الثورة نت:
2025-08-12@07:02:33 GMT

الصاروخ اليمني.. كيف تهاوى الردع الإسرائيلي المطلق؟

تاريخ النشر: 26th, September 2024 GMT

 

11 دقيقة ونصف دقيقة هي المدة التي استغرقها وصول صاروخ بالستي فرط صوتي من طراز جديد أطلقته القوات المسلحة اليمنية تجاه «تل أبيب»، أخفقت الدفاعات الجوية في اعتراضه، وأصاب هدفه، وأدخل أكثر من مليوني مستوطن إسرائيلي إلى الملاجئ، جاء كرسالة ثقيلة على «إسرائيل»، وشكل عملية نوعية مفاجئة لليمن انتصاراً لغزة.


سجلت القوات المسلحة اليمنية نجاحاً كبيراً بعدما كانت قد استهدفت سابقاً مدينتي إيلات و»تل أبيب» بطائرات مسيرة، وهي تسجل اليوم نجاحاً جديداً بعدما ضربت «تل أبيب» بصاروخ بالستي قطع أكثر من ألفي كيلومتر، وضرب هدفاً قرب من مطار اللد أو ما يعرف بمطار بن غوريون.
ما يميز هذا النوع من الصواريخ هو القدرة على تغيير مساره فجأة، ما جعل الدفاعات الجوية عاجزة عن اعتراضه، الأمر الذي أثار تساؤلات في «إسرائيل» أكبر من الانفجار الذي أحدثه، إذ أشار معهد الأمن القومي الإسرائيلي إلى أن القوات المسلحة اليمنية باتت تشكل تهديداً حقيقياً لـ»إسرائيل»، إلى جانب تهديد حزب الله على الجبهة الشمالية.
ويذهب المعهد في تقديره إلى أن الصاروخ اليمني الباليستي يعكس قدرة اليمن على الوصول إلى المراكز الحيوية والاستراتيجية في «إسرائيل»، وهذا انعكاس ومؤشر على النجاح في تطوير القدرات العسكرية، وأن مثل هذا التهديد ينضم إلى تهديدات سابقة انطلقت من اليمن، ويشير المعهد إلى سلاح الطائرات المسيرة الذي تمتلكه اليمن، والذي ضرب تل أبيب في وقت سابق، والحرب البحرية المستمرة على السفن في البحر الأحمر.
لماذا يعتبر صاروخ اليمن فشلاً كبيراً لـ»إسرائيل»؟ سؤال مهم يطرح نفسه أمام هذا الصاروخ الذي أحدث صدمة وإرباكاً كبيرين، وأيقظ «إسرائيل» كلها، كما علقت الصحافة الإسرائيلية.
من الضروري التوقف عند هذه الاعتبارات، فالصاروخ قطع مسافة تتجاوز ألفي كيلومتر من مكان انطلاقه، وهذا المسار الطويل فيه كثير من العقبات الإسرائيلية والدولية. تتمثل تلك العقبات في:
الأولى: الفشل في التعقب والرصد والاعتراض من قوة دولية موجودة على مقربة من اليمن، تتمثّل بالقيادة المركزية الأميركية الوسطى والقطع البحرية المنتشرة في البحر الأحمر وسلسلة من الأساطيل تتبع لمجموعة من الدول تعد شريكة أساسية في التحالف والتصدي لهجمات اليمن التي تستهدف السفن الإسرائيلية أو التي تتوجه إلى إسرائيل من دول أخرى.
الثانية: وجود المنظومة الدفاعية الإسرائيلية لأكثر من جيل لطالما تفاخرت به «إسرائيل»، كمنظومة حيتس، ومنظومة السهم، ومنظومة مقلاع داوود، ومنظومة القبة الحديدية، وجميعها منظومات تعمل لغرض الرصد والتصدي لأي تهديد صاروخي خارجي، وتعد من المنظومات الأكثر تطوراً لدى إسرائيل، وهي قادرة على رصد الأهداف بدقة بالغة قبل وصولها.
