عُدنا مِن الجَزيرةِ المَرْوِيَّة بماءِ تُرعِها الرئيسية وطيبةِ أهلِها وخُضرةِ أراضيها بعد أنْ نَهَلنا مِن الوَصلِ والمَودَّة ما استطعنا إليه سبيلا . ثُمّ ما فَتِئنا أنْ دخلنا في زحمةِ العاصمةِ وفوضى المواصلات وضَجِيجِ الأسواق .
عدتُ إلى إجراءاتِ التَّأشيرةِ فبدأتُ بالجوازاتِ وحصلتُ على الموافقةِ أو عدمِ المُمانَعة كما يُسمُونها وقمتُ بتسليمها للوكالة .

بعد ذلك بيومين استلمتُ تأشيرةَ الدخول إلى السعودية. ثم ذهبتُ إلى مُجمّع الجوازات ببحري حيثُ أنهيتُ الإجراءَ الأخير وهو تأشيرة الخروج .
ثم ماذا بعد ؟ ليس من عملٍ سوى جولةٍ من الزيارات للأهل والأقارب والأصدقاء بين المدن والقرى في العاصمة المثلثة والجزيرة ود مدني وضواحيها ، خاصةً وأنَّ الإقامةَ في السعودية تختلفُ هذه المَرَّة ولا ترتبطُ بدوامٍ مدرسيٍ وهي مفتوحةٌ على احتمالاتٍ شتَّى . فالمهنةُ فيها " عامِل " بدلاً عن مُعلِّم والكفيلُ فيها مؤسسة صغيرة يملِكُها فرد ، فالرحمةُ والدعواتُ لوزارة التربية والتعليم السعودية على تبَنِيها لنا رَدْحاً من الزَّمانِ والتَّكفُّل بِكُلِّ النفقاتِ تعليماً وصحةً وسفراً وعودةً فرداً وأسرةً لعِقدَين من الزمان . وهكذا اضْطُرِرنا للدُّخولِ في"مَعمَعة" الكفيلِ الفَرد ومؤسساتِه الظالمِ أصحَابُها كما سمِعنا وشهِدنا على مَن دخلوا التَّجرِبةَ إيَّاها وعانَوا مِنها الأمَرَّين .
ظلَلنا نُصولُ ونجولُ - أبنائي وأنا - في ربوعِ السُّودان الأوسَط حتى الأسبوعِ الثاني من سبتمبر ٢٠١٧م . ثم رجَعنا لنَستَقِرَّ في دارِنا المُستأجَرة بالجريف شرق لبعضِ الوقت حتى موعِد سفري - وحيداً - هذه المَرّة في ٢٨ سبتمبر ٢٠١٧ حسبَ الحجز الذي حصلتُ عليه من الخطوط السعودية من الخرطوم إلى جدة .
ودَّعتُ أسرتي الصغيرة واثنتين من أخواتي كُنَّ في ضِيافتِنا جاءوا إلى المطار ليقولوا وداعاً تصحَبُك السَّلامة.
كانَ في استقبالي بمطارِ جدة ( مطار الملك عبد العزيز الدَّولي ) ابن خالتي أبو عبيدة عثمان الحوري . قضيتُ بِدارِه بضعةَ أيامٍ ثم سافرتُ إلى المدينةِ المُنَّورة لأنعُمَ بالصَّلاة في الحَرَم النَّبوي بِصحبة أخي الحبيب عادل العمدة أياماً أُخَر . تواصلتُ بالهاتف مع المؤسسةِ التي تَكفُلني واسمُها " فرع شركة هندسة الحرم المحدودة " ومقرُها منطقة القَصِيم ، وردَّ عليّ أخٌ سوداني كانَ على رأسِها . ثم بعد التَّرحِيب طلبِ مِني تحويلَ مبلغ ٤٢٠٠ ريال لتَكمِلة إجراءاتِ الإقامة وتصريح العمل . فقلتُ له سوف أوفِّرُها بعد أنْ أصِلَ الرَّياض. غادرتُ المدينة المُنورة بعد أسبوعين تقريباً وحللتُ بالرِّياض مع بنت أختي الدكتورة نسيبة وزوجها الباشمهندس أشرف محمد يوسف. أثناء تواجُدي بالرِّياض تمكَّنتُ من جمعِ المبلغِ المطلوب وقمتُ بتحويله إلى المُدير السوداني وحسابِ فرعِ شركته الذي أرسَله إليَّ . انتظرتُ أياماً مُتلَهِفاً لاستلامِ إقامتي فتَلقَيتُ الصدمةَ الأولى من كفالة الأفراد . أخبرني المدير السوداني أنه قد تمَّ استخراجُ إقامةٍ لي لِمُدة ثلاثة شهور . ولما سألتُه عن السَّبب في أنَّها لم تكُن لمُدة عامٍ كامل ، قال إنَّ المؤسسة عليها"خطأحمر" ! - وماذا يعني ذلك؟
- يعني أنّ عليها مخالفاتٍ ولا يُسمَحُ لها بِمُمارسةِ أي نشاطٍ حسب لوائح مكتب العمل .
ولِمَ طلبتَ مِنّي كلَّ ذلك المبلغ وأنتَ تعلمُ بذلك الأمْر .
سكتَ الرَّجلُ ولمْ يَحِر جواباً . ومع إلحاحي عليه حول كيفية الخروج من هذا المأزق، قال إنه سيحاول السعودي صاحبَ المؤسسة لاسترداد المبلغ ! ونصحَني بالبحثِ عن جٍهةٍ أُخرى أنقُل كفالتي إليها !!! تَخيَّلوا بهذه البَساطة ومِن واحد ...... ! ( يا له من ناصح أمين !!! ) . وأقْسِمُ بالله أنني لم أستلمْ منه ولا من كفيله ريالاً واحداً حتى يومنا هذا بالرَّغم من اتصالاتي المُتَكرِّرة واللامحدودة عليه .

