"التعليم" تمنح مديري المدارس صلاحية تنظيم اختبارات بديلة للمتغيبين بعذر
تاريخ النشر: 28th, October 2024 GMT
كشفت وزارة التعليم عن منح مديري المدارس صلاحية تنظيم اختبارات بديلة للطلاب المتغيبين عن الاختبارات بعذر مقبول، وذلك وفقًا لما جاء في القواعد التنفيذية والمذكرة التفسيرية للائحة تقويم الطالب.
وبحسب الشروط الموضحة، يُشترط لقبول عذر الطالب أن يُقدَّم العذر خلال فترة الاختبارات أو خلال مدة لا تتجاوز ثلاثة أيام بعد انتهاء فترة الاختبارات.
موعد الاختبارات البديلة
وبيَّنت الوزارة أن الاختبارات البديلة للطلاب المتغيبين بعذر مقبول تُعقد للفصلين الدراسيين الأول والثاني في الأسبوع الأول من بداية الفصل الدراسي الذي يليهما، بينما يُجرى اختبار البديل للدور الثاني مع بداية العام الدراسي الجديد، مع استثناءات تشمل الطلاب المرضى أو السجناء، وذلك بقرار رسمي من مدير التعليم.
وتجدر الإشارة إلى أن الطالب الذي يتغيب عن دخول اختبارات نهاية الفصل الدراسي أو بعضها دون تقديم عذر مقبول، أو الذي يتغيب بعذر مقبول لكنه لم يتمكن من حضور الاختبار البديل، يُعد مكملاً في الدور الأول، ويتعين عليه التقدم لاختبارات الدور الثاني وفقاً لمقررات الفصل الدراسي أو المنهج الكامل للمواد التي تغيب عنها حسب وضعه.
وتبدأ الاختبارات النهائية للفصل الدراسي الأول يوم الأحد القادم، حيث يستعد قرابة 7 مليون طالب وطالبة في مدارس المملكة لخوضها في أجواء تعليمية منظمة تهدف لضمان سير العملية التعليمية بكفاءة عالية.
المصدر: صحيفة اليوم
كلمات دلالية: اليوم الوطني 94 اليوم الوطني 94 اليوم الوطني 94 عبدالعزيز العمري جدة الاختبارات النهائية اختبارات الفصل الدراسي الأول
إقرأ أيضاً:
أصوات من الظل.. قصص للتنمر من داخل جدران المدارس
في زوايا المدارس، تتخفى قصص حزينة خلف ابتسامات مشرقة "سالم" ذلك الطفل الذي يبتسم رغم عرجه، كان كل يوم يواجه سخرية زملائه، بينما تتآكل ثقته بنفسه تحت وطأة التعليقات القاسية، "يحيى" الذي أُطلق عليه لقب "الدب" بسبب وزنه، كان يمضي أيامه في البكاء، يتجنب أصدقاءه، بينما تراقب والدته تغيراته المؤلمة، "سامي" الرسام الطموح، تغلبت عليه ظلال التنمر بسبب مظهره، مما دفعه للابتعاد عن حلمه، كل هذه القصص، وغيرها، تجسد معاناة لا تُرى، لكن آثارها العميقة تظل محفورة في النفوس، في هذا التحقيق، نغوص في أعماق تلك التجارب، نكشف عن صراعات خفية، ونستعرض دور المجتمعات المدرسية في الحد من هذه الظاهرة ، وإحياء الأمل والثقة وإضاءة الطريق نحو مستقبل أفضل.
