ما حكم النذر المعلق على مشيئة الله تعالى؟، سؤال أجابته عنه دار الإفتاء المصرية من خلال موقعها الرسمي، ونوضحه من خلال التقرير التالي.

حكم النذر المعلق على مشيئة الله تعالى

قالت الإفتاء إن النَّذْرُ عبارة عن إِيجاب المرءِ على نفسه فِعْلَ الْبِرِّ من صَدَقَة، أَو عبَادَة، أَو نَحْوهمَا، وقد أوجب الشرع الشريف على المُكلَّف الوفاء بالنذر ما دام المنذور طاعة لله سبحانه وتعالى، قال تعالى: ﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ﴾ [البقرة:270]، وقال تعالى: ﴿ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج: 29].

وعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلَّم قال: «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلَا يَعْصِهِ» أخرجه البخاري في "صحيحه". وقال صلى الله عليه وآله وسلَّم لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: «أَوْفِ بِنَذْرِكَ»؛ حينما قال للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: "إِنِّي نَذَرْتُ فِي الجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً فِي المَسْجِدِ الحَرَامِ" متفقٌ عليه.

حكم النذر المعلق على مشيئة الله تعالى

أما النذر المعلق على مشيئة الله تعالى فذهب الحنفية والحنابلة إلى أنه لا ينعقد، ولا يكون نذرًا يجب الوفاء به أو تلزم عند عدم الوفاء به الكفارة، واشترطوا لذلك أن يتصل الاستثناء أو التعليق بالنذر لفظًا أو حكمًا فلا يضر الانفصال اليسير كانقطاعه بتنفس أو سعال ونحوه.

قال الإمام السرخسي الحنفي في "المبسوط" (8/ 143، ط. دار المعرفة): [وإذا حلف على يمين أو نذر، وقال: إن شاء الله موصولًا فليس عليه شيء عندنا.. ولكنا نستدل بقوله تعالى: ﴿سَتَجِدُنِيٓ إِن شَآءَ ٱللَّهُ صَابِرًا﴾ [الكهف: 69] ولم يصبر، ولم يعاتبه على ذلك، والوعد من الأنبياء عليهم السلام كالعهد من غيرهم، وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنِ اسْتَثْنَى فَلَهُ ثُنْيَاهُ»، وعن ابن مسعود وابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم موقوفًا عليهم ومرفوعًا: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ وَقَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَدِ اسْتَثْنَى، وَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ وَلَا كَفَّارَةَ» ... وإن كان مفصولا لقوله تعالى: ﴿وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ﴾ [الكهف: 24]، يعني إذا نسيت الاستثناء موصولا فاستثن مفصولا، ولسنا نأخذ بهذا] اهـ.

وقال الإمام المرداوي الحنبلي في "الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف" (11/ 25-26، ط. دار إحياء التراث): [قوله: (وإن حلف، فقال:"إن شاء الله" لم يحنث، فَعَلَ أو ترك إذا كان متصلًا باليمين)، يعني بذلك في اليمين المكفرة، كاليمين بالله والنذر والظهار، ونحوه لا غير، وهذا المذهب... وقال: ويشترط الاتصال لفظا أو حكما، كانقطاعه بتنفس أو سعال ونحوه] اهـ.

ووافق الشافعيةُ الحنفيةَ والحنابلةَ في قولهم بعدم انعقاد النذر ولا الوفاء به أو الكفارة عند عدم الوفاء بشرط قصد الناذر محض التعليق، لا التبرك بذكر الله تعالى، أو الاستعانة بالله على الوفاء، أو أطلق اللفظ دون قصد.

قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري الشافعي في "أسنى المطالب" -بـ"حاشية الرملي الكبير"- (1/ 575، ط. دار الكتاب الإسلامي) في بيان عدم وجوب الوفاء بالنذر إذا كان مُعلَّقًا: [(لا إن عَلَّقَ) النذر (بمشيئة الله، أو مشيئة زيد) فلا يصح (وإن شاء) زيد؛ لعدم الجزم اللائق بالقُرَب، نعم: إن قصد بمشيئة الله التبرك أو وَقَعَ حدوث مشيئة زيد نعمةً مقصودة كقدوم زيد في قوله: إن قدم زيد فعلي كذا، فالوجه الصحة، وبه صرح الأذرعي في الْأُولَى] اهـ.

