ميريام أديلسون.. الأرملة الإسرائيلية التي توسوس لترامب
تاريخ النشر: 28th, October 2024 GMT
تتبعت صحيفة إلباييس الإسبانية قصة المليارديرة الإسرائيلية الأميركية ميريام أديلسون التي تنفق بسخاء لكي تضمن عودة الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في انتخابات الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
ويعود الصحفي بيير لومبا إلى فترة رئاسة ترامب الذي قرر نقل السفارة الأميركية لدى إسرائيل إلى القدس، في خطوة خالفت الإجماع الدولي القائم منذ عقود.
وفي حفل تدشين السفارة عام 2018 جلست ميريام وزوجها شيلدون أديلسون يصفقان بحماسة وابتسامتهما من الأذن إلى الأذن.
وفيما بعد، قام الزوجان -المليارديران اللذان أسسا إمبراطورية صالات القمار "لاس فيغاس ساندز"- بشراء المقر السابق للسفير الأميركي في تل أبيب بأكثر من 80 مليون دولار لكي يضمنا ألا تتراجع الإدارة الأميركية المقبلة عن القرار.
والآن وبعد وفاة شيلدون أديلسون عام 2021، تسير ميريام على خطاه وتواصل الحملة. فهي تسعى لأن تكون مجددا أكبر المتبرعين لصالح ترامب، لتصبح من أكثر الشخصيات تأثيرا على الإدارة المقبلة.
ولدت ميريام أديلسون في تل أبيب عام 1945، واسمها قبل الزواج ميريام فاربستين، وهي ابنة عائلة يهودية مهاجرة من بولندا. فقد هاجر والدها -وهو اشتراكي كان يمتلك عدة صالات عرض سينمائي- إلى فلسطين عام 1931 ليلتحق بأحد الكيبوتسات، وهي مستوطنات زراعية أنشأها اليهود. أما والدتها فهي ناجية من الإبادة النازية التي قضت على عائلتها. وهكذا، فإن أديلسون تنتمي إلى جيل "أبناء الدولة" الذي واكب إنشاء إسرائيل.
وبعد حصولها على شهادة في علم الأحياء الدقيقة والطب الوراثي، أدت أديلسون الخدمة الإلزامية في الجيش الإسرائيلي لمدة سنتين.
ومضت بعد ذلك لتصبح كبيرة الأطباء في قسم الطوارئ بأحد مشافي تل أبيب. وهناك التقت بزوجها الأول وهو طبيب أنجبت منه ولدين. واهتمت في تلك الفترة بعلاج الإدمان الذي أصبح جزءا رئيسيا من عملها.
وفي 1986 انتقلت أديلسون بعد طلاقها من زوجها إلى مدينة نيويورك للعمل في جامعة روكفلر. وكانت تنوي أن تقيم هناك لفترة قصيرة، لكن أحوالها تبدلت بعدما رتب لها أحد الأصدقاء موعدا غراميا مع شيلدون أديلسون رجل الأعمال اليهودي الصاعد آنذاك، الذي كان قد طلق زوجته للتو، وجمع ثروة صغيرة من استضافة مؤتمر سنوي للكمبيوتر في لاس فيغاس حيث يملك صالة قمار.
وكتبت أديلسون فيما بعد أن "ما جذبني هو رؤيته وحماسته التي تضاهي هرتزل" في إشارة إلى ثيودور هرتزل مؤسس الحركة الصهيونية.
وأنشأ الزوجان شراكة قوية في التجارة والسياسة والأعمال الخيرية. وخلال شهر العسل في مدينة البندقية، أقنعته بتحويل صالة القمار التي يمتلكها إلى منتجع عملاق. وعلى مدى سنوات قاما بتوسيع هذه الإمبراطورية لتصبح أكبر مجموعة لصالات القمار في العالم، حيث تمتد مشاريعها من لاس فيغاس إلى سنغافورة وماكاو.
أما مغازلتهما للسلطة فقد بدأت على الفور تقريبا بعد زواجهما. فقد أقيم حفل الزفاف في إسرائيل وأثار ضجة هناك لأنهما استخدما مقرا مخصصا للفعاليات الرسمية، وهو ما اضطر رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي بنيامين نتنياهو الذي كان وزيرا للخارجية آنذاك إلى تقديم اعتذار.
