سواليف:
2025-12-02@19:36:00 GMT

صراخ الصمت: أصوات الضحايا النفسية للحروب

تاريخ النشر: 10th, October 2024 GMT

حنين البطوش
استشاريه نفسيه أسريه وتربويه

في خضم الأحداث الدامية التي تشهدها غزة ولبنان، حيث تتصاعد أصوات القنابل وتعمّ أجواء الخوف والقلق، يأتي اليوم العالمي للصحة النفسية ليدق ناقوس الخطر، ويذكرنا بأهمية رعاية صحتنا النفسية حتى في أصعب الظروف، وعندما نتحدث عن الحروب، تتبادر إلى أذهاننا الصور المباشرة للدمار والخسائر المادية والبشرية، ولكن هناك جانب آخر لهذه المعادلة المؤلمة، غالبًا ما يتم تجاهله أو التقليل من شأنه، وهو الجانب النفسي، فالحرب ليست مجرد صراع مسلح، بل هي تجربة مدمرة للنفس البشرية، تترك آثارًا عميقة وبعيدة المدى على الضحايا.

في هذا اليوم المشؤوم، تتدفق دماء الأبرياء كالأنهار، وتتلوى الأرواح في عذاب، لقد بلغ بنا الحال مبلغًا من الشقاء واليأس، لقد ضاقت بنا السبل وتعاظمت مصائبنا، ففي ظل انتشار الجهل وضعف عزيمتنا، تجرأ علينا الأعداء فسفكوا دمائنا وانتهبوا أموالنا وعرضنا وأرضنا، صرخاتنا تصدح في الآفاق، ولكن آذان العالم صماء، أين نحن من الإنسانية والتضامن؟

فالحروب تعتبر واحدة من أعنف التجارب التي يمكن أن يمر بها الإنسان، ومن أشد الأحداث تدميراً للإنسانية، فهي لا تدمر البنية التحتية والممتلكات فحسب، بل تخلف ندوبًا عميقة في النفوس وتشكل جروحًا لا تندمل بسهولة، في ظلّ هدير المدافع وانفجار القنابل، والدمار المادي الذي نراه بالعين المجردة، تختفي أصوات المعاناة النفسية التي يعاني منها ملايين الضحايا، وتتحول إلى “صراخ صامت” يهدد بتدمير حياتهم، تستمر حرب أخرى، حرب خفية لا ترى بالعين المجردة، حرب على الصحة النفسية، إنها صرخة الصمت التي تصدر من الضحايا النفسية للحروب.

مقالات ذات صلة بغداد وفصل الخطاب 2024/10/10

الحرب ليست مجرد صراع مسلح، بل هي تجربة صادمة تهز الأسس النفسية للإنسان، الشهادة المباشرة للعنف، فقدان الأحبة، الدمار الذي يحيط بهم، كلها عوامل تساهم في ترك جروح نفسية عميقة لدى الضحايا، هذه الجروح لا تظهر دائماً بشكل واضح، بل قد تختفي تحت سطح الوعي، لتظهر في شكل أعراض نفسية مختلفة مثل اضطراب ما بعد الصدمة، الاكتئاب، القلق، والاضطرابات النفسية الأخرى.

في مشهد يدمي القلوب ويهز الضمير، نجد أنفسنا أمام مأساة إنسانية مروعة،أطفال أبرياء، لم يذوقوا طعم الحياة، يودعونها قسراً، وأهل يبكونهم بحرقة وألم، هؤلاء الأطفال تهمتهم سوى أنهم ولدوا على أرض الآباء والأجداد، يصبحون ضحايا لأعمال عنف لا مبرر لها.

حيث يعاني الأطفال والنساء بشكل خاص من آثار الحروب النفسية المدمرة، فالشهادة المباشرة للعنف والدمار تترك ندوبًا عميقة في نفوسهم، تؤثر على نموهم وتطورهم، يعانون من كوابيس متكررة، صعوبات في التركيز، عدوانية، وانطواء، بالإضافة إلى اضطرابات نفسية أعمق مثل الاكتئاب والقلق، وتتفاقم معاناة النساء بسبب تعرضهن للعنف الجنسي والاغتصاب، ما يزيد من حدة الصدمة النفسية، مما يترك لديهن ندوباً نفسية عميقة، كالشعور بالعار، وصعوبة في بناء علاقات اجتماعية.

لا تقتصر آثار الصدمات النفسية على الفرد، بل تمتد إلى المجتمع ككل، فالاضطرابات النفسية تؤدي إلى زيادة معدلات الجريمة والعنف، وتضعف قدرة المجتمع على التماسك والتطور، كما أنها تؤثر على الاقتصاد، حيث تقلل من الإنتاجية وتزيد من النفقات الصحية فهؤلاء الأطفال والنساء هم ركيزة المجتمع، وحمايتهم مسؤولية مشتركة.

