بحضور الشيخة عائشة بنت محمد القاسمي تواصلت جلسات ملتقى الشارقة الثقافي “يازمان الوصل” الذي ينظمه المكتب الثقافي في المجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالشارقة خلال الفترة من 15 إلى 20 من شهر أكتوبر الجاري، وكانت الجلسة الأولى لليوم الثاني للملتقى في مجلس الحيرة الأدبي بعنوان “الأمن الفكري ودوره في حفظ الهوية الوطنية والإسلامية”، قدمها الدكتور مأمون عبد الكريم، أستاذ الآثار ونائب عميد كلية الآداب في جامعة الشارقة، والدكتورة مريم سلطان لوتاه، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الإمارات، وأدارت الحوار الأديبة عائشة العاجل، وتضمن الحوار عدة محاور منها مفهوم الأمن الفكري والهوية، وأبعاده وأهمية إرساء الأمن الفكري، ودور الأسرة في تعزيزه.


الهوية والقيم الوطنية
وتحدث الدكتور مأمون عبد الكريم قائلاً:
إن تقوية التلاحم بين الهويتين الوطنية والإسلامية يكون من خلال العمل على وضع استراتيجيات تدمج القيم الوطنية والإسلامية بالمجالات العديدة في المجتمع، السياسية، التعليمية، الاجتماعية، الثقافية، وتؤثر فيها وتعمل على تنميتها وتطويرها من خلال وضع سياسات حكومية شاملة تراعي التنوع الديني والثقافي. إضافة إلى وضع برامج التوعية والتعليم لكل فئات المجتمع وتضمين مفهوم الهوية الوطنية والإسلامية في المناهج الدراسية ووضع برامج توعوية للشباب والكبار تعزز من دورهم في المشاركة المجتمعية كما تسهم تلك الاستراتيجيات في تعزيز دور المؤسسات الدينية في فهم القيم الوطنية والإسلامية كالتسامح والتعايش والتعاون والاعتدال من خلال تنظيم فعاليات تعزز من التماسك الاجتماعي، وأخيراً دعم الأبحاث والدراسات في المؤسسات البحثية والعلمية التي تعزز من التلاحم بين الهوية الوطنية والإسلامية وتماسك المجتمعات.

دور الأسرة والمؤسسات التعليمة
وأكدت د.مريم لوتاه على هذا حيث قالت:
عند الحديث عن الأمن الفكري وعلاقته بالحفاظ على أمن المجتمع والدولة، لابد من الإشارة بداية إلى أن طرح هذا الموضوع قديم ومتجدد في ذات الوقت، فقد عنيت المجتمعات منذ القدم بالحفاظ على معتقداتها، ومحاولة الوقوف ضد كل فكر جديد قد يهدد تلك المعتقدات، وقد يخل بالتوازنات المجتمعية، ولنا في القصص القرآني، وفي تجارب المجتمعات العديد من الأمثلة على ذلك.
وأضافت موضحة:
العولمة الثقافية والاقتصادية والسياسية تمثل تحدياً للدول والمجتمعات، وهي في ذات الوقت تمثل واقعاً سياسياً علينا أن نتعامل معه دولاً ومجتمعات، إذ لا يمكن لأي دولة فرض سياج يحميها من اختراق قوى العولمة، ولكنها في ذات الوقت قادرة على تعزيز ثقافة المجتمع وهويته الوطنية، خاصة لدى فئة الشباب عبر عمليات التنشئة الواعية لجعل الجيل أكثر حصانة من الناحية الفكرية، وأكثر قدرة على الانفتاح على الثقافات الأخرى والتفاعل الإيجابي مع معطيات العولمة.
وفي ظل اختراق قوى العولمة تتضاعف مسؤولية الأسرة في تعزيز ثقافة المجتمع وهويته الوطنية لدى النشء ليكون أكثر قدرة على التكيف مع محيطه الاجتماعي من جهة، وأكثر صلابة في مواجهة التحديات الثقافية التي تطرحها العولمة بكل أبعادها.
وختمت حديثها قائلة:
وتتحمل المؤسسة التعليمية والمؤسسة الإعلامية والمؤسسة الدينية الجانب الأكبر من المسؤولية تجاه تحصين النشء من خلال تعزيز ثقافته العربية وهويته الوطنية عبر المنهج الدراسي والأنشطة المدرسية وما يحمله المدرس من قيم وتوجهات، وعبر المادة الإعلامية المقدمة، وعبر الخطاب الديني، إذ لابد أن تتضافر جهود هذه المؤسسات من أجل الحفاظ على ثقافة المجتمع وهويته الوطنية، باعتبارها شرطاً أساسياً لتحقيق الأمن الفكري للمجتمع ضد أي اختراق خارجي.

