أثر عودة الجمهوريين الأميركيين على الرد الإيراني والتحالفات الإقليمية بالمنطقة
تاريخ النشر: 8th, November 2024 GMT
طهران- تشكل عودة دونالد ترامب للرئاسة الأميركية تحديا حقيقيا لإيران قد يدفعها إلى إعادة النظر في إستراتيجياتها الإقليمية، لا سيما أنها في مرحلة تتوعد فيها إسرائيل "برد قاسٍ" في إطار دوامة الرد والرد المضاد بين الطرفين.
فبعد الإعلان عن فوز ترامب في الانتخابات الأخيرة، يجد الشرق الأوسط نفسه أمام مرحلة جديدة قد تحمل تغييرات جذرية في توازنات القوى الإقليمية، فالرئيس القادم يعود إلى البيت الأبيض محمّلا برؤية سياسية سبق أن تبناها خلال ولايته الأولى، تميزت بسياسة الضغط الأقصى تجاه إيران والدعم الموسع للتطبيع العربي مع إسرائيل، الأمر الذي أثار تغييرات كبيرة في المشهد السياسي للمنطقة.
وترى إسرائيل في عودة ترامب فرصة جديدة لتعزيز علاقاتها الإقليمية، فقد يدعمها في مواجهة النفوذ الإيراني، والتنسيق الأمني والسياسي الذي يحتمل أن يعيد رسم خارطة الاصطفافات الإقليمية.
استبعاد الهجوم الواسعرأى الباحث في قضايا الشرق الأوسط محمد خواجوئي أنه مع الأخذ في الاعتبار تقارب نتنياهو وترامب، تحاول إيران تجنب التورط المباشر بشكل أكبر في النزاعات الأخيرة. لذلك، من غير المرجح أن تقوم إيران بهجوم واسع على إسرائيل في الوقت القريب، خشية أن تستغل الأخيرة الفرصة لتصعيد الحرب وتسريع التغييرات في النظام الإقليمي.
ويؤكد -في حديثه للجزيرة نت- أن إيران ستسعى بدلا من ذلك إلى عبور هذه المرحلة الانتقالية بأقل التكاليف، وتضع إستراتيجيتها على استنزاف إسرائيل من خلال جبهة لبنان.
وفي ظل ظروف تخوض فيها إسرائيل حربا مع أطراف محور المقاومة بقيادة إيران بهدف إضعافه لترسيخ نظام إقليمي جديد، أوضح الباحث أن فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية سيمنح إسرائيل، وتحديدا رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، فرصة أكبر لتنفيذ سياساته.
كما يُتوقع أن يستمر نتنياهو خلال فترة الـ75 يوما المقبلة، حتى بدء ولاية ترامب، في اتخاذ إجراءات تصعيدية بالمنطقة، ليحقق مكاسب ميدانية، تمهيدا لاستقبال أي مبادرة سياسية قد يطرحها ترامب لإنهاء الحرب، مما يتيح له تثبيت إنجازاته، إذ يدرك نتنياهو أن المبادرة السياسية المدعومة من الولايات المتحدة لن تقوم على حل الدولتين، ولهذا قد يوافق أكثر على التهدئة بعد الأشهر الثلاثة القادمة.
وتوقع خواجوئي -في حديثه للجزيرة نت- أن محور المقاومة سيكون تحت الضغط، في الوقت الذي يلعب فيه ترامب ونتنياهو دورا حاسما في تشكيل النظام المستقبلي بالمنطقة، مع أن النتائج تعتمد بشكل كبير على ما ستسفر عنه المواجهات الميدانية خلال فترة الشهرين إلى الثلاثة المقبلة.
ويعتقد الخبير ذاته أن طهران ستتبنى نهجا أكثر حذرا بعد فوز ترامب، حيث إنه أظهر خلال فترته الأولى في الرئاسة استعدادا كبيرا لتوجيه الخطورة ضد إيران من خلال فرض عقوبات غير مسبوقة وعمليات مثل اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني، مما جعله شخصية بالغة الخطورة بالنسبة لإيران.
