تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

خلال المؤتمر الصحفي الموسع الذي عقدته مع صحفيي الوزرة وممثلي وسائل الإعلام، كشفت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، عن نتائج البرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية، الذي تم تنفيذه على مدار نحو عام بالتعاون مع الشركاء الدوليين، والجهات الوطنية المعنية، بهدف دعم جهود الدولة لتحفيز مشاركة القطاع الخاص في جهود التنمية، وإفساح المجال للاستثمارات المحلية والأجنبية، لتحقيق استقرار الاقتصاد الكلي، ودفع النمو النمو الاقتصادي المُستدام.

وتسعى الحكومة في إطار برنامجها الجديد، على زيادة نسبة مُشاركة القطاع الخاص في الأنشطة الاقتصادية، باعتباره محركًا رئيسيًا للنمو، من أجل استعادة التعافي الاقتصادي، ولذا فقد قامت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، بتنفيذ برنامج تمويل سياسات التنمية، مع عدد من الشركاء الدوليين، والذي يتم في إطار توفير تمويلات لدعم الموازنة، من أجل مساندة تنفيذ الإصلاحات الهيكلية بالتعاون مع مختلف الجهات الوطنية.

وأوضحت الدكتورة رانيا المشاط، أن برنامج تمويل سياسات التنمية، ساهم في تنفيذ حزمة من الإصلاحات الهيكلية، على مستوى ثلاثة ركائز رئيسية وهي تعزيز استقرار الاقتصاد الكلي، ودفع القدرة التنافسية للاقتصاد المصري وتحسين بيئة الأعمال، وتعزيز التحول إلى الاقتصاد الأخضر، مضيفة أن ما تم تنفيذه من إصلاحات مُحفزة للقطاع الخاص سينعكس في الأجل القصير على مؤشرات الاقتصاد المصري، والنمو الاقتصادي.

وذكرت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، أن ما تقوم به الحكومة والمجموعة الاقتصادية من إجراءات تتسم بالتكامل والتناغم تستهدف في النهاية تحقيق أهداف برنامجها والوصول إلى اقتصاد تنافسي جاذب للاستثمارات، مشيرة إلى أنه على مدار العام الماضي كثفت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، مع الشركاء الدوليين، بتنسيق مع الجهات الوطنية المعنية، من أجل تسريع وتيرة تنفيذ برنامج تمويل سياسات التنمية، الداعم للإصلاحات الهيكلية، بما يفتح المزيد من الفُرص للقطاع الخاص، ويعزز توجه الدولة نحو استعادة استقرار الاقتصاد الكلي، وتحسين الأداء الاقتصادي.

ونوهت بأن ما تم تنفيذه من إصلاحات هيكلية ينبع من توجه ورؤية واضحة للدولة، لتعزيز تنافسية الاقتصاد، وزيادة مُشاركة القطاع الخاص، وتبني سياسات وبرامج جاذبة للاستثمارات، وتبسيط الأطر التشريعية والتنظيمية، بما يهيئ مناخ الأعمال ليُصبح أكثر جذبًا للاستثمارات المحلية والأجنبية، مشيرة إلى أن تلك الإصلاحات تتكامل مع الإجراءات الأخرى المتعلقة بحوكمة الإنفاق الاستثماري، وتنظيم مُشاركة الدولة في الأنشطة الاقتصادية، بما يؤدي في النهاية إلى نمو اقتصادي وتنمية بقيادة القطاع الخاص.

وأشارت «المشاط»، إلى الدور الحيوي لشُركاء التنمية في تعزيز تلك الإصلاحات، من خلال إتاحة تمويلات دعم الموازنة، سواء من خلال الاتحاد الأوروبي، أو مجموعة البنك الدولي، وبنك التنمية الأفريقي، وغيرهم من الشركاء، لافتة إلى الاستعانة بالتقارير التشخيصية التي تم إعدادها مع الشركاء الدوليين في أوقات سابقة لتوصيف الفُرص والتحديات الاقتصادية في العديد من القطاعات، من بينها تقرير المناخ والتنمية القُطري CCDR، وغيرها من التقارير، مؤكدة أن الوزارة تعمل حاليًا بالتكامل مع الوزارات الأخرى، على الانتهاء من استراتيجية الاستثمار الأجنبي المباشر، واستراتيجية التجارة والصناعة، مع البنك الدولي، بما ينعكس على جهود تشجيع الاستثمارات ودفع التنمية الاقتصادية.

