النذر المعلق على مشيئة الله تعالى.. الإفتاء توضح معناه وحكمه
تاريخ النشر: 13th, October 2024 GMT
ما حكم النذر المعلق على مشيئة الله تعالى؟، سؤال أجابته عنه دار الإفتاء المصرية من خلال موقعها الرسمي، ونوضحه من خلال التقرير التالي.
حكم النذر المعلق على مشيئة الله تعالىقالت الإفتاء إن النَّذْرُ عبارة عن إِيجاب المرءِ على نفسه فِعْلَ الْبِرِّ من صَدَقَة، أَو عبَادَة، أَو نَحْوهمَا، وقد أوجب الشرع الشريف على المُكلَّف الوفاء بالنذر ما دام المنذور طاعة لله سبحانه وتعالى، قال تعالى: ﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ﴾ [البقرة:270]، وقال تعالى: ﴿ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج: 29].
وعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلَّم قال: «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلَا يَعْصِهِ» أخرجه البخاري في "صحيحه". وقال صلى الله عليه وآله وسلَّم لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: «أَوْفِ بِنَذْرِكَ»؛ حينما قال للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: "إِنِّي نَذَرْتُ فِي الجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً فِي المَسْجِدِ الحَرَامِ" متفقٌ عليه.
حكم النذر المعلق على مشيئة الله تعالىأما النذر المعلق على مشيئة الله تعالى فذهب الحنفية والحنابلة إلى أنه لا ينعقد، ولا يكون نذرًا يجب الوفاء به أو تلزم عند عدم الوفاء به الكفارة، واشترطوا لذلك أن يتصل الاستثناء أو التعليق بالنذر لفظًا أو حكمًا فلا يضر الانفصال اليسير كانقطاعه بتنفس أو سعال ونحوه.
قال الإمام السرخسي الحنفي في "المبسوط" (8/ 143، ط. دار المعرفة): [وإذا حلف على يمين أو نذر، وقال: إن شاء الله موصولًا فليس عليه شيء عندنا.. ولكنا نستدل بقوله تعالى: ﴿سَتَجِدُنِيٓ إِن شَآءَ ٱللَّهُ صَابِرًا﴾ [الكهف: 69] ولم يصبر، ولم يعاتبه على ذلك، والوعد من الأنبياء عليهم السلام كالعهد من غيرهم، وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنِ اسْتَثْنَى فَلَهُ ثُنْيَاهُ»، وعن ابن مسعود وابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم موقوفًا عليهم ومرفوعًا: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ وَقَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَدِ اسْتَثْنَى، وَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ وَلَا كَفَّارَةَ» ... وإن كان مفصولا لقوله تعالى: ﴿وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ﴾ [الكهف: 24]، يعني إذا نسيت الاستثناء موصولا فاستثن مفصولا، ولسنا نأخذ بهذا] اهـ.
وقال الإمام المرداوي الحنبلي في "الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف" (11/ 25-26، ط. دار إحياء التراث): [قوله: (وإن حلف، فقال:"إن شاء الله" لم يحنث، فَعَلَ أو ترك إذا كان متصلًا باليمين)، يعني بذلك في اليمين المكفرة، كاليمين بالله والنذر والظهار، ونحوه لا غير، وهذا المذهب... وقال: ويشترط الاتصال لفظا أو حكما، كانقطاعه بتنفس أو سعال ونحوه] اهـ.
ووافق الشافعيةُ الحنفيةَ والحنابلةَ في قولهم بعدم انعقاد النذر ولا الوفاء به أو الكفارة عند عدم الوفاء بشرط قصد الناذر محض التعليق، لا التبرك بذكر الله تعالى، أو الاستعانة بالله على الوفاء، أو أطلق اللفظ دون قصد.
قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري الشافعي في "أسنى المطالب" -بـ"حاشية الرملي الكبير"- (1/ 575، ط. دار الكتاب الإسلامي) في بيان عدم وجوب الوفاء بالنذر إذا كان مُعلَّقًا: [(لا إن عَلَّقَ) النذر (بمشيئة الله، أو مشيئة زيد) فلا يصح (وإن شاء) زيد؛ لعدم الجزم اللائق بالقُرَب، نعم: إن قصد بمشيئة الله التبرك أو وَقَعَ حدوث مشيئة زيد نعمةً مقصودة كقدوم زيد في قوله: إن قدم زيد فعلي كذا، فالوجه الصحة، وبه صرح الأذرعي في الْأُولَى] اهـ.
