محمد بن علي العريمي

mahaluraimi@gmail.com

في العقود الخمسة الأخيرة، ومع تصاعد التوترات العالمية، أصبحت الممرات المائية والمضائق الحيوية ساحات صراع محورية بين القوى العالمية الكبرى. هذه الممرات، التي تبدو وكأنها مجرد معابر للسفن والبضائع، تمثل شرايين التجارة العالمية، إذ يمر عبرها نحو 90% من حركة التجارة الدولية.

وهكذا تبرز أهميتها الكبيرة، فهي ليست مجرد معابر استراتيجية، بل نقاط ساخنة تتقاطع فيها المصالح الجيوسياسية والمنافسات العسكرية.

ولا يُمكن التغاضي عن الدور الحيوي الذي تلعبه هذه الممرات مثل مضيق هرمز (الخليج العربي)، مضيق ملقة (بجنوب شرق آسيا)، باب المندب (البحر الأحمر)، وقناة السويس (البحر الأحمر)؛ إذ إنَّ هذه الممرات تمثل القلب النابض للاقتصاد العالمي، فهي ليست مجرد معابر للنقل البحري؛ بل بوابات للهيمنة الاقتصادية والسياسية. فعلى سبيل المثال، تُعد قناة السويس ممرًا حيويًا يربط بين أوروبا وآسيا، ويمر عبرها حوالي 12% من التجارة العالمية. أما مضيق هرمز، فيُعتبر البوابة الرئيسية لصادرات النفط من دول الخليج العربي؛ حيث يعبره نحو 20% من إجمالي النفط العالمي، ما يجعله بلا شك "مفتاح النفط العالمي".

وإضافة إلى ذلك، تتعرض هذه الممرات لتهديدات جيواستراتيجية، لا سيما في منطقة الخليج حيث مضيق هرمز، ولا شك أي تهديد لهذا المضيق- الذي يُعتبر من أكثر الممرات الحيوية في العالم- قد يؤدي إلى عواقب اقتصادية عالمية وخيمة لا محالة. وبالمثل، يواجه مضيق باب المندب توترات متزايدة بسبب الصراع الإقليمي، وهذه التهديدات ليست مجرد مخاطر إقليمية؛ بل تشكل تهديدًا للأمن البحري العالمي بأسره.

ومن أجل مواجهة هذه المخاطر، تعمل القوات الدولية، بما في ذلك البحرية الأمريكية والأوروبية، على مراقبة هذه المناطق عن كثب لضمان أمن الملاحة. ولهذا السبب، فإنَّ أي هجوم أو تعكير لصفو المرور في هذه الممرات قد يؤدي إلى تداعيات اقتصادية كارثية لا تُحصى.

ومع تصاعد التوتر في هذه المناطق الحيوية، تتنافس القوى العالمية للحفاظ على هيمنتها البحرية وضمان حرية الملاحة. فالولايات المتحدة، والصين، وروسيا تلعب جميعها أدوارًا حاسمة ومتزايدة في تأمين هذه الممرات. وعلى سبيل المثال، تعمل الصين بخطى ثابتة لتعزيز وجودها البحري في المحيطين الهندي والهادئ، وذلك من خلال بناء قواعد عسكرية واستثمارات ضخمة في البنية التحتية في دول مثل باكستان وسريلانكا. وهي تسعى لضمان تأثيرها على مضائق استراتيجية مثل مضيق جبل طارق وبحر الصين الجنوبي، مما يُعزز نفوذها في مناطق حيوية للتجارة العالمية.

وعلى ضوء هذه التطورات، ومع استمرار تصاعد التوترات الجيوسياسية والصراعات الاقتصادية، يبدو أنَّ الممرات المائية ستظل مسرحًا للتنافس الدولي في السنوات المُقبلة. ومن بين التحديات الكبرى التي تواجه هذه الممرات، يأتي خطر الإغلاق الكامل، وهو سيناريو قد يدفع العالم إلى أزمات اقتصادية خانقة. ورغم هذه المخاطر، فإنَّ التعاون الدولي وتطوير القوانين البحرية يُمكن أن يُسهما في تخفيف حدة هذه التوترات وضمان استقرار التجارة العالمية.

وبناءً على ما سبق، يمكن القول إن السيطرة على هذه الممرات المائية الحيوية تعني السيطرة على حركة التجارة العالمية، وبالتالي التحكم في مصير الاقتصاد العالمي بأسره. هذه الحقيقة اللافتة تجعل من الممرات المائية "مفاتيح التجارة العالمية" التي لا تقدر بثمن، خاصة تلك الواقعة في مناطق العالم الإسلامي، والتي تمثل شريانًا استراتيجيًا للتجارة والنفط.

في النهاية، تؤكد التوصيات التي يطرحها المحللون بشدة على ضرورة الحفاظ على أمن واستقرار هذه الممرات باعتبارها مسؤولية دولية مشتركة. والأمر يتطلب تعاونًا مُتعدد الأطراف ونهجًا استراتيجيًا يضمن عدم تحولها إلى بؤر جديدة للصراع. وفي ظل هذه التحديات المتنامية، يبدو أن العالم يقف على أعتاب مواجهة جديدة قد ترسم ملامح القرن الحادي والعشرين.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الصقري: الهلال يعكس نجاح المشروع الرياضي ومكانته العالمية تزداد .. فيديو

ماجد محمد

أثنى الإعلامي بدر الصقري على الأداء الذي قدمه نادي الهلال في بطولة كأس العالم للأندية، مشيرًا إلى أن الفريق بات نموذجًا حيًا لثمار المشروع الرياضي الطموح الذي تنتهجه المملكة.

وقال الصقري خلال حديثه عبر برنامج نادينا: “الهلال قدم مستوى كبيرًا، واستحق أن يكون ضمن قائمة أفضل ثمانية أندية على مستوى العالم، وهو ما يعكس حجم العمل الجاد والاحترافية داخل النادي”.

وأضاف: “سبق للهلال أن بلغ النهائي، ولا شك أن البطولة العالمية ستؤول له في يوم من الأيام، فمثل هذا الكيان يقترب خطوة بخطوة من معانقة الذهب الدولي”.

وودع بنادي الهلال بطولة كأس العالم للأندية، بعد خسارته أمام فلومينينسي البرازيلي بنتيجة (2-1)، في اللقاء الذي جمع الفريقين اليوم ضمن منافسات الدور ربع النهائي من البطولة.

https://cp.slaati.com//wp-content/uploads/2025/07/uEkaG8Vm-xrPCQY_.mp4

مقالات مشابهة

  • الصحة العالمية: الوحدة تودي بحياة 100 شخص كل ساعة حول العالم
  • هل اقترب موعد الاتحاد الاقتصادي الخليجي؟
  • عُمان تشارك في "منتدى قادة المدن العالمية" بالنمسا
  • تعرف على أهم الممرات المائية التجارية في العالم
  • بن نافل: رفعنا راية المملكة ونافسنا الأندية العالمية بشرف
  • الصقري: الهلال يعكس نجاح المشروع الرياضي ومكانته العالمية تزداد .. فيديو
  • مصر تقود العالم من قلب روما.. مينا رزق على رأس دبلوماسية الغذاء العالمية | بروفايل
  • ثروة المليارديرات تهزّ الاقتصاد العالمي .. من يملك مفاتيح القوة؟
  • الأصفاد المخملية دراما تركية تجمع بين الجمال وصراع البقاء.. وجليل نالجكان أبرز المنضمين
  • غرق عبّارة في مضيق بالي يثير قلق المنصات بشأن السلامة البحرية