “أن-24” على بعد 15 كم من مدينة تيندا / فيديو 2025/07/24 لغز يكتنفه الغموضوُصفت فوهة دارفازا الغازية بأنها ظاهرة طبيعية جزئيا وحادث من صنع الإنسان جزئيا، ويوضح مارك أيرلاند عالم جيولوجيا الطاقة في جامعة نيوكاسل في حديثه للجزيرة نت “ليست ظاهرة طبيعية تماما، لم تكن الطبيعة سوى مصدر للمواد الخام لما حوّله البشر إلى ظاهرة بيئية غريبة استمرت عقودا”.
وفي حين يعتقد أيرلاند أن إشعال النار في الحفرة كان على الأرجح حادثا صناعيا في الماضي لا تزال أصول هذه الحفرة يكتنفها الغموض وتكثر الروايات بشأن تشكلها.
ويرجح بعض الجيولوجيين المحليين تشكل الحفرة بشكل طبيعي في أواخر الستينيات، وظلت تتدفق بالغاز والطين لسنوات عديدة، ولم تشتعل النيران فيها حتى الثمانينيات.
الرواية الأخرى الأكثر انتشارا تعود إلى عام 1971 عندما انطلق الجيولوجيون السوفيات لاستكشاف صحراء كاراكوم في جمهورية تركمانستان السوفياتية الاشتراكية بالقرب من مستوطنة دارفازا.
كان هؤلاء يبحثون في الأغلب عن حقول نفط، لكن المنطقة غنية أيضا بالغاز الطبيعي، لأن النفط والغاز نتاج نفس العملية الجيولوجية، وهي الضغط البطيء والشديد للمواد العضوية القديمة بمرور الوقت.
إعلان
ورغم عدم صدور تقرير رسمي عن الأحداث التي تلت ذلك يُعتقد أنه خلال الاستكشاف الأولي للمنطقة تشجّع الجيولوجيون بشدة بتقديراتهم لكمية الغاز الطبيعي الموجودة فسارعوا إلى إنشاء بعض منصات الحفر.
لكن دون علمهم حفروا فوق كهف ضخم للغاز الطبيعي، فانخفضت طبقات التربة العليا فجأة تحت معدات الحفر بعد بدء العملية بفترة وجيزة مكونة حفرة ضخمة يبلغ عرضها 70 مترا وعمقها 30 مترا.
فجَّر الانهيار مشكلة خطيرة أخرى، إذ بدأت كميات كبيرة من الغاز الطبيعي الخطير بالتسرب إلى الغلاف الجوي معرّضا السكان المحليين والكائنات الحية للخطر، ومثيرا مخاوف من تلوث بيئي واسع النطاق.
يتكون الغاز الطبيعي أساسا من الميثان، وهو غاز عديم اللون والرائحة، ورغم أنه ليس ساما فإنه يمكن أن يحل محل الأكسجين ويجعل التنفس صعبا، كما أنه سريع الانفجار، حيث يمكنه تكوين خليط قابل للاشتعال في الهواء بمستويات منخفضة تصل إلى 5%.
ويقول أيرلاند -الذي يركز عمله على فهم التفاعلات بين العمليات الجيولوجية والأنظمة البيئية المتعلقة بإنتاج الطاقة- “من أكثر الأمور جاذبية وإحباطا بشأن هذه الحفرة هو قلة المعلومات عنها، ليس هناك سجل أو تقرير رسمي أو أي ذكر لهذه الحادثة على الورق، خاصة أن كل ما يتعلق بالغاز والنفط والموارد الطبيعية خلال الحقبة السوفياتية كان يعتبر إستراتيجيا وسريا للغاية”.
ويضيف “ما زال هناك جدل عما إذا كانت قد اشتعلت عن طريق الخطأ ربما بسبب صاعقة أو شيء من هذا القبيل، أو أن السلطات السوفياتية لم يكن أمها سوى خيار إشعال النار في الفوهة عمدا، على أمل أن تنطفئ النيران بعد أن ينفد الغاز من الحفرة”.
