أطلق مركز الأزهر العالمي للفلك الشَّرعي وعلوم الفضاء بمجمع البحوث الإسلاميَّة، برئاسة الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، اليوم الاثنين، بمركز الأزهر للمؤتمرات، مبادرة «بالإنسان نبدأ»، بالتعاون مع الكنيسة المصرية ممثلة في المركز الثقافي القبطي، ومشاركة بيت العائلة المصرية، وذلك تحت رعاية الإمام الأكبر أ.

د أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، في إطار المشاركة في المبادرة الرئاسية «بداية جديدة لبناء الإنسان» التي أطلقها السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية.

وأكَّد الدكتور محمد الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، نائب رئيس مركز الأزهر العالمي للفلك الشَّرعي وعلوم الفضاء، في كلمته بالملتقى العلمي الذي عُقد تحت عنوان «بناء الإنسان وصناعة الحضارة نحو تكامل العلوم والقيم: بناء الإنسان في ظل التحديات الحديثة»، أن بناء الأوطان كما يكون بالبناء الحضاري والتعمير والإنشاءات، فإنه لا ينفك عن بناء الإنسان ذاته، جسدًا وروحًا، فكرًا واعتقادًا، سلوكًا وثقافةً، فنًّا وفلسفةً، إلى آخر ذلك من جوانب بناء الإنسان المختلفة، بل لن يتأتى أي من البناء المادي إلَّا ببناء الإنسان أولًا.

وأشار إلى أن مركز الأزهر للفلك يعمل من خلال هذا المبادرة على بناء الإنسان بما يشير إليه دلالات هذا المصطلح الذي يوحي بعمل تركيبي يحتاج إلى وقت ومجهود ومكونات، وأن مكونات هذا البناء ثلاثة عناصر هي: أولها الدين، وثانيها منظومة القيم والأخلاق الإسلامية والإنسانية، وثالثها تمسك الإنسان بوطنه وهُويته وثقافته، مؤكدا الثقة المطلقة في قدرة وطننا الحبيب على مواجهة التحديات والأزمات وبناء الإنسان، داعيًا إلى ضرورة الاصطفاف الوطني والوعي التام بما يحدث حولنا، وسيتحقق ذلك بإذن الله من خلال المشاركة الفعالة في هذا المبادرة الرئاسية.

وأعرب الدكتور الجندي أن مجمع البحوث الإسلامية على أتم الاستعداد للمشاركة في هذا البناء الفكري والثقافي التي تسعى إليه المبادرة التي تم إطلاقها اليوم تحت عنوان «بالإنسان نبدأ» سواء من خلال وعاظ الأزهر الشريف أو لجان الفتوى أو مجلة الأزهر، وغير ذلك من مطبوعات المجمع أو ندواته التثقيفية.

وترتكز مبادرة «بالإنسان نبدأ» على مرتكزات أربعة هي: التكامل بين المعارف والأخلاق كضرورة وجودية، وبناء الإنسان من غايات الرسالات السماوية، وترسيخ الأخلاق كضرورة في بناء الإنسان، وتوحيد الصف في مواجهة التحديات المعرفية والقيمية.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: المبادرة الرئاسية بداية جديدة لبناء الإنسان بداية جديدة لبناء الإنسان الامين العام لمجمع البحوث الاسلامية أحمد الطيب شيخ الأزهر الازهر الشريف الأمين العام الدكتور محمد الجندي بناء الإنسان

إقرأ أيضاً:

الأوطان مسؤولية من؟

د. إبراهيم بن سالم السيابي

سؤال كبير يُثير الذهن، ليس فقط لارتباطه بمفهوم الوطن الذي نعيش فيه، بل لأنه يطرح لنا تحديًا فكريًا عن ماهية هذه المسؤولية، ومن يتحمل عبئها في النهاية، ففي خضم التفكير فيه، نجد أن الأوطان لا تُبنى على كتف واحد في الواقع، بناء الوطن لا يتوقف على القادة أو السياسيين أو الحكومات فقط، بل هو مسؤولية جماعية تتشارك فيها جميع الأطراف. فالمسؤولية تجاه الوطن هي مسؤولية شاملة، تتناثر خيوطها في كل زاوية من زوايا حياتنا اليومية.

فلماذا نعتقد أحيانًا أن المسؤولية تقتصر على السلطة؟ وهل يمكن حقًا للأوطان أن تُبنى إذا حملت القيادة وحدها عبء حمايتها وصونها؟

من المؤكد أن أي نقاش حول الوطن يتطلب التطرق إلى دور القيادة السياسية، فهي من تحدد سياساتنا، ترسم حدودنا الاقتصادية، وتحفظ أمننا الوطني، لكن هل تكمن المسؤولية في هذا فقط؟ هل هي حقًا بهذه البساطة؟ أن نُحمّل القادة وحدهم مسؤولية تصريف شؤون الوطن؟ الواقع يؤكد أن الأوطان تحتاج إلى أكثر من ذلك، فهي لا تُصنع فقط بالقرارات السياسية، ولا تُحفظ بالقوانين والتشريعات، فالأوطان تُبنى بالمشاركة الحية من الجميع، في كل لحظة، في كل قرار، في كل موقف، المسؤولية لا تنحصر في القمة، بل تتوزع على الجميع.

ومع ذلك، ومن باب الإنصاف، فإننا لا نستطيع إعفاء القادة السياسيين من مسؤولياتهم الجوهرية، فالقادة يتحملون أمانة اختيار القيادات القادرة والكفؤة، ومتابعة أدائها، ومدى التزامها بتحقيق الأهداف الوطنية والبرامج التي تصبّ في مصلحة المواطنين، كما تقع عليهم مسؤولية صون القيم الوطنية، وحماية مصالح الوطن، والحفاظ على استقلاله وحريته، فبوصلة القيادة هي التي ترسم المسار العام، وإذا اختلت هذه البوصلة، تاهت الخطوات، مهما كانت الجهود الفردية مخلصة.

