اختفت قبل عقود.. بحيرة تعود للظهور بـوادي الموت إثر سيول في المغرب
تاريخ النشر: 23rd, September 2024 GMT
رغم أنها خلفت ضحايا وخرابا، فإن الأمطار غير المسبوقة التي شهدتها مناطق جافة في جنوب المغرب، أدت إلى بروز ظواهر طبيعية نادرة.
فقد تداول مدونون وسكان محليون فيديوهات لبحيرة قالوا إنها تدعى "إريقي"، تقع في منطقة طاطا جنوبي المغرب، تظهر امتلاءها بالمياه بعدما ظلت جافة لنصف قرن، وفقهم.
وكتب مدون سبق له أن زار المكان معلقا على فيديو للمشهد غير المألوف للبحيرة: "عبرنا بحيرة إريقي في بداية عام 2000، كانت سهلاً قاحلاً، لا يوجد على سطحه سوى الملح.
وحسب بيانات من وكالة الفضاء الأميركية "ناسا"، نشرتها الأسبوع الماضي، التقطت الأقمار الاصطناعية صورًا توضح تدفق المياه إلى أنهار وبحيرات كانت قبل ذلك عبارة عن فجاج ومناطق مقفرة، بسبب توالي سنوات الجفاف وانقطاع المطر لعقود.
ومن الظواهر المثيرة للاهتمام التي نتجت عن هذه العاصفة، وفق المصدر، امتلاء البحيرات الجافة في الصحراء، مثل تلك الموجودة في منتزه "إريقي" الوطني بالمغرب.
وأظهرت صور قالت "ناسا" إنها ملتقطة بواسطة القمر الاصطناعي "Terra"، تغيرات كبيرة في المناطق التي غمرتها المياه، مع "ظهور البحيرات الجافة السابقة باللون الأزرق الداكن، مما يدل على امتلائها نتيجة هطول الأمطار".
وتفسيرا لما حدث، نقلت الوكالة الأميركية عن المحاضر في معهد علوم الأرض بجامعة القدس، موشيه أرمان، أن هذه الأمطار ناتجة عن عاصفة خارج مدارية نشأت في المحيط الأطلسي، وسحبت الرطوبة من أفريقيا الاستوائية نحو الصحراء الكبرى.
وأشارت التقديرات الأولية للأقمار الاصطناعية، إلى تراكمات للأمطار تتراوح بين عشرات إلى أكثر من 200 ملم في بعض المناطق، أي ما يعادل تقريبًا ما تستقبله هذه المناطق في عام كامل.
وكشف منشور بصفحة جامعة ابن طفيل المغربية على تطبيق إنستغرام، أن فريقا بحثيا من كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية التابعة لها، قام بـ"رحلة استكشافية صعبة"، أكد "امتلاء بحيرة 'إريقي' بالمياه من جديد، بعد أن جفت منذ أكثر من 50 عامًا نتيجة التصحر وقلة التساقطات المطرية وزحف رمال الصحراء".
ووصفت التدوينة ما تم رصده بأنه "حدث بيئي نادر يحمل أهمية علمية كبيرة".
غير أن الأمطار الأخيرة التي شهدتها طاطا أفضت لمظهر آخر محزن، فقد قضى اثنان من ركاب حافلة للنقل وفُقد أثر 14 آخرين، بعدما جرفت فيضانات جديدة سيارتهم في المنطقة نفسها، وفق ما أفادت السلطات المحلية، السبت.
وأفادت السلطات المحلية بإقليم طاطا، بأنه "على أثر التساقطات الرعدية جد القوية التي شهدها الإقليم، والتي أدت إلى إحداث تدفقات فيضانية استثنائية، تم أمس الجمعة 20 سبتمبر، تسجيل حادثة انجراف حافلة للركاب بفعل السيول".
ويواجه المغرب موسم جفاف مستمرا منذ 6 سنوات، هو الأشد منذ نحو 40 عاما.
ويعد الجفاف مشكلة كبرى في البلاد، نظرا لتأثيره المباشر على القطاع الزراعي، الذي يشغّل نحو ثلث السكان في سن العمل، ويمثل نحو 14 في المئة من الصادرات.