أراد العلماء بإشعال الغاز المنبعث من الحفرة أن يمنعوه من الانتشار، وتلك ممارسة شائعة في بعض عمليات حفر النفط والغاز التي يطلق فيها الغاز الطبيعي، وتعرف باسم “الحرق”، حيث تُحرق الغازات الخطرة الزائدة عمدا- ولا سيما في حالات الطوارئ- إذا لم يمكن احتجازها لأسباب تتعلق بالسلامة والتمويل.
صحيح أن هذه العملية لا تزال تطلق أطنانا من ثاني أكسيد الكربون، لكن ثاني أكسيد الكربون أقل ضررا بكثير من الميثان، لأنه أحد غازات الدفيئة، وهو أقوى من ثاني أكسيد الكربون بـ25 ضعفا في حبس الحرارة في الغلاف الجوي رغم أنه يختفي من الغلاف الجوي للأرض في غضون سنوات قليلة مقارنة بثاني أكسيد الكربون الذي يبقى لقرون.
كان التقدير المبدئي أن تستمر النيران أياما أو أسابيع قليلة بناء على كميات الغاز السطحية المعروفة، ولم يتوقع الفريق أن تكون الحفرة مرتبطة بشبكة أوسع من مكامن الغاز التي ظلت تغذي اللهب باستمرار منذ ذلك الوقت.
وفي ظل غياب التقنيات المتطورة لاحتواء الانبعاثات كانت نتيجة تسرب الغازات السامة عكسية، لم تنخفض شدة الاشتعال ولم يتوقف تدفق الغاز، ثم تركت على حالها في البلد الذي يملك سادس أكبر احتياطي للغاز في العالم.
أصبحت “بوابة الجحيم” من الملفات الموروثة عن العهد السوفياتي (غيتي) محاولة استكشافيةبعد استقلال تركمانستان عام 1991 أصبحت “بوابة الجحيم” من الملفات الموروثة عن العهد السوفياتي بلا خطة واضحة للإغلاق أو الاستمرار فاستمر اشتعالها، وتستخدمها السلطات التركمانية اليوم كمعلم سياحي يُصدر وهجا غريبا يمكن رؤيته ليلا من على بعد كيلومترات، وتنبعث منه رائحة بيض كريهة لا علاقة لها بالغاز الطبيعي الذي لا رائحة له، بل ينتجها كبريتيد الهيدروجين في باطن الأرض.
لم تُنشأ بوابة الجحيم لهذا الغرض، لكن شهرتها بدأت تتزايد تدريجيا مطلع الألفية مدفوعة بصور الأقمار الصناعية والتغطيات الإعلامية التي وثقتها وسط الصحراء القاحلة، بل أصبحت صورها تُستخدم في تقارير عن تغير المناخ والطاقة الأحفورية، وأدرجتها مجلات عدة ضمن أغرب الأماكن على وجه الأرض.
ومع تحول “بوابة الجحيم” إلى محط أنظار الكثيرين دفع الغموض الذي يكتنفها العديد من العلماء والجيولوجيين إلى محاولة سبر أغوار هذه الحفرة.
كان أولهم المغامر والمستكشف الكندي جورج كورونيس الذي قام بأول رحلة استكشافية للحفرة عام 2013 مرتديا بدلة مقاومة للحرارة مزودة بالأكسجين، بهدف التعرف عن كثب على خصائص الحفرة المتكونة من الآلاف من كرات النار، ومع ذلك كان من الصعب العثور على معلومات أساسية عن الحفرة.
جمع كورونيس عينات بحثية أثبتت وجود بعض أنواع البكتيريا التي تعيش في هذه البيئة القاسية والقادرة على تحمل درجات حرارة عالية للغاية، تعيش هذه الكائنات في بيئة مغلقة داخل الفوهة الساخنة، وهي كائنات فريدة على الأرض.
الدراسات البيئية المنشورة عن بوابة الجحيم قليلة (غيتي) هل يمكن إخماد نيران “بوابة الجحيم”؟الدراسات البيئية المنشورة عن بوابة الجحيم قليلة، لكن التقديرات تظهر أن الحفرة تطلق كميات كبيرة من غاز ثاني أكسيد الكربون والميثان، وهما من أقوى الغازات المسببة للاحتباس الحراري.