وتوقع -في السياق نفسه- أن يكون الرئيس المنتخب أكثر جرأة، خاصةً أنه لن يخوض انتخابات جديدة، باعتبار أن الجمهوريين قد سيطروا على مجلسي النواب والشيوخ، مما يدفع ترامب للشعور بأنه في موقع أقوى.
تقييمات أمنيةمن جانبه، أشار الباحث بشؤون الشرق الأوسط محمد بيات إلى أن بعض وسائل الإعلام تحدثت عن رد إيراني واسع ومن محور المقاومة على الهجوم الإسرائيلي الأخير يوم 26 أكتوبر/تشرين الأول على إيران، قبل إعلان النتائج النهائية للانتخابات الرئاسية الأمريكية، ليظهر نوع من "الصمت الإعلامي" حول الموضوع بعد النتائج.
ومع عودة الجمهوريين إلى السلطة في أميركا، يرى الباحث -في حديث للجزيرة نت- أن القادة العسكريين الإيرانيين يقومون بمراجعة وتحديث تقييماتهم الأمنية تجاه النزاع مع إسرائيل.
كما اعتبر بيات أن هذا المتغير الجديد سيؤثر بالتأكيد على رد إيران، لكنه لا يلغي احتمالية هجومها، موضحا أن طهران ستحرص على "إعادة إحياء الردع" ضد إسرائيل عبر رد مضاد، ليستطرد أن هذا الأمر لا يحظى بثقل كبير في الحسابات الإستراتيجية للمسؤولين الإيرانيين.
وأوضح الباحث بشؤون المنطقة أن ترامب تم انتخابه رئيسا في وقت تشهد فيه المنطقة حالة من "دوامة التوتر أو الفوضى" وعلى عكس ما توقعه العديد من المحللين، لم تنتهِ حرب غزة بل امتدت آثار هذه الأزمة إلى لبنان.
وتابع أنه تزامنا مع خروج التوتر بين طهران وتل أبيب من "الساحة الرمادية" دخل محور المقاومة وإسرائيل في مرحلة "الحرب المباشرة". وقال إن ترامب وعد مرارا، خلال حملته الانتخابية، بأنه في حال إعادة انتخابه رئيسا سيضع حدا لأزمة الشرق الأوسط، ولن يسمح باندلاع "الحرب العالمية الثالثة".
ومع ذلك، فقد كان وفريقه للسياسة الخارجية يؤكدون دوما على "النصر النهائي لإسرائيل" بهذه الحرب، مشيرين إلى أن أي وقف لإطلاق النار أو إنهاء الحرب يجب أن يكون مرهونا بهذا الهدف، كما يوضح المتحدث.
وأردف بيات أنه رغم وعد ترامب بإنهاء حروب الشرق الأوسط، إلا أنه لا يزال هناك 3 أشهر على الأقل حتى تنصيبه، وبالنظر إلى طول فترة انتقال السلطة بالبيت الأبيض والأوضاع الحالية في ميدان القتال، لا يتوقع أي وقف للحرب أو هدنة في الأشهر الستة المقبلة.
كما رجح أن عودة الجمهوريين إلى البيت الأبيض ستؤدي إلى تغييرات في موازين القوى والأدوار الفاعلة بالمنطقة.
وفي الوقت نفسه، يعد تسليم مسؤولية السياسة الخارجية من إدارة بايدن إلى شخصية مثل برايان هوك -وهو المبعوث السابق للشؤون الإيرانية- أمرا لا يبشر بعلاقات مشرقة مع طهران، ويزداد الأمر تعقيدا مع ذكر اسم مايك بومبيو كأحد المرشحين المحتملين لمنصب وزير الدفاع، وفق رأي بيات.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات محور المقاومة الشرق الأوسط
إقرأ أيضاً:
رسوم ترامب تكلف الأميركيين أكثر.. 6 قطاعات تحت الضغط
بعد فرض الرئيس دونالد ترامب حزمة جديدة من الرسوم الجمركية على الواردات، تُنذر موجة من الغلاء بالوصول إلى الأسواق الأميركية، وسط مخاوف من أن يدفع المواطنون ثمن سياسة تجارية تُوصف بـ"الحمائية الهجومية".