ووفق خبراء، فإن هذه الأمطار النادرة من شأنها، على المستوى المحلي، رفع مستويات المياه في بعض السدود، وإعادة تغذية المياه الجوفية، لكن هذا الأمر يتطلب هطول أمطار لفترات طويلة.
المصدر: الحرة
إقرأ أيضاً:
مسؤول عسكري بريطاني: موقف بريطانيا الداعم لمغربية الصحراء تحول دبلوماسي جريئ
زنقة 20 | علي التومي
نشرت صحيفة تيليغراف البريطانية مقالا تحليليا للفريق أول السير سيمون مايال، المستشار العسكري السابق لشؤون الشرق الأوسط في وزارة الدفاع البريطانية، تناول فيه التحوّل اللافت في موقف المملكة المتحدة من قضية الصحراء، معتبرا أن زيارة وزير الخارجية البريطاني الأخيرة إلى المغرب أعادت هذه القضية المهملة دوليًا إلى صدارة الاهتمام الدبلوماسي.
ويشير المقال إلى أن النزاع حول الصحراء ،الممتد منذ عام 1975 بين المغرب وجبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر، أدى إلى حالة من الجمود الإقليمي تسببت في تعطيل التنمية وخلق أزمات إنسانية، خاصة في مخيمات تندوف. ورغم الجهود التنموية الكبيرة التي بذلها المغرب في الإقليم، لا تزال العوائق السياسية تحول دون استغلال كامل الإمكانيات الاقتصادية والبشرية للمنطقة.
في هذا السياق، يشيد الكاتب باعتماد بريطانيا لأول مرة خطة الحكم الذاتي المغربية كحل وحيد واقعي ومستدام للنزاع، معتبرا أن هذا الموقف ينسجم مع التوجهات الجديدة للدبلوماسية البريطانية، المبنية على “الواقعية التقدمية”.
واوضح ان هذه الخطة، التي طُرحت على الأمم المتحدة عام 2007، تتيح للأقاليم الصحراوية حُكمًا ذاتيًا موسّعًا تحت السيادة المغربية، مع إحتفاظ الرباط بملفات الدفاع والسياسة الخارجية، وتفويض السلطات المحلية بإدارة شؤونها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
ويرى كاتب المقال أن تأييد بريطانيا لهذا المقترح يشكّل خطوة منسجمة مع مواقف قوى غربية كبرى مثل الولايات المتحدة وفرنسا وإسبانيا، ويُمهّد لتحوّل محتمل في مواقف المنتظم الدولي، خصوصًا داخل أروقة مجلس الأمن.
كما يسلّط الضوء على الأهمية الجيوسياسية لهذا الدعم، في ظل الدور المحوري الذي يلعبه المغرب في مكافحة الإرهاب والتطرف، وكبح النفوذ الروسي والإيراني المتنامي في أفريقيا جنوب الصحراء.
ومن جانب آخر، يتطرق المقال إلى الإمكانات الإقتصادية الكبيرة التي تتيحها الشراكة البريطانية المغربية، مشيرا إلى أن المبادلات التجارية بين البلدين بلغت أكثر من 4.2 مليار جنيه إسترليني في 2024، في نمو مضطرد منذ عام 2018،كما تشمل الشراكة تمويلًا بريطانيًا بقيمة 5 مليارات جنيه لتسهيل الصادرات، واستثمارات واعدة في قطاعات الطاقة المتجددة والصحة والتكنولوجيا.
ويربط الكاتب بين الإستقرار السياسي والتقدم الإقتصادي، مؤكدًا أن نجاح نموذج الحكم الذاتي في الصحراء الغربية لن يخدم فقط مصالح الأمن والتنمية، بل سيحد من الهجرة غير النظامية، ويقلّص من جاذبية التطرف، ويمنح الأمل لسكان المنطقة، خاصة في ظل التدهور المزمن للأوضاع الإنسانية في المخيمات.
ويختم المقال بالتأكيد على عمق العلاقات التاريخية بين بريطانيا والمغرب، التي تعود إلى أكثر من ثمانية قرون، مشيرا إلى أن الشراكة الحالية تمثل امتدادًا لتاريخ طويل من التعاون، وتفتح الباب لعصر جديد من التفاهم الاستراتيجي، القائم على المصالح المشتركة والرؤية الواقعية للمستقبل.