هل يجب التتابع في صيام النذر والتصرف الشرعي لمن نسي ما نذر به ؟ هل يجوز تأخير النذر بعذر أو بدون عذر .. دار الإفتاء توضح

وقال الإمام شهاب الدين الرملي الشافعي في "حاشيته" (1/ 575): [(قوله لا إن علق بمشيئة الله) خرج به ما إذا لم يقصد التعليق بأن قصد التبرك أو الاستعانة بالله على الوفاء أو أطلق فإنه يصح (قوله فالوجه الصحة) أشار إلى تصحيحه] اهـ.

وأما المالكية فالمشهور عندهم وهو المعتمد أن النذر المعلق على مشيئة الله تعالى يصح، ويجب الوفاء به، أو الكفارة عند عدم الوفاء، وذلك ما دام النذرُ غيرَ مبهمٍ، كقوله الإنسان: لله عليَّ شيء.

قال العلامة الخرشي المالكي في "شرح مختصر خليل" (3/ 92، ط. دار الفكر): [وأما إن علق النذر على مشيئة الله، كإن كلمت فلانًا فَعَلَيَّ المشي إلى مسجد مكة أو عَلَيَّ الحج إن شاء الله ثم كلمه لزمه ذلك على المشهور] اهـ.

وقال الشيخ عليش في "منح الجليل" (3/ 99، ط.  دار الفكر): [(وإن قال) المسلم المكلف: عَلَيَّ كذا (إلَّا أن يبدو لي) أن لا أفعل أو إلا أن يشاء الله، فالمشيئة لا تُفيد في النذر غير المبهم مطلقا على المشهور؛ لأنه نص "المدونة" خلافا لما في الجلاب من قوله: تنفعه المشيئة] اهـ.

والمختار للفتوى هو ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من الحنفية والحنابلة من عدم انعقاد النذر المعلق على مشيئة الله، وهو الموافق لقول الشافعيَّة حالة قصد الناذر محض التعليق، ومن ثمَّ لا يجب الوفاء به، وذلك لغلبة جريان لفظ المشيئة على ألسنة الناس بعد كل كلام، ولو وجب الوفاء بالنذر لما كان للتعليق معنىً، ولحقهم الحرج الشديد، وقد قال الله تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج: 78]، وقال أيضا: ﴿مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ﴾ [المائدة: 6]، ولأن إعمال الكلام أولى من إهماله، ما لم يقصد التبرك أو الاستعانة بالله على الوفاء فإنه يصح نذره، ويلزمه الوفاء به.

وشددت بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنه لا يجب شيء على من علَّق النذر على المشيئة بأن قال: نذرت لله ذبح شاة إن شاء الله، ما دام قد وصل الاستثناءَ بالنذر، كما اشترط الحنفية والحنابلة، أو قصد محضَ التعليق لا غيرَهُ كما قال الشافعية، فإن قصد بقوله: "إن شاء الله" التبرك أو الاستعانة بالله على الوفاء أو أطلق فإنه يصح نذره، ويلزمه الوفاء به.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: النذر النذر المعلق صلى الله علیه وآله إن شاء الله

إقرأ أيضاً:

ماذا حدث يوم عاشوراء؟.. 5 مشاهد عجيبة لا يعرفها كثيرون

لعل الاستفهام عن ماذا حدث يوم عاشوراء ؟، يفتح إحدى بوابات الأسرار الخفية حتى عن أولئك الذين يعرفون الكثير عن يوم عاشوراء، بل ويحرصون على اغتنامه وتكفير ذنوب سنة ماضية، فضلًا عن أنه من الوصايا النبوية الشريفة والسُنن الواردة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فإن كنت على علم بموعد يوم عاشوراء ، فهذا لا يعني أنك تعرف ماذا حدث يوم عاشوراء ؟، وهذا قد يكون حال الكثيرين.