وبعد مضي سنوات، استخدم الزوجان نفوذهما عبر صحيفتهما "إسرائيل اليوم" للضغط على إيهود أولمرت الذي كان رئيسا للوزراء للتنحي عن منصبه من أجل تمهيد الساحة لصعود نتنياهو، وهي قصة تحدث عنها أولمرت في مذكراته.
وأدرك آل أديلسون مبكرا أن المال هو أكثر أدوات النفوذ فعالية. وفي 2005 تبرعا بـ500 ألف دولار لتنصيب الرئيس جورج بوش الابن، وهو ما أفسح المجال لميريام لتقديم كتاب بشأن الجهاد إلى كبير موظفي البيت الأبيض آنذاك.
وتتذكر ذلك بالقول "مذهل حقا أن لدينا هذا النفوذ"، وفق ما نقلته "نيويورك ماغازين".
وكلما زادت تبرعاتهما تعاظم نفوذهما. ففي حملة ترامب الأولى تبرعا بـ25 مليون دولار. وفي 2020 زاد الرقم إلى 90 مليون دولار. والآن تعد ميريام -بين المتبرعين الأفراد- أكبر داعم للمرشح الجمهوري بتبرعات بلغت 100 مليون دولار.
ورغم أنه كانت هناك تكهنات بانسحابها من الحياة العامة بعد وفاة زوجها، فإن ميريام أديلسون ما زالت ناشطة. وتتفق دائرة المقربين منها على أمر واحد، وهو أنها لم تكن قط مجرد "زوجة فلان".
فالملياردير شيلدون لم يفعل قط شيئا من دون ميريام. كانت دائما إلى جانبه، وكانت الدافع وراء كثير من مبادراته، كما يقول فريد زيدمان صديق العائلة والمتبرع الجمهوري البارز، في مقابلة مع مجلة بوليتيكو.
وباعتبارها من أكبر حملة الأسهم في إمبراطورية القمار التي أنشأها زوجها، تواصل ميريام أنشطتها في مجال الأعمال، ففي نوفمبر/تشرين الثاني 2023 اشترت فريق كرة السلة "دالاس مافريكس" في دوري المحترفين الأميركي لتعزيز مساعيها لجعل القمار نشاطا قانونيا في تكساس.
لكن تركيزها الرئيسي هو السياسة وخاصة في إسرائيل. وقد وصفت هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 بأنه "نوع آخر من الهولوكوست". ويقول معارفها إنها تطمح إلى ضم إسرائيل للضفة الغربية، رافضة بذلك حل الدولتين بشكل صريح.
وحين نقل ترامب السفارة الأميركية إلى القدس، دفع التحالف اليهودي الجمهوري -الذي يموله آل أديلسون- قيمة إعلان على صفحة كاملة في صحيفة نيويورك تايمز يصور ترامب وهو يرتدي القلنسوة اليهودية ويضع يده على حائط البراق، مع نص يقول "الرئيس ترامب. وعد فأوفى".
والآن تفصلنا أيام عن الانتخابات الرئاسية الأميركية، وتبرز التساؤلات بشأن ما تطمح ميريام أديلسون للحصول عليه نظير مساهماتها المالية الكبيرة لصالح ترامب. فهذه المليارديرة، ثامنة أغنى امرأة في العالم، لن تقنع هذه المرة بمجرد إهداء كتاب إلى البيت الأبيض.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات ملیون دولار
إقرأ أيضاً:
معاريف: إسرائيل ترفض مشاركة تركيا بـالقوة الإقليمية التي ستدخل غزة
قالت صحيفة معاريف العبرية، إنه بالتزامن مع مباحثات الحفاظ على وقف إطلاق النار في غزة، تجري نقاشات أخرى مكثفة خلف الكواليس بشأن المرحلة التالية من خطة ترامب، وتحديدا تلك المتعلقة بإنشاء قوة أمنية إقليمية ودولية ستدخل القطاع بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي.