قصص مؤثرة
تحدثنا أخصائية اجتماعية لإحدى مدارس الداخلية حول واحدة من قصص التنمر المؤثرة قائلة : "كان هناك طالب يدعى يحيى يعاني من الوزن الزائد، مما جعله عرضة للتنمر اللفظي من قبل زملائه ،كانوا يسخرون منه وينادونه " الدب"، بل ويرددون، لاحظت والدة يحيى تغيرًا كبيرًا في سلوكه؛ فقد أصبح يكره الذهاب إلى المدرسة، ويختلق الأعذار، ويبكي كل صباح، وينعزل عن الآخرين، وبعد إلحاح من والدته انهار يحيى بالبكاء وبدأ يخبرها عن معاناته، تواصلت الأم على الفور مع أخصائية المدرسة التي تعاملت مع الموقف بحكمة، حيث تم استدعاء الطلاب المتنمرين وتوعيتهم بنتيجة أفعالهم، مع فرض عقوبات صارمة عليهم في حال تكرار التنمر، وتضيف الأخصائية أن التنمر لا يترك آثارًا جسدية مرئية، ولكنه يترك ندوبًا عميقة في نفس الطفل، ويؤثر على صحته النفسية ورغبته في التعلم والاندماج الاجتماعي، وتؤكد على أهمية دور الأسرة والمدرسة في الكشف عن حالات التنمر والتعامل معها بحزم لتوفير بيئة آمنة وداعمة لجميع الطلبة.
وهناك طالب في الصف السادس يُدعى "سامي" ويحلم بأن يصبح رساما مشهورًا، لكن حياة سامي كانت مليئة بالتحديات، فقد تعرض للتنمر بشكل مستمر بسبب مظهره، وبدأ بعض الطلبة في السخرية منه بسبب ملابسه البسيطة جدا، وتناقصت ثقته بنفسه بشكل كبير، وحاول سامي تجاهل التعليقات، لكنه شعر بالقلق والانزعاج، حتى بدأ في تجنب المدرسة وتأثرت صحته النفسية بشكل كبير، وواجه صعوبة في النوم، وفي أحد الأيام لاحظت والدته التغييرات عليه وقررت التحدث معه، وبفضل دعم والدته واستعادة ثقته بنفسه، تعلم سامي كيفية مواجهة مشاعره والتعامل مع التنمر.
"زرافة"
تروي أم محمد قصة مؤلمة عن ابنها الذي تعرض للتنمر بسبب قامته الطويلة، وتقول: يتمتع أطفالي بطول القامة، إلا أن هذا الأمر تحوّل إلى مصدر سخرية له في المدرسة، حيث أُطلق عليه لقب "الزرافة"، وقد تسبب هذا التنمر في تغيير طريقة مشي الطفل، حيث بدأ يثني ظهره محاولًا إخفاء طوله، لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل استمر تأثير التنمر معه حتى بعد أن كبر، عندها، أدرك أن هذا السلوك أثّر على صحته وقامته، فبدأ بممارسة تمارين رياضية واستخدام مشد خاص لعضلات الكتف ليستعيد قامته المستقيمة والصحية.
"الشعر الحريري"
ولم يقتصر التنمر على العيوب الخلقية بل امتد حتى ما كان يُعد ميزة جمالية، حيث عانى الطفل حمد الحراصي من سخرية أصدقائه حول نعومة شعره وبدأوا بمناداته بصاحب " الشعر الحريري" الذي يشبه شعر البنات بحسب قولهم، وبدأت أم حمد بالاستغراب من إصرار ابنها على حلق شعره بالكامل أو البحث عن منتج يحوله إلى شعر مموج، وهنا دفعها للحديث معه لمعرفة الأسباب وبدأ يتجاوب معها وكشف لها عن مضايقات زملائه المستمرة التي تسببت له إزعاجا كبيرا، وهنا وقفت أمه لتوضح له الأسباب وراء مثل هذه التصرفات، وأن شعره هبة ربانية وتدريجيًا بدأ حمد يستجيب لها ويقتنع بوجهة نظرها، وعلقت والدته: "يظهر لنا جليا أن التنمر ليس للأشياء السلبية فقط، وإنما حتى في الأشياء الإيجابية والفريدة، ويجب أن نقف وقفة كبيرة للتصدي لهذه الظاهرة المدمرة التي تؤثر على أطفالنا".