واستكملت حديثها مُشيرة إلى العمل مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، على تقرير التنمية البشرية الجديد لعام 2025، والذي يُسهم في سد فجوات التنمية ودفع جهود التنمية البشرية في مصر، بما يعود بالنفع على المواطن الذي يُعد محور الاهتمام للبرامج التي تنفذها الدولة.

*المحو الأول: تعزيز صمود الاقتصاد الكلي*

 استصدار القانون رقم 2023/159 بإلغاء الإعفاءات الضريبية والإعفاءات من الرسوم لهيئات الدولة فيما يخص الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية، وكذا قيام وزارة المالية باستصدار القرارات رقم 2023/137 ورقم 2023/175 لتفعيل النظام تدريجياً فيما يتعلق بالقواعد والمعايير الخاصة باحتساب ضرائب الأجور والمرتبات. 
 استصدار قرار المتعاملون الرئيسيون بما يشمل القواعد والحوافز لتحسين التنافسية، الشفافية وتعزيز تجارة السوق الثانوي.
 إحالة التعديلات الخاصة بقانون المالية الموحد للبرلمان لتحسين التقارير المالية، وذلك بتضمين الهيئات الاقتصادية في تعريف الحكومة العامة. 
 تطبيق نظام حساب الضريبة على الرواتب إلكترونياً، وتطبيقه على كافة أجور القطاع العام، وتدريجياً على أجور القطاع الخاص.
 تفعيل تعديل قانون المالية العامة لتحديد سقف سنوي لديون الحكومة العامة بما في ذلك السلطات الاقتصادية الـ 59 من خلال إنشاء وحدة مخصصة في وزارة المالية.
 إصدار مبادئ توجيهية عامة بشأن الميزانية من أعلى إلى أسفل والسقوف المرتبطة بها فيما يتعلق بإطار الميزانية متوسط الأجل.
 إعداد مسودة الدليل الإجرائي لموازنة البرامج والأداء بحلول سبتمبر 2024.
 إعداد وثيقة إرشادية للتعميم على الوزارات التنفيذية لتحديد المعايير الجديدة لتقييم مشروعات الاستثمار العام، بحلول سبتمبر 2024.
 تعزيز التحول المستدام، ومواصلة تعزيز شبكة الأمان الاجتماعي، من بين أمور أخرى، من خلال 1) زيادة عدد الأسر المستفيدة من برامج تكافل وكرامة للتحويلات النقدية، و2) زيادة عدد مشروعات التمويل الأصغر بمقدار 20 ألف مشروع (من 561 ألف إلى 581 ألف مشروع)، بحلول سبتمبر 2024.
 إطلاق ونشر تقرير مرصد الحماية الاجتماعية بحلول سبتمبر 2024.
 إطلاق المنصة الإلكترونية "مهني 2030" وإعداد استراتيجية تواصل وتوعية للمستخدمين.

