ما قصة وجبة الشعر الأسود الصينية الرائجة على الشبكات الاجتماعية؟
تاريخ النشر: 6th, November 2024 GMT
أثارت وجبة "الطحلب الشعري" أو "فات تشوي" (Fat Choy) التي ظهرت مؤخرًا في شوارع مدينة تشنغدو الصينية، ضجة واسعة على منصات التواصل الاجتماعي بسبب شكلها الذي يشبه كتلة من شعر الإنسان، مما جعلها موضع تساؤل وإعجاب بين الناس.
ويشبه الطحلب بعد نقعه في الماء خيوط الشعر السوداء، وقد لاقى رواجًا كبيرًا كوجبة خفيفة جديدة، خاصة خلال الاحتفالات الشعبية مثل رأس السنة الصينية.
这看着太像头发了 不能我一个人恶心 必须艾特我朋友 @红星新闻• 成都路边摊烧烤吃头发?专家解惑这是 发菜 你想尝尝吗?
♬ 原聲 – 爾爾 – 爾爾
وعرف "فات تشوي" منذ قرون في الصين كمكون غذائي تقليدي ويعتبر رمزًا للحظ الجيد والرخاء.
ومع انتشار هذا الطحلب البحري، تزايدت المخاوف من تأثير حصاده المفرط على البيئة، إذ يؤدي ذلك إلى تصحر الأراضي بسبب انتزاع الطحالب من تربتها الطبيعية.
فمع زيادة الطلب عليه وارتفاع تكلفته، بدأت محاولات لإيجاد بدائل بيئية أكثر استدامة. ويشدد الخبراء على ضرورة الحصول على "الطحلب الشعري" من مصادر موثوقة، نظرا لتوفر بدائل مزيفة قد لا تكون آمنة.
ويُعتبر "الطحلب الشعري" غنيا بالبروتينات والمعادن مثل الحديد والفوسفور والبوتاسيوم، مما يجعله طعاما ذا قيمة غذائية عالية، ويستخدم في بعض الأحيان لعلاج ارتفاع ضغط الدم وأمراض الجهاز التنفسي.
وتنتشر ثقافة تناول هذا الطحلب في الصين، حيث يدمج بين المعتقدات الشعبية والغذاء، إذ يُعتقد أنه يجلب الحظ إلى جانب قيمته الغذائية.
ويُعرف هذا الطحلب علميا باسم (Nostoc flagelliforme)، ويصنف ضمن البكتيريا الزرقاء المجففة، وينمو في الصحاري القاحلة مثل قانسو وشنشي وشينجيانغ ومنغوليا الداخلية. ويتم تجفيف الطحلب فور حصاده، ليتم تقديمه عادة على شكل شعيرية سوداء في أطباق متنوعة مثل المرق والحساء، ما يمنحه مظهرا غير مألوف وشبيها بالشعر، ويجذب فضول المغامرين في عالم الطهي.
كما يعد "الطحلب الشعري" أحد الأمثلة على الأطعمة التي تحمل رمزية ثقافية في الصين، حيث يُعد جزءًا من الإرث الشعبي، ويعكس اهتمام الصينيين بربط الطعام بالحظ والرموز الروحية. ومع تزايد شعبية هذا الطبق في الشوارع، لا يزال الجدل حول استدامة الطحلب متواصلا، وسط دعوات للحفاظ على التنوع البيئي أثناء احتضان المكونات التقليدية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
أســــــود..
