ماذا فعلت الطائفية بالمجتمعات ؟
تاريخ النشر: 12th, October 2024 GMT
منذ 48 مرت الشعوب العربية خصوصاً شعوب المشرق بمرحلتين متمايزتين ومتضادتين من المناعة السياسية والأخلاقية.
تمتد الأولى لنصف قرن ورغم الهزائم والانكسارات وانهيار المشروع العربي والخوض في عمليات سلام عرجاء وتطبيع جزئي من الكيان بحكم الواقعية السياسية او الأنانية القُطرية مع هذا تحصنت الشعوب -الشعوب تحديدا – بموقف ثابت من القضية الفلسطينية ورسمت لنفسها خطوطاً واضحة تعرف بها الصديق من غير الصديق.
قبل نصف قرن كانت معدلات التعليم اقل لكن ضمائر الشعوب يقظة ولم تخترقها الدعاية.
بل إن الشعوب التي انخرطت انظمتها في اتفاقيات وتبادل تجاري سري وعلني كانت اكثر يقظة وحذرا ووعياً ومانعة.
وكلما انزلق النظام اكثر نحو التقارب تعاضدت ممانعة الشعوب اكثر.
حتى التطبيع كان مرهونا بمكاسب عملية تستعيد الأرض او تكبح تمدد الكيان وتفتح آفاقا مستقبلية للسلام، ولو مجرد وهم.
المرحلة الثانية وتجلت اكثر ما يكون مع سقوط بغداد في يد النظام الإيراني واجتثاث ملامح المرحلة السابقة. هي لحظة توغل النظام الإيراني وتطييفه للمنطقة العربية واختطاف القضية الفلسطينية ودعم جماعات إرهابية لمجرد انها شيعية لتقتل وتفتك باهلها وجيرانها أولا وأخيرًا تحت مسمى مقاومة الكيان حتى انهار السقف الأخلاقي واختلط العدو بالصديق وتغيرت الأولويات.
لم يعد اليوم معنى لاستباحة الأراضي العربية على يد الكيان المخضبة بالدم والجريمة. “ما سيحدث لن يكون اسوا مما حدث على يد اذرع ايران”، هذا لسان حال من اكتوى بنار الطائفية في عواصم عربية عديدة.
بفضل لعنة الطائفية والدعم الإيراني كان الكيان يفاخر بانه الأقل عنفاً وأن حروبه الأكثر أخلاقية. نعم. لقد صفروا عداد حسابه من الجرائم بجرائمهم التي لا يستطيع أي خيال تصورها.
ان البعض أصبح يتصور ان الخلاص سياتي على شكل قنابل الكيان وصواريخه. ودعاية الكيان منتشرة تتبناها نخب ويسوقها افراد عاديون عربا ومسلمين.
اما التطبيع فأصبح بلا مقابل ولا مشروط سياسيا وخارج أي حساب للقضية الفلسطينية انما لمجرد احتواء التمدد الطائفي وأطماعه في بقية العواصم العربية.
اليوم العواصم العربية مجردة من أي قوة بما في ذلك القوة الدبلوماسية لكبح هذا الجحيم. لقد فاتت حتى فرصة بناء سلام بطرق دبلوماسية. شُطبت فكرة إقامة دولة فلسطينية من القاموس السياسي.
هذه حصيلة عقود من نسف النسيج الاجتماعي وإشعال فتن الطائفية وفك عقال مجرمين لديهم ثأر تاريخي متوهم من مسلمين مثلهم.
كل دول المشرق العربي اصابتها هذه اللوثة بما فيها اليمن التي تفكر شعوبها المنقسمة على هذا النحو. او أن خجلت فإنها لم تعد تكترث لما ستؤول اليه الأمور.
فمن كان يتصور ان تصب صنعاء او الحديدة بقصف لطيران الكيان دون ان يشمل الغضب اليمن من أقصاه الى اقصاء. لقد فعلها الحوثي. أمات في الناس حمية الغضب على أرضهم واستخلط فيهم العدو والصديق.
