دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)--  تختفي أسرار مدفونة في الرمال على الحافة الشمالية لصحراء الربع الخالي الشاسعة، التي تبلغ مساحتها 650 ألف كيلومتر مربع.

ورغم أن هذه الصحراء المليئة بأمواج الكثبان الرملية تُعتبر فارغة بالنسبة لغالبية الأشخاص، إلا أنها ليست كذلك بالنسبة للذكاء الاصطناعي.

وطوّر باحثون في جامعة خليفة بالعاصمة الإماراتية أبوظبي حلاً عالي التقنية للبحث عن مواقع أثرية محتملة في المناطق القاحلة الضخمة.

تقليديًا، استخدم علماء الآثار المسوحات الأرضية للكشف عن المواقع المهمة المحتملة، ولكن قد يستغرق ذلك وقتًا طويلاً، كما يصعب القيام بذلك وسط التضاريس القاسية مثل الصحاري.

وفي الأعوام الأخيرة، اكتسب الاستشعار عن بُعد باستخدام صور الأقمار الصناعية البصرية، من منصات مثل "Google Earth"، شعبيةً فيما يتعلق بالبحث عن سمات غير عادية في المساحات الشاسعة.

لكن في الصحراء، غالبًا ما تحجب العواصف الرملية والغبار اليابسة في هذه الصور، كما يمكن لأنماط الكثبان الرملية أن تُصعِّب من اكتشاف المواقع المحتملة.

صورة من القطاع الأوسط من موقع "ساروق الحديد" الأثري في الإمارات العربية المتحدة. وتُظهر الطبقة السطحية الداكنة مادة خبث النحاس التي تُميز الموقع عن الطبيعة الصحراوية المحيطة به.Credit: Weeks et al., 2019

وقالت عالمة الغلاف الجوي وواحدة من الباحثين الرئيسيين في المشروع، ديانا فرانسيس: "لقد كنا بحاجة إلى شيء يرشدنا، ويجعل بحثنا مركّزًا"،

وابتكر الفريق خوارزمية تعلم آلي لتحليل الصور التي تم جمعها بواسطة رادار الفتحة التركيبية (SAR)، وهي تقنية تصوير بالأقمار الصناعية تستخدم الموجات الراديوية للكشف عن الأشياء المخفية تحت الأسطح، بما في ذلك النباتات، والرمال، والتربة، والجليد.

ولا تُعد أي من التقنيتين جديدتين، فقد سبق أن استُخدِمت صور رادار الفتحة التركيبية منذ ثمانينيات القرن العشرين، واكتَسب التعلم الآلي زخمًا في علم الآثار.

وأشارت فرانسيس إلى أنّ استخدام الاثنين معًا أمر جديد، إذ برأيها أن هذا هو أول تطبيق في مجال علم الآثار.

ودرّبت فرانسيس الخوارزمية باستخدام بيانات من موقع معروف بالفعل لعلماء الآثار ، أي "ساروق الحديد"، وهو عبارة عن مستوطنة تُشير أدلتها على وجود نشاط دام لـ5 آلاف عام فيها، ولا تزال أسرارها تُكتشف في الصحراء خارج دبي.

وأوضحت فرانسيس أنه "بمجرد تدريبها، أعطتنا مؤشرًا على مناطق محتملة أخرى (قريبة) لم يتم التنقيب عنها بعد".

وأضافت أنّ مستوى دقة التكنولوجيا يصل إلى 50 سنتيمترًا، ويمكنها إنشاء نماذج ثلاثية الأبعاد للهيكل المتوقع، ما سيعطي علماء الآثار فكرة أفضل عما هو مدفون في الأسفل.

وبالتعاون مع منظمة "دبي للثقافة" الحكومية التي تدير الموقع، أجرت فرانسيس وفريقها مسحًا أرضيًا باستخدام رادار اختراق الأرض "كرّر ما قاسه القمر الصناعي من الفضاء" بحسبما ذكرت.

