بايدن وحلفاؤه الأوروبيون مصممون على دعم أوكرانيا
تاريخ النشر: 19th, October 2024 GMT
سرايا - أكد جو بايدن وحلفاؤه الأوروبيون الثلاثة الرئيسيون الجمعة في برلين "تصميمهم" على مساعدة كييف في تحقيق "سلام عادل ودائم"، فيما يعاني الجيش الأوكراني صعوبات في مواجهة القوات الروسية.
وتعهد الرئيس الأميركي ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتس ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر "مواصلة دعم أوكرانيا في جهودها لضمان سلام عادل ودائم، يستند إلى القانون الدولي، بما في ذلك ميثاق الأمم المتحدة، وإلى احترام السيادة ووحدة الأراضي".
ودعا بايدن أعضاء حلف شمال الأطلسي (ناتو) إلى "مواصلة دعم" أوكرانيا.
يأتي ذلك في ظل مؤشرات إلى تراجع المساعدات الغربية، وخشية من أن تغير الولايات المتحدة سياستها بشكل جذري في حال فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني/نوفمبر.
وتواجه أوكرانيا وضعا صعبا على الجبهة الشرقية وتتعرض لقصف عنيف متواصل يستهدف خصوصا بناها التحتية الأساسية.
ومن دواعي القلق الأوكراني أيضا ما أعلنه جهاز الاستخبارات الكوري الجنوبي عن إرسال كوريا الشمالية فرقة مكونة من 1500 جندي من القوات الخاصة لدعم حليفتها موسكو، على أن ترسل مزيدا من القوات مستقبلا.
وقالت وزارة الخارجية الفرنسية إن "هذا سيكون تطورا جديدا مقلقا للغاية وخطيرا للغاية".
واعتبر كير ستارمر خلال مؤتمر صحافي في برلين أن ذلك يعكس "مستوى يأس... روسيا الضعيفة".
حذر في الناتو
أجرى الرئيس الأميركي زيارة وداعية قصيرة لألمانيا، أحد أكثر حلفاء الولايات المتحدة إخلاصا في أوروبا، وغادرت طائرته في وقت متأخر بعد الظهر.
وصرح أولاف شولتس "نحن ندعم أوكرانيا بكل قوتنا"، مؤكدا ضرورة "ألا يصبح حلف شمال الأطلسي طرفا محاربا" في هذا النزاع "من أجل منع تحوله إلى كارثة أكبر".
ولم يلق أي من الطلبات التي أدرجها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في "خطة النصر" التي عرضها الخميس أمام الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي تأييدا بالإجماع من جانب حلفاء بلاده.
وينطبق ذلك خصوصا على طلبه توجيه دعوة سريعة للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي.
جاء الاجتماع في العاصمة الألمانية بين القادة الغربيين الأربعة بعد تكريم ألمانيا لجو بايدن.
وأشاد الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير بضيفه الذي وصفه بـ"مرشد للديمقراطية" أظهر دعما ثابتا لحلف شمال الأطلسي وأوكرانيا "في أخطر وقت منذ نهاية الحرب الباردة".
ومنح شتاينماير نظيره الأميركي وسام الاستحقاق الألماني تقديرا لجهوده في تعزيز العلاقات عبر الأطلسي وفي الدفاع عن الديمقراطية.
بعد ولاية دونالد ترامب الرئاسية (2017-2021) التي شهدت اضطرابات بين واشنطن وبرلين، عاد الدفء بوضوح إلى علاقات البلدين إثر وصول بايدن إلى البيت الأبيض، لا سيما في ما يتعلق بالملف الأوكراني الذي تنسق بشأنه الدولتان القرارات باستمرار.
وكان الرئيس الديمقراطي البالغ 81 عاما والذي انسحب من السباق للفوز بولاية ثانية، أرجأ زيارته لألمانيا قبل أسبوع بسبب الإعصار ميلتون الذي ضرب ولاية فلوريدا.
إضافة إلى أوكرانيا، ناقش بايدن في برلين الوضع في الشرق الأوسط.
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
كلمات دلالية: شمال الأطلسی
إقرأ أيضاً:
الصراع الروسي الأوكراني بين الحسابات الإستراتيجية والانقسام في “التسوية”
البلاد – موسكو
في الوقت الذي تستعد فيه موسكو وكييف لجولة جديدة من المفاوضات في إسطنبول، تعكس التصريحات المتبادلة بين الجانبين حجم التباين العميق في الأهداف، وغياب الحد الأدنى من الثقة اللازم لبلورة تسوية سلمية قابلة للاستمرار. فموقف موسكو، الذي عبّر عنه مندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا، يبرز انعدام النية الروسية في منح كييف أي فرصة لالتقاط الأنفاس، ولو تحت غطاء دبلوماسي، فيما تواصل أوكرانيا حشد الدعم الغربي لتكثيف الضغط على الكرملين.
الرفض الروسي الصريح لتكرار تجربة “اتفاقيات مينسك”، التي سبق أن وُصفت بأنها فشلت في كبح جماح الصراع، يعكس تحوّلاً جذريًا في طريقة تعامل موسكو مع المسار التفاوضي. فروسيا لم تعد تنظر إلى وقف إطلاق النار كأداة للتهدئة، بل تعتبره ثغرة محتملة قد تسمح لأوكرانيا بإعادة التسلح، بدعم غربي متصاعد.
تأتي هذه الرؤية في سياق رؤية استراتيجية روسية أوسع ترى أن أي تسوية يجب أن تعالج “الأسباب الجذرية للنزاع”، وهو ما قد يشير إلى مطالب مثل حياد أوكرانيا، وضمانات ضد توسع حلف الناتو، إضافة إلى الاعتراف بسيادة روسيا على الأراضي التي ضمتها، وهي شروط تراها كييف والغرب غير مقبولة.
في المقابل، يعكس خطاب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي توجهًا أكثر واقعية، لكن ضمن إطار تصعيدي. فدعواته إلى فرض عقوبات أشد على موسكو، خلال لقائه بوفد من مجلس الشيوخ الأميركي، تشير إلى قناعته بأن موسكو لا تنوي تقديم تنازلات حقيقية إلا تحت ضغط اقتصادي وسياسي كثيف. وإذ يصف زيلينسكي المفاوضات بأنها غطاء روسي للتحضير لهجوم جديد، فهو يعزز موقفًا متشددًا يسعى إلى تحويل الدعم الأميركي من أداة ردع إلى وسيلة لـ”إجبار روسيا على السلام”. ورغم أن ذلك قد يلقى قبولاً في أوساط واشنطن، إلا أن مخاطره تكمن في تعميق الانقسام بين الضغوط الغربية والمواقف الروسية، ما قد يؤدي إلى فشل جديد للمسار التفاوضي.
ومن المرتقب أن تقدم روسيا مذكرة تفاهم تتضمن ما تعتبره أساسًا لمعاهدة سلام مستقبلية. غير أن تباين الرؤى الجذري، وعدم وجود وسطاء قادرين على فرض صيغة متوازنة، يجعل من الجولة القادمة أقرب إلى “مفاوضات من أجل التفاوض” منها إلى بداية فعلية لحل دائم.
الاختبار الأكبر يكمن في قدرة الطرفين – وتحديدًا موسكو – على إبداء مرونة حقيقية تسمح ببناء أرضية مشتركة، خصوصًا في ظل الضغوط الدولية المتزايدة، واستمرار العمليات العسكرية في مناطق متوترة شرقي أوكرانيا.
الزيارة الأخيرة لعضوي مجلس الشيوخ الأميركي إلى كييف، وتصريحات زيلينسكي حول ضرورة “المشاركة الحقيقية للولايات المتحدة في كل مرحلة من المفاوضات”، تضع واشنطن عمليًا في موقع الطرف لا الوسيط. وهو ما قد يُضعف فرص إنجاح المفاوضات، إذ لا تنظر موسكو إلى الولايات المتحدة كوسيط نزيه، بل كطرف منحاز يسعى لإضعافها استراتيجيًا عبر دعم أوكرانيا.
ويتضح أن الحديث عن السلام بين روسيا وأوكرانيا ما زال، حتى اللحظة، بعيدًا عن التنفيذ. فروسيا ترفض أي هدنة تسمح باستعادة التوازن العسكري الأوكراني، وأوكرانيا تسعى إلى فرض السلام عبر الضغط والعقوبات. وبين الموقفين، تبقى المفاوضات المقبلة محكومة بنتائج المواجهة الميدانية، لا بنضج الحلول السياسية. وفي ظل هذا المشهد، فإن التسوية المؤجلة تُهدد بإطالة أمد الحرب، وتعميق الأزمة في قلب أوروبا.