هل صلاة عاشوراء 4 ركعات تغفر ذنوب 100 عاما ماضية ومستقبلة؟دعاء عاشوراء.. علي جمعة: اغتنموه بـ3 أدعية إلى أذان المغربسورة قصيرة يوم عاشوراء بها ينزل الرزق طول السنة .. هل تعرفها؟آية لو قرأتها يوم عاشوراء تغير حالك كله لما تتمنى.. اعرف ما يسعدك؟دعاء عاشوراء للثانوية العامة.. ردده من دخول اللجنة لتسليم ورقة الإجابةصيام يوم عاشوراء.. الإفتاء تحذر من 7 أفعال تبطله وتحرمك ثوابهدعاء يوم عاشوراء للميت.. 6 كلمات تنجيه من عذاب وظلمة القبرفي يوم عاشوراء.. هذا العمل يقيك الفقر وضيق الرزق فهل تعرفه؟أفضل دعاء يوم عاشوراء .. كلمات مباركة تفتح لك كل الأبواب المغلقةماذا حدث يوم عاشوراء؟

ورد فيه أنه تحدث بعض المؤرخين عن العديد من الأحداث التي وقعت في العاشر من محرم وهو المسمى بيوم عاشوراء، ومنها أن الله تعالى نجى سيدنا نوح -عليه السلام- ومن آمن معه من الطوفان فى عاشوراء، وقد كان ذلك في أرض العراق، وكذلك نجاة نوح من الطوفان في عاشوراء، وأوحى الله -سبحانه وتعالى- إلى سيدنا نوح -عليه السلام- أن يصنع الفلك قبل أن يأتي الطوفان ويَعُمَّ الأرض، وقبل أن يرسل سبحانه وتعالى مطرًا فيفيض فيها، والمياه فتفجر منها وتتجمّع، فتُغرِقَ الكافرين من قوم سيدنا نوح وينجى المؤمنين، ولما كان سيدنا نوح -عليه السلام- يصنع السفينة كما جاءه الأمر من الله، كان قومه يمرّون من أمامه ويسخرون منه، إلى أن جاء الأمر بأن يركب في السفينة هو والذين آمنوا معه، حتى أن سيدنا نوحًا طلب من ولده كنعان أن يؤمنَ معه ويركبَ في السفينة لينجوَ من الغرق.

وقال له كما جاء في قوله تعالى: « وَنَادَىٰ نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ»، سورة هود: آية 42، فرفض ولده كنعان أن يؤمن بالله سبحانه وتعالى ويتّبعَ أباه سيدنا نوحًا وذلك كما قال الله: « قَالَ سَآوِي إِلَىٰ جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَن رَّحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ»، وبذلك رفض أن يكون من الناجين، فأهلكه الله تعالى غرقًا، ونجّى نوحًا والذين معه في السفينة، وكان ذلك في يوم عاشوراء.

ورد في إحدى الروايات أنّ سيدنا موسى -عليه الصلاة والسلام- كان يصوم يوم عاشوراء شكرًا لله تعالى على نجاة سيدنا نوح عليه السلام- من الطوفان، وإذا كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد فرح بنجاة سيدنا موسى، فإن سيدنا موسى فرح بنجاة سيدنا نوح من الطوفان، وكذلك توبة آدم في عاشوراء ، وقال الله تعالى في كتابه العزيز «فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ»، سورة البقرة: آية 37، فعندما خالف سيدنا آدم أمر الله وأكل من الشجرة المنهى عنها، علمه الله تعالى كلمات يقولها حتى يتوب إليه تعالى –عليه السلام- ثم أهبطه الله إلى الأرض هو والسيدة حوّاء، وكان نزول سيدنا آدم -عليه السّلام- من الجنة إلى الأرض بأمر من الله تعالى لتحقيق سنّة الاستخلاف في الأرض، وبعد نزول آدم عليه السّلام وزوجه إلى الأرض بدأ بتعميرها وإصلاحها وحملت حواء من آدم عليه السّلام وأنجبت هابيل وقابيل وغيرهما من الأولاد والذّريّة الذين تناسلوا بدورهم وأدّوا رسالتهم في تعمير الأرض وإصلاحها.