*المحور الثاني: تعزيز قدرة التنافسية الاقتصادية وتحسين بيئة الأعمال*

 إعداد مسودة أولية لقائمة الإعفاءات (للشركات أو القطاعات) التي ينبغي إلغاؤها أو الإبقاء عليها، بهدف إجراء التقييم القانوني والتحقق من صحة هذه القائمة لاحقاً.
 إعداد خطة بحلول نهاية سبتمبر 2024 لإدخال نظام المشتريات الإلكترونية العامة بما يتماشى مع قانون المشتريات العامة الحالي والسماح بنشر إرساء العقود النهائية، بهدف تشغيل النظام الجديد بكامل طاقته بحلول سبتمبر 2025.
 نشر استراتيجية ضريبية متوسطة المدى حتى عام 2030 بحلول سبتمبر 2024 تتضمن مبادئ توجيهية واضحة حول ركائز السياسة الضريبية والإصلاحات الإدارية.
 إحالة مسودة قانون تنظيم بعض الأحكام المتعلقة بملكية الدولة في الشركات المملوكة لها.
 تعديل بعض أحكام اللائحة التنفيذية لقانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية.
 استصدار اللوائح التنفيذية لقانون المنافسة.
 عرض مسودة قانون المنازعات البسيطة رقم 125/2024 علي البرلمان. 
 إنشاء قاعدة بيانات موحدة (تديرها وحدة حصر ومتابعة الشركات المملوكة للدولة) مع المؤشرات المالية وتفاصيل الملكية لجميع الشركات المملوكة للدولة.
 زيادة الشفافية بشأن التقدم المحرز في سياسة ملكية الدولة من خلال المنشورات، قبل نهاية سبتمبر 2024.
 تحسين تنفيذ الحياد التنافسي من خلال إصدار جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية لثلاثة مبادئ توجيهية بشأن الحياد التنافسي (تعريفات الأسواق ذات الصلة، وتقييم الهيمنة، والقيود الرأسية).
 المشاركة بحلول سبتمبر 2024 بنظرة عامة على جميع القطاعات والمجالات التي تحتاج فيها مصر إلى تراخيص أو تسجيل مسبق أو موافقة على الواردات، بهدف ضمان إمكانية التنبؤ.
 نشر "قائمة سلبية موحدة" للقيود المطبقة على الاستثمار الأجنبي في القطاعات المشمولة بحلول سبتمبر 2024.
 بحلول سبتمبر 2024، العمل على مركزية المعلومات بتنسيق يسهل الوصول إليه (عبر الإنترنت وباللغة الإنجليزية ومجانًا) لكل من المستثمرين الوطنيين والأجانب على موقع استثماري واحد.
 تحسين البيئة الاستثمارية من خلال تطبيق نظام أتمتة تراخيص الاستثمار، بما يتيح للمستثمرين تقديم ومتابعة طلباتهم للحصول على الموافقات والتصاريح والتراخيص إلكترونياً، بالإضافة إلى تقديم الاستفسارات والشكاوى إلكترونياً بحلول سبتمبر 2024.
 تعديل قانون الاستثمار رقم 72 لعام 2017 لإضافة حوافز جديدة ومعايير أكثر مرونة للمشروعات الاستثمارية.
 إنشاء المجلس الأعلى للاستثمار.
 إلغاء الإعفاءات من الضرائب والرسوم للمؤسسات المملوكة للدولة ذات الأنشطة الاستثمارية
 إنشاء الجهاز المصري للملكية الفكرية.

*المحور الثالث: التحول الأخضر*

 استصدار قرار رقم ٤١٥ لعام ٢٠٢٣ بشأن نظام الرصد والإبلاغ والتحقق الوطني  MRVوذلك بما يسمح بوجود قاعدة بيانات حول انبعاثات الغازات الضارة، ومتابعة التقدم بشأن سوق الكربون. 
 إحالة مسودة قانون تنظيم مرفق مياه الشرب والصرف الصحي على مجلس النواب.
 استصدار ثلاثة قرارات بشأن أسواق الكربون المحلية.
 استصدار قرار / منشور لتفعيل التعامل فيما بين المنتجين من القطاع الخاص والمستهلكين وذلك فيما يخص الكهرباء التي يتم توليدها من مصادر الطاقة المتجددة Business to Business)).
 الموافقة على خطة الحد من الخسائر متضمنة الأهداف السنوية للحد من خسائر التوزيع لشركات التوزيع المملوكة للشركة القابضة لكهرباء مصر، وكذا قيام شركات التوزيع بتحقيق هذه الأهداف.
 اعتماد الاستراتيجية المعدلة للطاقة المستدامة بحلول سبتمبر 2024.
 إصدار اللوائح الخاصة بإصدار شهادات منشأ الطاقة لدعم إطار العمل الخاص بالقطاع الخاص.
 تخصيص 26 ألف كيلومتر مربع من الأراضي المملوكة للدولة لاستثمارات الطاقة المتجددة 
 تقنين المنشآت الصناعية غير المرخصة
 توسيع المساحات المخصصة لزراعة بذور القطن ذات الجودة العالية