أما نور الفتاة ذات الأربعة عشر عامًا، عانت من التنمر بسبب لون بشرتها السمراء، في البداية، حاولت تجاهل التعليقات، لكن مع مرور الوقت أصبحت الكلمات تؤلمها، بدأ التنمر يتصاعد بشكل متزايد، تعرضت نور للتجاهل من قبل بعض زميلاتها، بينما كان البعض الآخر يسخر منها علنًا، وشعرت بالوحدة والإحباط، وبدأت تتهرب من الذهاب إلى المدرسة وتأثرت صحة نور النفسية، حيث أصبحت تشعر بالاكتئاب والقلق، كانت تفكر في نفسها بشكل سلبي، وتعتقد أنها ليست جميلة أو مقبولة. تدهور أداؤها الدراسي، بعدها تشجعت نور للتحدث مع الأخصائية الاجتماعية بالمدرسة، وتلقت الدعم والمشورة منها، وتعلمت كيفية التعامل مع مشاعرها، ومع مرور الوقت، بدأت نور تستعيد ثقتها بنفسها.
"السمين"
وكان يوسف طالبا في الصف السابع يحمل في قلبه طيبة لا حدود لها، لكن وزنه كان علامته المميزة التي استغلها زملاؤه ليطلقوا عليه الألقاب الجارحة مثل "الدب"، "السمين" - كانت تلك الألقاب تلاحقه في كل مكان، حاول يوسف تجاهل التعليقات، لكنه لم يستطع الهروب من الواقع، وكان الآخرون يدفعونه أثناء اللعب، يسخرون منه، مما جعله يشعر بالخزي والعار. تراجعت شهيته، وبدأ يفقد وزنه بطريقة غير صحية، بينما كانت الأفكار السلبية تتراقص في ذهنه، وتدهور مستواه الدراسي، وأصبح بعيدًا عن الأنشطة التي يحبها، لكن والداه لم يتركا له المجال للانزلاق بعيدًا. بفضل دعمهما النفسي وتشجيعهما له للعودة إلى الأنشطة التي يحبها، بدأ يوسف يستعيد ثقته بنفسه، ويكتشف أن قوته تكمن في طيبته وذكائه، وليس في مظهره.
إحباط
سمية الطالبة الطموحة، تسعى لتحقيق أحلامها، لكن صعوبات الدراسة تعترض طريقها، رغم جهودها المستمرة، كانت نتائجها دائمًا أقل مما تمنته، لم يكن الأمر سهلاً، فزميلاتها يتنمرن عليها بعبارات مؤلمة مثل "الغبية" و"الكسولة".
وفي أحد الأيام، قررت أن تحطم جدار الصمت خلال الدرس،حيث وقفت سمية بشجاعة، وشاركت تجربتها المؤلمة، وبكت وهي تتحدث عن الإحباط الذي شعرت به. كانت تلك اللحظة مؤثرة، إذ تفاجأت زميلاتها بما سمعنه، وبدأت بعضهن تعتذر عن سلوكهن. رغم كل الألم، كانت سمية مثالًا حيًا على الشجاعة والأمل.
آثار اجتماعية
أفادت الدكتورة ريا بنت حمد المعمرية أستاذة العمل الاجتماعي المساعد بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية في جامعة السلطان قابوس حول أبرز الآثار الاجتماعية قصيرة المدى هو صعوبة إنشاء علاقات صداقة مدرسية حيث يشعر الطالب بالخوف من المحيطين به، وانعدام الثقة في الإجابة عن الأسئلة في الحصة أو أثناء الاختبارات مما يؤدى إلى انخفاض مستوى التركيز وتأثر الأداء الدراسي بشكل عام. وعدم المشاركة في الأنشطة والفعاليات المدرسية مما يفقد الطالب فرص بناء وتكوين مهارات أساسية، والخوف من الخطأ وهو أمر مقلق خاصة في المراحل الدراسية الأولى حيث يحتاج الطفل إلى التعلم ومن الطبيعي أن تكون لديه بعض الأخطاء حتى يستطيع إتقان المهارات وتعلم المواد الدراسية، أما الآثار الاجتماعية طويلة المدى فقد تتمثل في العزلة وصعوبة بناء علاقات اجتماعية في المستقبل بسبب ضعف الثقة بالنفس أو بالآخرين، وضعف الانتماء للمجتمع سواء مجتمع المدرسة أو المجتمع الأكبر حيث يبدأ الضحية في الشعور بفقدان الثقة وعدم الإحساس بالأمان، وأيضاً التأثير على الجو العام في المدرسة حيث يسود جو مشحون بالقلق والتوتر بين الطلبة حتى أولئك الذين يعتبرون شهود على الحادثة وغير متأثرين منها بشكل مباشر، بالإضافة إلى ذلك انتشار العنف وردة الفعل السلبية إذا شعر الضحية بأنه ناقم على المحيطين به، كما أن سلوك الشخص المتنمر إذا لم يتم توجيهه بطريقة صحيحة فقد تتطور لديه هذه السلوكيات لتصبح ذات بعد جسدي ونفسي في مراحل عمرية متقدمة.
