يشهد العالم تحولات جذرية في ظل تكنولوجيا متسارعة التطور، وتغيرات في سلوك البشر. حادثة تفّخيخ وتفّجير أجهزة البيجر وأجهزة التواصل اللاسلكي، ألقت بظلالها القاتمة على مختلف المجتمعات البشرية، من نواحٍ سياسية واجتماعية واقتصادية وصناعية. كما وضعت الأجهزة الأمنية الحكومية، في مواجهة تساؤلات متزايدة، حول استغلال التكنولوجيا، كأداة تدمير في أيدي الدول المعادية والجماعات الإرهابية والمجرمين، بل إن هذا الاستخدام قد يتسع ليشمل تصفية الحسابات الشخصية بين الأفراد.
لكن التهديد الذي تشكِّله هذه الأجهزة التكنولوجية الشخصية في العمليات الإرهابية، لا يقتصر على الجانب التقني فقط، بل يمتد ليصبح تهديداً اجتماعياً ونفسياً. فالتكنولوجيا التي كانت تمثل جزءاً أساسياً من الحياة اليومية للبشر، بدأت تفقد جزءاً من ثقة الناس فيها، كما أثَّرت هذه الأحداث على البنية التحتية العالمية للتكنولوجيا، وعلى مستقبل الأمن والأمان، بل وعلى النُظم التكنولوجية بأكملها.
تعتبر هذه التفجيرات، حالة معقَّدة، وغير مسبوقة، حيث تجمع بين التقنية والإرهاب، ولها تداعيات أمنية آنية ومستقبلية على أمن الإنسان والتكنولوجيا. ومن بين تلك التداعيات انخفاض الثقة في الأجهزة التكنولوجية الشخصية، وارتفاع الحاجة إلى الرقابة الأمنية المستقبلية، بالإضافة إلى إزدياد القلق العام والتوجُّس من إحتمالية تفخيخ الأجهزة. كل هذا يتطلب حلولاً أمنية متقدمة، مثل استخدام التشّفير المتطور المدعوم بالذكاء الاصطناعي، إلى جانب وضع الحكومات لقوانين وتشريعات أكثر تعقيدًا لتنظيم استخدام التكنولوجيا وتصنيعها.
وربما يؤدي هذا الإتجاه، إلى تقليص حرية الابتكار، ممَّا يقيّد استخدام التكنولوجيا في المجتمع، مقابل مطالبات بضمانات أمنية أكبر. وبذلك قد يتحول الابتكار نحو تحقيق الأمان، بدلاً من التركيز على الراحة والبساطة وسهولة الاستخدام، وهو ما سيزيد من تعقيد الأجهزة، وقد يجعلها أكثر عُرضة للاستغلال في الاستخدامات غير القانونية.
في هذه العجالة، يجب أن لا نغفل أهمية مراقبة سلاسل التوريد، أو الإمداد العالمية، حيث يستدعي الأمر، وضع معايير رقابية دقيقة خلال مراحل التصنيع والإنتاج والتوزيع، لضمان وصول الأجهزة الآمنة إلى المستهلك النهائي، هذه المتطلبات الرقابية، من شأنها زيادة تكاليف الإنتاج، ممَّا قد يؤدي إلى رفع أسعار الأجهزة التكنولوجية بوجه عام.
أخيرًا، يأتي دور الحكومات والهيئات الرقابية والتنظيمية، في حماية المستهلك النهائي، من خلال فرض تشريعات صارمة، تتعلَّق بالمعايير والمقاييس التي يجب على الشركات المصنعة الالتزام بها، لضمان سلامة، وأمان الأجهزة المُباعة.
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
الإمام أبي حنيفة وقضايا الأحوال الشخصية.. في رحاب الجامع الأزهر اليوم
يعقد الجامع الأزهر، اليوم، الملتقى الفقهي التاسع عشر تحت عنوان "رؤية معاصرة"، والذي يسلط الضوء على قضايا الأحوال الشخصية من منظور المذهب الحنفي.
ويشارك في الملتقى نخبة من الأساتذة والعلماء، من بينهم الدكتور محمد صلاح، رئيس قسم أصول الفقه بكلية الشريعة والقانون بالقاهرة، والدكتور حسين مجاهد، الأستاذ المساعد بقسم الفقه المقارن بالكلية ذاتها، إلى جانب الدكتور هاني عودة، مدير عام الجامع الأزهر.
ويأتي الملتقى برعاية من فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وبتوجيهات من الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر.
وفي هذا السياق، أوضح الدكتور عبد المنعم فؤاد، المشرف العام على الأروقة الأزهرية، أن الملتقى يُعد منصة مهمة لتعميق الفهم بين العلوم الشرعية والطبية، مؤكداً أن الأزهر يعمل على تقديم رؤى متكاملة تجمع بين أحكام الدين ومستجدات الواقع.
من جهته، أكد الدكتور هاني عودة أن الملتقى يُسهم في تعزيز وعي المجتمع بأهمية القضايا الفقهية والطبية، مشددًا على ضرورة التمسك بقيم الشريعة الإسلامية بما يتوافق مع التغيرات المعاصرة في المجال الطبي.