لجريدة عمان:
2025-07-30@23:13:26 GMT

عُمان ومرحلة الإصلاحات الاقتصادية الجديدة

تاريخ النشر: 13th, August 2023 GMT

عُمان ومرحلة الإصلاحات الاقتصادية الجديدة

كيف يمكن أن نقيس مدى نجاح أي إصلاح اقتصادي تقوم به دولة من الدول؟

هذا سؤال في غاية الأهمية لفهم حقيقة وعمق الحركة الإصلاحية في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية، بشكل خاص، التي يقوم بها حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم، حفظه الله ورعاه، وما إذا كانت قد حققت أهدافها، وما إذا كنا نسير في الاتجاه الصحيح في لحظة فاصلة من عمر الزمن العماني.

يعتمد قياس أي إصلاح اقتصادي في العالم على قياس أهم أربعة مؤشرات وهي المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية والمؤشرات المؤسسية وكذلك المؤشرات المالية. وكلها مؤشرات تسجل فيها سلطنة عمان تقدما متسارعا وعلى نحو مُرضٍ رغم التحديات التي يمر بها العالم أجمع.

وإذا كان أهم مؤشر ضمن المؤشرات الاقتصادية هو مؤشر الناتج المحلي فإن سلطنة عمان ما زالت تتقدم بشكل جيد في هذا المؤشر، وكذلك مؤشر معدل نمو الناتج المحلي، أما معدل التضخم فقد شهد تراجعا ملحوظا بالنظر إلى مستوى التضخم المرتفع الذي تشهده دول العالم متأثرة بالأحداث السياسية والعسكرية الجارية في بعض بقاع العالم.

وأعلنت سلطنة عمان أمس أنها سجلت فائضا ماليا قدره 656 مليون ريال عماني رغم أنها سددت خلال النصف الأول من هذا العام ما يقدر بملياري ريال عماني «5.2 مليار دولار أمريكي» منها 1.5 مليار ريال عماني قروض حكومية الأمر الذي جعل الدين العام يتراجع إلى 16.3 مليار ريال عماني بعد أن تجاوز 22 مليار ريال عماني في عام2021. وهذا مؤشر مهم جدا سواء على المستوى الوطني أو حتى في نظرة المؤسسات العالمية لقدرة سلطنة عمان في التعامل مع ديونها المستحقة.

أما المؤشرات الاجتماعية فإن مشروع حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم لبناء نظام حماية اجتماعي يشمل جميع أفراد المجتمع والذي أعلنت تفاصيله الشهر الماضي يعد من بين أفضل أنظمة الحماية الاجتماعية وأشملها، ومن شأنه مع بدء تطبيقه في يناير القادم أن يغير في جوهر فكرة الحماية الاجتماعية التي كانت معروفة في عمان ويدفع بالحراك الاقتصادي إلى أبعد مدى.

أما المؤشرات المؤسسية فقد شهد مؤشر سهولة ممارسة الأعمال التجارية في سلطنة عمان الكثير من القفزات مع صدور بعض القوانين والإجراءات التي سهلت ممارسة الأعمال التجارية في عُمان، وكان آخر تلك الإجراءات وجود المحطة الواحدة التي يستطيع عبرها أي مستثمر أن ينهي كل إجراءاته في وقت قياسي، وسلطنة عمان من بين أفضل الدول العربية في مؤشر بيئة وجاذبية الاستثمارات. وفي ما يخص مؤشر التنافسية العالمية فإن سلطنة عمان تسعى لتكون من بين أفضل دول العالم في هذا المؤشر وقد قطعت شوطا مهما في هذا المسار. كما أن سلطنة عمان في مركز متقدم عالميا في مؤشر مدركات الفساد.

وبالنسبة للمؤشرات المالية فإن سلطنة عمان استطاعت خلال السنوات الثلاث الماضية أن تحقق تقدما ملحوظا في مؤشر الاستثمار الأجنبي، وارتفعت نسبة الاستثمار الأجنبي في سلطنة عمان مع نهاية العام الماضي بنسبة 19% رغم التحديات الكبيرة التي كانت تواجه العالم بسبب جائحة كورونا وبسبب الأزمة الاقتصادية التي صاحبت تلك الجائحة.

