هل يجب على هاريس وترامب كشف تفاصيل حالتهما الطبية للناخبين؟
تاريخ النشر: 13th, October 2024 GMT
تُعد التقارير الطبية لمرشحي الرئاسة الأميركية وحتى الرؤساء من المواضيع الحساسة التي تثير الكثير من النقاشات في الساحة السياسية.
الوضع الصحي للرئيس، جو بايدن، كان ملفا ساخنا في حملته الانتخابية 2024 قبل أن يقرر لاحقا الانسحاب من هذا الماراثون الانتخابي.
ومع قرب موعد الاقتراع في الخامس من نوفمير، يتحول وضع المرشحين الصحي إلى مادة دسمة للنقاش، مما يعكس اهتمام الجمهور بمسألة الصحة والقدرة على أداء المهام الرئاسية.
نائبة الرئيس الأميركي والمرشحة الديمقراطية لانتخابات الرئاسة، كاملا هاريس، نشرت السبت رسالة من طبيبها، يقول فيها إنها تتمتع بصحة جيدة ويمكنها تقلد المنصب الرفيع.
وتنافس هاريس (59 عاما) ترامب (78 عاما) على رئاسة الولايات المتحدة. وقال أحد مساعدي هاريس إن المعلومات الطبية التي كُشف عنها، تهدف لتسليط الضوء على رفض ترامب القيام بذلك.
تقرير هاريس الأخير عن حالتها الصحية، طرح تساؤلات حول مدى ضرورة معرفة الناخبين لحالة المرشحين الصحية. وهل يجب أن تكون الصحة العامة جزءًا من تقييم قدرة المرشح على تولي المنصب؟
وفي عالم تسيطر عليه المعلومات، أصبح الكشف عن السجل الطبي للمرشحين مؤشرًا على الجدية والشفافية. ومع ذلك، قد يُعتبر الكشف عن بعض المعلومات الطبية تعديًا على الخصوصية الشخصية.
العديد من المؤسسات والجامعات الأميركية بحثت في هذا الموضوع وتساءلت إلى أي مدى يجب أن نعرف عن صحة المرشحين، وكيف يؤثر ذلك على ديمقراطيتنا، والأهم من ذلك هل الكشف عن الوضع الصحي هو موضوع أخلاقي؟
كلية القانون في جامعة بوسطن ناقشت هذا الأمر قبل ثلاثين عاما، ونشرت تقريرا آنذاك بعنوان صحة الرئيس ومرشحي الرئاسة وحق الجمهور في المعرفة.
يقول التقرير إن الأمور التي نريد معرفتها عن صحة الرؤساء والمرشحين للرئاسة تخبرنا الكثير عن أنفسنا أكثر مما تخبرنا عنهم، فهي تكشف لنا عن مخاوفنا وآمالنا.
الإفصاح عن هذه التقارير الطبية "المعقولة"، بحسب التقرير، يعد أمرًا مسلمًا به وقد لا يكون ضارا، "لكن "يجب علينا أن نظهر على الأقل بعض الاحترام لخصوصيتهم الطبية من خلال وضع حد للتوقعات".
ولا توجد قاعدة قانونية أو إجرائية بسيطة يمكن أن تضمن ذلك، بحسب التقرير الذي أشار إلى أن، التعديل الخامس والعشرين في الدستور الأميركي، يوفر مجموعة جيدة من الإجراءات التي يمكننا وضعها للتعامل مع العجز المؤقت للرئاسة.
ويضيف التقرير أنه قبيل الانتخابات الرئاسية، سيتعين على الرؤساء الكشف عن تفاصيل الإصابات والأمراض التي أصيبوا بها، لكن لا بد ان لا تكون ذريعة "للفضول المدفوع من قبل ما وصفته بـ "الصحافة الصفراء" حول المعلومات الطبية الخاصة للمرشحين الرئاسيين.
وخلال كل موسم انتخابي، يسأل الأميركيون ذات السؤال: كم من المعلومات عن صحة مرشح الرئاسة يحق للجمهور معرفتها؟ ويقول التقرير إن "الخصوصية الطبية هي مبدأ قانوني وأخلاقي مركزي يقضي بأنه لا ينبغي للأطباء الكشف عن معلومات طبية خاصة لأشخاص غير معنيين برعاية المريض دون إذن المريض" فعلاقة الطبيب بالمريض هي علاقة سرية، ويُعتبر انتهاك السرية غير أخلاقي "إلا إذا كان ضروريًا لحماية صحة الجمهور".