وذكر الحافظ ابن رجب في «لطائف المعارف»: صح من حديث أبي إسحاق عن الأسود بن يزيد أنه قال: "سألت عبيد بن عمير عن صيام يوم عاشوراء؟ فقال: المحرم شهر الله الأصم فيه تيب على آدم عليه السلام فإن استطعت أن لا يمر بك إلا صمته فافعل"، وجاء عند الترمذي: أن النبي -صلى الله عليه وسلم -قال لرجل: «إن كنت صـائمًا شهرًا بعد رمضان فصم المحرم، فإن فيه يوما تاب الله فيه على قوم، ويتوب فيه على آخرين» فلعل قوله: «على قوم» يدخل فيه آدم عليه السلام في آخرين، فضلاً عن نجاة موسى من فرعون في عاشوراء، حيث كان فرعون المتجبر المتكبر في الأرض، الذي نادى في قومه فقال لهم: أنا ربكم الأعلى. وكفر بالله سبحانه وتعالى ونكّل ببني إسرائيل، فجمع سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام قومه للخروج، وتبعهم فرعون، فجاء الوحي في ذلك اليوم العظيم لسيدنا موسى عليه الصلاة والسلام أن يضرب البحر بعصاه. قال الله تعالى: «فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ» سورة الشعراء (63).

انقسم البحر قسمين؛ قسم عن اليمين وقسم عن الشمال، كل واحد منهما كأنه جبل مائي عظيم، وأصبح بينهما طريق يابس وأرض ممهدة. فلما رأى فرعون هذه الآية العظيمة والمعجزة الخالدة لسيدنا موسى عليه الصلاة والسلام لم يتّعظ، ولم يعتبر، بل إنه لَجَّ في طغيانه، ومضى بجنوده يلحق سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام وقومه، لكن الله سبحانه وتعالى تدارك سيدنا موسى عليه السلام بلطفه، وعذّب فرعون ومن كان معه من الطغاة، فأغرقه الله عز وجل في ذلك البحر، وجعله آيةً تُتلى على مر الزمان والدهور، ونجّى الله سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام ومن آمن معه من بني إسرائيل.

قال الله تعالى: «وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ» سورة الدخان (30). هذا هو العذاب الذي عاقب الله به قومَ فرعون الذين تجبّروا وتكبّروا، ولم يتّعظوا بما جاء به سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام، فرعون لم يؤمن بالله سبحانه وتعالى ربًَّا، ولم يؤمن بسيدنا موسى عليه الصلاة والسلام نبيًا ورسولًا، بل كان يقول لقومه: ما علمتُ لكم من إلهٍ غيري. طغى وتجبر وكفر، لكن الله سبحانه وتعالى بالمرصاد لكل من يتجبر ويتكبر، ومن خصائصه سبحانه وتعالى أنه يقصم ظهور الجبابرة.

ذكرت الروايات أنه كان مع سيدنا موسى ستمائة ألف من المؤمنين، وكان مع فرعون مليون وستمائة ألف ممن لم يؤمن بسيدنا موسى عليه السلام، بل كانوا جندًا مُجَنَّدةً لفرعون، يدافعون عن الباطل، ويناصرون الكبرياء والجبروت، فكانت إرادة الله سبحانه وتعالى أن يأمر البحر بالالتطام على فرعون وجنوده، فالتطمت عليه أمواج البحر، فأغرقه الله سبحانه وتعالى والذين معه وأنجى سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام، وتدارك فرعون الأمر في اللحظات الأخيرة حينما أشرف على الغرق، فقال في الوقت المستقطع والضائع: آمنت أنه لا إله إلا الذي أمنت به بنو إسرائيل، فرد الله سبحانه وتعالى عليه بقوله: «آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ» سورة يونس (91). يقول الله تعالى: «وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ» سورة البقرة (50).