كما أشارت المعمرية إلى اختلاف الآثار الاجتماعية للتنمر تبعًا للمراحل الدراسية المختلفة، وهو ناتج عن تباين النضج العاطفي والاجتماعي، ومستوى الوعي، وطبيعة العلاقات بين الطلاب، حيث إن انتشار التنمر في المراحل الأولى غالباً ما يكون متعلقاً بالجوانب الظاهرية والشكلية، وتقليد الحركات والتصرفات المختلفة، وإذا كان الطالب يمتلك اهتمامات مختلفة عن أقرانه فأنه قد يتعرض للتنمر أيضاً، ولذلك فإن الآثار الاجتماعية هنا قد تتسبب في امتناع الطفل عن الذهاب إلى المدرسة، أو ضعف ثقته بنفسه أو قد يقوم بنقل المشاعر السلبية التي حصلت له في المدرسة إلى البيت مما يسبب بعض القلق لدى الأهل. وفي المراحل التالية يظهر التنمر في المقتنيات الشخصية التي يحملها الطالب والدرجات في المواد الدراسية، والمقارنات مع المحيطين به في نفس دائرة الاهتمام، وهي المرحلة التي يبدأ الطفل فيها في التغير الجسدي والنفسي أو كما يسمى مرحلة البلوغ، وهنا يبدأ التحول لكي يأخذ درجة أعلى من التركيز على التفاصيل أكثر من المرحلة الدراسية الأولى التي قد تحدث بشكل عفوي دون إدراك لعواقبها، وتتطور الآثار الاجتماعية لتشمل اضطراب الصحة النفسية، وفقدان الرغبة في التفاعل مع الآخرين، مما يزيد من احتمالية ممارسة سلوكيات منحرفة مثل التدخين أو العدوانية، وعندما يصل الطالب إلى المرحلة الثانوية التي تتسم ببناء الهوية وتحديد النظرة المستقبلية وإدراك أكثر للواقع الاجتماعي وما ينطوي عليه من ممارسات فقد تصل الآثار الاجتماعية للتنمر إلى الصعوبة في تكوين علاقات سليمة وصحية بسبب الخوف من الحكم المجتمعي، وفي الحالات الشديدة قد نصل إلى حالات الاكتئاب أو الانتحار، وتشدد المعمرية على أن المتنمرين أنفسهم، إذا لم يتم احتواء سلوكهم، معرضون لتبني صفات مسيئة في المجتمع.
تأثير المدرسة
وإذا ما كانت بيئة المدرسة تؤثر في تفاقم أو الحد من ظاهرة التنمر، أكدت الدكتورة أن المدرسة تعد بيئة اجتماعية وثقافية تحدث فيها العديد من التفاعلات التي تشكل شخصية الطالب وتنعكس في سلوكياته وعلاقاته، وبالتالي فإن القيم والتفاعلات الإيجابية تؤثر بكل تأكيد في الحد من الآثار الناجمة عن التنمر، وفي ظل وجود الأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين في المدارس فان البيئة المدرسية يجب أن تكون أكثر إيجابية من حيث القيام ببرامج متنوعة تحد من التنمر، وتنطلق المدرسة من قيمها الإيجابية ورسالتها التعليمية التي تصب جميعها في جانب التأكيد على الاحترام المتبادل والمساواة والعدل وتقبل الاختلافات الفردية على أنها حالة طبيعية في المجتمع، كما أن الجانب التنظيمي القائم على القوانين التي تتبعها المدرسة من حيث وجود سياسات واضحة لمكافحة التنمر، وتطبيق العقوبات على المتنمرين، وتوفير طريقة آمنة للضحية من أجل الإبلاغ عن حوادث التنمر التي يتعرض لها، وأن البيئة التي ينتمي إليها بيئة محببة يمكنه اللجوء إليها، كل ذلك يساهم في الحد من الآثار الاجتماعية للتنمر. وإذا تناولنا عنصر المعلمين باعتبارهم المشرفين المباشرين على الطلبة، والمتابعين لتفاعلاتهم في الفصل الدراسي فإن تمثيل المعلم للقدوة الإيجابية في تقبل الاختلافات، واستقبال البلاغات من الطلبة المتعرضين للتنمر بكل جدية واهتمام فإن هذا الأمر يلعب دوره المهم في التخفيف من آثار التنمر، ويساهم في تشجيع الطلبة على التفاعل الإيجابي والإبلاغ الآمن.