تؤرخ الذاكرة الشعبية لكثير من الحيوانات مكانة وجاهة وحضورا لافتا، وتنزلها منازل الشجاعة، والكرم، والنبل والوفاء، متجاوزة - هذه الذاكرة - الفعل الإنساني القادر على الإتيان بذات الأفعال وذات المواقف، مع أن كل ما يسنده من صفات النبل والوفاء والشجاعة لم يلمسها من هذه الحيوانات بصورة مباشرة، وإنما استلهما -أكثر- مما تسعفه به المخيلة الاجتماعية التي تكرس هذه الصفات في هذه الحيوانات دون دليل مقنع في كل الأحوال، فهذه الحيوانات في كل أحوالها تتحرك بوحي الغريزة سواء للدفاع عن نفسها، أو للبحث عن طعامها، وأن كل ما تظهره من ضروب الشجاعة والتضحية في الدفاع عن نفسها، أو في البحث عن طعامها لا يخرج عن ما تسعى غريزتها إلى إشباعه، ومتى شبعت وارتوت هدأت هذه الغريزة،
وأصبحت هذه الحيوانات داجنة لا تحرك ساكنا، مستسلمة لهذا الإنسان الذي يوظفها في مشروعاته المختلفة، وإلا من منا لمس خداع الثعلب، أو وفاء الكلب، أو شجاعة الأسد، إذا كانت هذه الحيوانات كل ما تقوم به هو من وحي الغريزة ليس إلا؟ وما يستوقفني أكثر هو كيف استطاع الإنسان أن ينشئ مقارنات بين هذه الحيوانات نفسها، فيرفع هذا النوع ويسقط النوع الآخر؟ هل هو ينقل واقع الناس ويسقطه على سلوكيات هذه الحيوانات؛ فيرفع من شأن هذه وينزل من شأن تلك؟ ومن ذلك قول القائل: «تموت الأسد في الغابات جوعا؛ ولحم الضأن تأكله الكلاب» هل لأن الكلاب تعيش بين الناس وتتحصل على شيء من معيشتهم؟ بخلاف الأسود التي تعيش في الغابات بعيدا عن التأثير المباشر في العلاقة مع الإنسان؟ ومن ذلك أيضا القول المنسوب إلى نابليون قوله: «إذا أنشأت جيشا من مائة أسد بقيادة كلب ستموت الأسود كالكلاب في أرض المعركة أما إذا صنعت جيشا من مائة كلب بقيادة أسد فجميع الكلاب ستحارب كأنها أسود» فهل جرب الإنسان هذه القيادة لدى هذين الحيوانين حتى يستطيع الخروج بهذا الحكم، أو هذه القناعة؟ أم أن الفكرة مستوحاة فقط من الفعل العنيف المباشر الذي تبديه الأسود في الانقضاض على فرائسها؟ لأن في الوقت ذاته هي ذات الأسود التي يطوعها الإنسان في مشروعاته الاقتصادية - ألعاب السرك؛ نموذجا - وقد سئل عنترة بن شداد -كما يروى- عن سر هزيمته للجيوش الجرارة بكامل عتادها وعدتها، فقال: «أضرب الضعيف بكل قوة؛ ينخذل على أثرها قلب الشجاع»- كما يروى -.
يقينا؛ لا أحد ينكر أن هنا في هذا المعنى إسقاط على كثير من السلوكيات والممارسات التي يقوم بها الإنسان، وسواء في ممارساته الخاصة، أو العامة، والإشارة تذهب هنا إلى القيادة الفاشلة، والقيادة الناجحة في كل الممارسات الإنسانية، ولأن الأسد بهيبته الماثلة تسند إليه الشجاعة، والقوامة، والكلب بهيئته المتواضعة ينسب إليه الضعف، وعدم التصرف، ومع ذلك تنقله ذات الثقافة في المخيلة الاجتماعية لتعبر به هيمنة الأسد «ولحم الضأن تأكله الكلاب» وواقع البشرية يضج بهذه الإسقاطات في شأن من يستحق ومن لا يستحق، ومن هو مظلوم، ومن هو ظالم، ومن هو على حق ولا يصل إلى حقه لضعفه، ومن هو ظالم وينتصر لظلمه بأدوات قوته؛ المباشرة وغير المباشرة.
وانعكاسا لهذا الافتتان الذي يبديه الإنسان بهذه الحيوانات يسعى لأن يحدث مجموعة من المقاربات معها، سواء في سلوكها، أو هيبتها، أو في حصيلة ممارستها في معاركها مع الآخر من جنسها ونوعها، فمتى أراد أن يمتدح ولده أطلق عليها لقب الذئب أو الأسد لتحفيزه على مواصلة على الإقدام على الأفعال النبيلة، والاستجابات السريعة، ومن أراد أن يصفه بالبلادة والبلاهة أو الضعف، اختار له أنواعا من الحيوانات كالحمار، والدجاج، وغيرها مما يتوافق مع استحضار ذاكرته الخاصة التي تصنف نتائج الممارسات وتسقطها على الأضعف أو الأقوى من الحيوانات التي حوله.