 ولكن ماذا عن المواطن؟ هل هو مجرد متلقٍ لقرارات تُفرض عليه؟ بالتأكيد لا، فالمواطن هو شريك في بناء الوطن، وشريك في صيانة تماسكه واستقراره، فعندما نتحدث عن المسؤولية تجاه الوطن، نتحدث عن المشاركة الحقيقية، فالمشاركة لا تقتصر على التصويت في الانتخابات أو دعم المبادرات الوطنية، بل تتجاوز ذلك إلى الحياة اليومية. فالمواطن الذي يحترم القوانين، ويُعزز من قيم العدالة والمساواة، هو حجر الزاوية في هذا البناء الاجتماعي، والمواطن الذي يلتزم بدوره في المجتمع، يُدرك أنه جزء من هذا الكائن الحي الذي نسميه وطنًا، ومن خلال هذه الأدوار الصغيرة والتفاصيل الدقيقة، ولكن المؤثرة، يظل الوطن قويًا ومتحدًا.

فحينما نفكر في الأوطان، نجد أن مسؤوليتها ليست شيئًا يمكن تحميله بالكامل على عاتق مجموعة معينة، فالأوطان تُبنى من خلال تفاعل مستمر بين القيادة والشعب، حيث لكل طرفٍ دوره، غير أن الركيزة الأهم تظل في الشراكة والتكامل، وإذا غاب دور أحدهما، بدأ البناء يتصدع. فالقيادة تُرشد، لكن الشعب يبني، والوطن يُصان بحماية القيم الإنسانية والتعاون الجماعي، ولا شيء يمكن أن يكون أهم من ذلك، ومثلما تتحمل القيادة السياسية المسؤولية في رسم الخطوط الكبرى، فإن المواطن يُسهم في رسم التفاصيل اليومية، تلك التي تُحدد شكل المجتمع في النهاية.

وقد يتساءل البعض: هل بإمكان الأوطان الاستمرار في النمو إذا لم تتضافر جهود الجميع؟ هل يمكن لمجتمع أن ينهض إذا كانت السلطة السياسية فقط من تتحمل تبعات هذا البناء؟ الإجابة هي: لا، بالطبع، فالأوطان لا تُبنى إلا بتكامل الجهود بين جميع الأطراف، فالقائد الذي يتحمل المسؤولية في مواقع اتخاذ القرار يحتاج إلى شعب يدعمه، يتعاون معه، ويُشارك في تحقيق أهدافه، والأمة التي لا تتعاون هي أمة مهددة، وكلما فشل الفرد في أداء دوره، وكلما تراجع المواطن عن التزامه، بدأ الوطن في التراجع معه.

إن السؤال "الأوطان مسؤولية من؟" ليس مجرد تساؤل فلسفي أو نظري، بل هو اختبار حقيقي لنا جميعًا، يتطلب منا إعادة النظر في مفهوم المواطنة: هل نحن مجرد متفرجين على ما يحدث في وطننا؟ أم أننا مشاركون فعليًا في صناعة هذا الوطن وصونه؟ هل ننظر إلى وطننا ككيان منفصل عنّا، أم أننا نعتبره جزءًا منا، نعمل من أجله، نتحمل مسؤولياته، ونُشارك في تحمّل تبعاته؟

فالأوطان مسؤولية من؟ فالمسؤولية ليست حكرًا على القادة، بل هي مسؤولية جماعية. هي مسؤولية تقاس بمقدار مشاركة كل فرد في بناء هذه الأرض، وهي مسؤولية لا تنتهي بحجم ما يُقدّم، بل تظل مستمرة طالما أن هناك روحًا ترفض العيش في الفراغ أو الانسحاب، فالأوطان هي، بلا شك، ملك للجميع، ونجاحها ليس مرهونًا بمن يتصدر المشهد فحسب، بل بمن يتناغم مع المشهد ويعمل بجد في صمت.

في الختام، من يحمل عبء المسؤولية تجاه الوطن؟ الجميع من يتحمل هذه المسؤولية، ونحن جميعًا شركاء في هذه المسيرة.

فالأوطان تبنى بالتكافل، وتُصان باليقظة، وتنهض حينما يدرك كل فرد أن عليه دورًا لا يقل أهمية عن الآخر.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • الأوطان مسؤولية من؟
  • أدعو الله كثيرا ولا يستجاب لي فماذا أفعل؟.. يسري جبر: المشكلة فيك
  • بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من الجامع الأزهر
  • الأمين العام لمجلس الشيوخ يكشف موعد بدء أولى جلسات دور الانعقاد الجديد
  • الأمين العام للشيوخ: الدولة اتخذت جميع الاستعدادات لإجراء انتخابات ناجحة
  • الأمين العام لمجلس الشيوخ: نفعل نظام الأثر التشريعي لتحديث القوانين المهترئة
  • الأمين العام لـ مجلس الشيوخ: الدولة اتخذت جميع الاستعدادات لإجراء انتخابات ناجحة
  • الأمين العام لمجلس الشيوخ يكشف مراحل استقبال النواب الجدد
  • البحوث الإسلامية: خريجو الأزهر قدوة في المجتمع .. ويحملون أسمى رسالة
  • الأمين العام لمجلس التعاون يرحب بإعلان كندا ومالطا والبرتغال عزمها على الاعتراف بدولة فلسطين في سبتمبر المقبل