قال الدكتور عصام الروبي، الداعية الإسلامي، أحد علماء الأزهر الشريف، إنَّ الله – عز وجل – أسلم له من في السموات والأرض طوعا وكرها، إلا الإنسان جعله الله بحكمته وقدره مخيرا لا مسيرا، موضحا: «الإنسان مخير مسألة لا ينكرها أحد».

الروبي: الإنسان المؤمن على يقين من هذا الأمر

وأضاف «الروبي»، خلال تقديمه إحدى حلقات برنامج «آيات بينات» المُذاع على شاشة «قناة الناس»، أنَّ الإنسان المؤمن على يقين بأن الله – عز وجل - خلق الكون كله لعبادته وذكره وجعله مسخرا لعبادته وطاعته، إلا الإنسان جعله الله مخيرا ومنحه العقل، مستشهدا بقوله سبحانه: «إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا»، «وهديناه النجدين»، «وقل الحق من ربكم فمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ».

الإنسان مخير ومنحه الله أمانة العقل

وتابع عالم الأزهر الشريف، أن من بين الآيات التي تدل على أن الإنسان خلقه الله – عز وجل – مخيرا ومنحه العقل الأمانة التي بها يختار، قوله تعالى «لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ»، «وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ»، «إن عليك إلا البلاغ»، «إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: القضاء القدر الاختيار

إقرأ أيضاً:

مقدمة في الفقه الأخلاقي

«نظرية أصول الفقه».. قامت على البيان؛ على حد عبارة محمد بن عابد الجابري (ت:2010م)، أي أن الأحكام الفقهية تستنبط من خلال الدلالة اللغوية؛ بالمقام الأول، والفقهاء بين مُوسِّع ومُضيِّق في ذلك، بين مَن يعلل الأحكام ويأخذ بالمقاصد، ومَن يمنع التعليل ويأخذ بظاهر النص، والجميع متفق على الانطلاق من البُعد اللغوي. هذا؛ بالإضافة إلى اجتزاء الأدلة، وتعميم المجتزأ على الاستنباط في الأحكام بقواعد وضعوها، مثل: «العبرة بعموم اللفظ، لا بخصوص السبب»، وهي قواعد لها وعليها في الاستنباط، بيد أنها تحتاج أن يُعاد النظر فيها في إطار «الرؤية الكلية للقرآن».

من أخطر ما في النظرية الأصولية هو «لغة الشدة»، التي ورثتها من الصراع بين المسلمين في الصدر الأول للإسلام، التي انعكست على الأحكام الصادرة عنها، إلى درجة التفسيق والتضليل في مسائل فرعية تفتقد لديهم إلى الدليل القاطع، فضلا عن تكفير المذاهب الإسلامية لبعضها البعض في مسائل الفروع وقضايا سياسية واجتماعية.

المقال.. يدعو لمبدأ ينبغي أن يصدر عنه الفقه، في إطار «نظرية معرفية جديدة» على مفكري الإسلام إنشاؤها، وهو «المبدأ الأخلاقي»، ولا أقصد به المواعظ التي يسديها الواعظ للناس، كالحث على الصدق والأمانة والوفاء، والتحذير من الظلم والكذب والنفاق، ولا الحِكَم الأخلاقية المستخرجة من الآيات ومعاني العبادات، فهذا أمر متقرر بالأساس، وإنما أقصد المنزع الأخلاقي الذي يجب أن تصدر عنه الأحكام الفقهية. فـ«الفقه الأخلاقي» لا يضع البيان اللغوي في مقدمة شروط استنباط الأحكام، وإن كان لا يهمل اللغة، ويضعها في موضعها، وإنما يقدم المبدأ الأخلاقي على البيان اللغوي، ويقدمه كذلك على الدلالات القريبة وزمن النزول، ابتغاء المقاصد العليا التي ترنو إليها الشريعة. فالمبدأ الأخلاقي.. يأتي ملازما للإيمان بالله في الاستنباط الفقهي، بكون الله هو خالق الإنسان ومنزل الشرائع، فلا يصدر الحكم إلا بإحِكامه أخلاقيا.

وعلى هذا الأساس.. يرتكز «الفقه الأخلاقي» على عنصرين قرآنيين: الآيات المحكمات، والأخلاق الفاضلة. ففي الآيات المحكمات يقول الله: (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ) «آل عمران:7». وفي الأخلاق؛ فإن الله بعث نبيه محمداً، وجعل سَمْتَه الأخلاق: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) «القلم:4». وإذا كانت الآيات المحكمات؛ قد بدأ بعض الفقهاء المعاصرين الأخذ بها، وتفعيلها في استنباطهم الأحكام، فإن عنصر الأخلاق تركّز في استخراج الحِكَم والمواعظ، ولذا؛ فإن هذا الطرح يدعو إلى تأسيس الفقه على هذين العنصرين معا، فالقرآن بـ«رؤيته الكلية» يستدعي النظر فيه كله لاستنباط الحكم الشرعي.