الثالثة: فشل المنظومات الدفاعية المنتشرة في وسط «إسرائيل» في التصدي للصاروخ وتمكنه من الوصول إلى منطقة حيوية كمطار حيوي ومهم يعكس حال تهاوي الردع في الكيان.
ثمة دلالات يحملها الصاروخ اليمني الذي ضرب «تل أبيب»، تتمثل بفشل ما تدّعيه «إسرائيل» من امتلاكها قوة الردع المطلقة، بل باتت بلا رادع استراتيجي، وأن معركة طوفان الأقصى أكدت أن «إسرائيل» كيان أوهن من بيت العنكبوت وقابل للانكسار والهزيمة. ومن دون حلفائها الغربيين هي كيان هش لا يستطيع حماية نفسه بنفسه.
تؤكد القوات المسلحة اليمنية، إلى جانب حزب الله في لبنان، أن موقف النصرة والإسناد لغزة ما زال قائماً رغم فاتورة المواجهة التي يمكن أن يدفعها اليمن، كما تؤكد أن امتلاك هذا النوع من الصواريخ تجاوز عقدة البعد الجغرافي عن فلسطين، أما عن الاستخدام، فإنه يعكس الإرادة السياسية لدى اليمن بالانتقال إلى مرحلة متقدمة من المواجهة واستخدام ما يملك من ترسانة عسكرية لمصلحة قضية فلسطين ونصرة قطاع غزة، أما على الصعيد العملياتي والقدرة على تجاوز منظومة الدفع الجوي، فهو نجاح لليمن وفشل كبير لإسرائيل، ويرشح احتمال تصاعد شكل وطبيعة المواجهة بين إسرائيل وأطراف محور المقاومة من جهة أخرى.
قرع الصاروخ البالستي اليمني الجرس في وجه نتنياهو الذي يريد إشعال حرب واسعة في لبنان بات يلمح لها كثيراً، في وقت بات جيشه منهكاً عالقاً في غزة، ليبعث رسالة ثقيلة مفادها أنَّ مثل هذا الصاروخ البالستي يمكن أن ينطلق من لبنان ويضرب مراكز حيوية استراتيجية بدقة أكبر مما انطلق عليه من اليمن. وقتها، ستكون المعادلة قد اختلفت كلياً، وستقضي على أطماع نتنياهو وطموحاته باللهث وراء نصر مطلق بحث عنه طيلة 11 شهراً.
خيارات «إسرائيل» تضيق بعد وصول صاروخ فرط صوتي يمني إلى «تل أبيب»، ونتنياهو وشركاؤه يأخذونها نحو الهاوية، فكل الحسابات يجب أن تختلف، وما قبل وصول الصاروخ إلى تل أبيت ليس كما بعده، والرهان على تفجير حرب مع لبنان سيجعل أطرافاً عديدة تعيد حساباتها، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية، الحليف الأكبر لإسرائيل، والتي يريد نتنياهو توريطها في حرب كبيرة في المنطقة، في وقت تتجهّز لانتخابات رئاسية مقبلة، والمنطقة برمتها باتت أمام أسابيع حاسمة ومهمة تجعلها على مفترق طرق؛ إما وقف الحرب والتسوية نتيجة لمراجعة الحسابات بعد الصاروخ اليمني وإما الذهاب إلى مواجهة واسعة مع لبنان، وهذا ما لا ترغب فيه كثير من الدول في المنطقة، ولا يخدم أجندة إدارة بايدن الحالية.

