غزة ولبنان.. جرائم أمريكية
تاريخ النشر: 25th, September 2024 GMT
عام كامل من حرب الإدارة الجماعية الذى تمارسه إسرائيل فى حق الشعب الفلسطينى، تحت حجج ذرائع مختلفة، يأتى على رأسها تصفية عناصر المقاومة الفلسطينية التى قامت بعملية طوفان الأقصى فى بداية اكتوبر الماضى.. حالة التباين فى الرؤى والمواقف الدولية تجاه هذه الحرب على مدار عام كامل تكشف عن الانقسام الحاد فى المجتمع الدولى الذى عجز حتى هذه اللحظة عن وقف أكبر جريمة إبادة جماعية وتطهير عرقى تحدث لشعب بكامله، وتؤكد أن عقيدة الغرب الاستعمارية لم تتغير، كما تكشف عن زيف كل القيم والمثل الأخلاقية التى صدرها الغرب وسوقها للعالم على مدار نصف قرن مضى، والزعم بتبنى قيم السلام والعدالة والتسامح وحقوق الإنسان وغيرها من الشعارات التى تدغدغ مشاهر الشعوب وبعض الساسة قليلى الخبرة، وهى فى حقيقتها مجرد أقنعة ووسائل حديثة يستخدمها الغرب لتحقيق أهدافه الاستراتيجية، ولم تكن الاعتذارات التى قدمتها بعض الدول الغربية عن حقب الاستعمار، إلا عملية هروب ممنهج من دفع تعويضات هائلة للدول التى استنزفتها واستعبدتها على مدار قرون وعقود طويلة.
العجز الدولى فى مواجهة ووقف هذه الإبادة الجماعية التى يتوجع ويتقزز منها العالم، هى نتيجة حتمية للموقف الأمريكى الداعم لإسرائيل عسكريًا وسياسيًا واقتصاديًا، وهى أيضًا نتيجة للسياسة الأمريكية الداعمة لاستمرار بؤر الصراع فى الشرق الأوسط، باعتبارها من الأهداف الاستيراتيجية الأمريكية وأهم أسباب تواجدها العسكرى بقوة والسيطرة على موارد الطاقة وتحقيق الأهداف الجيوسياسية التى تشكل جزءًا من الأمن القومى الأمريكى.. الأمر الذى يفسر لنا بجلاء التناقض الشديد على مدار عام، بين التصريحات السياسية الأمريكية منذ اندلاع شرارة هذه الحرب، وبين الواقع المؤلم فى استمرار عمليات الإبادة الجماعية والتطهير العرقى لشعب يتم تصفيته بأبشع صور القتل، والتعذيب بسلاح الجوع والعطش والمرض والتنكيل اليومى والهجرة المستمرة بعد أن تحولت المدينة بكاملها إلى ركام فى جريمة كاملة لم تعرفها البشرية من قبل، وفى اعتقادى أن التصريحات الأمريكية من حيث لآخر وجولات وزير الخارجية الأمريكى - بلينكن - عن قرب التوصل لاتفاق وقف الحرب وتبادل الأسرى والمحتجزين، ما هى إلا مخدر سياسى، لمواجهة بعض التظاهرات والاحتجاجات الشعبية التى تحدث فى الداخل الأمريكى وبعض الدول الأخرى.
الحقيقة المجردة تشير إلى أن إسرائيل هى الذراع القذرة للولايات المتحدة الأمريكية فى منطقة الشرق الأوسط، وليس أدل على ذلك من قيام إدارة الجامعة الأمريكية فى بيروت بسحب جميع أجهزة - البيجر - من العاملين بالجامعة الأمريكية قبل عدة أيام من عملية التفجير التى حدثت لهذه الأجهزة فى لبنان، وأودت بحياة العشرات وإصابة الآلاف، منهم مواطنون لا ينتمون لعناصر حزب الله أو المقاومة، وهو أمر يؤكد أن الولايات المتحدة كانت على علم مسبق بهذه العملية القذرة التى راح ضحيتها مئات الأبرياء، وخشية على مواطنيها أبلغت السفارة والجامعة الأمريكية بسحب وإعدام هذه الأجهزة، ولأن من بين العاملين بالجامعة فى بيروت عددًا من اللبنانيين، فقد كشفوا عن هذه الفضيحة التى تؤكد ضلوع أمريكا فيها، وبكل العمليات الإرهابية والإجرامية التى ترتكبها إسرائيل فى حق الشعب الفلسطينى وشعوب المنطقة ولم تكن إسرائيل لتستمر فى نشاطها الإجرامى وتوسيع الحرب إلا من خلال الدعم العسكرى والاقتصادى المستمر، والحماية والمساندة السياسية على شتى المستويات والمنظمات الدولية وعلى رأسها مجلس الأمن الدولى الذى بات عاجزًا ومشلولاً أمام سيف - الفيتو - الأمريكى.
حفظ الله مصر
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: صواريخ الشعب الفلسطينى على مدار
إقرأ أيضاً:
هل بإمكان إسرائيل الاستغناء عن المساعدات الأمريكية لتجنب تبعاتها؟
أعلن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو أن "إسرائيل" تحتاج إلى قدر معين من المساعدات الأمريكية، وبإمكانها الاستغناء عنه، وذلك في استمرار للتوتر بين واشنطن وتل أبيب حول أكثر من ملف في المنطقة.
