يمانيون – متابعات
تظهر دلائل المواجهة القائمة على حدود فلسطين الشمالية أن حزب الله لا يكتفي بالتعافي، بل يستعيد السيطرة والانضباط ويقود حرب استنزاف تدريجية ومخطط لها. ومن أبرز شواهد ذلك الضربة القاسية التي وجهتها مسيّراته إلى معسكر لواء جولاني في منطقة بنيامينا بحيفا المحتلة، ما أسفر عن مقتل وجرح أكثر من سبعين عنصرًا من “جيش” الاحتلال، بحسب ما ذكرته الجهات الصهيونية.

هذا التصعيد الملحوظ من طرف حزب الله يُعتبر سلاحًا ذو حدين وفقًا للرؤية الصهيونية، وخصوصًا من قبل بنيامين نتنياهو. من جهة، يتسبب هذا التصعيد في إلحاق أضرار مؤلمة بالمجتمع الصهيوني، حيث تزداد التكاليف والتوتر نتيجة هجمات المسيّرات والاستهدافات الصاروخية. هذه التصعيدات تؤدي إلى شعور المستوطنين بفقدان الأمان وتصدّع الرواية الصهيونية حول فلسطين.

هذا الأمر يعزز أيضًا ما يمكن وصفه بـ “تماثلية الألم”، مما يعني أن الفلسطينيين واللبنانيين ليسوا وحدهم الذين يعانون من تبعات الحرب، بل بإمكان المقاومة أن تجعل الصهاينة يشعرون بنفس المعاناة، مما يوسع نطاق المستوطنات المخلاة. وقد أكد حزب الله أن استمرار الحرب يعني أن حيفا معرضة للاستهداف بشكل مماثل لما حدث في “كريات شمونة”.

من جهة أخرى، فإن المواجهة البرية تُثقل كاهل “جيش الاحتلال” بشكل كبير، وهو ما يفسر الحذر والتردد الإسرائيلي في اتخاذ خطوات عسكرية برية. يبدو أن حزب الله يعكف على رفع التكلفة مع تصعيد المواجهة، مع الحفاظ على مخزونه الاستراتيجي من الأسلحة، مما قد يمنعه من الردود الانفعالية التي قد تُضعفه.

فيما يتعلق بـ “حدّ التوظيف”، فإنه من الواضح أن نتنياهو يدرك أن حزب الله لا يزال قويًا رغم الأضرار التي لحقت به. لذا، قد يسعى لتوظيف الهجمات على قاعدة جولاني لتعزيز موقف الجبهة الداخلية، وإقناع الإسرائيليين بضرورة الاستمرار في الحرب حتى يتمكنوا من تحقيق نصر عليه.

دون شك، سينتقل نتنياهو الآن لاستهداف العمق اللبناني وبيروت، وأعلى احتمال أنه سيتجاوز بيئة حزب الله ليطال البنية المدنية للدولة اللبنانية ومؤسساتها. وفي هذا السياق، يُظهر نتنياهو تجاهلاً للتحذيرات الأمريكية بعدم استهداف بيروت بشكل شامل، لما قد يسببه ذلك من أزمات مع حلفاء الولايات المتحدة.

في الختام، بعد الضربة المؤلمة التي نفذها حزب الله على قاعدة جولاني، يقف نتنياهو أمام ثلاثة خيارات للتعامل مع تصعيد حزب الله. يمكن أن يدفع هذا التصعيد في المستقبل نتنياهو نحو التراجع عن سردية “النصر المطلق”، والبحث عن تسويات لمنع غرق “إسرائيل” في المستنقع العسكري، خاصة فيما يتعلق بالمواجهة البرية.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: حزب الله

إقرأ أيضاً:

ستارمر: صور أطفال غزة مروّعة.. وترامب يتحدث عن خطط مع نتنياهو

وصف رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر مشاهد الأطفال الجائعين في القطاع بأنها "مروّعة"، داعيًا إلى حشد دولي من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار، فيما قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن التعامل مع حركة حماس بات "أصعب من أي وقت مضى"، كاشفًا عن مباحثات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تتعلق بـ"خطط مختلفة" لتحرير الرهائن.

جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي مشترك عقب اجتماع الزعيمين في منتجع ترامب للجولف في اسكتلندا، اليوم الاثنين، حيث هيمنت الأزمة الإنسانية المتفاقمة في غزة على المحادثات.

وقال ستارمر في تصريحاته للصحفيين: "الصور التي تصل من غزة لأطفال يعانون من الجوع والانهيار الصحي مروّعة بحق. الوضع يتطلب تحركًا دوليًا منسقًا".