ولأن المقال صُمِّم للحديث عن «المبدأ الأخلاقي»؛ فإنه يركّز على الرؤية الأخلاقية للقرآن، ولأن الإنسان هو المعني بالأحكام الفقهية؛ فهذه أهم العناصر الأخلاقية التي تقوّم سلوكه وتبني مجتمعه الفاضل بحسبما أسس لها القرآن:

- الأخلاق الإلهية.. الله خالق الإنسان ومنزل القرآن، فهو المرجع الأعلى للأحكام الصادرة عن تنزيله، فلابد من الرجوع أولا إلى الأخلاق الإلهية، وأقصد بها «الصفات» التي تجلى الله بها لخلقه في القرآن، وهي الأسماء الحسنى: (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا) «الأعراف:180»، و«الحُسنى» من الإحسان، والإحسان.. مشتق من الحُسن ضد القبح، فالإحسان.. هو وضع الشيء في موضعه بإحكام على أكمل حال وأجمل صورة، ومنه: (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) «التين:4». وكثير من آيات الأحكام ختمت بـ«أسماء الله الحسنى» كالغفور والرحيم والعزيز، وكل هذه الأسماء ذات دلالات أخلاقية عالية، ومنها: الجبار والمتكبر والمنتقم، التي لا تنصرف إلا على الظالمين والطغاة والمتكبرين على خلق الله؛ المفسدين في الأرض. ويكفي دلالةً على التأسيس الأخلاقي للإسلام أن سور القرآن تبتدئ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وذروة أمر الله قوله: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) «النحل:90».

- الكمال الأخلاقي لخاتم الرسالة.. فالله وصف نبيه محمداً بقوله: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) «القلم:4»، وهو غاية الوصف وذروة سجايا النفس. أرسله الله رحمة للناس قاطبة: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) «الأنبياء:107»، وأخلاق النبي التي ذكرها الله عديدة؛ منها ما ذكرها في قوله: (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ) «الأعراف:157». إن كان القرآن نزل على النبي «صاحب الخُلُق الكامل»؛ فإن من يَرِد شريعته؛ لا يمكن أن يستقي منها دون أن يلحظ العمق الأخلاقي فيها، وأن يكرع في استنباطه الأخلاقَ الحميدة من هذه الشريعة.

- البُنية الأخلاقية للقرآنية.. جاء القرآن مشبعاً بالأخلاق في أحكامه: (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) «الإسراء:9»، وأقوم شيء في الإنسان بعد الإيمان بالله هو الأخلاق، وهي أصل لكل عمل صالح: (وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى) «الكهف:88»، وكثيرا ما قرن القرآن العمل الصالح مع الإيمان؛ بكونه سبيلا للنجاة عند الله. وتتويجا للأخلاق.. فإن الله أنزل القرآن للعمل بقيمة التدبر والتعقل؛ وهي من أعظم قيم الكرامة الإنسانية: (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ) «ص:29».

- دين يسر.. جاء الإسلام بملة إبراهيم ديناً حنيفاً سمحاً لا حرج فيه: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ) «الأنبياء:78». فأحكام الشرع.. تبنى على اليسر ورفع الحرج عن الناس، فمثلاً؛ يقول الله.. في الوضوء: (مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) «المائدة:6»، وفي القتال: (لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) «التوبة:91». ورَفَع الله الحرج عن ذوي الحاجة في الأكل من بيوت المؤمنين: (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ...) «النور:61».

إن أحكام القرآن كلها ذات منزع أخلاقي، وهذه بعض الأمثلة التي تتعلق بقضايا عظيمة في الشريعة:

- عفة اللسان؛ وإن كان في مقام الرد على المشركين: (وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (108) «الأنعام:108».

- عدم الاعتداء؛ وإنْ كان في أتون القتال؛ الذي يجيش فيه الغضب، وينحسر منه التعقل: (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) «البقرة:190».

- التحلي بالعفو والصفح؛ وإنْ تعرّض المسلم إلى التشكيك في دينه: (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) «البقرة:109».

- عدم نسيان الفضل بين الناس، وإنْ وصل الأمر بينهم إلى الفراق، كما هو الحال في الطلاق: (وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) «البقرة:237».

ختاماً.. إن البناء المعماري للأحكام الفقهية؛ ينبغي أن يتركب على قاعدة الأخلاق، ومن الأخلاق مراعاة الفقيه تغيّر الزمان والمكان، وعدم مراعاتهما يوقع الإنسان في الحرج والمشقة، وصدق الله حينما قال لنبيه: (مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى) «طه:2»، إنه المقصد الأعلى لدين الرحمة.

مقالات مشابهة

  • رئيس نادي البنك الأهلي يحسم الجدل حول التعاقد مع نجم الزمالك
  • مقدمة في الفقه الأخلاقي
  • “صيام الماء”.. أحدث صيحات خسارة الوزن تثير الجدل في عالم التغذية
  • مفيش عروض.. البنك الأهلي يحسم الجدل بشأن أسامة فيصل
  • بوكيتينو يحسم الجدل: لا تواصل مع برينتفورد.. وتوتنهام دائمًا في القلب
  • جثة مجهولة في جبل الوحش.. بيان وكيل الجمهورية يحسم الجدل
  • شيكابالا وقرار الاعتزال.. الزمالك يحسم الجدل!
  • شاهد بالفيديو.. “طليق” الفنانة فهيمة عبد الله يكشف حقيقة زواجه من المطربة شهد أزهري
  • وزير المالية يحسم الجدل بشأن ارتفاع أسعار المواد البترولية بعد فرض ضريبة على البترول
  • الأهلي يحسم الجدل حول مستقبل “زيزو”: اللاعب مستمر مع الفريق