وقالت الصحفية آنا بارسكي، في تقرير لها نشرته الصحيفة، إن هذا الملف يعد أحد أكثر المكونات حساسية وتعقيدًا في الخطة الشاملة لإعادة إعمار غزة، ومن المتوقع أن يكون محور المناقشات في قمة شرم الشيخ المنعقدة في مصر ، حيث أن الهدف من هذه القوة، هو منع حماس من العودة إلى السلطة، وتمكين الاستقرار الأمني في المنطقة، وتهيئة الأرضية لتشكيل حكومة فلسطينية جديدة بعد فترة انتقالية تشرف عليها هيئة دولية.
وأضافت بارسكي، في المناقشات التي جرت خلال الأيام الأخيرة، تتضح إحدى أهم نقاط الخلاف وهي: هوية الدول التي ستشارك في القوة العربية والدولية في غزة، ووفقًا لمصادر مطلعة على المناقشات، أعربت إسرائيل عن استعدادها لضم دول خليجية وصفتها بالمعتدلة - بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة وقطر والبحرين - رغم أنها لا تمتلك قوة عسكرية كبيرة لنشرها على الأرض، إضافة لمصر والأردن، حيث يُفترض أن تقودا العملية وتجندا قوة شرطة فلسطينية محلية.
من وجهة نظر إسرائيل، فإن مجرد وجود هذه الدول في غزة قد يضفي شرعية إقليمية على هذه الخطوة، ويقول مصدر إسرائيلي مطلع على هذه المناقشات: "ستكون مساهمتهم سياسية واقتصادية بالأساس، لكن وجودهم قادر على تحقيق الاستقرار".
في المقابل والكلام للصحفية آنا بارسكي، أعلنت حكومة نتنياهو، معارضتها القاطعة لمشاركة تركيا في القوة، وتنبع هذه المعارضة من مواقف أنقرة المتشددة تجاه إسرائيل، ودعمها العلني لحماس، والروابط الأيديولوجية الوثيقة بين إدارة أردوغان وجماعة الإخوان المسلمين، يقول مصدر إسرائيلي: "لا يمكن لتركيا أن تكون جزءًا من كيان يهدف إلى نزع سلاح حماس، فالوجود التركي سيقوض العملية برمتها"، كما أن مصر لديها تحفظات على الفكرة، خوفًا من محاولة تركية لإعادة ترسيخ نفوذها في منطقة تعتبرها القاهرة جزءًا من مسؤوليتها الأمنية المباشرة.
وتضيف، لا تزال الأسئلة الأكثر صعوبة مطروحة، تطالب إسرائيل بنزع سلاح حماس بالكامل كشرط للانسحاب الكامل، بينما تطالب حماس بوعد صريح بانسحاب جميع القوات الإسرائيلية من قطاع غزة حتى قبل بدء هذه العملية، في هذه المرحلة، ما يبدو ظاهريًا مجرد مخطط أمني إداري تقني، هو في الواقع صراعٌ على إعادة تعريف المنطقة بأسرها، حيث تسعى إسرائيل إلى الحفاظ على السيطرة الأمنية لتحقيق أقصى استفادة ممكنة في المفاوضات حول استمرار تنفيذ خطة ترامب، فيما تسعى حماس إلى البقاء سياسيًا، ولكن بالأساس عسكريًا وأيديولوجيًا، وتحاول الولايات المتحدة والدول العربية بناء جسرٍ مستقر بين مطالب الأطراف والواقع الذي يتبلور أمام أعيننا.
لا يعتمد نجاح المبادرة على تشكيل القوة وهوية المشاركين فيها فحسب، بل يعتمد أيضًا على قدرة كل طرف، وخاصة إسرائيل، على الاعتقاد بأن من يدخل غزة هذه المرة سيكون قادرًا على البقاء فيها أيضًا، مشيرة إلى أن قمة شرم الشيخ قد تحدد طبيعة غزة في السنوات القادمة فيما إذا ستصبح منطقةً مُدارةً ومُشرفةً دوليًا، أم أنها ستعود إلى نقطة البداية.