المقاومة ترفع تكلفة عربات جدعون والاحتلال يمهّد للانسحاب
تاريخ النشر: 1st, July 2025 GMT
غزة- ارتفعت الخسائر التي تكبدها الجيش الإسرائيلي مؤخرا خلال المعارك المحتدمة مع المقاومة الفلسطينية داخل قطاع غزة، ليسجل أكبر عدد قتلى في صفوفه منذ عدة أشهر.
وقُتل 20 جنديا خلال الأسبوع الأخير فقط، حسبما كشفت عنه القناة الـ12 العبرية، مما زاد من حدة الانتقادات الموجهة للحكومة الإسرائيلية، واتهامها بمواصلة الحرب من دون وجود خطة واضحة للتعامل مع القطاع.
وبعد مرور 45 يوما على انطلاق عملية "عربات جدعون"، قال جيش الاحتلال للمستوى السياسي إنه يقترب من استنفاد مرحلة العمليات في القطاع، وإن استمرار القتال يعرّض حياة الجنود الأسرى للخطر، فهل يشكل ذلك ضغطا على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة، لدفعه للتوصل إلى وقف إطلاق النار؟
انتقادات إسرائيلية
ترى أوساط سياسية وأمنية إسرائيلية أن العمليات العسكرية في غزة استنفدت أهدافها، وذلك بعد مرور أكثر من 21 شهرا على الحرب، وهو ما دفع عضو الكنيست عن حزب الليكود عميت هاليفي للقول إن "عربات جدعون" لم تحقق شيئا من أهدافها، وإن الخطط العسكرية التي وضعها رئيس الأركان إيال زامير لا تعكس فهما لكيفية القتال ضد "حرب العصابات"، لأن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) لا تزال تسيطر سيطرة كاملة على معظم الأراضي والموارد والسكان.
وسألت مراسلة القناة الـ12 العبرية دانييلا فايس وزير الحرب يسرائيل كاتس: "ما الهدف من الحرب على غزة؟ متى ستقولون: إلى هنا وكفى؟ ما الذي نفعله اليوم بشكل مختلف عما قمنا به في الماضي؟".
وأجاب كاتس: "إن هذه الحرب الأطول في تاريخ إسرائيل، ولن تكون بلا نهاية، وسيتم الانتهاء منها إذا تحققت الظروف المواتية، ومنها استعادة الأسرى والاتفاق على اليوم التالي".
من جانبه، دعا زعيم حزب معسكر الدولة بيني غانتس إلى ضرورة التوصل لاتفاق يضمن إعادة جميع المحتجزين مرة واحدة من غزة مهما كلّف ذلك، حتى لو كان وقفا طويلا لإطلاق النار.
إعلانويعتقد الكاتب في صحيفة معاريف، آفي أشكنازي، أن كل المهام العسكرية انتهت فعليا في غزة، والرغبة في الاستمرار بالقتال، وإطالة العملية أمر غير ضروري، ويعرّض الجنود للخطر.
وعزز تلك الانتقادات ما بثته فصائل المقاومة الفلسطينية مؤخرا من مقاطع فيديو مصورة لوقوع جيش الاحتلال في كمائن محكمة، ومن أبرزها مقتل 7 جنود من سلاح الهندسة داخل ناقلة جند في خان يونس الأسبوع الماضي، حيث فشلت الجهود لإنقاذهم بعد اشتعال الناقلة بفعل عبوة ناسفة.
تقدم بطيء
ويبدو أن الجيش الإسرائيلي يتجه نحو إنهاء عملياته في قطاع غزة، بعدما أبلغ المستوى السياسي أنه يسيطر على 60% من غزة، وسيسيطر خلال أسبوعين إلى 3 أسابيع على 80%، لكنه حذر من أن ما بعد ذلك سيشكل خطرا على سلامة الأسرى، وطلب من المجلس الوزاري المصغر "الكابينت" اتخاذ قرار بمستقبل الحرب على غزة.
في هذا الإطار، قال الكاتب والمحلل السياسي وسام عفيفة إنه أمام التقدم البطيء والحذِر لجيش الاحتلال، تبدو عربات "نمر" و"إيتان" و"بوما"، التي شكلت عماد عمليات "عربات جدعون" في غزة، وكأنها تتحول إلى فريسة متنقلة في مرمى المقاومة، لا سيما بعد تكثيف عمليات الاستهداف بالقذائف الموجهة والعبوات شديدة الانفجار في مناطق الزنة والسطر الغربي بخان يونس، وشرق مدينة غزة، وجباليا في شمالي القطاع.