ووفقا لتقرير من بلومبيرغ، تمتلك تركمانستان أسوا رقم قياسي في العالم لتسرب غاز الميثان المتسبب بتسخين المناخ، وتزايدت دعوات إطفاء نيران الحفرة المشتعلة منذ أكثر من نصف قرن للحد من أضرار تغير المناخ.
في عام 2010 زارها الرئيس السابق قربان قولي بردي محمدوف، وأمر بإيجاد حل لإزالتها أو التأكد من أنها لا تعيق تطوير حقول الغاز المجاورة، لكن لم تُعلن نتائج واضحة، ولم تُتخذ خطوات جدية لإطفائها أو احتوائها.
وفي عام 2022 أصدر خلفه سيردار بردي محمدوف قرارا رسميا بإغلاق الحفرة التي أشار إلى أنها من صنع الإنسان، وتتسبب بخسارة موارد طبيعية ثمينة، لكن الإجراءات لا تزال محدودة حتى اليوم.
ورغم عدم وجود سقف زمني لإخماد نيران الحفرة فإن السلطات بدأت باستقطاب مستشارين وعلماء أجانب لإيجاد حل لإخماد النار، ويبدو أنهم متفقون على أن أي محاولة لإغلاقها ستكون مرهقة وخطيرة ومكلفة، وربما غير مجدية.
يتطلب القضاء على فوهة دارفازا إخماد الحرائق، ثم منع تسرب الغاز من الأرض.
ويقترح البعض لإنجاز الخطوة الأولى على سبيل المثال رش إسمنت سريع الجفاف في الفوهة لإزالة الهواء الغني بالأكسجين الذي يغذي الحرائق.
لكن أيرلاند يحذر من المخاطر المحتملة لإطفاء حفرة دارفازا دون معالجة تسرب غاز الميثان، مؤكدا أن الغاز سيجد ببساطة طرقا أخرى للتسرب إلى السطح، مما سيؤدي إلى استمرار المشكلة، ويضيف مصدرا آخر لتسرب الميثان إلى حصيلة البلاد المتراكمة منذ العهد السوفياتي.
وهذا يعني أن الطريقة الوحيدة لخنق “بوابة الجحيم” بشكل صحيح هي خنق التسرب عند مصدر غاز الميثان، لكن إذا لم يتم التنقيب بأقصى درجات العناية لتحديد موقع الصدع الجوفي الذي ينبعث منه الغاز، فقد تؤدي شرارة مفاجئة أو حادث حفر إلى انفجار مميت.
وحتى لو تمكن المهندسون من تحديد موقع الصدع الجوفي فمن غير المؤكد كيفية سده، ففي حين أن إصلاح التسريبات الصناعية قد يكون معقدا فإن التسريبات الجيولوجية أكثر تعقيدا بكثير ومليئة بالشكوك.
ومن المفارقات أن هناك احتمالا ضئيلا لاستخدام عبوة ناسفة كبيرة لعزل غاز الميثان، وقد استُخدمت هذه الطريقة لإخماد حرائق الآبار الصناعية، وليس من الواضح كيف يمكن تطبيق هذا على فوهة دارفازا، ومن المرجح أن الأمر سيتطلب قنبلة ضخمة جدا.
في الواقع، استخدم المهندسون السوفيات رؤوسا نووية مرات عدة لإخماد حرائق آبار الغاز على عمق أميال تحت الأرض، وكانت آخر مرة عام 1981، لكن من غير المرجح أن يجد هذا النهج دعما في عالم اليوم، وقد لا ينجح حتى في فوهة دارفازا.
وما سبق يعني أن إخماد هذه النيران بشكل صناعي صعب جدا، لكن يمكن أن تخمد النيران بشكل طبيعي في يوم ما، وكان باحثون من الفرع العلمي لشركة “توركمان غاز” -وهي شركة الغاز الوطنية التركمانية- قد أشاروا إلى أن توهج الفوهة يبدو أنه آخذ في الخفوت، وربما تتوقف عن الاشتعال يوما ما.