محمد كركوتي يكتب: الصين وأوروبا.. «عنف» الرسوم
تاريخ النشر: 14th, October 2024 GMT
لا يبدو أي أفق للتهدئة بين الاتحاد الأوروبي والصين، على صعيد الخلافات التجارية، التي بلغت حداً، قد ينقلها إلى حرب تجارية مفتوحة. الرسوم الجمركية الإضافية المتبادلة بين الجانبين، باتت الخبر الأول، ولا سيما في ظل تمسك كلا الطرفين بمواقفه.
التوترات التجارية الأوروبية الصينية ليست جديدة، فقد شملت معظم القطاعات تقريباً.
التوتر متواصل، حتى أن رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال أطلق شبه تهديد لبكين، لكي «تعدل سلوكها»، لتسوية الخلافات الراهنة، وإلا هو يعتقد أن الأمور تسير نحو حرب تجارية حقيقية.
هذا الموقف يأتي بعد أيام قليلة من موافقة المفوضية الأوروبية على فرض رسوم إضافية تصل إلى أكثر من 35% على السيارات الكهربائية الصينية. فهذا القطاع يعاني بالفعل على الساحة الأوروبية، ليس فقط بسبب التشريعات المقيدة، بل من جهة العروض المغرية الجاذبة التي يقدمها المنتجون الصينيون. غير أن المؤشرات لا تدل على انفراج جديد بين الطرفين، في الوقت الذي تخشى فيه أوروبا من وصول دونالد ترامب إلى الحكم في الولايات المتحدة، الذي من المتوقع أن يشن «الهجمات» التجارية على الطرفين الأوروبي والصيني في آن معاً.
اليوم يبحث الأوروبيون عما يمكن وصفه بـ «المنافسة النزيهة» مع ثاني أكبر اقتصاد في العالم، لكن الحكومة الصينية ليست مستعدة على الأقل في الوقت الراهن، لتغيير سياسات الدعم القوية لصناعاتها المختلفة. علماً بأن الموقف الأوروبي ليس موحداً حيال هذا الأمر؛ فألمانيا أكبر اقتصاد في القارة وقفت أخيراً ضد فرض رسوم جمركية إضافية على السيارات الكهربائية الصينية، لأن شركاتها تمتلك عدة مصانع في البر الصيني. لكن فرنسا المتحمسة لفرض مزيد من الضغط على بكين تمكنت من تمرير قرار رفع الرسوم.
والحق أن الصين وضعت نصب عينيها سلسلة من المنتجات الأوروبية من أجل رفع الرسوم الجمركية عليها، في إطار ردها على الخطوة الأوروبية الأخيرة. ومن هنا، لا توجد أي مؤشرات على هدوء هذه الخلافات. أخبار ذات صلة
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: محمد كركوتي كلام آخر
إقرأ أيضاً:
الدكتور محمد عبد الوهاب يكتب: هل يُعد قرار الفيدرالي بشراء السندات قصيرة الأجل بداية انتعاش اقتصادي عالمي؟
في خطوة مفاجئة تحمل بين سطورها الكثير من الرسائل، أعلن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بدء شراء سندات خزانة قصيرة الأجل بقيمة 40 مليار دولار شهريًا، فهل نحن أمام تدخّل فني لضبط السيولة؟ أم أن هذه الخطوة تمهّد لانعطاف في الدورة الاقتصادية العالمية؟ في هذا المقال، نقرأ ما وراء القرار، ونحلّل إشاراته وتأثيره الحقيقي على الأسواق.
في 10 ديسمبر 2025، أعلن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أنه سيبدأ في شراء سندات خزانة قصيرة الأجل بقيمة نحو 40 مليار دولار شهريًا، اعتبارًا من 12 ديسمبر، بهدف ضمان وفرة السيولة في النظام المالي وتحقيق السيطرة الفعالة على أسعار الفائدة.
هذه الخطوة تأتي مباشرة بعد نهاية برنامج التشديد الكمي (QT) الذي خفّض ميزانية الفيدرالي من نحو 9 تريليونات دولار إلى نحو 6.6 تريليون دولار خلال السنوات الماضية.
القرار ذاته يحمل منحى فنيًا بحتًا وفق تصريحات باول، وهو ليس إعلانًا عن تغيير في السياسة النقدية،
لكنه إجراء يهدف لضمان وفرة الاحتياطيات لدى البنوك، بعد ضغوط متكررة في أسواق التمويل قصيرة الأجل.
من زاوية الأسواق المالية، يمكن قراءة هذا التحرك كتخفيف غير رسمي للسيولة:
- السيولة الإضافية قد تُسهّل الإقراض وتدعم أسواق المال.
- انخفاض الضغط على أسعار الفائدة قصيرة الأجل.
- احتمالية تجنّب ارتفاعات مفاجئة في معدلات “ريبو” أو تمويل بين البنوك.
الإجابة على ما إذا كان هذا القرار يمثل بداية انتعاش اقتصادي عالمي ليست قطعية، بل ميسّرة بين إشارات إيجابية وحذر.
جانب التفاؤل:
- ضخ 40 مليار دولار شهريًا يعكس رغبة في منع اشتداد الضغوط السوقية قبل دخول الأسواق فترة تقلبات نهاية العام.
- هذا الإجراء قد يخفّف من تكلفة الاقتراض قصيرة الأجل ويمنح المستثمرين ثقة أكبر.
جانب الحذر:
- الخطوة لا تُصرح بأنها إجراء تحفيزي صريح بقدر ما هي تدبير تقني للحفاظ على الاستقرار.
- استمرار السيولة يتطلب مراقبة تأثيرها على التضخم قبل اعتبارها بوادر انتعاش حقيقي.
الخلاصة، فإن قرار الفيدرالي بشراء سندات خزانة قصيرة الأجل بقيمة نحو 40 مليار دولار شهريًا ليس إعلانًا عن دورة تحفيز جديدة،
لكنه يعكس رغبة البنك المركزي في الحفاظ على استقرار السوق واستمرارية السيولة. هذا التحوّل يمكن أن يكون إشارة مبكرة نحو تقليل مخاطر النظام المالي،
وقد يساهم في تهدئة الأسواق، لكنه ليس وحده كافيًا لإعلان بداية انتعاش اقتصادي عالمي. إنما هو خطوة استباقية قد تفتح المجال لتطورات إيجابية إذا تبعها تحسن في النمو والطلب العالمي.