وأكد عفيفة -للجزيرة نت- أن المقاومة الفلسطينية سجلت تقدما ملحوظا في تكتيك "اصطياد العربات" وإيقاع الجنود في كمائن نارية، وهو ما دفع الاحتلال إلى استدعاء سلاح الجو لتغطية انسحابات مدرعاته من بعض المحاور.
وأجبرت الأثمان البشرية والمادية المتزايدة -وفقا له- قادة الجيش للحديث على استحياء عن اقتراب نهاية العمليات البرية في القطاع، في محاولة لتهيئة الرأي العام الإسرائيلي لتراجع ميداني لا يمكن تبريره عسكريا.
وحسب عفيفة، فإن حديث جيش الاحتلال عن قرب انتهاء المهمة في القطاع يبدو أقرب إلى خشية من غرق عربات جدعون في وحل غزة، أو إنه تمهيد للانسحاب تحت غطاء تحقيق أهداف تكتيكية، خصوصا مع تصاعد الأصوات داخل المؤسسة الأمنية بضرورة إنهاء الحرب.
ولا يستبعد الكاتب والمحلل السياسي أن يشكّل هذا المسار العسكري ضغطا إضافيا يُسرّع في الوصول إلى وقف إطلاق نار، حتى لو جزئيا، خصوصا مع تحرك الوسطاء وتجدد الحراك الأميركي خلال الأسابيع الأخيرة.
كابوس مُكلف
يُذكر أن الجيش الإسرائيلي أعلن، يوم 16 مايو/أيار الماضي، توسيع عمليته العسكرية في غزة، وبدء شن ضربات واسعة ضمن ما سماها "حملة عربات جدعون". وقال حينها إن عمليته تمر بـ3 مراحل:
الأولى: توسيع الحرب. الثانية: عملية جوية وبرية بهدف نقل معظم السكان إلى رفح جنوبي قطاع غزة. الثالثة: دخول قوات عسكرية برا لاحتلال أجزاء واسعة من غزة بشكل تدريجي، والإعداد لوجود عسكري طويل الأمد في القطاع بهدف القضاء على حركة حماس، والعمل على هدم أنفاقها بشكل كامل.يقرأ الباحث في الشأن العسكري والأمني رامي أبو زبيدة حديث الجيش الإسرائيلي عن أن مهمته في غزة أوشكت على الانتهاء، بأنه يفتح المجال أمام الوصول إلى اتفاق جديد لوقف إطلاق النار.
إعلانواستدرك -في حديثه للجزيرة نت- قائلا: "لكن الجيش لا يمارس ضغطا حقيقيا على رئيس الحكومة لوقف الحرب، ويحيل رؤيته للمستوى السياسي لاتخاذ القرار النهائي، خاصة أن نتنياهو لديه القدرة على تطويع المؤسسة العسكرية لصالح توجهاته السياسية".
ويلمس الباحث في الشأن العسكري قناعة متزايدة لدى الجيش الإسرائيلي وقيادته الميدانية بعدم وجود حل عسكري شامل في قطاع غزة، لا سيما أنه استنفد الأهداف العملياتية الأساسية، ويتعرض لضربات قاسية، وحملة استنزاف في صفوفه. ويشير إلى أن الجيش يرفض التورط باحتلال شامل للقطاع ويعتبر ذلك كابوسا مكلفا وخطيرا، وهو ما تؤكده المعلومات الميدانية.
يُشار إلى أن جيش الاحتلال اعترف رسميا بمقتل 880 في صفوفه منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، من بينهم 438 جنديا منذ بدء عملياته البرية، و30 جنديا منذ استئناف الحرب على قطاع غزة في 19 مارس/آذار الماضي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الجیش الإسرائیلی جیش الاحتلال عربات جدعون فی القطاع قطاع غزة فی غزة
إقرأ أيضاً:
إسرائيل لا تنتصر.. بل تغرق في وحل غزة
◄ "معاريف": الحرب في غزة أثبتت الفشل المدوّي لحكومة نتنياهو
◄ عضو بالكنيست: لا أفهم لماذا نُقاتل حتى الآن والجنود يقتلون كل يوم
◄ إسرائيل استخدمت أحدث وسائل القتل والتدمير وعجزت عن إعلان النصر
◄ العمليات النوعية المتواصلة للمقاومة تزيد من إجمالي قتلى الاحتلال
◄ تطوير التكتيكات العسكرية للمقاومة ينجح في زيادة الخسائر الإسرائيلية
الرؤية- غرفة الأخبار
دائماً ما يصرّح رئيس وزراء حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن ضرورة تحقيق "النصر المُطلق" في قطاع غزة، إلا أنه وعلى مدار قرابة العامين، فشلت إسرائيل في تحقيق هذا الهدف رغم الدمار الكبير والإبادة الجماعية التي يتعرض لها الفلسطينيون في القطاع.