التحديات
وحول التحديات التي يواجهها الضحايا في طلب المساعدة والإفصاح عن تعرضهم للتنمر أجابت الدكتورة بأنه: يمثل الإبلاغ عن حوادث التنمر وطلب المساعدة تحديًا معقدًا يواجهه الطلاب على اختلاف مراحلهم العمرية وبيئاتهم، حيث تشكل الضغوط النفسية والبيئية والأسرية عائقًا أمام إيصال أصوات الضحايا، فمن الناحية النفسية، يتخوف الطالب من تفاقم التنمر والانتقام إذا علم المتنمرون بأنه قام بالإبلاغ، كما يخشى الشعور بالإحراج بين زملائه، أما على الصعيد البيئي، فيتردد الطالب بسبب عدم ثقته في الجهة التي سيقدم لها البلاغ، وخوفه من انكشاف أمره بين زملائه وما يتبع ذلك من إيذاء وعزلة، وتضاف إلى ذلك التحديات الأسرية والمجتمعية، كوصمة العار والتمييز، وعدم إدراك البعض لخطورة التنمر وآثاره، أو الخوف من ردود فعل مبالغ فيها من الأهل أو المحيطين.
مساعدة المتنمرين
ومن أجل مساعدة المتنمرين على إحداث تغيير إيجابي في شخصياتهم وتطوير مهاراتهم الاجتماعية أوضحت الدكتورة ريا : يمكن ذلك بعدة طرق مثل المحاضرات التوعوية، والجلسات التوعوية الإرشادية التي تساعد المتنمرين في معرفة خطورة سلوكهم، وتذكيرهم بأن الطلبة الآخرين هم أقرانهم والتي يجب أن تسود بينهم قيم نبيلة مثل الاحترام والمحبة، واستغلال طاقة وحماس الطالب في الأنشطة المدرسية من أجل تفعيل حس المسؤولية الشخصية والاجتماعية، ولعل من أبرز البرامج الفاعلة هو بناء جسور التواصل الفاعل بين الأسرة والمدرسة من أجل مصلحة الطلبة حيث يتم مشاركة النماذج الإيجابية في التعامل مع الأبناء، وتشجيع الطلبة في التعبير عن احتياجاتهم بطريقة تخلو من العنف.
جهود المكافحة
وأفادت سرى رياض المسقطي أخصائية إرشاد نفسي ومعالجة نفسية ومدير مركز واحة الأمل للإرشاد النفسي بأن سلطنة عُمان تبذل جهودًا متنوعه لمكافحة هذه الظاهر في المدارس، من خلال مبادرات حكومية ومجتمعية تهدف إلى التوعية والوقاية والتدخل المبكر، موضحة أنه يتطلب للتعامل مع الطلبة المتنمرين فهم سلوكهم ومن ثم تقديم التوجيه والتأديب لهم بأسلوب تربوي، فالطالب المتنمر في الكثير من الأحيان يكون نتاج بيئة نفسية مضطربة أو لا يمتلك المهارات الاجتماعية والنفسية الصحية، فمن الأسباب التي تجعل الطالب متنمرًا على أقرانه، البيئة الأسرية الصعبة كالمعاناة من العنف الأسري، مما يدفع الطفل أو المراهق للتنفيس عن غضبه على الآخرين، ورغبة الطالب المتنمر في لفت الانتباه خاصة إذا كان يشعر بالإهمال أو عدم التقدير في البيت أو المدرسة، ونقص المهارات الاجتماعية، إذ إن الطالب المتنمر لا يعرف كيف يكَّون صداقات أو كيف يعبّر عن مشاعره بطريقة صحيحة ومقبولة اجتماعيا، وتعرضه للتنمر من قبل، وتأثر الطالب المتنمر بالإعلام أو البيئة المحيطة مثل مشاهدة سلوك عدواني متكرر أو تقليد أصدقاء متنمرين، وشعور الطالب المتنمر بالانتصار أو السلطة، فبعض الطلبة المتنمرين يسيئون استخدام قوتهم الجسدية أو مكانتهم الاجتماعية.