غزوة ذات الرقاع في عاشوراء ، وفي يوم عاشوراء وقعت غزوة ذات الرقاع في السنة الرابعة للهجرة، حيث خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من المدينة ومعه من أصحابه سبعمائة مقاتل يريد قبائل من نجد وهم بنو محارب وبنو ثعلبة من بني غطفان، وكانوا قد غدروا بأصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقتلوا سبعين من الدعاة الذين أرسلهم النبي للدعوة إلى دين الإسلام وتعليم الناس الخير، وبعد أن تهيأ المشركون لقتال النبي وأصحابه لما علموا بخروجه وتقارب الفريقان قذف الله الرعب في قلوب قبائل المشركين فهربوا تاركين وراءهم نساءهم، فلم تقع حرب وقتال وكفى الله نبيه ومن معه من الصحابة شرّ هذه الجموع الكافرة. وسُميت بذات الرقاع لأن الصحابة لفوا على أرجلهم الخِرَق بسبب ما أصاب أقدامهم في هذه الغزوة من جراح تساقطت فيها أظافرهم لما اصطدمت بالحجارة والصخور.

استشهاد الإمام الحسين في عاشوراء، وفي اليوم العاشر من شهر محرم سنة 61 من الهجرة جرت حادثة مروعة مفجعة ومصيبة كبرى فظيعة ألمت بالمسلمين وأفجعتهم وملأت القلوب حزنا وأسى ومرارة، ففي يوم الجمعة في العاشر من شهر محرم قُتل سيدنا الإمام أبي عبد الله الحُسين بن علي بن أبي طالب حفيد سيدنا رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم، ابن بنته السيدة فاطمة الزهراء البتول -رضى الله عنهم-، واستشهد الإمام الحسين وهو ابن ست وخمسين سنة وهـو الذي قال فيه سيدنا الرسول وفي أخيه: "الحَسَن والحُسَين سيدا شباب أهل الجنة". ودعــا رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم للحَسَن والحُسَين فقال: "اللّهُمّ إني أحبُّهما فأحِبَّهُما"، وقال الرسول عنهما: "هُما ريحانتاي من الدنيا"، وروى البخاري عن عبد الله بن عمر أن رجلًا من أهل العراق سأله عن المحُرِم في الحج الذي يقتل الذباب فقال: أهلُ العراق يسألون عن قتل الذباب، وقد قتلوا ابن بنت رسول الله، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله ويلم: «هما ريحانتاي من الدنيا».

ما هو يوم عاشوراء

يعتبر اليوم العاشر من شهر محرّم هو يوم عاشوراء عند المسلمين، وهو من الأيّام المستحبّ صيامها عند أكثر أهل العلم، وقد ورد في ذلك الكثير من الأحاديث التي تذكر فضل يوم عاشوراء وأجر صيامه عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم-،عن أبي قَتادة رضي الله تعالى عنه، عن الرّسول - صلّى الله عليه وسلّم - قال: «صوم عاشوراء يكفِّر السّنة الماضية، وصوم عرفة يكفِّر سنتين: الماضية والمستقبَلة» رواه النَّسائي في السّنن الكبرى، وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنه قال: «ما رأيت النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - يتحرّى صيام يومٍ فضَّله على غيره إلا هذا اليوم، يوم عاشوراء، وهذا الشّهر، يعني شهر رمضان» رواه البخاري، ومسلم، والنَّسائي، وأحمد.

ويعد يوم عاشوراء هو اليوم العاشر من شهر الله المحرّم على الصّحيح، وهذا هو ما ذهب إليه جمهور العلماء، وهو ليس اليوم التّاسع كما يقول البعض منهم، وذلك أنّ كلمة عاشوراء جاءت بمعنى اليوم العاشر، وهذا هو مقتضى الاشتقاق والتّسمية، وأنَّ اليوم التاسع يسمى تاسوعاء، وأمّا جزاء صيام يوم عاشوراء فإنّه تكفير لذنوب العام الماضي، وذلك لما جاء في صحيح مسلم: (أنّ النّبي - صلّى الله عليه وسلم - سئل عن صوم يوم عاشوراء؟ فقال: يكفّر السّنة الماضية).

