تتواصل الحرب في غزة ولبنان، في وقت تقترب فيه الانتخابات الأمريكية المقررة الشهر المقبل، بين نائبة الرئيس كامالا هاريس والرئيس السابق دونالد ترامب.

في تقرير له في صحيفة "غارديان" البريطانية يرى جوليان بورغر أن بنيامين نتانياهو أذل أمريكا بايدن، ويبدو أنه يتوقع عودة ترامب، لكن هل سيكون ذلك مفيداً لإسرائيل؟.

وفق الكاتب، لقد أظهر العام منذ هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) مدى التشابك الشديد بين السياسة الرئاسية الأمريكية ومسار الأحداث في الشرق الأوسط، فكل منهما يمارس قوة جذب على الآخر، وغالباً بطرق تضر بكليهما.

نادراً ما تكون السياسة الخارجية ذات أهمية كبيرة في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، لكن هذا العام قد يكون استثناءً.

The Middle East and the US election: how they could affect each other https://t.co/AzCFTEFx9Y

— Guardian US (@GuardianUS) October 11, 2024
الانتخابات والشرق الأوسط

في منافسة من المرجح أن تُحسم بفارق ضئيل في حفنة من الولايات، فإن التداعيات الناجمة عن الصراعات في غزة والضفة الغربية ولبنان، مع احتمال اندلاع حرب مع إيران، قد يكون لها تأثير كبير على آفاق كامالا هاريس.

وعلى الجانب الآخر، فإن نتائج الانتخابات في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) سوف تؤثر على الشرق الأوسط بطرق غير متوقعة، ولكنها قد تكون بالغة الأهمية.

وعلى الرغم من القيود الواضحة على قدرة واشنطن على السيطرة على إسرائيل، شريكتها الأقرب، فإن الولايات المتحدة تظل إلى حد بعيد القوة الخارجية الأكثر نفوذاً في المنطقة.

Benjamin Netanyahu has largely ignored Joe Biden’s recent demand for more aid to Gaza, yet the president is still sending him weapons. This is the Biden approach to Israel in a nutshell: a surreal mix of monstrous cynicism and embarrassing spinelessness. https://t.co/oVbh1hQ2uo

— Jacobin (@jacobin) April 14, 2024

لقد أدى دعم جو بايدن الثابت لإسرائيل في مواجهة الخسائر المدنية الجماعية في غزة، وتحدي بنيامين نتانياهو الواضح للجهود التي تقودها الولايات المتحدة لإرساء وقف إطلاق النار في غزة ولبنان، إلى تنفير العديد من الديمقراطيين التقدميين.

ولم تنأى كامالا هاريس بنفسها بأي شكل كبير عن سياسة بايدن في الشرق الأوسط، وهي الآن تواجه معركة صعبة بشكل خاص في ميشيغان، التي تعد موطنا لجالية عربية أمريكية كبيرة. ومن شأن خسارة تلك الولاية أن تعقد بشكل كبير طريق هاريس إلى الرئاسة.

ومن المرجح أن يؤثر انتشار الحرب واندلاع الصراع المفتوح بين إسرائيل وإيران على الحملة الرئاسية إلى ما هو أبعد من ميشيغان، حيث يجمع بين الشكوك حول كفاءة فريق بايدن هاريس في السياسة الخارجية والتهديد بارتفاع أسعار النفط في أسوأ وقت ممكن لهاريس.

وقد يكون هذا بمثابة "مفاجأة أكتوبر" القاتلة في هذه الانتخابات.

وقال رئيس معهد سياسة مشروع الولايات المتحدة والشرق الأوسط دانييل ليفي: "إنك ترى الآن إجلاء الأمريكيين من بيروت، وهذا يساعد حقاً في تعزيز الرواية الشاملة لترامب بأن العالم مكان أكثر فوضوية مع هؤلاء الضعفاء".

وكما أن الشرق الأوسط قادر على التأثير على السياسة الأمريكية أكثر من أي جزء أجنبي آخر من العالم، فإن السياسة الأمريكية تمارس تأثيراً واضحاً ومستمراً على الشرق الأوسط.

ولقد أصبح الدعم الظاهر لإسرائيل شعاراً لكل من المرشحين الرئاسيين الجمهوريين والديمقراطيين، بصرف النظر تقريباً عن تصرفات إسرائيل.

Uncommitted movement declines to endorse Harris – but warns against Trump presidency https://t.co/VsqPKRokUf

— Guardian news (@guardiannews) September 19, 2024

وأشار دانا ألين، وهو زميل بارز في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، إلى أن عدم إمكانية المساس بإسرائيل في الساحة السياسية الأمريكية تطور مع مرور الوقت.