كاتب ومحلل سياسي فلسطيني

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

نتنياهو على بُعد خطوات من تحقيق النصر المطلق

 

“النصر المطلق”؛ الجملة التي تغنّى بها مجرم الحرب نتنياهو بعد عملية الكوماندوز الأقوى والأنجح، والتي لم يُشاهد مثلها في التاريخ، وكان أبطالها نخبة القسام من غزة، وكان طوفان الأقصى أو بداية نهاية الكيان. وبعد الإذلال الكبير الذي أصاب أكبر وأقوى قوة عسكرية في المنطقة، جاءت أمريكا من بعيد ليقوم وزير خارجيتها برحلة مكوكية لدول المنطقة، مهددًا ومتوعدًا قائلاً: “لا أحد يساعد غزة، دعوها لوحدها أمام إسرائيل”. ثم يقوم رئيس أمريكا ووزراء إدارته ومبعوثوه بتواجد مكثف في الكيان، لتلافي الانهيار وزوال أكبر قواعدها العسكرية المسماة بالكيان الإسرائيلي، وقد كان ذلك أن لا يتحقق لولا الخضوع العربي الإسلامي للأمريكي والصهيوني.

كاد “النصر المطلق” أن يتحقق للعرب والمسلمين على أمريكا والغرب الكافر بعملية بسيطة قام بها بضعة أشخاص وبأسلحة متواضعة وآليات وتكتيكات بسيطة، لو أن العرب والمسلمين وقفوا جميعًا ضد تهديدات أمريكا، وحاصروا الكيان اقتصاديًا، وقاطعوه دبلوماسيًا، واستخدموا ما وهبهم الله من قوة – ثروات نفطية وغازية وموقع جغرافي – للضغط على العدو. لكن ما حصل غير ذلك، فوقف الأعراب لإنقاذ الكيان ودعمه، والمشاركة في جريمة القرن التي استهدفت الأطفال والنساء في غزة بشكل أساسي.

مجرم الحرب نتنياهو حدّد أهداف “النصر المطلق”: بالقضاء على حماس وتفكيكها عسكريًا، وتحرير الرهائن، وألا يمثل قطاع غزة تهديدًا أمنيًا لإسرائيل في المستقبل. هذه الأهداف منذ بدايتها واجهت انتقادات من داخل الكيان نفسه والحلفاء، حيث الجميع يعلم أن حماس حركة مقاومة، والمقاومة لا يمكن هزيمتها بعملية عسكرية، وهذا ما أثبته التاريخ والسنن الإلهية في هذا الكون.

وعلى ذكر التاريخ والسنن الإلهية، وتوجّه نتنياهو إلى القيام بعملية شاملة في قطاع غزة بعد أكثر من سنة ونصف من الفشل في تحقيق أي من أهداف “النصر المطلق”، يبدو لنا من العجيب – أن من يتأمل في قصة موسى عليه السلام وبني إسرائيل عندما كانوا مستضعفين في زمن فرعون – أن ما يمكن وصفه بـ”النصر المطلق” سيكون قريبًا وبطريقة مفاجئة وغير متوقعة.

في يوم الجمعة الثامن من أغسطس من العام 2025م، قرر المجلس الوزاري السياسي الأمني المصغر (الكابينت) احتلال غزة، وللقيام بذلك يحتاج إلى حشد كل القوات النظامية، أي قوات الجيش الإسرائيلي بالكامل. بإمكانك أن تتخيل أقوى جيش في المنطقة يحتشد لاحتلال قطاع غزة الصغير في مساحته الجغرافية، وأمامه الكثير من العزّل بدون سلاح، والنساء والأطفال، والقليل جدًا من المجاهدين بأسلحتهم المتواضعة. وهنا يظهر لنا أشهر القصص على مر التاريخ:

{ فَأَوۡحَیۡنَاۤ إِلَىٰ مُوسَىٰۤ أَنِ ٱضۡرِب بِّعَصَاكَ ٱلۡبَحۡرَۖ فَٱنفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرۡقࣲ كَٱلطَّوۡدِ ٱلۡعَظِیمِ (٦٣) وَأَزۡلَفۡنَا ثَمَّ ٱلۡـَٔاخَرِینَ (٦٤) وَأَنجَیۡنَا مُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُۥۤ أَجۡمَعِینَ (٦٥) ثُمَّ أَغۡرَقۡنَا ٱلۡـَٔاخَرِینَ (٦٦) }
[سُورَةُ الشُّعَرَاءِ: ٦٣-٦٦]

هذه إحدى الصور لـ”النصر المطلق” في القرآن الكريم؛ ففرعون، بكل من حشدهم هم وأسلحتهم، غرق ونجا موسى ومن معه، ولم يكن لديهم سوى إيمانهم بالله وعصا موسى. كان فرعون قريبًا جدًا من “النصر المطلق”، تخيل المنظر في الآية الكريمة:

{ فَلَمَّا تَرَ ٰءَا ٱلۡجَمۡعَانِ قَالَ أَصۡحَـٰبُ مُوسَىٰۤ إِنَّا لَمُدۡرَكُونَ } [سُورَةُ الشُّعَرَاءِ: ٦١]

أليس يشبه بقدر كبير ما سيقوم به نتنياهو؟ ألن يشعر من هم في الجانب المقابل بمثل ما شعر به أصحاب موسى {إِنَّا لَمُدۡرَكُونَ}؟ أليس موقف المجاهدين اليوم هو موقف موسى عليه السلام { قَالَ كَلَّاۤۖ إِنَّ مَعِیَ رَبِّی سَیَهۡدِینِ } [سُورَةُ الشُّعَرَاءِ: ٦٢]؟

ونرى صورة أخرى من صور “النصر المطلق” في القرآن الكريم، في قصة طالوت عليه السلام:

{ قَالُوا۟ لَا طَاقَةَ لَنَا ٱلۡیَوۡمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِۦۚ قَالَ ٱلَّذِینَ یَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَـٰقُوا۟ ٱللَّهِ كَم مِّن فِئَةࣲ قَلِیلَةٍ غَلَبَتۡ فِئَةࣰ كَثِیرَةَۢ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ مَعَ ٱلصَّـٰبِرِینَ } [سُورَةُ البَقَرَةِ: ٢٤٩]

فيرى في مشهد اليوم أن لا طاقة لنا بأمريكا وإسرائيل وجنودهما، ولكن نرى المجاهدين في غزة وأنصار الله في اليمن يقولون: { كَم مِّن فِئَةࣲ قَلِیلَةٍ غَلَبَتۡ فِئَةࣰ كَثِیرَةَۢ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ مَعَ ٱلصَّـٰبِرِینَ }. ونحن في اليمن شاهدنا ذلك ولمسناه تحت قيادة السيد القائد عبدالملك الحوثي، وبفئتنا القليلة هزمنا فئات كثيرة من التحالف العربي والأوروبي البحري، وفي الأخير الأمريكي بقيادة ترامب. وكل تلك المعارك ما هي إلا معارك مبدئية لتجهيزنا للمعركة الفاصلة التي سنذوق فيها “النصر المطلق” بإذن الله سبحانه وتعالى. والمعركة نراها قريبة، وتحركات الأعداء مكشوفة، وتحشيدهم للمرتزقة والأعراب والدول الكبرى، فكلما كان تحشيدهم أكبر كلما كان النصر المطلق أقرب. ليأتي “النصر المطلق” على هذه الهيئة لطالوت والذين معه:

{ فَهَزَمُوهُم بِإِذۡنِ ٱللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُۥدُ جَالُوتَ } [سُورَةُ البَقَرَةِ: ٢٥١]

ومن خلال كل ذلك، وغيرها من القصص والأحداث التاريخية، نعلم أن الطغاة هم من يحققون “النصر المطلق” عند حشد كل قواتهم، ووصولهم إلى أوج طغيانهم، وسعيهم إلى إبادة الفئة الأخرى المستضعفة قليلة العتاد والعدة، فهم يحققون “النصر المطلق” ليس لهم، بل للمستضعفين، ويحققون الهزيمة والفناء للطغاة وجيوشهم.

وفي الأخير، يخطر في عقل القارئ السؤال: كيف ستكون هيئة “النصر المطلق”؟

مقالات مشابهة

  • محمد عبود: تل أبيب انزعجت من برنامج على مسئوليتي بسبب فضح المخطط الإسرائيلي الإخواني.. فيديو
  • الصحفي الشجاع الذي أقلق إسرائيل
  • التصعيد اليمني .. مواجهة مع خطوط الإمداد الإقليمية لـ “إسرائيل”
  • نتنياهو على بُعد خطوات من تحقيق النصر المطلق
  • بنك الشرق اليمني للتمويل الأصغر الإسلامي: ريادة مصرفية تُعيد رسم الخريطة المالية في اليمن
  • اليمن في عيون العالم .. كيف ينظر العرب والغرب إلى الموقف اليمني من غزة وفلسطين؟
  • الصواريخ الصامتة سلاح بعيد المدى غيّر موازين القتال الجوي
  • البطاقة الجديدة التي تفرضها حكومة المرتزقة.. تهديد للأمن القومي وتكريس للانفصال:صنعاء تؤكد رفضها لإجراءات حكومة المرتزقة الاحادية وتطالب المجتمع الدولي بالقيام بدوره في حماية وحدة اليمن واستقراره
  • مصدر مسؤول في الحكومة السورية عن مؤتمر قسد: إذ تستعيد هذه الخطوة نهج المؤتمرات التي سعت لتقسيم سوريا قبل الاستقلال فإن الحكومة السورية تؤكد أن الشعب السوري الذي أفشل تلك المخططات وأقام دولة الاستقلال سيُفشل اليوم هذه المشاريع مجدداً ماضياً بثقة نحو بناء ا
  • مصدر مسؤول في الحكومة السورية عن مؤتمر قسد: هذا المؤتمر خرق للاستحقاقات التي باشرت الحكومة السورية في تنفيذها بما في ذلك تشكيل هيئة العدالة الانتقالية وبدء أعمالها، ومسار الحوار الوطني الذي أطلقته الحكومة السورية في شباط الماضي والمستمر حتى إيصال البلاد إ