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: التعاون الدولي رانيا المشاط التخطیط والتنمیة الاقتصادیة والتعاون الدولی الشرکاء الدولیین المملوکة للدولة الاقتصاد الکلی القطاع الخاص من خلال

إقرأ أيضاً:

الخطاطات العمانيات... بين تحديات الظل وتهميش العلن!

استطلاع ـ حنين بنت سالم البريدعية -

يُعدّ فن الخط العربي من أعرق الفنون الإسلامية وأكثرها ارتباطًا بالهوية الثقافية العربية، ولكن يظلّ حضور المرأة فيه باهتًا مقارنة بما تستحقه من مساحة واهتمام، والحديث هنا لا يدور حول وجود الخطاطة من عدمه، بل حول مدى بروزها في مشهد تسيطر عليه أسماء الخطاطين والذين يتصدرون المسابقات والمعارض والمحافل الفنية.. وهذا الواقع يدفعنا إلى طرح تساؤلات جوهرية عن العوامل والتحديات التي تقف في طريق حضور الخطاطة وتميزها، رغم ما تملكه الكثير من النساء من موهبة واستعداد.

في هذا الاستطلاع نفتح ملف "الخطاطات العمانيات" بين الحضور والغياب، وبين الموهبة والفرص، لنستعرض من خلال شهادات عدد من الفنانات والخطاطات العمانيات ما يواجهنه من عقبات، سواء كانت اجتماعية أو مؤسسية، وكذلك طموحاتهن الكبيرة التي تنتظر فقط مساحة عادلة لتظهر وتُحتفى بها.

بين مسؤوليات الأسرة، وقلة الدعم المؤسسي، وتهميش الإعلام، تتعدد الروايات وتتشكل صورة واضحة لواقع لا تزال فيه المرأة تخوض معركة الظهور والتأثير، ليس فقط بصفتها هاوية أو متذوقة لهذا الفن العريق، بل كمبدعة تمتلك كل مقومات التميز، في مجال كان وما زال أحد أوجه التعبير الحضاري والجمالي للأمة.

بداية تقول الخطاطة والمزخرفة أنوار الحسنية: إن قضية غياب الخطاطات عن الساحة الفنية في فن الخط العربي تُعد موضوعًا مهمًا ويستحق النقاش، ويطرح عدة تساؤلات حول الأسباب، رغم أن الخطاطات يشاركن بأعمالهن في المسابقات والمناقشات الفنية. وأيضًا يُحتمل أن تلعب العقلية الاجتماعية دورًا في تقليل ظهور النساء، ما يعوقهنّ عن المشاركة بشكل فعال، وقد تعاني الخطاطات من نقص الدعم من الجمعيات أو الجهات المختصة، مما يُثبط عزيمتهن أيضًا؛ فالبيئة المحيطة لها دور، بما في ذلك كما ذكرنا التقاليد والعادات، التي قد تقف عائقًا أمام بروز المرأة في هذا الفن. لذلك يجب العمل على تعزيز دور الخطاطات من خلال نشر الوعي حول إنجازاتهن وأهميتهن في هذا المجال، والعمل على تدريب المبدعات في هذا المجال من خلال تنظيم دورات تدريبية طويلة المدى تستمر لعام على الأقل؛ لتتمكن الخطاطة من استيعاب نقاط الفهم وممارسة الخط باحترافية، ويجب على الجهات المختصة إنشاء منصات خاصة للخطاطات للمشاركة والتعبير عن إبداعهن، ومن خلالها تستطيع المشاركة في المعارض والمسابقات الدولية، كما أؤكد على ضرورة تدخل الجمعيات والجهات الفنية المعنية ولجان التحكيم في المسابقات لدعم المواهب النسائية.

