الملف الرئاسي على موعد مع محاولة جديدة لحسمه.. فهل اقترب التوافق الداخلي ؟
تاريخ النشر: 22nd, September 2024 GMT
مع عودة الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان الى بيروت غدا ،ومعاودة سفراء اللجنة الخماسية اجتماعاتهم، يعود ملف الرئاسة إلى صدارة المناقشات بعدما غيب بفعل أكثر من عامل .
حضر السفراء إلى مقر السفارة الفرنسية وقدموا شارة الانطلاق في هذا الملف، على أن يعودوا مجددا إلى طاولة البحث من أجل المزيد من الأستفاضة لاسيما إذا نجحت المحاولة في جعل هذا الملف منفصلا عن ملف غزة بالفعل وليس بالقول .
تنطلق هذه اللجنة في جهودها ساعية إلى جعل الملف قابلا للتحرك بدفع أكبر من دون انتظار أي تطورات بملف غزة وجبهة الجنوب ميدانيا أو على صعيد أي أمر آخر. ليس بين أيدي اللجنة مبادرة جديدة ، لأن المدخل الوحيد لأتمام الأنتخابات الرئاسية هو التوافق ما يتيح قيام جلسة الأنتخاب وفق النص الدستوري.
وقد تكون اللجنة قد التقطت إشارات من اللاعبين الاساسيين في هذا الملف أو نالت توجيهات معينة ، وفي المقابل قد تعتبر هذا الحراك الجديد محاولة لأن الملف غيب ولا يجوز مواصلة الانتظار وبالتالي ربطه بأي ملف ثان.
ما ينقل من اجواء حتى الآن لا يؤشر إلى أن موعد إنجاز هذا الأستحقاق أمام حسم فعلي، فهذا الموعد مرهون ببعض التفاصيل وأبرزها الألتقاء المحلي على ضمان إجراء هذه الأنتخابات من دون حجج تعطيلية.
وهنا، ترى مصادر سياسية مطلعة ل"لبنان٢٤" أن ما من أصداء محددة وصلت إلى اللجنة، حتى أن حراكها لا يعني ان الأمر قضي او أن الجميع على استعداد لتسهيل هذا الأستحقاق. وتقول المصادر إن هناك تعويلا على ما قاله رئيس مجلس النواب نبيه بري بشأن أن الدعوة إلى انتخاب رئيس ما زالت مفتوحة نحو الحوار لأيام عديدة ثم دورات متتالية بنصاب دستوري، معلنة أن هذا الكلام تقرأه اللجنة بأيجابية في حين أن المعارضة ردت على لسان رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع بالسؤال : لماذا لا يدعو الرئيس بري من دون أبطاء إلى جلسة انتخابية مفتوحة بدورات متتالية حتى انتخاب رئيس الجمهورية ومن دون الفولكلور الآخر كله ؟"
وترى هذه المصادر أن أي قرار بالدعوة إلى جلسة انتخاب من دون التفاهم أو التوافق يكرر مشاهد جلسات الأنتخاب السابقة والتي لم تخلص إلى أي نتيجة، لكنها تعتبر أن اي تبدل في التوجه يتظهر مع مرور الوقت ، وفي هذه الأثناء تسعى اللجنة الخماسية إلى مراكمة الأيجابيات أينما وجدت واعتماد النقاط المشتركة، على أن مسألة التشاور هي النقطة العالقة في الملف، معلنة أن الفوارق ما بين قوى المعارضة والممانعة في هذا المجال لم تعالج، ولا بد من الأشارة هنا إلى ان أفرقاء المعارضة لن يقبلوا برئيس من الممانعة الوقت نفسه لهذه القوى شروطها .
وتفيد أن القوى المسيحية وإن تقاطعت مرة قد لا تتقاطع مرة أخرى. أما بالنسبة إلى الخيار الثالث الذي طرح مؤخرا فأنه يبقى الأكثر تداولا والأقرب إلى السير به، لكن الاسم لم يحسم مع العلم أن هناك خيارات طرحت اسم سحب من التداول واسم آخر بذلت جهود لسحبه وبقي اسم أو اثنان لا فيتو عليهما من ضمن عنوان"الخيار الثالث"، قائلة أن الايام المقبلة من شأنها أن ترسم المصير الذي ينتظر الاستحقاق الرئاسي إيجابا أو سلبا .