والآن، تخطط "دبي للثقافة" التنقيب في المناطق التي رُصِدت حديثًا، وتأمل فرانسيس أن تتمكن هذه التقنية من الكشف عن المزيد من الكنوز الأثرية المدفونة في المستقبل.

تسريع العمل "الرتيب" صورة لموقع "ساروق الحديد" التُقِطت عبر الأقمار الصناعية. Credit: Khalifa University/Ben Romdhane et al., 2023

لا يُعد استخدام صور رادار الفتحة التركيبية أمرًا شائعًا في علم الآثار نظرًا للكلفة ومستوى التعقيد.

ولكن استخدام هذه التقنية لتحديد المواقع المدفونة "مثير حقًا"، كما قالت طالبة الدكتوراه في معهد "ماكس بلانك" لعلم الإنسان الجيولوجي، إيمي هاتون، والتي تجري أبحاثًا في نماذج التعلم العميق للكشف عن الهياكل الأثرية في شمال غرب المملكة العربية السعودية.

وأفادت هاتون أنّه باستخدام صور رادار الفتحة التركيبية، التي تتغلب على مشكلة تشتت الضوء بسبب جزيئات الغبار، تمكنت فرانسيس وفريقها من حل التفاصيل الفنية التي تجعل الاستشعار عن بُعد أمرًا صعبًا في المناطق الصحراوية.

وليست جامعة خليفة وحدها عندما يأتي الأمر لاستخدام الذكاء الاصطناعي للكشف عن المواقع المحتملة.

وتستخدم أمينة جامباجانستسان، وهي طالبة دكتوراه أخرى في معهد "ماكس بلانك"، التعلم الآلي لتسريع "المهمة الرتيبة" المتمثلة في تفقد الصور عالية الدقة للطائرات بدون طيار والأقمار الصناعية  بحثًا عن المواقع المهمة المحتملة. 

وكشف مشروعها، الذي يركز على مواقع الدفن بالعصور الوسطى في منغوليا، وهي دولة تبلغ مساحتها أكثر من 1.56 مليون كيلومتر مربع، عن آلاف المواقع المحتملة.

وقالت جامباجانستسان إنّها لم تكن ستتمكن من العثور عليها قط مع فريقها في حال البحث عنها على اليابسة.

وذكرت جامباجانستسان أنّه في حين أنّ التكلفة والمتطلبات الحسابية لصور رادار الفتحة التركيبية قد تشكل عائقًا أمام استخدامها للكثير من الباحثين، إلا أنّها طريقة قيمة للمناطق الصحراوية، حيث تكافح التقنيات.

الإنسان ضد الآلة تُظهر هذه الصورة المُلتقطة بالقمر الصناعي الحفريات السابقة والمستمرة (في الدوائر الصفراء)، والمناطق التي تنبأ الذكاء الاصطناعي بوجود هياكل مدفونة محتملة فيها (في الدائرة الحمراء).Credit: Khalifa University/Ben Romdhane et al., 2023

يجد التعلم الآلي المزيد من التطبيقات في مجال علم الآثار، ولكن لا يشعر جميع الباحثين بالحماس تجاهه.

وأوضح محاضر علم الآثار في جامعة "سيدني"، والمدير المشارك لمشروع تنقيب  في العُلا بالسعودية هيو توماس أنه "يتواجد نظامان اعتقاديان كل منهما مختلف عن الآخر". 

المصدر: CNN Arabic

كلمات دلالية: آثار أبوظبي تقنية وتكنولوجيا دبي علم الآثار للکشف عن التی ت

إقرأ أيضاً:

تقرير جديد: الذكاء الاصطناعي لا يحل محل العلاقات الإنسانية

رغم الانتشار الواسع للحديث عن لجوء الناس إلى روبوتات الذكاء الاصطناعي كـ رفقاء أو مصادر للدعم العاطفي يكشف تقرير حديث من شركة أنثروبيك Anthropic، المطورة للمساعد الذكي الشهير Claude، أن هذا السلوك نادر الحدوث في الواقع.