وتوجد استثناءات لهذه القاعدة للرؤساء أو مرشحي الرئاسة. هذا لا يعني بحسب التقرير، أن يضلل "أطباء" الرئيس الجمهور بشأن صحة الرئيس، ومع ذلك، فقد فعل الكثيرون ذلك وسبب "حالة من القلق بين الجمهور" كما حدث مع الوضع الصحي للرؤساء روزفلت وايزنهاور وجون كينيدي وريغان، إذ لم يكن الرؤساء دائمًا سعداء بالمعلومات التي أصدرها أطباؤهم حتى عندما أذنوا بـالكشف عنها.
والدراسة التي نشرتها جامعة بوسطن أوضحت أيضا أن الحملات الرئاسية لا تركز على الحاضر، بل تهتم بالمستقبل، وهذا ما يجعل الوضع الصحي للمرشح، "مشكلة"، وتضيف "مهما كانت الآراء حول الخصوصية الطبية للمرشحين، إلا أن صحة الرئيس موضوع أكثر شرعية يهم الجمهور من صحة المرشحين لهذا المنصب"
لكنها تضيف أن هذا لا يعني أنه يجب أن تكون السجلات الطبية للرئيس متاحة للجمهور بشكل روتيني، بل يعني فقط أنه يجب توفير معلومات كافية ودقيقة عند حدوث مرض أو إصابة للرئيس.
وتنتشر الشائعات بسرعة عندما لا تتوفر الحقائق، علاوة على ذلك، فإن أحكام التعديل الخامس والعشرين للدستور، الذي ينص على عجز الرئيس، تنطبق فقط على الرئيس، وليس على المرشحين.
وعلى الرغم من أن الأطباء لا يستطيعون التنبؤ بدقة كيف ستؤثر الحالة الصحية للمرشح على قدرته على أداء المهام السياسية، إلا أن الجمهور قد يأخذ آراءهم حول احتمال الوفاة أو العجز في المنصب على محمل الجد.
على سبيل المثال، كان على الرئيس أيزنهاور اتخاذ قرار بشأن الترشح لفترة ثانية بعد تعرضه لجلطة قلبية. وجد مستشاره الطبي الشهير، بول دادلي وايت، نفسه في موقف كان يمكن أن يمنحه فعليًا حق الفيتو على القرار إذا قال علنًا إن أيزنهاور يجب ألا يترشح لإعادة الانتخاب بسبب صحته.
حاول وايت في البداية إقناع أيزنهاور بعدم الترشح لكن القرار كان بيد الرئيس، عانى أيزنهاور من العديد من المشكلات الطبية خلال فترة ولايته الثانية، لكنه نجا من جميعها وعاش ثماني سنوات أخرى بعد مغادرته المنصب.
وفي حالة أخرى، لم تُكتشف العلامات الأولى الواضحة لسرطان المثانة لدى نائب الرئيس الأسبق هوبرت همفري حتى عام 1969، بعد أن خسر الانتخابات الرئاسية عام 1968 أمام ريتشارد نيكسون. وقد تم الاقتراح أنه لو كانت التقنيات متاحة، لكان من الممكن اكتشاف السرطان مسبقا، وربما كان سيتراجع عن السباق الرئاسي.
والان تنافس المرشحة الديمقراطية كاميلا هاريس (59 عاما) ترامب (78 عاما) على رئاسة الولايات المتحدة. وتحرص حملة هاريس على تسليط الضوء على سن الرئيس السابق منذ أن أصبح المرشح الأكبر سنا في السباق بعد تنحي الرئيس جو بايدن (81 عاما) عن الترشح عقب أداء ضعيف في مناظرة أمام ترامب.
ويخوض المرشحان للرئاسة عن الحزبين الديمقراطي والجمهوري سباقا محتدما.