اجتماع اللجنة الخماسية تعقبها خطوات جديدة ولعل الزيارة المقررة للودريان واحدة منها إنما تبقى هناك محاذير معينة وكل ذلك يتم وهناك سباق مع الوقت قبل دخول الدول المؤثرة في فلك استحقاقاتها المقبلة ، حيث يتبخر اي اهتمام بالرئاسة اللبنانية. المصدر: خاص "لبنان٢٤"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: من دون
إقرأ أيضاً:
الملف النووي الإيراني.. ولعنة العقد الثامن
د. محمد بن عوض المشيخي **
يسود قانون الغاب النظام العالمي الذي تسيطر عليه حكومات مارقة تتمثل في العصابة الصهيونية التي تحكم إسرائيل، بينما العم سام الذي يوسم براضع الدم منذ قدوم المستعمرين من أوروبا إلى العالم الجديد، والذي اقام دولته المعروفة بأمريكا على أنقاض السكان الاصليين من الهنود الحُمر، يقف خلف الكيان الصهيوني المجرم بلا خجل، موفرًا له السلاح والمال والمرتزقة؛ بل وحتى الغطاء القانوني في المحافل الدولية.
أثبتت الأيام أن الذي يوجه حكام البيت الأبيض ليس مصالح المجتمع الأمريكي، بل هو اللوبي الصهيوني الذي له الكلمة الاولى في القرارات السيادية التي تتخذها اقوى امبراطورية في العالم؛ حيث تعبث تلك السياسات- التي تفتقد إلى الحكمة- بأمن واستقرار العالم وخاصة الدول الإسلامية، فقد تعهد الرئيس الأمريكي ترامب وقبله كل الرؤساء السابقين بحماية إسرائيل وتشجيعها على استباحة أمن دول وشعوب المنطقة في أي وقت يشاء هذا النظام العنصري غير المتحضر. ولكن هذه المرة ينقلب السحر على الساحر؛ إذ اتت الرياح الإيرانية بما لا تشتهي سفن الكيان الغاصب. وبالفعل كان الرد الإيراني استثنائيًا بكل المقاييس، فقد اذاق الصهاينة ليلة الجمعة وأمس السبت واحدة من أصعب الأوقات في تاريخهم؛ حيث تساقطت الصواريخ البالستية شهاب والفاروق واخواتها الإيرانية كالمطر على رؤوس المحتلين في مختلف مدن فلسطين المحتلة، وذلك ردا على العدوان الواسع الذي نفذته إسرائيل، لتحقيق جملة أهداف من بينها تقويض الجولة السادسة من المفاوضات بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران.
ويحلو للبعض أن يتذكر ما يعرف بالسَبي البابلي باستحضار القاعدة التي تقول "التاريخ يعيد نفسه" والذي يعبر عن ما حصل لليهود على يد البابليين الذين قدموا من بلاد ما بين النهرين قبل الميلاد ببضع قرون، فقد أجمعت التنبؤات والتفسيرات العلمية والدينية ليس فقط من منظور إسلامي بل وحتى علماء التلمود والتوراة انفسهم عن قرب نهاية أو زوال دولة إسرائيل، لكونها الآن قد دخلت مشارف العقد الثامن الذي يعد النهاية المحتومة لأي دولة يهودية: كما حصل مع مملكة سليمان عليه السلام وهي الدولة اليهودية الأولى، بينما تمثل مملكة الحشمونائيم الدولة الثانية. وهناك مؤشرات قوية على اندحار الجيش الإسرائيلي في قادم الوقت، خاصةً إذا ما توحَّدت الجبهات المختلفة ضد هذه الدولة العنصرية الخارجة عن القانون.