محمد عمر الشريف عبد الوهاب

[email protected]  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

«الإمارات الصحية»: برامج وخدمات متكاملة للكشف المبكر عن السرطان

سامي عبد الرؤوف (دبي) 

أعلنت مؤسسة الإمارات للخدمات الصحية إطلاق مجموعة من برامج التوعية والتثقيف، وتقديم خدمات طبية متكاملة، تهدف إلى دعم الكشف المبكر لأمراض السرطان وسبل الوقاية والعلاج، وذلك ضمن استراتيجيتها الهادفة إلى مكافحة السرطان، وتعزيز الوعي المجتمعي والوقاية من أمراض السرطان. 
وأشارت الدكتورة شمسة لوتاه، مديرة الصحة العامة بالمؤسسة، في تصريح لـ «الاتحاد»، إلى قيام المؤسسة بتنفيذ سلسلة متميزة من الأنشطة وفعاليات التوعية التي تبرز أهمية الفحوص المبكرة في الوقاية من السرطان، مع تركيز خاص على أكثر أنواع السرطان شيوعاً، مثل سرطان الثدي، القولون، الرئة، وعنق الرحم. 
وقالت: «تشمل هذه المبادرات تقديم ورش عمل ومحاضرات تثقيفية موجهة للمتعاملين في المراكز الصحية والمستشفيات، بالإضافة إلى تنظيم فعاليات تثقيفية للمجتمع بشكل عام، تشمل موظفي الجهات الحكومية والخاصة، وطلبة المدارس والجامعات.  

أخبار ذات صلة دراسة حديثة لـ«تريندز»: الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل العلاقات الدولية بشكل عميق تفاهم بين «شرطة أبوظبي» وشركة «بريسايت»


الفحوص المبكرة 
وأضافت: «إلى جانب ذلك، تُجرى الفحوص المبكرة للفئات المستهدفة لتعزيز الكشف المبكر والوقاية، فضلاً عن إطلاق حملات توعية بارزة، مثل حملة «لا تترددين، افحصي واطمئني»، التي تركز على الكشف المبكر عن سرطان الثدي». 
وذكرت الدكتورة لوتاه أنه في إطار هذا التوجه، وقعت المؤسسة مذكرة تفاهم مع جمعية أصدقاء مرضى السرطان؛ بهدف وضع إطار عمل للتعاون المشترك في تعزيز برامج التوعية، وزيادة معدلات إجراء الفحوص المبكرة بين أفراد المجتمع.
ولفتت إلى تنظيم المؤسسة حملات توعية رقمية دورية عبر منصات التواصل الاجتماعي، لنشر معلومات علمية حول السرطان، وأهمية الفحوص الدورية، وطرق الوقاية الفعالة، مما يسهم في بناء مجتمع صحي أكثر وعياً وقدرة على مواجهة هذا التحدي الصحي.
وتابعت: إن هذه المبادرات تأتي ضمن الجهود المستمرة لتغيير المفاهيم المجتمعية، وتعزيز ثقافة الكشف المبكر، بما يعكس حرص الجهات الصحية في الدولة على رفع مستوى الوعي والوقاية من السرطان، ويؤكد أهمية التعاون بين مختلف الجهات لتحقيق الأهداف الصحية الوطنية المرجوة. 