اللغة العربية من أقدم اللغات
ومن ثم عقدت الجلسة الثانية تحت عنوان “قراءة في محتوى خطاب حاكم الشارقة عن العرب ولغتهم، قدمها الدكتور عيسى الحمادي، وأدارت الحوار الأديبة عائشة العاجل، وتعمق د.الحمادي في قراءة محتوى خطاب حاكم الشارقة، حيث أشار إلى أهم النقاط التي تناولها الخطاب، وهي أن العربية أصل كل اللغات، ووجوب تصحيح الأخطاء لدى الدارسين.
وأشار الخطاب إلى المَوطِن الأصلي للُّغة العربية، وقدَّم تأصيلًا واضحًا لكون العربية لغة ربانية، وأوضح الخطاب الشروع في تدشين معجم (لغات العالم) من منطلَق أن اللغة العربية أصلُ لغاتِ العالم.ِ
وتتناول القراءة الحالية لخطاب صاحب السمو المرتكَزات التالية:
المنطلقات، والأُسُس، والأصول الثابتة والدليل المرجعي.
وتطرح كلمة سُمُوِّه السؤال التالي: هل نشأت اللغة اصطلاحيًّا؟ أي اتفق الناس عليها، ويرتبط به سؤالان: كيف اتفقوا؟ وبأي وسيلة تفاهموا؟ أو أنَّ مَنشأها الإلهام من الله؟ وهذا هو الأقرب؛ بدليل قوله تعالى: (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا) سواء أكان العِلْم بالتلقين، أَمْ بإلقاء عِلْم في نفس آدم عليه السلام، فالله علَّم آدم اللغة، ولغة آدم هي لغة الأرض، وهي لغة الشَّعْب الأول من أبنائه؛ لأنَّ أهل الأرض كلهم من أبنائه، وبديهيٌّ أن يكون آدم قد علَّم لغتَه لأبنائه، يترتب على هذا الاستقراء أن لغات العالَم هي لهجات انبثقت من تلك اللغة.
وأضاف موضحاً: يُشير الواقع والمعطيات إلى أن اللغةَ العربيةَ أقدمُ من اللغة الإنجليزية؛ بدليل تشابُه المصطلحات، والمسمَّيات بين اللغتين، وكذلك الإسبانية والبرتغالية، والإيطالية، وتُشير الأبحاثُ إلى أن ربع كلمات اللغة الإسبانية أصلها عربيّ، وأن ثلاثة آلاف كلمة عربية في اللغة البرتغالية، وتُشير نتائجُ دراسة حديثة إلى أن العبرية لهجة عربية عاميَّة، وما يدعم ذلك ما أشار به الباحثون حول اللغة العربية، ومنهم على سبيل المثال بيير روسي الباحث الفرنسي، الذي قال: “إن العربية أُمّ اللغات”.

قراءات شعرية
وفي مساء اليوم نفسه، وفي قاعة مؤتمرات قصر الثقافة بالشارقة وتحت عنوان “إذا الغيث همى”، وهو إحدى محاور الملتقى وركائزه، كانت هناك قراءات شعرية للشاعرة شيخة المطيري، والشاعر عبد الله الهدية والشارعة د.عبد الرزاق الدرباس، وأدارت الجلسة الشعرية الكاتبة سلمى الحفيتي، وألقى الشعراء المشاركون عدة قصائد لاقت استحسان الجمهور، حيث ألقت الشاعرة المطيري قصيدة بعنوانى”قلبها والمقهى”، قالت في مطلعها:
جالس قرب قلبها مقهاه
الذي يجمع انتظار حصاه
ثم يبني بقسوة الصخر بيتاً
لوحيد عناقه مأواه

كما ألقت قصيدة “الشاعر”، وقالت في مطلعها:
تنزّل من ظل النخيل غناؤه
فسار به المعنى وطاب حداؤه
وأيقظ في الصحراء سبعاً من الرؤى
فهاجر سرب الماء مذ كان ماؤه