آلية التعامل مع المتنمرين
وحول كيفية التعامل مع الطلبة المتنمرين أوضحت بأنه يتم من خلال محاورة الطالب المتنمر لفهم دوافعه واحتياجاته النفسية غير المشبعة، واستخدام لغة هادئة ولكن حازمة في نفس الوقت لتمييز السلوك غير المقبول دون وصم المتنمر، وفرض عواقب تربوية واضحة، حيث يجب أن تكون العواقب ثابتة ومعلن عنها مسبقًا (مثل حرمان من نشاط معين أو تكليف بخدمة مجتمعية)، مع عدم إذلال الطالب المتنمر بل توجيهه ليفهم أثر أفعاله، مشيرة إلى أن المرشد النفسي الذي يمتلك الأدوات والخبرات اللازمة يلعب دورا مهما لتقديم الإرشاد النفسي المتخصص للطالب المتنمر، حيث يعمل على فهم الأسباب الكامنة وراء سلوك التنمر، ومساعدة الطالب على تطوير مهاراته الاجتماعية الضرورية للتفاعل الإيجابي مع الآخرين، وتنظيم مشاعره وتعليمه آليات صحية للتعبير عنها، بالإضافة إلى العمل على إشباع احتياجاته النفسية بطرق بناءة وسليمة ، مشددة على دور الأسرة في متابعة سلوك الطالب المتنمر في محيط المنزل، من خلال الملاحظة الدقيقة والتشجيع المستمر للسلوكيات الإيجابية، حيث يمكنها أن تكون شريكًا فاعلًا في عملية التغيير، مؤكدة على ضرورة خلق بيئة منزلية داعمة ومتفهمة يسهم بشكل كبير في تعزيز ثقة الطالب بنفسه وتحفيزه نحو تبني سلوكيات أكثر إيجابية، وإشراك الطالب المتنمر في برامج مُصممة خصيصًا لتعزيز التعاطف وتنمية مهارات التواصل الاجتماعي لديه، مثل أنشطة العمل الجماعي التي تعد مثالية لتعليم الطالب قيمة التعاون وأهمية احترام آراء الآخرين ومشاعرهم، كما أن القصص التفاعلية يمكن أن تلعب دورًا هامًا في غرس مفاهيم التعاطف والإحساس بآلام الآخرين، بالإضافة إلى ذلك، يكتسب الطالب من خلال هذه البرامج القدرة على استخدام كلمات إيجابية في تواصله، ويتعلم استراتيجيات بناءة للتعامل مع الخلافات دون اللجوء إلى العنف أو التسلط. موضحة أن تعديل سلوك التنمر ليس عملية سريعة، فمجرد إيقاف واقعة تنمر واحدة لا يعني بالضرورة انتهاء المشكلة، بل يتطلب الأمر متابعة مستمرة وطويلة الأمد للطالب المتنمر، ومراقبته عن كثب.