لافتة اليوم العريضة في دول المشرق التي مستها لعنة النظام الإيراني وسم طائفيته الزعاف هي التشفي. هذه النتيجة الطبيعية لخوض معركة وطنية او قومية بشعارات طائفية ومن خارج الدولة الوطنية وعلى حساب السلم الاجتماعي والوئام التاريخيّ.
كل تمدد طائفي بالدم والكراهية والتصفية والتهجير كان النظير الموضوعي لاتساع رقعة الكيان وتغوله.
ها هو الامتداد الطائفي ينكمش بأسرع مما هو متوقع تشيعه تغاريد المتشفييات المكلومات منه ويترك فراغا يملؤها صوت نتنياهو النشاز وتفاخره بان لا مكان في الشرق الأوسط إلا وتطاله يد كيانه.
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: اليمن كتابات مصطفى ناجي
إقرأ أيضاً:
ماذا طلب الرئيس السيسي من ترامب خلال كلمته في القمة العربية ببغداد؟
أطلق الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم السبت، رسالة سياسية قوية غير تقليدية وغير بروتوكولية خلال كلمته في القمة العربية 34 التي استضافتها العاصمة العراقية بغداد، تحمل في طياتها بعدا إنسانيا ساميا يعبر عن الشعب المصري وعن أصحاب القلوب في هذا العالم، وتعكس إدراكا عميقا لطبيعة المرحلة، وما تفرضه من تحديات على الأمن القومي العربي.
ماذا طلب الرئيس السيسي من ترامبكانت البداية بوصف الرئيس السيسي لما يحدث في قطاع غزة حاليا بالإبادة الممنهجة، والتدمير الواسع النطاق، ثم تحدث بعدها عن الجهود المصرية منذ بداية عدوان الاحتلال الإسرائيلي على غزة في 7 أكتوبر 2023، وعن قيادة القاهرة، بالتنسيق مع قطر والولايات المتحدة، مسارًا تفاوضيًا شاقًا لوقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية.
وثمن بعدها الرئيس السيسي جهود الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، رئيس الولايات المتحدة، التي أثمرت عن اتفاق لوقف إطلاق النار في يناير 2025، رغم فشله لاحقًا في الصمود أمام العدوان المتجدد.
ليطالب الرئيس السيسي بعدها الرئيس «ترامب»، بصفته قائدا يهدف إلى ترسيخ السلام، ببذل كل ما يلزم من جهود وضغوط، لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، تمهيدا لإطلاق عملية سياسية جادة - يكون فيها وسيطا وراعيا - تفضى إلى تسوية نهائية تحقق سلاما دائما، على غرار الدور التاريخي الذى اضطلعت به الولايات المتحدة، في تحقيق السلام بين مصر وإسرائيل في السبعينيات، ليؤكد بذلك أن واشنطن لا تزال تملك مفاتيح الحل في هذا الأمر إذا تعاملت بنزاهة وعزم في هذه الوساطة.
وكشف الرئيس السيسي بعدها عن نية مصر تنظيم مؤتمر دولي للتعافي المبكر وإعادة الإعمار، فور توقف العدوان، وهو ما يعكس استمرار الدور المصري كفاعل مركزي في ملف الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي.
وتشديدا على أن السلام لن يسود الشرق الأوسط إلى بوجود دولة للفلسطينيين تحميهم وتحفظ لهم حقوقهم، قال الرئيس السيسي: «حتى لو نجحت إسرائيل، في إبرام اتفاقيات تطبيع مع جميع الدول العربية، فإن السلام الدائم والعادل والشامل في الشرق الأوسط، سيظل بعيد المنال، ما لم تقم الدولة الفلسطينية، وفق قرارات الشرعية الدولية».
اقرأ أيضاً«العليمي» يشكر مصر والرئيس السيسي على التسهيلات الممنوحة لليمنيين
الرئيس السيسي يغادر العاصمة العراقية بغداد عقب المشاركة في القمة العربية
الرئيس السيسي: يجب انسحاب إسرائيل من الجنوب اللبناني واحترام سيادتها على أراضيها