كما ألقى الشاعر الهدية عدة قصائد، منها قصيدة “أمسية الشارقة” وقال في مطلعها:
ربّاه! قد عج العجاج بغيّه وهوى بأشرعتي ولفّ ملاذيا
وجسارة الفوضى ألمت ريحها بعرى النسيم وحطمت مرساتيا
وألقى قصيدة “أميرة الثقافة”، وقال في مطلعها:
آنست في ليل مسرى الروح نيرانا فجئت أحمل نور الفجر نشوانا
أتيت بالقبس المسكون في أفقي علّي أنير به ميلاد لقيانا

وألقى الشاعر د. الدرباس، قصيدة “ملح على الجرح”، وقال في مطلعها:
مَشْيٌ إلى الرُّشْـدِ؟ أمْ سَـوقٌ إلى التِّـيـهِ؟ أمِ المَـجــاهـــيــلُ بالــلَّــذاتِ تُغْــــريــــهِ؟
كما ألقى قصيدة “جادك الغيث”، وقال في مطلعها:
نقّـل ِالطرفَ وخُـذْ أحلى الصّـورْ واحتشِــمْ يا ليـلُ واخـجــلْ يا قَـمــرْ
يا إمـاراتٍ سـَـــمـتْ نحـــوَ العُــلا “جادكِ الغَـيثُ إذا الغَـيثُ” انهـمَـــرْ
فيـكِ هاجـتْ بي خيالاتُ الهـوى وجُموحُ الشّـوقِ في الصّدرِ استعَرْ


المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

«أبوظبي للغة العربية» يُصدر كتاب «قصص من مجتمعنا»

أكد سعيد حمدان الطنيجي، المدير التنفيذي لمركز أبوظبي للغة العربية، حرص المركز على اكتشاف المواهب الأدبية الواعدة، ومنح أصحابها فرصة تجربة الكتابة ونشر أعمالهم، بما يُسهم في دعم الأهداف الثقافية والمعرفية للمركز، ومواكبة المبادرة المجتمعية لدعم القراءة المستدامة التي أطلقها مطلع العام الجاري.

جاء ذلك بمناسبة إعلان مركز أبوظبي للغة العربية التابع لدائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، عن إصدار كتاب «قصص من مجتمعنا»، في خطوة تجسّد مفهوم «عام المجتمع»، وتؤكد حضور الأدب بوصفه مساحة تبرز ثراء التجربة الإماراتية، وتُرسّخ حضور القيم التي تشكّل جوهر الهوية المجتمعية في الدولة.

ويقدم الكتاب مشهداً أدبياً متنوعاً، تستمد قصصه من أصوات أفراد المجتمع الذين شاركوا في كتابتها، في محاولة لرسم صورة جامعة تظهر التنوع الثقافي الفريد الذي يميز دولة الإمارات، وتعيد التأكيد على القيم الإنسانية والأسرية المتجذرة التي بقيت حاضرة عبر الأجيال، وتُشكّل جزءاً أصيلاً من النسيج الاجتماعي.

وقال الطنيجي، إنّ الكتاب يرتبط ارتباطاً وثيقاً بإعلان عام المجتمع، ويعكس رؤية المركز في تعزيز حضور اللغة العربية، وتشجيع أفراد المجتمع على التعبير عن رؤاهم، وصياغة تجاربهم بأساليب إبداعية، وإن «قصص من مجتمعنا» أحد المشاريع المميزة ضمن المبادرة المجتمعية لدعم القراءة المستدامة التي أطلقها المركز مطلع العام بالتزامن مع إعلانه «عام المجتمع».

وأضاف أن المبادرة أسهمت في اكتشاف المواهب الأدبية الواعدة، ومنح أصحابها فرصة التعبير بالكتابة، ونشر أعمالهم، بما يدعم الأهداف الثقافية والمعرفية للمركز، وتعزيز مساعيه نحو إثراء الصناعات الإبداعية باللغة العربية، مشيراً إلى أن القصص المختارة في الكتاب تجسّد روح الانفتاح الثقافي التي تُميز مجتمع الإمارات، وتُعلي من دور الأدب جسراً للتواصل الإنساني.