تقول وكالة رويترز، إن حملة هاريس تأمل أن يؤدي إبراز التباين بين شبابها النسبي وحضورها الذهني مع عمر ترامب الكبير وميله إلى المراوغة، بالإضافة إلى الاختلافات في الشفافية بين الاثنين، إلى مساعدتها في إقناع الناخبين الذين لم يستقروا على مرشح بعد بأنها الأنسب للمنصب.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الوضع الصحی الکشف عن
إقرأ أيضاً:
الإعلام في ملعب الرياضة
في مصر، لم تعد الرياضة مجرد لعبة تُمارس داخل حدود الملعب، بل أصبحت مشهدا متكاملا يُعرض على الشاشات وتتحكم في تفاصيله وسائل الإعلام المختلفة. من صوت المعلّق الرياضي، إلى زوايا التصوير وحركة الكاميرات، مرورا ببرامج التحليل الرياضي ووسوم مواقع التواصل الاجتماعي، بات الإعلام هو الفاعل الرئيس في المشهد الرياضي، والمتحكم في توجهات الجمهور ومشاعره.
فهو من يصنع النجوم، ويمنح بعضهم الشعبية والدعم، بينما يسلّط الضوء على آخرين كأهداف للانتقاد. وهنا يبرز تساؤل جوهري: ما مدى تأثير الإعلام على وعي الجمهور وسلوكهم في متابعة الرياضة؟ وهل يسهم الإعلام فعلا في خدمة الرياضة وتطويرها بجوانبها المختلفة، أم أنه يكرّس مشاهد التعصب والصراعات التي تضر بالروح الرياضية؟
في هذا المقال، سنلقي الضوء على الدور المتنامي للإعلام الرياضي في مصر، وكيف أصبح "ملعب الرياضة" في قبضة الكاميرا والميكروفون، لنكشف كيف يصوغ الإعلام وعي الجمهور، ويوجه مشاعرهم وتوجهاتهم داخل الملاعب وخارجها.
هذا الدور لا يُمارَس دائما بحيادية أو موضوعية، فكثير من الوسائل الإعلامية تميل في تغطيتها إلى الانحياز لأندية أو شخصيات بعينها، وهو ما ينعكس على طبيعة المحتوى المُقدَّم ويؤدي إلى ظهور ما يمكن تسميته بـ"التعصب الإعلامي"
الإعلام.. الحكم غير المرئي
لعب الإعلام الرياضي في مصر دورا يفوق بكثير حدود نقل الأخبار أو بث المباريات، حيث أصبح عنصرا محوريا في تشكيل الصورة الذهنية لدى الجمهور عن اللاعبين، والأندية، وكافة الأحداث الرياضية. ومع التزايد الملحوظ في عدد القنوات الفضائية المتخصصة، والبرامج التحليلية التي يقدمها إعلاميون وخبراء، تعاظم تأثير الإعلام ليصبح الفاعل الأبرز في المشهد الرياضي.
غير أن هذا الدور لا يُمارَس دائما بحيادية أو موضوعية، فكثير من الوسائل الإعلامية تميل في تغطيتها إلى الانحياز لأندية أو شخصيات بعينها، وهو ما ينعكس على طبيعة المحتوى المُقدَّم ويؤدي إلى ظهور ما يمكن تسميته بـ"التعصب الإعلامي". هذا التعصب لا يبقى حبيس الشاشات، بل ينتقل إلى الجماهير، مسببا انقسامات حقيقية داخل المجتمع الرياضي، ويؤثر سلبا على تجربة المشاهدة والاستمتاع الحقيقي بالرياضة بوصفها وسيلة للترفيه والتقريب بين الناس، لا وسيلة للانقسام والخلاف.
السوشيال ميديا.. الجمهور بات صوتا لا يُمكن تجاهله
غيّرت منصات التواصل الاجتماعي قواعد المشهد الرياضي بشكل جذري، حيث لم يعد الجمهور مجرد متلقٍ للمحتوى، بل أصبح طرفا فاعلا يعبّر عن آرائه، ويدافع عن مواقفه، بل ويهاجم أحيانا، متفاعلا بشكل مباشر مع اللاعبين والأندية والمسؤولين. فقد أصبحت منصات مثل "إكس" و"فيسبوك" و"إنستجرام" أدوات رئيسية في تداول الأخبار الرياضية، وصناعة نجومية جديدة، إلى جانب دورها -في بعض الأحيان- في نشر الشائعات والمعلومات غير الدقيقة.
هذا التفاعل المفتوح يحمل في طيّاته آثارا مزدوجة. فمن جهة، أتاح للجمهور مساحة واسعة للمشاركة والتعبير عن الرأي، وأسهم في تعزيز التفاعل بين الجماهير والمشهد الرياضي. ومن جهة أخرى، ساهم في تفشي ظاهرة "التعصب الإلكتروني"، وانتشار خطابات الكراهية، التي تجاوزت حدود النقاش الرياضي ووصلت أحيانا إلى مستوى الإساءات الشخصية، ما انعكس سلبا على الحالة النفسية للعديد من اللاعبين والمسؤولين، وهدّد أحيانا القيم الحقيقية التي يفترض أن تحملها الرياضة من تسامح واحترام وتنافس شريف.