وأضاف: "لم تكن هذه هي الطريقة التي تحدث بها الرؤساء في عهد ريتشارد نيكسون، وهناك مفارقة في هذا الولاء بقدر ما كانت الأهداف والنظرة العالمية للحليفين متباعدتين أكثر من أي وقت مضى".

نتانياهو ورؤساء أمريكا

بحسب التقرير، لقد قوض نتانياهو بقوة المحرمات الأميركية التي تمنعه من استخدام نفوذه على إسرائيل.

وقد فعل ذلك من خلال حشد قوة المشاعر المؤيدة لإسرائيل في الولايات المتحدة ضد أي رئيس يحاول كبح جماحه.

عندما أعلن باراك أوباما أنه يجب وقف بناء المستوطنات في الضفة الغربية، تجاهله نتانياهو.

وعندما أوقف بايدن تسليم القنابل الأمريكية الصنع التي تزن 2000 رطل والتي كانت تستخدم لتسوية المناطق السكنية في غزة، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي أن هذا "غير مقبول"، وقبل لاحقاً دعوة من الجمهوريين لإلقاء كلمة أمام الكونغرس والاجتماع مع ترامب.

The Middle East and the US election: how they could affect each other https://t.co/AzCFTEFx9Y

— Guardian US (@GuardianUS) October 11, 2024

في خطابه، كان نتانياهو يهاجم رئيساً أمريكياً يتمتع بعلاقة شخصية أقوى بالقضية الإسرائيلية مقارنة بأي من أسلافه، والذي سافر إلى إسرائيل بعد أيام من هجوم السابع من أكتوبر(تشرين الأول) وعانق نتانياهو حرفياً على مدرج المطار.

ومع ذلك، انقلب رئيس الوزراء الإسرائيلي على بايدن عند أول بادرة شك.

كانت رسالة نتانياهو واضحة: أي تردد في توفير الأسلحة أو الدعم الدبلوماسي سوف يترتب عليه تكلفة سياسية باهظة، وسيتم تصوير الزعيم الأمريكي الذي يتحمل المسؤولية على أنه خائن لإسرائيل.

وكانت نتيجة هذا التكتيك إحجاماً عميقاً من جانب الرؤساء المتعاقبين عن استخدام نفوذ الولايات المتحدة، باعتبارها أكبر مورد للأسلحة لإسرائيل على الإطلاق، للحد من تجاوزات ائتلاف نتانياهو بأي طريقة ذات مغزى، في غزة أو الضفة الغربية أو لبنان.

وبدون هذه النفوذ، فإن سلسلة مبادرات وقف إطلاق النار الأمريكية هذا العام لم تسفر عن شيء، حيث تجاهلها نتانياهو بطرق كانت في بعض الأحيان مهينة للغاية للولايات المتحدة كقوة عظمى وشريك مهيمن مفترض في العلاقة.

وقالت داليا شيندلين، المحللة السياسية المقيمة في تل أبيب: "لقد أمضى نتانياهو جزءً طويلاً من حياته المهنية في تحويل أمريكا إلى قضية حزبية، محاولًا إقناع الإسرائيليين بأن ثروات إسرائيل مرتبطة بالزعماء الجمهوريين".

After Bill Clinton’s first official meeting with Netanyahu, he turned to an aide & said: “Who is the f***** superpower here?”
Israel has always had “escalation dominance” over the US & never more than with Biden. Bibi “is running rings around Biden” https://t.co/KG4WdwJrBg

— Liz Sly (@LizSly) October 5, 2024 مسار مختلف لهاريس

من غير الواضح ما إذا كانت إدارة هاريس ستتبع مساراً مختلفاً تماماً عن مسار بايدن. من ناحية أخرى، ليس لدى هاريس نفس التاريخ الشخصي مع إسرائيل مثل بايدن، وإذا فازت في نوفمبر(تشرين الأول) فستكون أكثر حرية في تجربة تغيير في السياسة.

ومن ناحية أخرى، فإن الفوز في الانتخابات في مواجهة السخط الديمقراطي الواسع النطاق بشأن الشرق الأوسط قد يقنع هاريس بأن التهديد التقدمي بشأن هذه القضية يمكن تجاهله.

وقالت شيندلين: "أحد السيناريوهات هو أن تفوز كامالا هاريس وتواصل سياسات جو بايدن، والتي تتمثل في أننا نريد أن نفعل الشيء الصحيح، لكننا في الأساس سنسمح لإسرائيل بفعل ما تريده".