وفي ختام حديثها قالت "الحسنية": إن حضور الخطاطات في فن الخط العربي ضرورة لإثراء هذا الفن العريق وتطويره، فمن المهم أن تُعطى النساء الفرصة للتألق في هذا المجال، مما سيعود بالنفع على المجتمع العماني والفني بأسره.

التأثر بعوامل مجتمعة!

من جانبها قالت الخطاطة عزيزة بنت طالب اليوسفية إن غياب الخطاطات العُمانيات عن المشهد ليس بسبب نقص في الموهبة، بل نتيجة عدة عوامل مجتمعة، أولها ضعف الوعي الثقافي بأهمية الخط العربي، وخاصة في المراحل الدراسية المبكرة، حيث لا يُمنح الخط العربي ما يستحقه من اهتمام داخل المدارس، لا كمادة تعليمية ولا كثقافة فنية تُغرس في الأطفال من الصغر. كما أن قلة المراكز أو المعاهد المتخصصة، سواء الحكومية أو الخاصة، في تعليم الخط العربي تُعد من أبرز التحديات، حيث لا توجد معاهد تمنح درجات علمية متخصصة في هذا المجال، لا هنا في سلطنة عمان ولا في أغلب دول الوطن العربي، وهذا يقلل من فرص التطور الأكاديمي والمهني للمهتمين. كما أن المرأة العُمانية، ومثل الكثير من النساء العربيات، تتحمّل أدوارًا متعددة في حياتها، فهي أم، وزوجة، وموظفة، ومربية، مما يجعل وقتها أكثر انشغالًا مقارنة بالرجال، الذين قد تتاح لهم فرص التفرغ والمشاركة بشكل أكبر. ومن التحديات أيضًا تمركز معظم حلقات العمل والمراكز التدريبية في العاصمة مسقط، مما يصعّب على النساء من المحافظات الأخرى الوصول والمشاركة، خاصة في ظل التزاماتهن العائلية، وهذا يبرز الحاجة إلى توزيع المراكز والدورات التدريبية في مختلف مناطق سلطنة عمان لتحقيق عدالة الفرص.

وتختتم "اليوسفية" حديثها بالقول: لا ننسى أن الاختلاف في الأهداف الشخصية بين الخطاطات قد يلعب دورًا أيضًا؛ فبعضهن يملكن الموهبة ولكن لا يفضلن الظهور أو التنافس في المعارض والفعاليات، ويمارسن الفن بدافع ذاتي فقط، بعكس من يسعين للانتشار والمشاركة العامة. لذلك أتمنى أن يشهد فن الخط العربي في عُمان اهتمامًا أكبر، من خلال تسليط الضوء على المبدعات، وكذلك اكتشاف طاقات جديدة، وتوفير بيئة تعليمية وتدريبية عادلة تُمكّن النساء من إبراز مواهبهن والمشاركة الفاعلة في المشهد الفني محليًا وعربيًا ودوليًا.

الالتزامات الأسرية

وتؤكد الخطاطة نُتيلة الرواحية أن هناك ندرة في بروز أسماء الخطاطات وتقول: رغم تلك الندرة، فالخطاطات لسن بغائبات أو مهمشات بل هنّ موجودات في الساحة الفنية بما يتناسب مع طبيعة وضعهن الاجتماعي في المجتمع؛ ففي نظري، كثرة التزامات المرأة في الحياة الاجتماعية عامة، والأسرية والعائلية خاصة، قد يقلل من بروزها في بعض المجالات، والتي منها مجال الخط العربي. وبالرغم من ذلك، هناك بعض الخطاطات اللواتي برزن في مجال الكتابة بالخط العربي في الماضي والحاضر، إلا أنه ما زال هناك قصور في مجال التأليف والتدريس، ولا شك أن السبب ليس قلة عدد الخطاطات أو عدم منحهن الفرصة؛ فالفرص متاحة للجميع في المجتمع الفني، وعلى الشخص إبراز موهبته الفنية من ذات نفسه، سواء كان ذكرًا أم أنثى، ولا علاقة بتهميش المرأة في هذا المجال.

