جريدة الرؤية العمانية:
2025-05-14@18:11:41 GMT

الضرب في الميت حرام!

تاريخ النشر: 16th, October 2024 GMT

الضرب في الميت حرام!

 

عادل بن رمضان مستهيل

في كثير من الأحيان، نرى أشخاصًا يختارون انتقاد مواقف أو أشخاص انتهى دورهم في الحياة العامة أو لم يعد لهم تأثير كبير مثل ما كانوا عليه في السابق أثناء المنصب أو عز نجوميته.

هؤلاء المنتقدون يهاجمون أو يوجهون اللوم أو يحاولون نبش أخطاء الماضي، رغم أن الزمان قد تجاوز تلك الشخصيات أو الأحداث.

وهنا يبرز المثل الشعبي "الضرب في الميت حرام"، تعبيرًا عن رفض إلحاق الضرر أو الإساءة بشخص لم يعد قادرًا على الدفاع عن نفسه أو الرد على الانتقادات.

فلماذا نصرّ على مواصلة جلد الشخصيات التي انتهت من الساحة؟ أليس من الأجدر ترك ما مضى والنظر نحو المستقبل؟ هذا السلوك يعكس في كثير من الأحيان عدم قدرتنا على التوجه إلى الأمام أو مواجهة التحديات الحالية، فنلجأ إلى الماضي لتفريغ الإحباطات أو تبرير الفشل.

الأشخاص الذين يُهاجمون بعد رحيلهم عن المسرح العام، سواء كانوا مشاهير ، سياسيين، فنانين، أو حتى رياضيين، يصبحون مثل "الهدف السهل".

فلا يملكون القدرة على الدفاع عن أنفسهم، بينما يواصل البعض الهجوم عليهم في محاولة لكسب تأييد الجمهور أو الظهور بمظهر الناقد المخلص. لكن في الواقع، هذه الممارسات لا تقدم جديدًا، ولا تعالج المشاكل القائمة، بل تخلق نوعًا من الهروب من التحديات الحقيقية التي نعيشها في الوقت الراهن.

بدلًا من انتقاد ما انتهى وقته، علينا أن ننظر بعين الحكمة إلى التحديات التي تواجهنا اليوم. الضرب في الماضي، مهما كان جرحه عميقًا، لن يصلح الحاضر ولن يمهد الطريق لمستقبل أفضل. و إن النقد البنّاء يجب أن يكون موجهًا نحو السياسات الحالية، والخطوات المستقبلية، وليس للأشخاص الذين أصبحوا جزءًا من التاريخ.

باختصار.. "الضرب في الميت حرام" ليس مجرد مثل شعبي؛ بل هو دعوة للتوقف عن العبث بما لا يُغير من الواقع، والتوجه نحو الأهم: إصلاح الحاضر وبناء المستقبل. إذا كنا نسعى حقًا إلى تحسين أوضاعنا، فعلينا أن ننتقد من أجل البناء، لا من أجل الهدم.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

” الحذر”.. السلاح الحاضر في معارك اليمن

 