أساليب تأهيلية
تقول منيرة الكيومية- مساعدة مديرة في إحدى المدارس :" تختلف نسبة التنمر خلال العام الدارسي حيث ترتفع في نهاية الفصلين وقد تصل نسبتها (١٠ - ١٥ ٪ ) بين إجمالي عدد طلبة المدرسة، بحسب ما تصلنا بشكل مباشر من الطلبة وهناك بعض الحالات لا تصل إلا عن طريق أولياء الأمور وبالتالي قد تزيد النسبة عن ذلك، ونتعامل معها بالتحقق من الأمر من خلال التحدث مع جميع الأطراف والتأكد من الأمر ثم إذا ثبت ذلك نقوم بالتوجيه الفردي للطالب من قبل الأخصائية الاجتماعية إبلاغ ولي الأمر وإشراكه في متابعة حالة ابنه." موضحة بأنه في التعامل مع الحالات لا يتم الاعتماد على الإجراءات العقابية لأنها لحظية وغير فعالة في بعض المواقف، وإنما يتم بالأساليب التأهيلية وبرامج تعديل السلوك. وأضافت" من الضروري جدا إشراك الأسرة في مثل هذه الحالات حتى يكون العلاج من الطرفين، ونعتبر التعاون مع الأسرة عاملاً مهما في نجاح التدخل ومحاولة التخلص من هذا السلوك، ولكن نواجه أحيانًا صعوبات مثل إنكار بعض أولياء الأمور لسلوك أبنائهم، أو تقليلهم من خطورة الموقف. لذلك نعمل على بناء الثقة والتحدث معهم وشرح خطورة التغافل عن علاج مثل هذه التصرفات وتوضيح أثارها على الطالب، ونعتمد على الحوار الشفاف لتوحيد الجهود بين المدرسة والمنزل."، مشيرة إلى أن الأنشطة التوعوية أثبتت فعاليتها بشكل ملحوظ، ونحن نركز كثيرا على توعية الطلبة في هذه الجوانب والتنويع في الأنشطة التوعوية خصوصاً إذا كانت تفاعلية وتتناسب مع عمر الطلاب، كما أن المحاضرات، والعروض المسرحية، وحلقات العمل التي تحاكي مواقف واقعية تساعد الطلبة على فهم أثر التنمر على الآخرين، وتشجعهم على تبني سلوكيات إيجابية وتخفف من انتشارها بين الطلبة. ورغم أنها لا تقضي تمامًا على الظاهرة، إلا أنها تسهم في خلق بيئة مدرسية أكثر وعياً وطلبة أكثر فهما لخطورة موضوع التنمر على الآخرين.
تعاون مع الأسر
وقالت حنان بنت محمد البادية أخصائية اجتماعية بمدرسة خضراء البريمي للتعليم الأساسي للصفوف (١-٤): " إن نسبة التنمر تزيد مع تزايد أعداد الطلبة في المدارس وانتشار وسائل التواصل الإلكتروني، ويتم التعامل معها وفق الإجراءات المتبعة في لائحة شؤون الطلبة ويتم التعامل معها بحسب نوع التنمر والحالة الفردية للطالب فمنها ما يحتاج لتطبيق اللائحة ومنها ما يحتاج للتوجيه والإرشاد من قبل الأخصائي الاجتماعي والمتابعة المستمرة بالتعاون مع المعلمين وولي الأمر." موضحة أن الإجراءات العقابية كافية إذا ما طبقت بالتسلسل الصحيح وبتعاون وتكاتف من قبل المدرسة مع الأسرة، ولكن في بعض الحالات نحتاج لأساليب تدخل أخرى أو لتحويل للجهات المختصة ، خصوصاً في الحالات النفسية والتي تحتاج لطبيب نفسي أو علاج معرفي سلوكي للطالب من قبل المختصين.
وأضافت: "هناك تعاون مع الأسر من خلال التوعية المستمرة للأسرة عن التنمر وأشكاله وأنواعه وطرق الوقاية منه وكيفية التعامل معه، إضافة إلى عمل جلسات علاجيه خاصة، إلا أن المؤسسات التعليمية تواجه صعوبة في التواصل مع بعض الأسر وهو ما يعيق حل بعض الحالات الخاصة للطلبة." مشيرة إلى أنه في الآونة الأخيرة كثرت الحلقات النقاشية والمحاضرات التوعوية عن التنمر وكيفية الوقاية منه والتعامل معه ولهذا دور إيجابي وفعّال لتقليل الحالات الموجودة بالمدارس فكلما كانت هنالك دراية كافية من قبل المجتمع والأسرة كلما تجنب الطالب هذه المواقف وأصبحت لديه الحصانة الكافية للتعامل مع المتنمرين سواءً في المدارس أو خارجها.