الآثار النفسية للحروب ليست قصيرة الأمد، بل قد تستمر لسنوات طويلة بعد انتهاء الصراع، فقد يعاني الضحايا من صعوبات في العلاقات الاجتماعية، مشاكل في العمل، وأمراض جسدية مرتبطة بالضغط النفسي، كما أن هذه الآثار قد تنتقل إلى الأجيال القادمة، مما يجعله في دوامة من العنف والصدمة.

يتحمل المجتمع الدولي مسؤولية كبيرة في مساعدة الضحايا النفسيين للحروب، فينبغي توفير الدعم النفسي والاجتماعي للناجين، وتدريب الكوادر الصحية على التعامل مع هذه الحالات، كما ينبغي العمل على بناء مجتمعات سلمية، حيث يمكن للأفراد أن يشعروا بالأمان والاستقرار.

إن ذكرى اليوم العالمي للصحة النفسية في ظلّ الحروب تذكرنا بمعاناة الملايين من الأشخاص حول العالم، وتدعونا جميعًا إلى العمل من أجل حياة خالية من العنف والصراعات، وتوفير الدعم والرعاية النفسية للضحايا ،وأن يتمتع الجميع بحقهم في العيش بسلام وأمان، فصراخ الضحايا النفسيين للحروب هو صراخ صامت يختفي خلف جدران الصمت والعار، ولكننا لا يمكن أن نتجاهل هذا الصراخ، ينبغي علينا أن نذكر أنفسنا بأننا أقوى بكثير مما نعتقد، وأننا قادرون على التغلب على الصعاب والتعافي من الجروح، فالصحة النفسية هي أساس كل شيء، وهي البوصلة التي توجهنا نحو مستقبل أفضل.

المصدر: سواليف

إقرأ أيضاً:

المصريون بالخارج يقلبون موازين المرحلة الثانية ويعيدون منافسين إلى سباق الإعادة بقوة غير مسبوقة

 

صرح نصر مطر مسؤول الملف السياسي بالاتحاد العالمي للمواطن المصري بالخارج أن نتائج المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب أكدت أن أصوات المصريين بالخارج أصبحت قوة مؤثرة تعيد رسم المشهد الانتخابي بعد أن أثبتت فرز الأصوات أن مشاركة الخارج لم تعد مشاركة رمزية بل عنصر قادر على تغيير اتجاه المنافسة داخل عدد من الدوائر

وأوضح مطر أن ما جرى في الدائرة الثانية بمحافظة كفر الشيخ خير دليل على هذا على سبيل الذكر  وليس الحصر التحول حيث أعادت أصوات المصريين بالخارج المرشح محمد عطا إلى سباق الإعادة بعد أن كان خارج المنافسة قبل ضم أصوات الخارج وهو ما يعكس وزن الجاليات المصرية وقدرتها على صنع فارق حاسم في النتائج

وأشار إلى أن هذا التأثير ليس حالة منفردة بل امتداد لحضور واسع وواع في كل مقار البعثات الدبلوماسية حيث ظهر الإقبال الكبير من الأسر والشباب بصورة تعبر عن إدراك واضح لأهمية المشاركة ودورها في حماية نزاهة العملية الانتخابية

وأكد مطر أن تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي بشأن عدم حصول أي شخص على مقعد لا يستحقه كانت رسالة اطمئنان عززت ثقة المصريين بالخارج وشجعتهم على المشاركة القوية مما ساهم في تغيير نتائج عدد من الدوائر وترجيح كفة مرشحين كانوا خارج السباق

واختتم مؤكدا أن ما حدث يعكس حقيقة جديدة يجب على القوى السياسية داخل مصر التعامل معها وهي أن أصوات المصريين بالخارج أصبحت رقما مؤثرا وقوة انتخابية لا يمكن تجاوزها وداعيا أبناء الوطن بالخارج إلى الاستعداد لجولة الإعادة للحفاظ على هذا الحضور الذي يعكس شراكتهم الكاملة في صياغة المشهد السياسي في مصر.

 

مقالات مشابهة

  • الضحايا الأفارقة للإرهاب يُسمعون صوتهم لأول مرة في مؤتمر دولي بالرباط
  • تدخل الرئيس السيسى.. لحماية أصوات الناخبين
  • المصريون بالخارج يقلبون موازين المرحلة الثانية ويعيدون منافسين إلى سباق الإعادة بقوة غير مسبوقة
  • الأزهر يبرم تعاونًا مع قسمي علم النفس والصحة النفسية بكلية التربية بالجامعة
  • الأونروا: الأطفال في غزة يعانون من صدمات نفسية عميقة
  • سماحة المفتي: إلى متى يستمر الصمت الدولي أمام معاناة أهالي غزة؟
  • جوائز متتالية ورسائل إنسانية عميقة.. كريم الرحباني يكرّس بصمته السينمائية بـ «آخر واحد»
  • فيلم أحلام قطار.. صوت الصمت في مواجهة الزمن
  • خبيرة نفسية: الوصمة المجتمعية وراء سرية علاج الإدمان وتراجع الإقبال على التعافي
  • سوريا تدعو المجتمع الدولي لوقف الاعتداءات الإسرائيلية التي تهدد الأمن الإقليمي