وأضاف: "نحن بحاجة إلى حشد دول أخرى للمساعدة في التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، وإنهاء الكارثة الإنسانية الجارية هناك".

ورغم إشارته إلى فظاعة المشهد الإنساني، شدد رئيس الوزراء البريطاني على موقفه السياسي المتماشي مع الموقف الإسرائيلي، قائلًا: "لا يمكن لحماس، بالتأكيد، أن تلعب أي دور في أي حكم مستقبلي بالأراضي الفلسطينية".

من جهته، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنه أجرى محادثات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن "خطط مختلفة" لتحرير الرهائن المحتجزين في غزة.

وأوضح ترامب أن التعامل مع حماس "أصبح أكثر صعوبة خلال الأيام القليلة الماضية"، لكنه أضاف في المقابل: "سنواصل العمل مع دول أخرى لتقديم مساعدات إنسانية إضافية لسكان غزة".

وأعلن ترامب نية بلاده إنشاء "مراكز طعام دون أسوار أو حواجز" داخل غزة لتسهيل وصول المحتاجين إليها، في خطوة قال إنها تهدف إلى "تقليل معاناة المدنيين"، دون تقديم جدول زمني أو تفاصيل عن الجهات المنفذة.

وتأتي هذه التصريحات في وقت لا تزال فيه محادثات وقف إطلاق النار متعثرة، بعد فشل الجولة الأخيرة في الدوحة الأسبوع الماضي. وبينما تواصل إسرائيل قصفها للمناطق المدنية في غزة، تتصاعد التحذيرات من مجاعة وشيكة قد تودي بحياة عشرات الآلاف، خصوصًا من الأطفال.

منظمات حقوقية وصفت التصريحات الغربية الأخيرة بأنها "اعتراف متأخر بحجم الكارثة"، لكنها حذرت من أن غياب رؤية سياسية متكاملة، وإصرار الغرب على استبعاد حماس من أي ترتيب سياسي قادم، يعني استمرار الأزمة بدل حلّها.

ويُذكر أن الحرب الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 خلفت: أكثر من 204,000 شهيد وجريح، أغلبهم من النساء والأطفال، أكثر من 9,000 مفقود، كارثة إنسانية شاملة، تشمل التهجير القسري والتجويع، إغلاق شامل للمعابر منذ مارس الماضي، ومجاعة طالت عشرات الآلاف من الأطفال

ووفق وزارة الصحة في غزة، توفي 133 فلسطينيًا جراء الجوع وسوء التغذية حتى الآن، بينهم 87 طفلًا، في وقت تواصل فيه إسرائيل تجاهل أوامر محكمة العدل الدولية بوقف الحرب وتسهيل دخول المساعدات.

ورغم أن تصريحات ستارمر وترامب تعكس تحولًا نسبيًا في الخطاب الغربي نحو الاعتراف بالكارثة، إلا أن غياب أي خطط تنفيذية واضحة لوقف الحرب، أو استعداد للضغط الحقيقي على إسرائيل، يبقي الأوضاع على حالها.

ويُنظر إلى أن إنشاء "مراكز طعام بلا حواجز" لن يغيّر شيئًا على الأرض ما لم تترافق مع وقف شامل للعمليات العسكرية، ورفع كامل للحصار، وتحرك دولي لضمان الحماية الإنسانية للفلسطينيين.


مقالات مشابهة

  • بالصور: أم أدهم: صمود امرأة فلسطينية في مواجهة الحرب والنزوح
  • قراءة في موقف جعجع.. هل تدفع القوات نحو المواجهة مع حزب الله؟!
  • الواقع القضائي في سوريا والتحديات التي تواجه عمل العدليات خلال اجتماع في وزارة العدل
  • لقاء للعلماء والخطباء في عمران لمناقشة المستجدات في ظل الجرائم الصهيونية في غزة
  • تعاني من الألم.. محمود سعد يكشف تفاصيل رحلة علاج أنغام
  • قماطي خلال افتتاح النصب التذكاري لفؤاد شكر: أعداء المقاومة يضعون كل ثقلهم لأجل استسلامها
  • خطة نتنياهو الجديدة بشأن غزة.. نافذة دبلوماسية أخيرة أم بداية لفرض واقع جديد؟
  • هآرتس تكشف خطة نتنياهو التي سيطرحها على الكابينت بشأن غزة
  • ترامب يقلص المهلة التي منحها لبوتين لوقف الحرب
  • ستارمر: صور أطفال غزة مروّعة.. وترامب يتحدث عن خطط مع نتنياهو