وقال الإمام شهاب الدين الرملي الشافعي في "حاشيته" (1/ 575): [(قوله لا إن علق بمشيئة الله) خرج به ما إذا لم يقصد التعليق بأن قصد التبرك أو الاستعانة بالله على الوفاء أو أطلق فإنه يصح (قوله فالوجه الصحة) أشار إلى تصحيحه] اهـ.
وأما المالكية فالمشهور عندهم وهو المعتمد أن النذر المعلق على مشيئة الله تعالى يصح، ويجب الوفاء به، أو الكفارة عند عدم الوفاء، وذلك ما دام النذرُ غيرَ مبهمٍ، كقوله الإنسان: لله عليَّ شيء.
قال العلامة الخرشي المالكي في "شرح مختصر خليل" (3/ 92، ط. دار الفكر): [وأما إن علق النذر على مشيئة الله، كإن كلمت فلانًا فَعَلَيَّ المشي إلى مسجد مكة أو عَلَيَّ الحج إن شاء الله ثم كلمه لزمه ذلك على المشهور] اهـ.
وقال الشيخ عليش في "منح الجليل" (3/ 99، ط. دار الفكر): [(وإن قال) المسلم المكلف: عَلَيَّ كذا (إلَّا أن يبدو لي) أن لا أفعل أو إلا أن يشاء الله، فالمشيئة لا تُفيد في النذر غير المبهم مطلقا على المشهور؛ لأنه نص "المدونة" خلافا لما في الجلاب من قوله: تنفعه المشيئة] اهـ.
والمختار للفتوى هو ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من الحنفية والحنابلة من عدم انعقاد النذر المعلق على مشيئة الله، وهو الموافق لقول الشافعيَّة حالة قصد الناذر محض التعليق، ومن ثمَّ لا يجب الوفاء به، وذلك لغلبة جريان لفظ المشيئة على ألسنة الناس بعد كل كلام، ولو وجب الوفاء بالنذر لما كان للتعليق معنىً، ولحقهم الحرج الشديد، وقد قال الله تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج: 78]، وقال أيضا: ﴿مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ﴾ [المائدة: 6]، ولأن إعمال الكلام أولى من إهماله، ما لم يقصد التبرك أو الاستعانة بالله على الوفاء فإنه يصح نذره، ويلزمه الوفاء به.
وشددت بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنه لا يجب شيء على من علَّق النذر على المشيئة بأن قال: نذرت لله ذبح شاة إن شاء الله، ما دام قد وصل الاستثناءَ بالنذر، كما اشترط الحنفية والحنابلة، أو قصد محضَ التعليق لا غيرَهُ كما قال الشافعية، فإن قصد بقوله: "إن شاء الله" التبرك أو الاستعانة بالله على الوفاء أو أطلق فإنه يصح نذره، ويلزمه الوفاء به.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: النذر النذر المعلق صلى الله علیه وآله إن شاء الله
إقرأ أيضاً:
كيف تغسّل المرأة إذا ماتت وهي حائض؟.. الإفتاء توضح الطريقة الشرعية الصحيحة
كشفت دار الإفتاء المصرية عبر صفحتها على فيس بوك عن كيفية تغسيل المرأة إذا ماتت وهي حائض.
وقالت دار الإفتاء: إذا ماتت المرأة وهي حائض فإنها كغيرها من أموات المسلمين، تغسَّل غسلًا واحدًا فقط وهو غسل الموت، ويسقط غسل الحيض؛ لأنَّه بموتها قد خرجت من أحكام التكليف فسقط عنها كل تكليف، ولم يبقَ عليها عبادة واجبة.
الطريقة الشرعية لتغسيل المتوفى
قالت الإفتاء ان أقل غسل الميت الذي يسقط به الواجب عند الشافعية أن يعمم بدن الميت بالماء، ولا تشترط نية الغسل لصحة غسل الميت.
وأوضحت أن الصفة الكاملة لـ تغسيل الميت فهي على النحو التالي:
1. وضع الميت على مكان الغسل مستلقيا على ظهره وتغطية كامل بدنه بثوب رقيق، ويفضل أن يكون مكان الغسل يسمح بتصريف المياه أولا بأول.
2. أن يكون الغسل في مكان مغلق وتحت سقف، وفي خلوة بحضور المغسل ومن يساعده في الغسل.
3. يفضل أن يكون الغاسل أميناً، فإن رأى خيراً أظهره، وإن رأى غير ذلك ستره.
4. يجب على المغسل ألا ينظر إلى عورة الميت مطلقاً، وألا ينظر إلى باقي جسده إلا للحاجة، كما يحرم عليه مس عورته المغلظة من غير حائل.