أقول معارك، لأن اليمن قد فُرضت عليه في العقد الأخير جملة من المعارك وذلك بعد انتصار ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر ٢٠١٤م.. حيث خاض اليمنيون معركة الداخل مع المرتزقة أدوات الخارج، ولا تزال هذه المعركة مفتوحة لم يطو ملفها.. ومعركة مع تحالف العدوان السعودي الإماراتي ولفيفهم وهي المعركة التي وإن سكتت إلا أنها انتقلت إلى طور التآمر والتربص والكيد وإثارة الفتن…وأما معركة اليمن الثالثة، فكانت مع ثالوث الشر ( أمريكا وإسرائيل وبريطانيا) وهذه هي المعركة الأصيلة التي تحدث عنها السيد الشهيد القائد .. وهي التي تحمل في ذاتها صفة العداوة الدائمة المسلحة بالعقائد والمفاهيم والتصورات والتي لا تنتهي أبداً إلا بالحسم الشامل…
هذه ثلاث معارك خاضها ويخوضها اليمنيون على مدى السنوات العشر الأخيرة.. ناهيك عن المعركة الثقافية والإعلامية والاقتصادية والسياسية.. ومعركة الحفاظ على النسيج الاجتماعي الذي تتميز به اليمن وتطهيره من لوثات النظام البائد.. وتأهيله من جديد للاستمرار في خوض معركة اليمن نحو الحرية والاستقلال والقوة.. ودفن سياسة التبعية والوصاية إلى الأبد…
إذن هي معارك متعددة كان على الثورة الشعبية اليمنية أن تخوضها وقد فعلت ذلك بكل شجاعة واقتدار متوكلة على الله وواثقة به وعاملة بحكمه وماضية بالإنسان ليكون إنساناً قرآنيا…
ونحن الأمة المسلمة التي كتب الله عليها الجهاد بمضمونه القرآني، حيث يمثل القتال شعاعا مركزيا فيه ..هي من كتب عليها إعداد العدة بقدر الاستطاعة كمقدمة ضرورية لفريضة القتال من جهة.. والتي بقدر ما يستخدم فيها السيف كذلك يستخدم الدرع.. وفوق هذا يأتي الإعداد وسيلة وأسلوبا يراه العدو، فيترك في نفسه أعمق الأثر بحيث يكون كافيا لردعه وهذا هو معنى الإرهاب القرآني.. وهو أن تجعل عدوك يرهبك فيكف عن عدوانه وحتى التلويح به.. ويحسب لذلك ألف حساب.
ومن جملة الأسلحة التي امتلكها اليمن وأدارها باقتدار سلاح ” الحذر ” .. وهو السلاح الذي أكد عليه الله سبحانه في كتابه العزيز ..وجاء هذا التأكيد بصيغة الأمر للدلالة على أهمية هذا النوع من السلاح ومكانته في معركة الحق مع الباطل.. قال تعالى : ” يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم..” النساء ٧١، وقد فسره البعض بأنه ما يحذر به وهو آلة الحذر كالسلاح .. وهذا بعيد بلحاظ قوله تعالى في صلاة الخوف من نفس السورة : “.. وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم…” النساء ١٠٢، فجعل الحذر شيئاً آخر غير السلاح …وهو ما عبَّر عنه في اللهجة اليمنية بـ( مدري)…..
إن الحذر هو توقي المكروه بالأسباب الممكنة المشروعة.. فهو سبب شرعه الله وأوجبه لتوقي المكروه.. وهذا المعنى شبه غائب عن ساحة أحكام الشريعة المتداولة..
وأرى أن الحذر هو معركة يخوضها المرء مع نفسه لترويضها وتربيتها وتخليصها من أمراض حب الظهور والرئاسة والتفاخر والغلو في ردات الفعل، والثرثرة وشهوة الكلام، وعدم الصبر على كتم السر، واللا مبالاة، والاسترخاء، والاستهتار بقدرة العدو، واعتياد الأشياء بالروتين والركون إليها، وغيرها من الأمور التي يتخذها العدو مصادر للمعرفة والاستطلاع..
ومن هنا يأتي سلاح الحذر (الأمن الوقائي) حائلا بين العدو وبين أن يسمع أو يبصر أو يحيط بأمر من الأمور التي تخص الوطن وتكون مدخلا لتوظيفها في معركته معه…