تسمية يوم عاشوراء

ذكرت كُتب المعاجم اللغوية  أن عاشوراء يشار بها إلى اليوم العاشر من الشهر، وفي يوم عاشوراء أصبح المستخدم هو يوم عشوراء بإزالة الألف التي تلحق حرف العين، وذلك لسبب أنه يوم مميز في الحياة الدينية الخاصة بالمسلمين وهو مختلف تمامًا عن عاشوراء الخاص باليهود.

وقال الإمام الحافظ بن حجر: إن عاشوراء  بالمد على المشهور، وحكى فيه القصر وزعم ابن دريد أنه اسم إسلامي وأنه لا يعرف في الجاهلية.

يوم عاشوراء في السُنة النبوية

يعد يوم عاشوراء هو العاشر من شهر محرم الهجري من كل عام، المسمى بـيوم عاشوراء وصيام يوم عاشوراء سنة فعلية وقولية عن النبي صلى الله عليه وآله سلم، ويترتب على فعل هذه السُّنَّة تكفير ذنوب سنة قبله كما ورد في الأحاديث النبوية الشريفة، فهو يكفر السنة التي سبقته، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم: «.. صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ» (رواه مسلم 1162).

أحاديث عن يوم عاشوراء

وردت الكثير من الأحاديث والأقوال التي تذكر فضل صيام يوم عاشوراء، وهي على النّحو الآتي: عن عبد الله بن أبي يزيد، أنّه سمع ابنَ عباسٍ رضيَ اللهُ عنهما، وسُئل عن صيامِ يومِ عاشوراءَ، فقال: (ما علمتُ أنَّ رسولَ اللهِ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ - صام يومًا، يطلُبُ فضلُه على الأيّامِ، إلا هذا اليومَ. ولا شهرًا إلا هذا الشهرَ، يعني رمضانَ) رواه مسلم، وفي لفظ: (ما رأيت النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - يتحرّى صيام يوم فضّله على غيره إلا هذا اليوم: يوم عاشوراء..) أخرجه البخاري، ومسلم، والنّسائي، وأحمد.

وجاء عن أبي قتادة رضي الله عنه، أنّ النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - قال: (صيام يوم عاشوراء، أحتسب على اللَّه أن يكفر السّنة التي قبله) أخرجه مسلم، وأبو داود، والترمذي، وأحمد، والبيهقي ، وقال النّووي: (يكفّر كلّ الذّنوب الصّغائر، وتقديره يغفر ذنوبه كلها إلا الكبائر)، ثمّ قال: (صوم يوم عرفة كفارة سنتين، ويوم عاشوراء كفارة سنة، وإذا وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه.. كلّ واحد من هذه المذكورات صالح للتكفير، فإن وجد ما يكفره من الصغائر كفّره، وإن لم يصادف صغيرةً ولا كبيرةً كتبت به حسنات، ورفعت له به درجات، وإن صادف كبيرةً أو كبائر، ولم يصادف صغائر، رجونا أن تخفّف من الكبائر) المجموع.

طباعة شارك ماذا حدث يوم عاشوراء حدث يوم عاشوراء يوم عاشوراء عاشوراء ما هو يوم عاشوراء تسمية يوم عاشوراء يوم عاشوراء في السُنة النبوية أحاديث عن يوم عاشوراء

مقالات مشابهة

  • ماذا حدث يوم عاشوراء؟.. 5 مشاهد عجيبة لا يعرفها كثيرون
  • سعة ورحمة.. يسري جبر يحدد سبب تعدد الطرق الصوفية
  • هل يجوز صيام يوم عاشوراء فقط إذا نسيت تاسوعاء؟.. الإفتاء توضح
  • خطبة الجمعة من المسجد النبوي
  • الإفتاء توضح حكم الترتيب بين صلاة الفجر وسنته
  • هل يجوز صوم يوم عاشوراء فقط دون تاسوعاء؟.. الإفتاء توضح
  • هل يجوز ترك صيام يوم تاسوعاء؟.. الإفتاء توضح
  • تنفيذ حكم القتل تعزيرًا بأحد الجناة في منطقة الحدود الشمالية
  • هل يتحمل العميل تكلفة شحن السلعة المرتجعة ..الإفتاء توضح | فيديو
  • نور على نور