وتكمل: "أو قد تصبح أكثر صرامة، بما يتماشى مع جناح أكثر تقدمية في الحزب الديمقراطي، وتقول: سنبدأ في تطبيق القانون الأمريكي على تصدير أسلحتنا وهو ما أشك فيه بصراحة".

ويبدو من المؤكد تقريباً أن عملية اتخاذ القرار لدى نتانياهو تتأثر بتوقع عودة ترامب إلى البيت الأبيض.

President Biden spoke with Israeli Prime Minister Benjamin Netanyahu on Wednesday for the first time in weeks, amid heightened tensions between the leaders as Israel calibrates its expected retaliatory strike against Iran. https://t.co/w4J3mPVOK7 pic.twitter.com/hbCVTpQS35

— The Hill (@thehill) October 9, 2024

مع عودة ترامب إلى البيت الأبيض، لن يضطر نتانياهو إلى التعامل مع مقاومة الولايات المتحدة للسيطرة الإسرائيلية الأكبر، وحتى ضم الضفة الغربية.

في عام 2019، اعترفت إدارة ترامب بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان التي ضمتها إسرائيل. وكان سفير ترامب السابق في إسرائيل ديفيد فريدمان يتقدم لاختبارات لتولي دور في فترة ولايته الثانية من خلال كتاب جديد بعنوان "دولة يهودية واحدة"، يزعم فيه أن إسرائيل يجب أن تبتلع الضفة الغربية بالكامل.

يقول الزميل البارز في معهد الشرق الأوسط خالد الجندي: "مع وجود ترامب في البيت الأبيض، يصبح الضم احتمالًا أكثر نشاطاً، إنها إدارة ستكون أقل اهتماماً بحياة الفلسطينيين من الإدارة الحالية، إنهم لن يقدموا حتى خدمة لفظية للمساعدات الإنسانية".

The Middle East and the US election: how they could affect each other https://t.co/AzCFTEFx9Y

— Guardian US (@GuardianUS) October 11, 2024 نتانياهو وترامب

ولكن هناك قدر أقل من اليقين بشأن ما إذا كان الرئيس المنتخب حديثاً ترامب سوف يساعد نتانياهو في تحقيق هدفه الاستراتيجي الطويل الأمد: تجنيد الولايات المتحدة لشن هجوم حاسم على البرنامج النووي الإيراني.

كانت سياسة ترامب في الشرق الأوسط خلال ولايته الأولى مبنية على العداء لإيران، وفي الأسابيع الأخيرة من ولايته، أعطى ترامب الضوء الأخضر لاغتيال قائد الحرس الثوري قاسم سليماني. ومن ناحية أخرى، ألغى ترامب ضربة صاروخية على إيران في يونيو (حزيران) 2019 لأنه اعتقد أن الخسائر المدنية المحتملة غير متناسبة مع الرد على إسقاط طائرة أمريكية بدون طيار، وإحدى نقاط الاتساق في سياسة ترامب الخارجية هي نفوره من تورط الولايات المتحدة في الحروب الخارجية.

Appearing with Israeli Prime Minister Benjamin Netanyahu, Pres. Trump says he will sign a proclamation to recognize Israeli's sovereignty over the Golan Heights."

"Today I am taking historic action to promote Israel's ability to defend itself." https://t.co/6iunq1Z3ZE pic.twitter.com/szKEgVgjfc

— ABC News (@ABC) March 25, 2019

ربما يأمل نتانياهو في فوز ترامب في نوفمبر (تشرين الثاني)، لكن الدعم الذي سيتلقاه من واشنطن من المرجح أن يكون أكثر ارتباطاً بالعمليات وأقل عاطفية من الدعم الذي يتلقاه بايدن.

ويخشى رام بن باراك، رئيس الاستخبارات الإسرائيلي السابق، أن يؤدي الجمع بين ترامب ونتانياهو في الأمد البعيد إلى تسميم العلاقة الأساسية بين بلديهما.

وقال بن باراك: "إن ما يميز علاقتنا بأمريكا هو تقاسم نفس القيم، وفي اللحظة التي يكون فيها رئيس وزراء إسرائيلي بلا قيم، كما هو الحال اليوم، ورئيس أمريكي بلا قيم مثل ترامب، لست متأكداً من أن هذه العلاقة ستستمر".