وأكد الكاتب في موقع "آي سي" عاميت تومار، أن "نتنياهو كشف خطة مستقبلية مفاجئة للعلاقات مع أعظم قوة في العالم وتتمثل بالتوقف عن الاعتماد على المساعدات الأمريكية، زاعما في جلسة استماع سرية في لجنة الشؤون الخارجية والأمن أننا نتلقى أربعة مليارات دولار مقابل الأسلحة، وسنضطر للتوقف عن الاعتماد على المساعدات الأمنية الأمريكية، كما توقفنا عن الاعتماد على المساعدات المدنية".
وأوضح تومار، في مقال ترجمته "عربي21" أن ذلك أتي "مع أن هذه المليارات تتلقاها إسرائيل سنويا في الأوقات العادية بدت قليلة قياسا بما وصل منذ اندلاع الحرب على غزة".
وأضاف أن "دراسة أجراها معهد واتسون الأمريكي كشفت أنه بعد عام واحد فقط من اندلاع الحرب، أنفقت الولايات المتحدة 22 مليار دولار على المساعدات العسكرية لإسرائيل، من الذخائر الهجومية ونشر حاملات الطائرات وبطاريات الدفاع الجوي، مما يعني أنها دفعت معظم الثمن الاقتصادي للحرب نيابة عنه، مما يدفع للسؤال عن سبب الإدلاء بمثل هذه التصريحات الآن، مع أنه ليس من قبيل الصدفة أن يطلق على الولايات المتحدة لقب أختنا الكبرى".
وأشار إلى أن "دولة إسرائيل كانت على مدى عقود من الزمن مرتبطة بالحبل السري المالي الأمريكي في كافة مجالات الحياة، ولم تتدفق المنح المالية فقط من أجل الأمن، بل أيضاً لتلبية احتياجات مثل تطوير المصانع وسداد الديون، وشحنات من المواد الغذائية والمعدات، وعندما أصبح نتنياهو رئيسا للوزراء، سارع للتصريح أننا كبرنا، وحان الوقت لقطع الحبل السري، وخفض مستوى مساعداتها الاقتصادية السخية تدريجيًا، لكن ما حصل فعلياً أن نتنياهو تنازل فقط عن المساعدات الاقتصادية المدنية، وذلك على المستوى الفني فقط".
واستدرك بالقول إنه "خلال السنوات التي تعهد بها نتنياهو للتقليص التدريجي للمنح الأمريكية، فقد زادت المساعدات الأمنية، مما يعني أن هذه الخطوة التي أعلنها لم يكن لها تأثير حقيقي في جيوب الإسرائيليين، لأنه في المرة الأخيرة التي تم فيها توقيع اتفاقية المساعدة العسكرية مع الأمريكيين، حطمت ميزانية الدعم السنوية التي تلقيناها منهم رقماً قياسياً آخر، مما يطرح السؤال على نتنياهو من أين سيحصل على الأموال البديلة".
وأوضح أن "دولة إسرائيل تمرّ بفترة اقتصادية صعبة للغاية، وحتى لو كان انتهاء الحرب مفيداً، فإن هذه الأزمة لن تنتهي قريباً، وستحتاج ميزانية الجيش لإضافة أكثر من 10 مليارات شيكل سنويا (2.9 مليار دولار) لمدة عقد مقبل على الأقل، مقارنة بالوضع قبل اندلاع الحرب، فيما شهدت الميزانيات المدنية تخفيضات منذ عامين، وقامت الحكومة بخفض أجور موظفي القطاع العام، ورفعت الضرائب وأسعار الخدمات الحكومية، دون أن تفعل شيئا لمعالجة موجة ارتفاع الأسعار، ولعل الاحتجاجات العنيفة للمعلمين والأطباء، تثبت حالة التوتر السائدة".
وأشار إلى أن "أي قرار إضافي يفرض على الاسرائيليين قد يؤدي للانهيار الاقتصادي، لأن المليارات الإضافية للأمن والجيش كل عام ليست قشًا، بل صخرة تزن أطنانًا، ومن أجل الاستغناء عن المساعدات الأمريكية بصورة ذاتية، يتعين على الدولة التخلّي عن ميزانيات التعليم العالي، ورفع ضريبة القيمة المضافة بنسبة 2 بالمئة، مما يجعل جميع المنتجات أكثر تكلفة".
وكشف أنه "تم توقيع اتفاقية المساعدات الأخيرة مع الرئيس السابق باراك أوباما في 2016 لمدة عقد من الزمن، مما سيتعين على الرئيس دونالد ترامب قريبًا أن يقرر ما إذا كان سيعطينا الحصة التالية، وبناءً على التاريخ، فإن الأمريكيين سيواصلون الدفع، واستناداً لتاريخ الأخير، فهو لا يضمن أي شيء، ولا شيء مؤكد عنده، لأنه منذ عودته للبيت الأبيض، بدأ بخفض ميزانيات المساعدات الخارجية، وربما تكون هذه مجرد الطلقة الافتتاحية، وقد ينقلب علينا في أي لحظة".
وختم بالقول إنه "من الأفضل للإسرائيليين التخلص من الاعتماد على الولايات المتحدة، وينطلقون نحو الاستقلال الاقتصادي، لكن أعراض هذا الانسحاب ستكون مؤلمة، وفي واقع مليء بالتحديات الأمنية والاعتبارات السياسية الائتلافية، فمن المشكوك فيه أن يكونون قادرين على تحملها أيضاً".