وبحسب التقرير، لم تتجاوز نسبة محادثات الذكاء الاصطناعي التي طلب فيها المستخدمون دعما عاطفيا أو نصائح شخصية من Claude 2.9% فقط من إجمالي المحادثات، أما محادثات التمثيل والتقمص الوجداني أو طلب الرفقة، فكانت أقل من 0.5%.

لا تتفاجأ إن نسيت ما كتبته بـChatGPT.. الذكاء الاصطناعي قد يسرق قدرتك على التفكيردراسة صادمة.. نماذج الذكاء الاصطناعي يمكنها الكذب وابتزاز المستخدمينالغالبية تستخدم Claude لأغراض العمل والإنتاجية

حللت الشركة أكثر من 4.5 مليون محادثة من مستخدمي النسختين المجانية والمدفوعة من Claude، ووجدت أن الاستخدام الأكثر شيوعا للروبوت يتمحور حول المهام المتعلقة بإنشاء المحتوى والعمل، وليس العلاقات الشخصية.

ومع ذلك، لاحظت “أنثروبيك” أن بعض المستخدمين يلجؤون إلى Claude للحصول على نصائح في الصحة النفسية، والتطوير الشخصي والمهني، وتحسين مهارات التواصل. 

وفي بعض الحالات، تتطور هذه المحادثات إلى طلب نوع من الرفقة أو الدعم الوجداني، خاصة لدى الأشخاص الذين يعانون من وحدة عاطفية أو ضغوط نفسية.
 

روبوت ليس بديلا للعلاقات البشرية


أشارت الشركة إلى أن المحادثات الطويلة التي تتجاوز 50 رسالة، قد تبدأ في سياق الإرشاد أو التدريب، لكنها تتحول تدريجيا إلى بحث عن رفقة عاطفية، ومع ذلك، هذه الحالات ليست هي السائدة.

وأكدت أنثروبيك أن روبوتها نادرا ما يرفض طلبات المستخدمين، إلا في حال تعارضها مع معايير السلامة، مثل تقديم نصائح ضارة أو تشجيع على إيذاء النفس. 

ولفتت إلى أن طبيعة المحادثات تصبح أكثر إيجابية بمرور الوقت، خاصة في الجلسات التي يطلب فيها دعم نفسي أو توجيه شخصي.

ورغم الاستخدامات المتعددة التي تسجل يوما بعد آخر، شددت الشركة على أن روبوتات الذكاء الاصطناعي لا تزال تخضع للتطوير، فهي عرضة للأخطاء، وقد تقدم معلومات غير دقيقة أو حتى ضارة أحيانا، بل إن أنثروبيك نفسها اعترفت سابقا بإمكانية انحراف الروبوتات نحو سلوكيات غير متوقعة مثل الابتزاز في حالات نادرة.

طباعة شارك الذكاء الاصطناعي Claude روبوتات الذكاء الاصطناعي

مقالات مشابهة

  • قائد شرطة عجمان يطلق منصة الذكاء الاصطناعي «AJP AI»
  • الذكاء الاصطناعي يتفوق في المجال الطبي
  • هواوي تعزّز إتاحة تعلّم الذكاء الاصطناعي مجانًا في مصر
  • سلوك نماذج الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الخبراء
  • تحذير صارم: الذكاء الاصطناعي ينشر معلومات طبية مضللة
  • تقرير جديد: الذكاء الاصطناعي لا يحل محل العلاقات الإنسانية
  • 92 ألف سنة مقابل بضع سنوات.. حين يهزم الطفل الذكاء الاصطناعي في اللغة
  • الذكاء الاصطناعي يحلّل تخطيط صدى القلب خلال دقائق
  • هجوم بمسيّرات انتحارية يستهدف قواعد عسكرية عراقية
  • فرنسا تعرض قطعاً أثرية يمنية نادرة في مزاد علني ومطالبات يمنية باستعادتها