أخبار ذات صلة «أبوظبي للغة العربية» يشارك في «الكويت الدولي للكتاب» «أبوظبي للغة العربية» يكشف عن القوائم القصيرة لـ«سرد الذهب»

وأكد أن «قصص من مجتمعنا» ليس مجرد حكايات، بل شهادة حية على حيوية المجتمع الإماراتي وتنوعه الثقافي والإنساني، وإشارة إلى الإمكانات الإبداعية الموجودة فيه، والقادرة على تقديم سرديات تلامس الواقع، وتجسّد القيم التي تجمع أبناء الوطن والمقيمين فيه، لتكون امتداداً لمسيرة ثقافية تؤمن بأن الأدب ذاكرة المجتمع، وروحه الحية.

وكان المركز أطلق مبادرة «100 قصة من مجتمعنا» خلال فعاليات الدورة الرابعة والثلاثين من معرض أبوظبي الدولي للكتاب 2025، بهدف تشجيع أبناء المجتمع من مواطنين ومقيمين على التعبير عن أفكارهم وتجاربهم عبر الكتابة الإبداعية باللغتين العربية والإنجليزية، بما ينسجم مع توجهات المركز في تعزيز المحتوى الأدبي، وتمكين المواهب الناشئة، وترسيخ الكتابة كوسيلة لتوثيق التجارب الإنسانية والتاريخ المعاصر، وتغذية المشهد الثقافي الإماراتي بقصص نابضة بروح المجتمع.

وشهدت المبادرة إقبالاً واسعاً، إذ تلقى المركز نحو 250 مشاركة من 22 جنسية، من بينها الإمارات ومصر وسوريا والسودان والهند والولايات المتحدة، فيما كانت الفئة العمرية بين 33 و37 عاماً الأكثر حضوراً وتفاعلاً، ما يعكس نضج المبادرة وتفاعلها المجتمعي، ويمنحها بعداً إنسانياً يتجاوز حدود النص ليرسّخ قيم التنوع والانفتاح، ويجعل الأدب مساحة جامعة للتجارب.

وتولّت لجنة تحكيم مستقلة ومتخصصة تقييم المشاركات وفقاً لمعايير جودة السرد، وقدرته على التعبير عن قوة المجتمع وتنوعه الثقافي، واختارت اللجنة 54 قصة تجسّد الذكرى الرابعة والخمسين لعيد الاتحاد، وتقدم أعمالاً سردية ترتبط بالأسرة، والانتماء، والتعاون، سواء كانت واقعية أو متخيّلة وتنبض بروح الإمارات، وتحمل رسائل تعايش بين الثقافات.

ويواصل مركز أبوظبي للغة العربية، من خلال إصدار «قصص من مجتمعنا»، دوره في إثراء المشهد الثقافي والمعرفي في الدولة عبر الاحتفاء بالأدب المكتوب الذي يظهر تنوع المجتمع وتماسكه، ويبرز تفاصيل الحياة اليومية وما تحمله من قيم إنسانية ملهمة، بما يفتح المجال أمام المواهب من الجنسيات المختلفة المقيمة في الدولة للنشر والاحتفاء بإبداعاتهم.

المصدر: وام

مقالات مشابهة

  • التنظيم والإدارة: الاستعلام عن نتيجة التظلمات في مسابقة شغل 25217 وظيفة معلم اللغة العربية
  • الجوائز الثقافية الوطنية: منظومة تكرّم المبدعين وتوثّق الحراك الثقافي
  • ألكسو تهنئ قطر والدول العربية لإدراج البشت على قائمة التراث الثقافي غير المادي لليونسكو
  • نتيجة فحص التظلمات في مسابقة وظائف معلم مساعد اللغة العربية
  • انطلاق «مبادرة بالعربي 13» احتفاء باليوم العالمي للغة العربية
  • رابط الاستعلام عن نتيجة تظلمات"25217" وظيفة معلم مساعد مادة اللغة العربية
  • «جونا عربي».. شعار «أيام العربية» ينبض بالحياة ببرنامج حافل
  • مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية يشارك في ملتقى الدرعية الدولي
  • فعاليات متنوعة لترسيخ الهوية الثقافية ضمن احتفال جامعة صحار بـ"اليوم العالمي للغة العربية"
  • «أبوظبي للغة العربية» يُصدر كتاب «قصص من مجتمعنا»