5. يستحب استعمال الماء البارد في عملية الغسل إلا إذا اقتضت الحاجة لاستعمال الماء الساخن لإزالة النجاسة التي لا تزول بالماء البارد.
6. لا يزيل الغاسل أي شيء من شعر الميت أو أظافره، ويقوم المغسل بلف خرقة على يده اليسرى، أو ما يسد مكانها كالقفازات ونحوها، ثم يعمل على إسناد الميت بأن يجعل المغسل ركبته خلف قفا الميت ويضع يده اليمنى على كتفه ويحرص على عدم ميلان رأس الميت بوضع إبهامه بنقره قفاه، ويمسح بطن الميت بيده اليسرى حتى تخرج الفضلات إن وجدت، والأفضل استعمال الطيب في هذه الحالة ستراً للرائحة.
7. يقوم بإعادة الميت إلى وضعية الاستلقاء وينجيه فيغسل القبل والدبر مع صب الماء على المكان ليزول ما يخرج من الميت.
8. إزالة الأوساخ من العينين والأنف والفم والأظافر.
9. يوضئ المغسل الميت وضوءاً كاملاً بسننه وأذكاره، ويجب أن يستحضر النية لذلك، ويحرص على عدم صب الماء في الفم أو الأذنين أو الأنف، وينظف فمه ويسوك أسنانه بسبابة يده اليسرى.
10. يغسل رأس الميت بالماء والصابون ثلاث مرات، ثم يغسل يديه مبتدأ برؤوس أصابعه إلى كتفه، ويغسل بعد ذلك ما أقبل من شقة الأيمن نزولاً إلى أصابع قدميه، ثم يفعل ذلك بشقة الأيسر.
11. يقوم بوضع رجل الميت اليمنى على اليسرى ومن ثم قلبه من جنبه الأيسر، ويغسل ما أدبر من شقه الأيمن نزولاً حتى أصابع رجليه، ثم يفعل عكس ذلك، بجعل رجل الميت اليسرى على اليمنى وقلبه من جنبه الأيمن، وغسل ما أدبر من بدنه من كتفه إلى رؤوس أصابع رجليه، ويكرر ذلك ثلاث مرات.
12. يقوم بتعميم بدن الميت بالماء ويستحب أن يكون ممزوجاً بالكافور أو ما يتوفر من الطيب، والأكمل تكرار الغسلات تسع مرات، فإن اقتصر على أقل من ذلك فالغسل صحيح.
13. يفضل أن يقوم بتليين مفاصل الميت بعد غسله، وتنشيف بدنه حتى لا يبتل الكفن.
14. إذا تعذر غسل الميت لسبب من الأسباب كان احترق وتهرى يُمِم وجوباً.
سُنن شرعية في تغسيل المتوفى
وقال الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى بدار الإفتاء، إن الإنسان عندما يموت تظل العينان مفتوحتين لأن الروح عندما تخرج يتبعها البصر فتظل العين شاخصة.
وأضاف أمين الفتوى، "جاءت السنة بإغماض العينين ونغلق العينين والفم حتى لا يقبح منظر الميت، ولا يكون مخيفا، لذلك يستحب إغماض العينين وشد اللحية"، مشيرا إلى أن أعضاء البدن تكون في حالة برود وقبل أن تتيبس نغلق الفم، وتعقب بخيط من فوق رأسه حتى الفم، ما يسهل حالة التغسيل حتى لا تدخل ماءً إلى المعدة التي تكون في ارتخاء فتلوث الكفن.
وتابع: "معنى كلمة يستحب يعني ألا يحرم، وهناك من ينسى ذلك من هول الموقف وينشغل بمصيبته وبالبكاء وبشدة الموقف أو نحو ذلك".
محظورات أثناء تغسيل المتوفى
يكره النظر إلى الميت إلا لحاجة، ويٌستحب لمن يحضر الغسل أن يغض بصره إلا لحاجة أيضاً.
وسبب ذلك هو ستر الميت، وستر عورته أو أي شيء ربما يكره الميت أن يطلع عليه أحد.
وهناك بعض الشيوخ التي رخصت حضور الغسل في بعض القرابة كأن يكون ابنه فيحب أن يكون حاضراً لتغسيله، وقد يكون ذلك من بعض الأقرباء؛ حتى يكون أدعى لرضاه بقدر الله عز وجل؛ لأنه ربما رأى أمارات تبشره بالخير، ويكون ذلك أدعى لصبر الأقرباء.