الصحة المجتمعية 
وأكدت الدكتورة لوتاه أن هذه الجهود، تعكس التزام المؤسسة بتعزيز الصحة المجتمعية والوقاية من أمراض السرطان، من خلال تقديم برامج صحية شاملة ترتقي بمعايير الرعاية الصحية والوقائية، حيث تؤكد المؤسسة الدور الحيوي للمجتمع في مكافحة السرطان، عبر تبني أنماط حياة صحية، والحرص على إجراء الفحوص الدورية، لضمان الكشف المبكر وزيادة فرص العلاج الناجح. 
وقالت: «كما تؤكد المؤسسة أهمية اتباع نمط حياة صحي كعامل وقائي رئيسي ضد أمراض السرطان، حيث يمكن تقليل عوامل الخطر، مثل السمنة، وقلة النشاط البدني، والنظام الغذائي غير المتوازن، من خلال اتخاذ خيارات صحية واعية». 

النظام الغذائي 
وشددت الدكتورة لوتاه على أن النظام الغذائي المتوازن يساهم في تعزيز المناعة وحماية الخلايا، بينما يقلل النشاط البدني المنتظم من مستويات هرمونات معينة، مثل الإستروجين، مما يعزز الصحة، ويحد من خطر الإصابة بالأمراض السرطانية.
وفي إطار التزامها بتقليل انتشار السرطان، اتخذت مؤسسة الإمارات للخدمات الصحية، خطوة رائدة في الكشف المبكر عن سرطان الثدي باستخدام الذكاء الاصطناعي، والذي يعد الحل الأمثل كخطوة أولى فعالة قبل إجراء «الماموغرام»، مما يعزز من دقة التشخيص، ويسهم في إنقاذ الأرواح من خلال اكتشاف السرطان في مراحله المبكرة.
وتعتبر دولة الإمارات من الدول الرائدة في مجال الخدمات الصحية المقدمة لمرضى السرطان، لاسيما أن انتشار مرض السرطان في الدولة لا يزال أقل من معدلات انتشاره في العالم، وتواصل الدولة جهودها الرائدة بهدف خفض معدلات الوفيات المبكرة الناجمة عن الإصابة بالسرطان. 
وتم وضع الخطة الوطنية للوقاية ومكافحة مرض السرطان، والتي تشكل جزءاً من الأجندة الوطنية الهادفة إلى خفض نسبة الوفيات من السرطان «عدد وفيات أمراض السرطان لكل 100 ألف من السكان»، وتتماشى مع أهداف خطة العمل العالمية لمنظمة الصحة العالمية لمكافحة السرطان.

مقالات مشابهة

  • مستشفيات مكة تعلن عن قرب عودة فرع الرياض إلى الخدمة
  • شروط عودة الأردني المتقاعد مبكرا للعمل
  • «الإمارات الصحية»: برامج وخدمات متكاملة للكشف المبكر عن السرطان
  • «في إطار عام المجتمع».. تنظيم الملتقى الأسري الـ17 في الشارقة
  • اجتماع لمناقشة احتياجات محافظة حجة من مشاريع المياه والكهرباء
  • بريد الجزائر يُحذر!
  • مجددا.. مصرع عشرات السودانيين قبالة السواحل الليبية
  • «المؤسسة الوطنية للنفط» تعلن معدلات الإنتاج خلال الساعات الماضية
  • تعلن المؤسسة العامة للكهرباء عن إنزال مناقصات عامة لمحطات التوليد الرئيسية
  • منصة البرلمان أم ساحة تصفية؟ العشائر تُحرج المؤسسة التشريعية باسم الكرامة