وتضيف "الرواحية": من وجهة نظري، أن من التحديات التي تواجه الخطاطات بصفة خاصة هي عدم وجود كلية خاصة للفنون تهتم بتدريس فن الخط العربي، ففي تركيا مثلًا، هناك جامعات خاصة للفنون، ومن ضمن تخصصاتها فن الخط العربي، وأتوقع إذا وُجد هذا التخصص فسيكون هناك بروز واضح للمرأة في هذا المجال أكثر مما هو الحال الآن.

العمل في الظل!

في الوقت نفسه، تشير الخطاطة نوال الهنائية إلى أن غياب الخطاطات عن الساحة لا يعني بالضرورة عدم وجودهن أو عدم تمكنهن، بل في الحقيقة هنّ حاضرات، لكن حضورهن غالبًا ما يكون خافتًا، لا يُرى بالوضوح الذي يستحق، فهناك خطاطات مبدعات وعلى مستوى عالٍ من الإتقان والاحتراف، لكن لا يظهرن في المشهد بسبب نقص الدعم، وقلة الفرص، في الوقت الذي يحظى فيه الرجل غالبًا بتسليط الضوء، والدعوات، والمشاركات، لذلك تعمل كثير من النساء في الظل، رغم جودة أعمالهن وتميّزها... صحيح أن عدد الخطاطات أقل من عدد الخطاطين، وهذا أمر يمكن فهمه في ظل ظروف اجتماعية وثقافية مرّت بها المجتمعات، لكن حتى هذا العدد القليل من الخطاطات لا يأخذ حقه الكامل في التمثيل أو الظهور، فالمشكلة لا تكمن فقط في العدد، بل في قلة الاهتمام بهذا الحضور النسائي، وضعف إتاحة الفرص لهن للظهور والتألق، وكثيرًا ما يُسلّط الضوء على أسماء رجالية معروفة، في حين تُغفل أسماء نسائية متمكنة، فقط لأنهن لم يُمنحن المنصة الكافية للظهور.

وتضيف "الهنائية": لا تزال بعض المؤسسات واللجان الفنية، خصوصًا لجان التحكيم، تُدار بعقلية تميل لتفضيل الذكور، أحيانًا دون وعي، مما يجعل تقييم أعمال الخطاطات يخضع لمرشّحات مسبقة لا علاقة لها بجودة العمل... وهذا التحيّز يظهر بوضوح في التمثيل المنخفض للنساء ضمن قوائم الفائزين أو المشاركين في الفعاليات الدولية. في الوقت نفسه، تواجه كثير من النساء تحديات اجتماعية لا تساعدهن على الاندماج الكامل في هذا المجال، ففي بعض البيئات، لا تجد المرأة التشجيع الكافي لممارسة الخط بشكل احترافي، أو تُمنع من السفر والمشاركة في حلقات العمل والمعارض، مما يقلل من فرصها في الظهور والانتشار. وقد تتعرض لضغوط أسرية أو مجتمعية تجعل ممارستها للخط محصورة في إطار الهواية، لا الاحتراف... كما أن الكثير من الخطاطات لا يملكن نفس الوقت أو الدعم الذي يحصل عليه الرجل، ما يؤثر بشكل مباشر على استمرارية مشاركتهن في المحافل الفنية، كما أن أغلب برامج الخط تُدرّس على يد رجال، وغالبًا لا توجد نساء ضمن طاقم التدريب، مما يقلل من وجود قدوات فنية نسائية يُحتذى بها، ويجعل دخول المرأة لهذا المجال أكثر صعوبة.

الفرص محدودة!