وفي جانب آخر لم يتأثر سوق الأسهم في سلطنة عمان رغم كل التحديات التي شهدتها أسواق الأسهم في العالم وهذا أحد المؤشرات التي يمكن أن يقرأ من خلالها مدى نجاح أي إصلاح اقتصادي في أي دولة من الدول.

وفي حين أعلنت سلطنة عمان أمس أن النسبة الآمنة للدين العام مقارنة بالناتج المحلي يجب أن تكون في حدود 30% استطاعت أن تخفض مستوى الدين العام خلال عامين فقط من 22 مليارا بنهاية عام2021 إلى 16.3 مليار في منتصف العام الجاري.

وعبر النظر في هذه المؤشرات المهمة فإن القارئ والمتأمل فيها يستطيع أن يطمئن على المسار الاقتصادي والمالي الذي يحققه الإصلاح الاقتصادي الذي يقوده عاهل البلاد المفدى. والذي يحقق الآن توازنا معقولا بين الجوانب الاقتصادية والجوانب الاجتماعية.

إن المرحلة القادمة من الزمن العماني مرحلة مهمة ستحصد فيها سلطنة عمان نتائج الفكر العميق الذي يدير به جلالة السلطان المعظم مسارات التنمية في البلاد سواء فيما يتعلق بالهيكلة الإدارية للدولة أو هيكلة الاقتصاد أو عموم البنى الأفقية والعمودية التي تقوم عليها الدولة في سلطنة عمان.. والمستقبل حافل بالكثير من الإنجازات والنقلات النوعية الاستثنائية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی سلطنة عمان ریال عمانی

إقرأ أيضاً:

تدوير النفايات في سلطنة عمان..  ثقافة المواطن أم غياب البنية؟

د. داود البلوشي

في مقال نُشر مؤخرًا بجريدة "عمان"، طُرحت مسألة تدوير النفايات المنزلية كقضية مجتمعية، ودُفعت المسؤولية بشكل مباشر إلى المواطن تحت عنوان "نقص الوعي المجتمعي"، في حين غُيّبت بذكاء إشكالية جوهرية، وهي تأخُّر البنية التحتية البيئية والخدماتية الداعمة لهذا السلوك الحضاري.

لقد جاءت التوجيهات السامية لحضرةِ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المُعظّم -حفظهُ اللهُ ورعاهُ- واضحةً وصريحةً في مسألة تطوير المحافظات، إذ اعتبر جلالتُه تنميةَ المحافظات والمدن المستدامة من أولويات الرؤية المستقبلية لعُمان، وركيزةً استراتيجية لتحقيق تنميةٍ شاملةٍ ومستدامةٍ اقتصاديًّا واجتماعيًّا، بما يعزّز قدرةَ المحافظات على إدارة مواردها واستغلالها بكفاءة.

وقد أكّد جلالةُ السُّلطان -أعزّهُ اللهُ- في خطابهِ بمناسبةِ الانعقاد السنوي الأول للدورة الثامنة لمجلس عُمان 2023، قائلًا: إنّ الاهتمام بتنمية المحافظات وترسيخ مبدأ اللامركزية نهجٌ أسّسنا قواعده من خلال إصدار نظام المحافظات، وقانون المجالس البلديّة، استكمالًا لتنفيذ رؤيتنا للإدارة المحليّة القائمة على اللامركزية، سواءً في التّخطيط أو التنفيذ، ولتمكين المجتمع المحلي من إدارة شؤونه والإسهام في بناء وطنه.