وقد وفق الله المجاهدين في اليمن لامتلاك هذا السلاح الاستراتيجي وتوظيفه أحسن توظيف في معركتهم مع الطاغوت، وكشفت سنوات الحرب الطويلة ولا سيما الأخيرة منها عن قدرة المجاهدين على ذلك بخلاف ما رأينا في ساحات جهادية أخرى كغزة ولبنان على سبيل المثال، حيث رأينا الاختراقات والنتائج الكارثية جراء إهمال هذا السلاح وعدم إعطائه حقه من الوجوب والحضور…
ولا شك أن طبيعة الإنسان اليمني الحذرة بلحاظ الحياة الاجتماعية اليمنية التي زخرت بالصراعات والخلافات القبلية والسياسية، كان لها الدور المهم في تكوين هذا الإنسان، لكن إحياء الشعور بالمسؤولية الجمعية كان الأهم في صناعة ظاهرة الأمن الجمعي في اليمن وعدم حصر هذه المسؤولية في وظيفة أجهزة الدولة، وهذا نادر الحدوث في بلداننا نظرا للعلاقة السيئة التي تجمع بين أفراد الشعب وهذه الأجهزة وخاصة الأمنية منها…
إن الحذر هو من نوع سلاح الوقاية والدفع وقد قيل : ” درهم وقاية خير من قنطار علاج “، وحين أخذ بهذه القاعدة في اليمن، رأينا كيف أن العدو صار يخبط خبطاً عشوائيا في عدوانه، ورأينا إفلاسه في تشخيص الأهداف وفي نتائج ضرباته العدوانية التي انصرفت للأعيان المدنية والبنى التحتية بعد يأسه من الوصول لأهداف عسكرية تفرضها قواعد الاشتباك في الحروب..
كذلك هو سلاح لا ينفك عن الحضور، ليس في وقت الحروب فحسب، بل لعله في وقت السلم أكثر ضرورة وحاجة، ومنه الأمن الاقتصادي والسياسي والصناعي….إلخ.
وبعبارة…فإن قول رسول الله صلى الله عليه وعلى آله” استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان “، وفعله وسيرته، كما في رحلة الهجرة، وكما كان يوري بالغزوة فلا يكشف عن وجهتها، وكيف أنه عد مجرد إشارة من أبي لبابة يوم بني قريظة خيانة لله ولرسوله وللمؤمنين، وقصة الظعينة التي حملت رسالة إلى قريش قبيل الفتح، وهذا كثير، ولست مبالغا حين أقول إنه ما كان أحد أكثر حذرا من رسول الله صلى الله عليه وعلى آله في تحركه وغزوه وسراياه وخططه ونواياه….
ولقد اعترف العدو بأن معركته مع اليمن كانت هي الأعقد والأكثر ارتباكا واهتزازا في تاريخ حروبه منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية، لدرجة تشبيهه لليمنيين بالأشباح وبالصندوق الأسود، رغم إمكاناته التجسسية الاستثنائية..
وهذا فضل من الله تفضل به على جبهة اليمن الداخلية، إذ جعل ثوبها من نسيج يصعب اختراقه فضلا عن تمزيقه، وزودها بالوعي والبصيرة القرآنية المستمدة من كتاب الله عز وجل ومن سيرة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله، ومن النور الذي يمشي به السيد القائد (حفظه الله) في الناس، ومن المجاهدين الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه وذابوا في قرآنهم ورسولهم وقائدهم، فكان اليمن بهذا نعم الشعب، ونعم القائد، ونعم المنهاج….
كاتب وباحث فلسطيني

مقالات مشابهة

  • ما هي التحديات التي يواجهها أنشيلوتي مع منتخب البرازيل ؟
  • ” الحذر”.. السلاح الحاضر في معارك اليمن
  • بورنيسك: الأمن الغذائي يعد أحد التحديات الأساسية التي تواجه دول الخليج
  • هل الزغاريد عند السفر إلى الحج حرام؟.. دار الإفتاء تجيب
  • طريقنا إلى مستقبل أفضل لا يمر عبر سجون الماضي أو الحاضر
  • محمد السعدي يكشف عن أبرز التحديات التي تواجه الإعلانات ومستقبل التليفزيون
  • وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي: موقفنا موحد مع أصدقائنا الأتراك لدعم الأشقاء في سوريا بمواجهة التحديات والصعوبات التي تواجهها
  • شكشك يناقش التحديات التي تواجه قطاع النفط وسبل تطويره
  • ديوان المحاسبة يُناقش التحديات التي تواجه قطاع النفط
  • محامية: يحق للمرأة أن تطلب زوجها الناشز في بيت الطاعة.. فيديو