وطوال هذه المدة، استعانت إسرائيل في حربها على غزة بأحدث وسائل القتل والتدمير ضد فصائل المقاومة ذات الإمكانات المحدودة مقارنة بغيرها من الجيوش والتنظيمات التي حاربتها إسرائيل، ومع ذلك بقي جيش الاحتلال عاجزا عن إعلان النصر أو استعادة الأسرى.
كما يستخدم الجيش مئات الطائرات المقاتلة والسفن الحربية والمدرعات، وأحدث التقنيات التكنولوجية، بما فيها الذكاء الاصطناعي، وحصل على أسلحة جديدة وذخائر وعتاد من الولايات المتحدة وحدها بمقدار 6.5 مليار دولار، ودمَّر 85 في المائة من الأبنية في قطاع غزة، وقتل أكثر من 56 ألف فلسطيني، ثلثاهم من الأطفال والنساء والمسنين (وهناك 938 فلسطينياً قُتلوا في الضفة الغربية)، وأصاب نحو 200 ألف بجراح، وقام بتهجير نحو مليوني فلسطيني من بيوتهم، مرات عدة، بعضهم تم ترحيله من مكان لآخر 12 مرة، واعتقل نحو 10 آلاف فلسطيني. ومع هذا، فإنَّ جيش الاحتلال عالق في غزة.
وفي ظل كل هذه المعطيات، يواجه جيش الاحتلال مقاومة شرسة أسفرت عن سقوط مئات القتلى والمصابين العسكريين، ولا تزال فصائل المقاومة تحتفظ بالأسرى، دون أن تتمكن إسرائيل من تحريرهم بالضغط العسكري.
ولقد نشر المراسل العسكري لصحيفة "معاريف" آفي أشكنازي، مقالا بعنوان: "في غزة، إسرائيل لا تنتصر، هي تغرق في الوحل"، أشار فيه إلى أنه على مدار أكثر من 600 يوم، قتل 1905 من الإسرائيليين، إلى جانب أسر العشرات.
وأضاف: "إدارة الحرب في غزة هي فشل مدوٍ لحكومة إسرائيل، ورئيسها بنيامين نتنياهو".
وعدّد المقال أسباب فشل جيش الاحتلال في غزة، والتي من بينها: تحديد أهداف وهمية للحرب لا يمكن تحقيقها مثل القضاء على حماس، وترحيل أهل غزة إلى دول أخرى، وعدم جاهزية الجنود الإسرائيليين للمعركة، إلى جانب تآكل العتاد في الجيش الإسرائيلي، إلى جانب تطوير فصائل المقاومة من تكتيكاتها العسكري وتنفيذ عمليات توقع قتلى عسكريين إسرائيليين في مواقع مختلفة من القطاع.
وتأكيداً على هذا الفشل، قال رئيس لجنة المالية في الكنيست موشيه غفني، أحد أبرز قادة الائتلاف الحكومي، تعقيباً على قتل 7 جنود إسرائيليين في غزة نهاية الأسبوع الماضي: "أنا لا أفهم حتى هذه اللحظة على ماذا نقاتل ولأي حاجة، ما الذي نفعله هناك حين يُقتَل جنودٌ كل الوقت".
ووفقا لذلك، فإنَّ استمرار الحرب في قطاع غزة لم يعد له أي أهداف سوى أن يضمن نتنياهو استمراره في السلطة، وألا يحاكم بأيِّ تهم، خاصة وأن استطلاعات الرأي التي نُشرت خلال الحرب منذ أكتوبر 2023، تشير إلى أنَّه في حال إجراء الانتخابات ستخسر أحزاب الائتلاف الحكومي ثلث قوتها وتسقط.