لقد كنتُ منذ البداية أُشكِّك بالنوايا السيئة للرئيس الأمريكي، والمتعلقة بمفاوضات الملف النووي الإيراني، وكنت أتوقع- ومعي الكثيرين- بأن تلك المفاوضات سوف تصل إلى طريق مسدود في يوم ما، والسبب معروف مُسبقًا، وهو المطالب الأمريكية التعجيزية المتمثلة في منع إيران من تخصيب اليورانيوم في المجال السلمي، والتي تذكرنا بشخصية الرئيس المزاجية والمتقلبة والتي لا تثبت على أي مبدأ. ولعل انسحابه من اتفاقية الملف النووي الإيراني المعروفة بـ"5 + 1" عام 2018 دون مبرر، خير مثال على ذلك. ومن المفارقات العجيبة قيام رئيس الوفد الأمريكي إلى مفاوضات مسقط ستيف ويتكوف اليهودي الصهيوني بالاجتماع برئيس جهاز الموساد الإسرائيلي بهدف التخريب وتقويض المفاوضات مرات عديدة.
لا شك أن مفاوضات الملف النووي الإيراني كانت واحدة من اصعب المفاوضات على الاطلاق؛ إذ توقَّع الخبراء فشلها من الجولة الأولى، لكن حضور حكمة القيادة العُمانية بقوة في جَمْعِ الخصوم وتفكيك جذور المشاكل والتحديات الصعبة واحتواء الوفود المُفاوِضة وإقناعهم للوصول إلى الحلول العقلانية، كل ذلك جعلنا نصل بنجاح إلى عقد خمس جولات تفاوضية، على الرغم من محاولة البعض في العادة الانطلاق من أعلى سقف في تحقيق المطالب، والتي قد توصل في كثير من الأحيان إلى مستوى من التصادم والرغبة الجامحة في إطلاق العنان للأطماع والسيطرة على الغير بالتهديد والوعيد. ولكن على الدوام، يتدخل الوسيط العُماني في مثل تلك الظروف؛ لكونه يملك الخبرة والمرونة في حل النزاعات بين الدول، مهما كانت تلك الخلافات واسبابها ومُبرِّراتها وتصلُّب الأطراف التي تطمح لتحقيق الأهداف الاستراتيجية عبر الحوار الجاد الرصين القائم على العقلانية والمنطق، وليس بإطلاق المدافع وتحريك الجيوش من قواعدها لاحتلال البلدان وصب الزيت على النار.
الجميع يُدرك تداعيات المواجهات العسكرية بين الجيوش ونتائجها الكارثية على الشعوب، لا سيما شعوب منطقتنا التي شهدت عدة حروب مدمرة أكلت الأخضر واليابس، خاصة حروب الخليج الثلاثة التي امتدت عبر 3 عقود؛ بدايةً من عقد الثمانينيات في القرن الماضي والتي استمرت 8 سنوات بين العراق وجارتها ايران، ثم حرب الخليج الثانية لتحرير الكويت، وأخيرًا الحرب الانجلو- الامريكية لتدمير العراق وإرجاعه إلى القرون الوسطى؛ إذ سعت الولايات المتحدة الأمريكية للقضاء على نظام الرئيس العراقي صدام حسين، الذي كان يمثل صمام الأمان للأمن القومي العربي، وخط الدفاع الأول للقومية العربية ضد الكيان الصهيوني.
وأخيرًا.. من المؤسف تداعيات مثل هذه الحروب لا تتمثل وحسب في أن الشعوب العربية تدفع فاتورة الخسائر المالية الكبيرة والباهظة؛ بل وأيضًا يُسيطر أعداء الأمة على السيادة العربية وقرارتها المصيرية، وتُمنَح إسرائيل وبعض القوى الإقليمية في المنطقة السُلطة المُطلقة لإدارة زمام أمور الأمة، في غيابٍ كامل للدول العربية المركزية التي تراجع دورها وربما انطفأ إلى الأبد.
** أكاديمي وباحث مختص في الرأي العام والاتصال الجماهيري
رابط مختصر