أما الخطاطة حليمة المحمودية فقالت: إن العديد من النساء يُقبلن على تعلم الخط العربي، خاصة في السنوات الأخيرة، وتزدهر الدورات التدريبية التي تضم متدربات موهوبات، لكن العدد لا ينعكس على الساحة الإعلامية أو المؤسسية كما هو الحال مع الخطاطين الذكور غالبًا، حيث لا تُمنح الخطاطات نفس الفرص. رغم وجود مبادرات متفرقة لتسليط الضوء على الخطاطات، إلا أن التمثيل في لجان التحكيم للمسابقات الكبرى يغيب فيه العنصر النسائي. المعارض الدولية والخطية الكبرى تستضيف أسماء للخطاطين الذكور بشكل شبه دائم، والنشر والتكريم ينحصر في أسماء تقليدية، رغم وجود خطاطات يستحقن الاحتفاء... لذلك فإن أحد أبرز العوائق التي تواجه النساء في هذا المجال هو استمرار العقلية الذكورية في إدارة بعض مفاصل المشهد الفني والخطي، مشيرة إلى أن المرأة لا تزال تُنظر إليها في بعض السياقات بوصفها "متذوقة" أو "متعلّمة"، لا كمؤسسة أو قائدة في هذا الفن، وهو ما يُضعف حضورها المؤسسي ويحد من تمثيلها الحقيقي.

وسلطت "المحمودية" الضوء على عدة تحديات متراكمة، من بينها القيود الاجتماعية التي قد تمنع الخطاطات من السفر أو المشاركة في الفعاليات العامة، إضافة إلى سيطرة الذكور على أغلب لجان التحكيم، مما يؤدي ـ حتى دون قصد ـ إلى تحيّز في تقييم الأعمال، وقالت: لا توجد جهات كافية تتبنى تمكين الخطاطات أو تهيئة منصات حقيقية لهن. وضربت مثالًا حيًا من تجربتها، حين كانت ضمن مجموعة من الخطاطات تحت مظلة جمعية المرأة العمانية بمسقط، قبل أن يتم الاستغناء عنهن فجأة، ما اعتبرته نموذجًا للتهميش المؤسسي غير المبرر.

ورغم كل ذلك، عبّرت الخطاطة حليمة المحمودية عن تفاؤلها بوجود مؤشرات إيجابية للتغيير، مؤكدة أن الوعي بدأ يتزايد، وأن منصات التواصل فتحت نوافذ جديدة أمام الموهوبات لتقديم أنفسهن. وقالت: الخطاطات لم يغبنَ عن الميدان، لكننا مُغيّبات عنه إعلاميًا ومؤسساتيًا... والحل يبدأ بتغيير العقليات، وتوفير فرص عادلة، وتمكين حقيقي، وإنشاء مدرسة متخصصة تُعنى بالمرأة في مجال الخط العربي.

مقالات مشابهة

  • %60 منهم في أفريقيا.. 512 مليون "جائع" حول العالم بحلول 2030
  • حمزة: أدعو جميع الشركات والمستثمرين الوطنيين والدوليين للمشاركة في هذا الحدث الاقتصادي النوعي كما أدعو الجميع لزيارة المعرض والتعرف على التطورات الاقتصادية والصناعية والثقافية والاجتماعية التي تشهدها سوريا
  • اللجنة العليا للموارد السيادية والمحلية تبحث الوضع الاقتصادي والتدابير اللازمة لتفعيل المؤسسات الإيرادية
  • تكامل القطاع الخاص والحكومة .. شراكة وطنية لتعزيز الصمود الاقتصادي في مواجهة العدوان
  • المشاط: مصر لديها تجربة رائدة في تمويل التنمية وحشد الشراكات الدولية وتنفيذ المنصات الوطنية المحفزة للاستثمارات المناخية
  • الخطاطات العمانيات... بين تحديات الظل وتهميش العلن!
  • أكد على دور القطاع الخاص..أبونيان: خطة خمسية لتعزيز الشراكات الاقتصادية مع سوريا
  • اجتماع لبحث تسريع وتيرة التكامل الاقتصادي الأفريقي بالدار البيضاء
  • “الأمم المتحدة”: المملكة نموذج عالمي لاستدامة المياه وتحقيق أهداف التنمية المستدامة
  • انعدام التواصل وعدم الإجابة علي الرقم الأخضر الخاص بإدارة الحوض المائي بمراكش يفتح الباب للفوضى والحفر العشوائي للآبار ومطالب للسيد الوالي بتصحيح الوضع