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية السابع من أكتوبر السياسة الخارجية الشرق الأوسط كامالا هاريس الحملة الرئاسية بناء المستوطنات رئيس الوزراء سلسلة مبادرات حياته المهنية إدارة هاريس القانون الأمريكي عودة ترامب الرئيس المنتخب نتانياهو غزة وإسرائيل الانتخابات الأمريكية ترامب نتانياهو كامالا هاريس الولایات المتحدة الضفة الغربیة الشرق الأوسط کامالا هاریس فی غزة

إقرأ أيضاً:

الخارجية الأمريكية: قرار الأمم المتحدة بشأن غزة “غير جاد ومنحاز ضد إسرائيل”

غزة – وصفت وزارة الخارجية الأمريكية قرار الأمم المتحدة بشأن غزة الأخير، الذي يدعو إسرائيل إلى تطبيق قرار محكمة العدل الدولية بإدخال المساعدات إلى القطاع بأنه غير جاد ومنحاز ضد إسرائيل.

وقالت الخارجية الأمريكية في بيان إن “الجمعية العامة للأمم المتحدة أصدرت اليوم قرارا جديدا غير جاد ومنحاز، مما يظهر استمرار هيمنة التحيز ضد إسرائيل على الدبلوماسية الجوهرية في المنظمة”.

وأضافت أنه “في ظل القيادة الرشيدة للرئيس دونالد  ترامب، اعتمد مجلس الأمن الدولي القرار 2803 لإنهاء الحرب في غزة وتقديم حل حقيقي للقتال، وخلق أفق سلمي لسكان غزة والإسرائيليين والشرق الأوسط عموما. ومنذ ذلك الحين، تدفقت المساعدات على غزة، وحافظت الولايات المتحدة، إلى جانب شركائها، على زخم الجهود نحو سلام دائم. ومع ذلك، اختارت الجمعية العامة للأمم المتحدة طرح قرار مثير للانقسام ومسيس، قائم على ادعاءات باطلة، ويشتت الانتباه عن الدبلوماسية الواقعية”.

ولفت البيان إلى أن “القرار يؤكد على ضرورة أن تنفذ إسرائيل الاستنتاجات المضللة وغير الصحيحة لرأي استشاري غير ملزم صادر عن محكمة العدل الدولية. إن استخدام مثل هذه الآراء يعد استهزاء بالقانون الدولي. الآراء الاستشارية ليست أساسا للتشريعات، وفكرة إجبار أي دولة من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة على التعاون مع أي منظمة تعد انتهاكا صارخا للسيادة. وتقف الولايات المتحدة إلى جانب إسرائيل رافضة هذا المفهوم رفضا قاطعا”.

وتابع: “علاوة على ذلك، ترفض الولايات المتحدة أي محاولة لتمكين وكالة الأونروا، وهي وكالة تابعة لحركة الفصائل، متورطة في فظائع 7 أكتوبر، وتفتقر إلى الرقابة الفعالة، وتواصل الترويج لمعاداة السامية وتمجيد الإرهاب. إنها وكالة غير خاضعة للمساءلة، وفاسدة، ولن يكون لها أي مكان في غزة.

ستواصل الولايات المتحدة تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2803، ساعية لتحقيق رؤية الرئيس ترامب لغزة مسالمة ومزدهرة، لا تشكل منطلقا للإرهاب لتهديد إسرائيل، حيث يستطيع سكان غزة تقرير مصيرهم بأنفسهم، بعيدا عن حكم الإرهابيين”.

 

المصدر: RT

مقالات مشابهة

  • الخارجية الأمريكية: قرار الأمم المتحدة بشأن غزة “غير جاد ومنحاز ضد إسرائيل”
  • تأهيل إسرائيل لعضوية الشرق الأوسط
  • أميركا حجبت معلومات مخابراتية عن إسرائيل خلال عهد بايدن
  • إدارة بايدن تجمد التعاون الاستخباراتي مع إسرائيل بسبب جرائم حرب في غزة
  • ترامب يعلن حربًا على قوانين الذكاء الاصطناعي في الولايات الأمريكية
  • إسرائيل تبلغ الولايات المتحدة بأنها ستتحرك بنفسها لنزع سلاح حزب الله في لبنان
  • الولايات المتحدة تطالب إسرائيل بإزالة الأنقاض من غزة
  • هند الضاوي: ترامب يعتبر جماعة الإخوان أحد أدوات الحزب الديمقراطي في الشرق الأوسط
  • عاجل. بارّاك: هذه لحظة ترامب في الشرق الأوسط وإيران هي العقبة وطبيعة المنطقة القبلية تمنع قيام دول كبرى
  • وزير الخارجية يستعرض جهود مصر والولايات المتحدة لدعم الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط