أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن تغييرات جذرية في العالم المتعدد الأقطاب، وقال إن دول "بريكس" تظهر في الواقع مسؤوليتها عن الوضع في العالم.


جاء ذلك خلال الكلمة الافتتاحية باجتماع قمة "بريكس" السادسة عشر في مدينة قازان، حيث تابع أن روسيا، بوصفها رئيسة المجموعة للعام الجاري، تسعى إلى تعزيز سلطة "بريكس" في العالم وإلى التركيز على حل المشكلات العالمية والمحلية.

وقال بوتين إن الدول المشاركة في القمة تظهر مسؤوليتها عن الوضع في العالم اليوم، "لا بالأقوال، وإنما بالأفعال"، وتابع: "إن جميع دولنا تدافع عن المساواة وحسن الجوار والاحترام المتبادل، وتؤكد المثل العليا للصداقة والتفاهم، من أجل رخاء ورفاهية العالم، لا بالكلمات وإنما بالأفعال، حيث تظهر هذه الدول مسؤوليتها عن مستقبل العالم، وتسهم بشكل كبير في حل المشكلات الإقليمية الملحة".

وقد بدأ قادة دول "بريكس" تواصلهم يوم أمس، حيث أقيمت مأدبة غداء غير رسمية في قاعة مدينة قازان بمشاركة رؤساء وفود القمة.

وبشأن توسع مجموعة "بريكس"، قال بوتين إن "تجاهل الاهتمام غير المسبوق من دول جنوب وشرق العالم في الشراكة والتواصل مع (بريكس) سيكون خطأ، حيث أعربت بالفعل أكثر من 30 دولة عن هذه الرغبة بشكل أو بآخر، وهو أمر ضروري مع الأخذ في الاعتبار فعالية المجموعة والحفاظ على توازنها".

وأشار بوتين إلى تعزيز سلطة ونفوذ "بريكس" على المسرح العالمي، حيث قال إن الرابطة "تتطور بشكل ديناميكي، وتعزز سلطتها ونفوذها في الشؤون العالمية".

واقترح الرئيس الروسي، الذي ترأس بلاده "بريكس" للعام الجاري، "النظر في الجوانب الأكثر صلة بالأجندة العالمية، وتبادل وجهات النظر حول قضية التعاون بين دول "بريكس" على الساحة الدولية، بما في ذلك حل النزاعات الإقليمية الحادة".

ووفقا له، فمن المخطط مناقشة تنفيذ قرارين مهمين للقمة السابقة في جوهانسبرغ وهما: تعميق التعاون المالي في إطار "بريكس"، ومواصلة توسيع الرابطة.

وحدد بوتين ثلاث مجالات رئيسية للتعاون بين دول "بريكس": السياسة والأمن، والاقتصاد والشؤون المالية، والاتصالات الثقافية والإنسانية. وأشار إلى الجهود المبذولة لضمان الاندماج السلس والكامل للدول المشاركة الجديدة في عمل الرابطة.

وتعقد قمة "بريكس" السادسة عشرة في الفترة من 22-24 أكتوبر في قازان، حيث سيحضر هذا الحدث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس جمهورية الصين الشعبية شي جين بينغ ورئيس وزراء الهند ناريندرا مودي، ورئيس جنوب إفريقيا سيريل راموفوزا، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والرئيس الإيراني مسعود بزشكيان ورئيس دولة الإمارات العربية المتحدة محمد بن زايد آل نهيان، ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، فيما سيترأس وفدي البرازيل والمملكة العربية السعودية وزيرا الخارجية مارورو لويس إيكر فييرا وفيصل بن فرحان آل سعود.

وستركز القمة على تعزيز التعددية من أجل التنمية والأمن العالميين العادلين. وخلال اجتماعات ضيقة وموسعة، سيناقش القادة القضايا الراهنة على جدول الأعمال الدولي والإقليمي، ونتائج العمل المشترك في إطار الشراكة الاستراتيجية لدول "بريكس" في مجالات السياسة والاقتصاد والمجالات الثقافية والإنسانية.

وستولي القمة اهتماما خاصا لقضايا توسيع التسويات المتبادلة بالعملات الوطنية، وإنشاء فئة جديدة هي فئة "الدول الشريكة" في رابطة "بريكس".

وسيتم خلال الاجتماع الموسع الاستماع إلى تقارير حول نتائج العمل في عام 2024 لآليات "بريكس" التقليدية بما في ذلك مجلس الأعمال وآلية التعاون بين البنوك وتحالف سيدات الأعمال في الرابطة.

من المقرر كذلك أن تتحدث رئيسة بنك التنمية الجديد ديلما روسيف التي ستلخص أنشطة البنك وتحدد الخطط المستقبلية له. وسيتم تسجيل الاتفاقيات النهائية للقمة في إعلان قازان، حيث ستعكس الوثيقة النهج الموحد للدول الأعضاء في مجموعة "بريكس" بشأن عدد من القضايا الدولية والإقليمية الملحة وفي مجال مواصلة تطوير "بريكس".

وفي 24 أكتوبر سيعقد اجتماع في صيغة "بريكس+" و"Outreach" للتواصل مع ما يقرب من 40 من قادة الدول التي تمثل الجنوب العالمي ورؤساء المنظمات متعددة الأطراف. ومن المقرر مناقشة القضايا الدولية الراهنة، مع التركيز على الوضع في الشرق الأوسط، فضلا عن التفاعل بين دول "بريكس" والجنوب العالمي لصالح التنمية المستدامة.

المصدر: قناة اليمن اليوم

كلمات دلالية: فی العالم

إقرأ أيضاً:

حج بطعم البلادة.. وعيد بطعم العار والنار

بين الإيمان والعمران علاقة لزوم وتلازم بلغة أهل المنطق. فالإيمان ليس مجرد دروشة يغيب فيها صاحبها عن الواقع وعن الحياة، وليس مجرد دردشة أو وشوشة بأوهام وأسرار سرية تسقط وعي اليقظة وتدخل بالإنسان في عالم غريب وعجيب. الإيمان علم ومشروع له جدواه في بناء الذات الإنسانية بعلاقات جديدة، ورؤية جديدة، ومسؤولية جديدة، ومن ثم فهو إعادة تشكيل للعقل والوجدان تجاه الزمان بأبعاده الثلاثة..

* الماضي والحاضر والمستقبل.

* والمكان بمساحاته واتساعه في طول الأرض وعرضها.

* والإنسان بأعراقه وأجناسه واختلاف موطنه، وثقافاته وسخافاته أيضا.

ولأن الإسلام ليس مجرد فكرة في الذهن وإنما هو منهج وممارسات في عالم الواقع، لذلك كان لا بد من وجود وسط يعين على تطبيقه وتحقيقه في عالم الماديات المحسوسة، لذا كانت حركة المؤمن في كل خطوة مرتبطة بقصد وغاية، وليست عشوائية أو عبثا لا معنى له.

لأن الإسلام ليس مجرد فكرة في الذهن وإنما هو منهج وممارسات في عالم الواقع، لذلك كان لا بد من وجود وسط يعين على تطبيقه وتحقيقه في عالم الماديات المحسوسة، لذا كانت حركة المؤمن في كل خطوة مرتبطة بقصد وغاية، وليست عشوائية أو عبثا لا معنى له
ومن ثم كان التلازم بين مفهوم الإيمان ومفهوم العمران، فكلاهما تشييد وبناء. والأول تشييد وبناء لحالة الوعي واليقظة في العقل والقلب والوجدان يتجاوز المرء فيها حدود عالم الملك المحسوس، ليدخل بإيمانه إلى عالم الملكوت الميتافيزيقي فيجتمع له الإيمان بالغيب والشهادة والملك والملكوت، وذلك بُعْدٌ جديد له آثاره التربوية في خلق التوازن النفسي حين يتسق ويتعانق في تكوينه الروح والجسد فلا يطغى جانب على آخر. كما يتم ضبط السلوك والحركة في نشاطه وتعاملاته كلها بتكليف يرشد ويوجه وبالتزام تام بحماية الصلاح والنأي عن الفساد، وذلك أمر يستلزم من المسلم فردا ومجتمعا توسيع دوائر الخير في الناس والأشياء. ويقابله تكليف بتقليص لدوائر الشر في الناس والأشياء قدر الاستطاعة، وهذا هو مفهوم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

ومن ثم فالتدين الحق هنا بما يحمله من إيمان عميق ينتج قيما نبيلة دافعة للخير ومحفّزة للمرء على فعله، التدين هنا يشكل حماية للحياة وليس تهديدا لها، وضمانا لأمن الناس فردا ومجتمعا وليس ترويعا لهم، ورعاية لمصالهم في دينهم ودنياهم وليس تبديدا لها، وتحقيقا للعدالة بينهم وليس تضييعا لحقوقهم.

وهذه الباقة من المعاني الجميلة هي ما نص عليها الإمام ابن القيم رَحمَه الله تَعَالَى حين قال: "فَإِن الشَّرِيعَة مبناها وأساسها على الحكم ومصالح الْعباد، فِي المعاش والمعاد، وَهِي عدل كلهَا، وَرَحْمَة كلهَا، ومصالح كلهَا، وَحِكْمَة كلهَا، فَكل مَسْأَلَة خرجت عَن الْعدْل إِلَى الْجور، وَعَن الرَّحْمَة إِلَى ضدها، وَعَن الْمصلحَة إِلَى الْمفْسدَة، وَعَن الْحِكْمَة إِلَى الْعَبَث فليستْ من الشَّرِيعَة، وإنْ أُدخلتْ فِيهَا بالتأويل، فالشريعة عدل الله بَين عباده، وَرَحمته بَين خلقه، وظله فِي أرضه وحكمته الدَّالَّة عَلَيْهِ وعَلى صدق رَسُوله ﷺ أتم دلَالَة وَأصْدقهَا".

مظاهر الوحدة رباعية الأبعاد في الشريعة، والشعيرة، والشعار، والشعور؛ تتحقق في فلسفة مناسك الحج في كل عام، وكأن ذلك الأمر مقصود للتنبيه والتذكير حتى لا تنسى الأمة.

* فالشريعة مصدر للحكم يحدد السور والصورة.

* والشعيرة مجال للتطبيق والممارسة التي تكاد تكون عاقلة.

* والشعار هتاف الإنسان قلبا ولسانا بالحقيقة الكبرى توحيدا وامتثالا وهي حقيقة يتردد صداها، ليس فقط في منظومة الكون كله، بل في كل مفردة من مفرداتها: "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك".

* والشعور هو إحساس فيّاض بالحرية والكرامة الإنسانية الممنوحة للبشر من خلال عبوديتهم لربهم طوعا أو كرهاكما جاء في النص الكريم: :أَفَغَيرَ دينِ اللَّهِ يَبغونَ وَلَهُ أَسلَمَ مَن فِي السَّماواتِ وَالأَرضِ طَوعا وَكَرها وَإِلَيهِ يُرجَعونَ" (آل عمران: 83).

في الحج أيضا تتبدى مظاهر الإصرار على وحدة المسلمين في مجموعة من المناسك:

1- وحدة الغاية والمقصد (أداء الفريضة امتثالا لأمره وطلبا لرضاه سبحانه)

2- وحدة الشكل العام في وحدة الملبس المتمثل في الإحرام.

3- وحدة الهتاف بالتلبية قولا وقصدا: "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك". ووحدة الهتاف هذه تنطلق من الفرد والجماعة لتكون عهدا وتذكيرا بالتحرر من خوف الخلق ومن هم الرزق، ولتكون بداية لبناء الذات الإنسانية برجولة وبطولة جديدة يصنعها معسكر الطهر في الأيام المعدودات، ابتداء في أداء الفريضة واستمرارا لقيادة الحياة بعدالة وكرامة وحرية وإنصاف.

4- ووحدة الزمن في الأشهر المعلومات.

5- ووحدة الحضور في المكان المحدد زمنا ومكانا في منى وفي عرفات والمزدلفة.

6- ووحدة الطواف في البيت العتيق مقصد حجهم في مكة.

7- ووحدة الإقامة في وادي الآمال والأمنيات ليالي المبيت في منى.
ينظر المسلم يمنة ويسرة فلا يرى غير هؤلاء الذين تحولوا من شدة الجوع إلى مجرد هياكل عظمية بعدما دمر البيوت على أصحابها وأحرقت المدن والقرى، وحُرم من بقى على قيد الحياة من وسيلة إسعاف ولو بحبة دواء واحدة، نتذكر ذلك فنستشعر حمق التقصير وفداحة الخطأ وعظيم الجرم وفضيحة العصر والتاريخ؛ حين يسلم الأخ أخاه فيخذله
8- ووحدة الأداء في النسك الواحد في وقت معين، وبشكل موحد.

9- ووحدة الشعيرة حتى في التفاصيل الدقيقة.

10- ووحدة الرمز للعدو الذي يجب أن يرجم، وأن نتحرر من سطوته وسيطرته.

كل ذلك يحقق وحدة الحال بين الحجيج على اختلاف أجناسهم وأعراقهم ولغاتهم والبلاد التي وفدوا إلى الله منها، كما يوحد المشاعر بوحدة الشريعة التي هي مصدر الأحكام، ويوحد الشعار في الهتاف ليكون لله وحده، وينشئ وحدة الولاء للحق، ووحدة الانتماء للأمة. فهل يحقق الحج في وقتنا الراهن كل تلك الأهداف؟

العيد والفرحة المنقوصة

وبعد الفراغ من أداء المناسك يفترض في المسلمين أن يستقبلوا العيد فرحين بتمام الطاعة، لكن الخذلان الذي جرح المروءة والكرامة يجعل الفرحة منقوصة في النفس السوية، إذ لا تغيب صور أطفال غزة عن العين الباكية والقلب المُعَنَّى وهم يواجهون الموت قتلا وتفجيرا، أو يواجهون الموت جوعا وعطشا، ثم يضاف لصورة العار لوعة الآباء والأمهات وهم يدفعون ثمن صمودهم وثباتهم ودفاعهم عن شرف الأمة؛ فيعاقَبون بالجوع والحرمان بعد أن دكتهم آلة الحرب دكا وحصدتهم حصدا، واستعملت ضدهم قوى الشر أعتى وأشرس ما أنتجته مصانع الدمار في حضارة العم سام؛ لا بقصد معاقبة المقاومة كما يدعون ويروجون، وإنما بقصد إبادة شعب مسلم وتركيع أمة محروبة.

والتنسيق يقوم على قدم وساق بين ما يحدث في غزة وما يحدث في السودان الشقيق، حيث آلة الحرب واحدة، والهدف واحد، والشيطان الذي يخطط ويعبث واحد أيضا.

وينظر المسلم يمنة ويسرة فلا يرى غير هؤلاء الذين تحولوا من شدة الجوع إلى مجرد هياكل عظمية بعدما دمر البيوت على أصحابها وأحرقت المدن والقرى، وحُرم من بقى على قيد الحياة من وسيلة إسعاف ولو بحبة دواء واحدة، نتذكر ذلك فنستشعر حمق التقصير وفداحة الخطأ وعظيم الجرم وفضيحة العصر والتاريخ؛ حين يسلم الأخ أخاه فيخذله، فيدرك المرء أن من قيم الإيمان الصحيح أن تقرر أنت مصير ذاتك، وأن تأخذ أنت المبادرة بالدفاع عن نفسك ودينك، وأن يكون لديك من الوسائل ما تفرض به احترامك على الآخرين، وأن تتعلم من خلال دينك والتجربة خير برهان أنهم لن يستمعوا إليك وأنت ضعيف، ولن يحترموك وأنت هزيل، ولن يكفوا عن إيذائك إلا إذا كنت قويا في دينك ودنياك معا.

وقد علمتنا تجارب التاريخ أنه في زمن الانكسارات:

قد يعتلي ظهر الجياد ذباب   ويقود أسراب الصقور غراب

غير أن مرحلة الهزائم أوشكت على الأفول، وفي غياب الرجولة يأتي العيد ويمر، غير أنه يمر على الأحرار والشرفاء بطعم العار والنار، لكن خلف هذا الليل فجر قد لاحت تباشيره، فاللهم رحماك بشعوبنا إذا غاب الرجال وساد البغال.

كل عيد وأبطال الأمة في غزة، مدينة الصمود والعزة، بألف خير.

مقالات مشابهة

  • 520 رحلة بحرية أسبوعيًا لتأمين عودة مغاربة العالم في إطار عملية “مرحبا 2025”
  • بـ 35 لغة.. "منارة الحرمين" تُترجم خطبة يوم عرفة للعالم
  • حج بطعم البلادة.. وعيد بطعم العار والنار
  • حكم شهير يتحول لعامل توصيل طرود
  • تركيا: البوادر الأوليّة لقرارات رفع العقوبات عن سوريا بدأت تظهر
  • خالد الغندور يطالب بعدم مشاركة زيزو مع الأهلي في كأس العالم للأندية
  • «موانئ أبوظبي» تفتتح مركز تبليسي متعدد الوسائط في جورجيا
  • مخاطر إهمال القضايا الكبرى في عالم غارق بالصراعات
  • الخارجية: يجب الالتزام بالقوانين المنظمة للسفر والهجرة والإقامة بكل دول العالم
  • وزارة الخارجية والهجرة تشدد على أهمية الالتزام بالقوانين المنظمة للسفر والهجرة والإقامة بكافة دول العالم