حالة إبراهيم فايق: تمثيلية الغضب في ملعب الإعلام
في أعقاب وفاة اللاعب أحمد رفعت، تحوّلت وسائل الإعلام إلى ساحة معركة جديدة. خرج الإعلامي إبراهيم فايق بحلقة استثنائية بدا فيها وكأنه يُجسّد الغضب الجماهيري، يشارك الناس ألمهم ويعبّر عن سخطهم تجاه الظلم والفساد في الرياضة. لكن الحقيقة كانت أبعد ما تكون عن هذا المشهد الدرامي؛ ففايق لم يكن سوى جزء من آلة إعلامية مُصمَّمة لامتصاص غضب الشارع، وتحويل ثورته إلى عرض مسرحي يُدار بعناية، يطمئن النظام ويمنح الناس انطباعا زائفا بأن هناك من يسمعهم ويعبّر عنهم.
بدلا من أن يكون الإعلام منبرا للمساءلة الحقيقية والضغط من أجل التغيير، تحوّل إلى مسرح لتسطيح الأزمات، وتقديم حلول شكلية لا تمسّ جذور المشكلة. وفي هذه التمثيلية، لم يُسمح لأي صوت ناقد أن يتجاوز حدودا مرسومة، ولا لأي سؤال جريء أن يُطرح.
كان الجمهور في الواجهة، وفايق هو البطل المؤقت الذي أدّى دوره ببراعة، لكنه في النهاية أعاد إنتاج الواقع ذاته الذي يرفضه الناس.
هذه الواقعة ليست مجرد حدث إعلامي عابر، بل نموذج صارخ لكيفية تحوّل الإعلام من أداة للتنوير والمساءلة، إلى وسيلة للتحكم في المشاعر وتفريغ الغضب بشكل محسوب، يضمن استمرار الأوضاع كما هي دون إحداث أي تغيير حقيقي.
بدلا من أن تظل الرياضة مساحة حرّة للتنافس النزيه والتعبير الجماهيري، تُختزل إلى وسيلة لإيصال رسائل موجَّهة، وهو ما ينعكس سلبا على وعي الجمهور وطريقة ممارسته للتشجيع
الإعلام والرياضة.. أداة سياسية واجتماعية
في مصر، كثيرا ما تتحوّل الرياضة والإعلام الرياضي إلى أدوات في يد السلطة السياسية. إذ يتم توظيف الأحداث الرياضية بصورة متكررة لنقل رسائل سياسية أو اجتماعية، سواء من خلال التغطية الانتقائية أو عبر بث الخطابات الرسمية خلال الفعاليات الرياضية.
هذا التوظيف يحوّل الإعلام الرياضي إلى منصة خاضعة للرقابة والسيطرة، مما يؤثر بشكل مباشر على طبيعة المحتوى المُقدَّم، ويُعيد تشكيل العلاقة بين الجمهور والمجال الرياضي. وبدلا من أن تظل الرياضة مساحة حرّة للتنافس النزيه والتعبير الجماهيري، تُختزل إلى وسيلة لإيصال رسائل موجَّهة، وهو ما ينعكس سلبا على وعي الجمهور وطريقة ممارسته للتشجيع.
ختاما
يمثّل الإعلام في المجال الرياضي أكثر من مجرد وسيط لنقل المباريات والأخبار؛ فهو عنصر فاعل في صناعة النجوم، وتشكيل وعي الجمهور، وصياغة المناخ العام المحيط بالرياضة في مصر. وتتسع أدواره لتشمل خلق مشاعر الفرح والحماس، وكذلك إثارة الجدل أحيانا، بل وحتى تعزيز مظاهر التعصّب.
من هنا، تبرز الحاجة المُلِحّة إلى تفعيل دور الإعلام الرياضي بشكل مهني ومسؤول، بما يعزز من مكانة الرياضة كمساحة للتلاقي لا للانقسام، ويسهم في بناء جمهور واعٍ، يمارس التشجيع بروح رياضية قائمة على التنافس الشريف والتسامح.