من غير العدل تحميل المواطن عبءَ التقصير في غياب الحد الأدنى من الخدمات الأساسية. إذ لا تزال معظم الحارات والمجمّعات السكنية في السلطنة، حتى اليوم، تعاني من مشكلات مزمنة في جمع النفايات. فالحاوياتُ بعيدةٌ ومهترئة، والمخلفاتُ تتكدّس لأيام، والانبعاثات تنشر الأمراض والروائح، كيف نطلب من المواطن فرز نفاياته منزليًّا، في الوقت الذي لا تُوفَّر له حاوية مناسبة أو نظام واضح للتجميع؟

ما لا يجب تجاهله أنّ المواطن العُماني ليس غريبًا عن فكرة الفرز، كثيرٌ من المواطنين يفرزون الورق والكارتون والمعادن والزجاج دون توجيهٍ رسمي، فقط بدافعٍ أخلاقي. العُمانيون، بطبعهم، يحبون بيئتهم ونظافة مدنهم. المشكلةُ ليست في الوعي، بل في البنيةِ التي تأخرت عن اللحاق بهذا الوعي، وفي غياب أدواتِ الدعم والتشجيع.

منطقةٌ مثل سيح المالح، التابعة لشركة تنمية نفط عُمان، تُعدُّ نموذجًا مُشرقًا لما يمكن أن يكون عليه التخطيطُ البيئي السليم: حاويات ملوّنة للفرز، نظام جمعٍ متكامل، بنية طرق تخدم النقل البيئي، وسكان يتجاوبون مع النظام بسهولة. لماذا لا يتم تعميم هذا النموذج؟ ولماذا لا يكون حجرَ أساس في خطة وطنية تُطلقها هيئة البيئة بالشراكة مع المحافظات؟

للوصول إلى نظام متكامل ومستدام، لماذا لا يُؤسَّس كيان وطني جديد، شركة مساهمة عامة بيئية وخدمية، تُعنى بجمع النفايات وتدويرها، وتطوير مياه الصرف، والحدائق، والإنارة، والخدمات العامة، ويُسمح للمواطنين بالمساهمةِ فيها مباشرة؟ رسومُ الخدمات التي يدفعها المواطن اليوم لشركة "بيئة" يمكن تحويلها إلى رأسمالٍ تشغيلي لتلك الشركة الجديدة، في نموذجِ شراكةٍ فعليٍّ بين المواطن والدولة.

لا يمكن أن نطلب من المواطن ما لم تفعله الدولة. لا يجوز لومُ الناس على سلوكياتٍ لم تُعزَّز بخدمات مناسبة، ولا تحميلُ الوعي المجتمعي ما هو في الأصل مسؤوليةٌ حكوميةٌ وتشريعيةٌ وتنظيمية.

الخطوةُ الأولى لتدوير النفايات في عُمان ليست في نشرات التوعية، بل في خدمةٍ محترمة، وتشريعٍ مُلزِم، وحاويات مخصصة، وشراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص.

مقالات مشابهة

  • سلطنة عمان تشارك في مؤتمر دولي حول القضية الفلسطينية
  • مؤشرات تنافسية عُمان وتحديات تعزيز الأداء المؤسسي
  • القائم بأعمال سفارة جمهورية أذربيجان بدمشق لـ سانا: الإدارة السورية الجديدة بقيادة الرئيس الشرع تعمل بشكل متواصل لحل جميع المشكلات التي تواجه الشعب السوري، وخاصة الاقتصادية منها، بهدف دفع عجلة التنمية وتحسين نوعية حياة المواطنين
  • تدوير النفايات في سلطنة عمان..  ثقافة المواطن أم غياب البنية؟
  • سلطنة عمان تحتفل باليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر
  • نواب: تراجع سعر الدولار وتحسن المؤشرات الاقتصادية يفتحان الباب لخفض أسعار السلع في الأسواق المصرية
  • الاقتصاد العماني وسياسات التنويع والابتكار
  • وساطة قبلية تفرج عن القيادي الحوثي محمد الزايدي ونقله إلى سلطنة عمان
  • "التراث والسياحة" تفتتح ركن النيازك بفندق ماندارين أورينتال
  • نجاح عملية إكثار وتوطين النمور العربية في سلطنة عمان