ووفق تقرير نشرته هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، تشمل هذه الرسوم سلعًا حيوية مثل الملابس، السيارات، القهوة، مواد البناء، الكحول، وحتى الطاقة.
وبينما تشير الإدارة الأميركية إلى أن الهدف هو "إعادة التوطين الصناعي" وتحقيق دخل إضافي للخزينة، فإن التكاليف بدأت فعليًا بالتسرب إلى جيوب المستهلكين.
الملابس والأحذية.. الارتفاع الأكبر في الأفقوتعتمد سوق الملابس في أميركا اعتمادًا شبه كامل على الاستيراد من دول، مثل فيتنام، الصين، وبنغلاديش. ومع أن ترامب تراجع عن بعض التعريفات القصوى التي أعلنها مبدئيًا، فإن الرسوم المطبقة حاليًا لا تزال مرتفعة جدًا:
30% على الواردات الصينية 19% على السلع من فيتنام وإندونيسيا (بدءًا من 1 أغسطس/آب) 35% متوقعة على بنغلاديشوقد أعلنت علامات تجارية كبرى مثل ليفايس ونايكي نيتها رفع الأسعار.
ووفقًا لمختبر الميزانية في جامعة ييل، يُتوقع أن تقفز أسعار الملابس بنسبة تصل إلى 37% في المدى القصير، وهي زيادة غير مسبوقة منذ عقود.
الطعام والمشروبات.. من البن إلى زيت الزيتونوتُظهر البيانات أن كل القهوة تقريبًا المستهلكة في أميركا مستوردة، ونتيجة للرسوم:
القهوة البرازيلية ستواجه رسومًا بنسبة 50% القهوة الفيتنامية 20% زيت الزيتون الأوروبي (من إيطاليا، إسبانيا، واليونان) يخضع لـ 15%ورغم استثناء بعض المنتجات الزراعية من الرسوم، فإن التقرير يشير إلى أن السلع الطازجة ستكون الأكثر تضررًا، مع تقديرات بارتفاع عام لأسعار الغذاء بنسبة 3.4%، بحسب جامعة ييل.
وفرضت إدارة ترامب في مارس/آذار رسومًا بنسبة 25% على السيارات وقطع الغيار المستوردة، قبل أن تخفضها لاحقًا إلى:
إعلان 15% للاتحاد الأوروبي واليابان 10% للمملكة المتحدةلكن المشكلة، وفقًا لما نقلته بي بي سي عن محللي قطاع السيارات، تكمن في أن العديد من السيارات الأميركية تعتمد على قطع أجنبية، أو تُجمع خارج البلاد، مثل كندا والمكسيك، ما يجعلها أيضًا عرضة للرسوم.
وإذا استمرت الشركات في "امتصاص" الكلفة دون تمريرها للمستهلكين، فإن ذلك لن يدوم طويلًا، بحسب المحللة إيرين كيتنغ من مجموعة كوكس أوتوموتيف.
البناء والإسكان.. الخشب والمعادن تحت النارورفع ترامب الرسوم على الصلب والألمنيوم في وقت سابق هذا العام، وسيبدأ فرض رسوم بنسبة 50% على النحاس في 1 أغسطس/آب، بينما يهدد أيضًا بفرض رسوم على الأخشاب، كل هذه المواد أساسية في بناء المنازل الأميركية، التي تُشيّد غالبًا من الخشب.
وفقًا للجمعية الوطنية لبناة المنازل في أميركا (NAHB)، فإن هذه السياسات قد:
ترفع تكلفة بناء المساكن تُقلل من إقبال المطورين على مشاريع الإسكان الجديدة تُحمّل المستهلك النهائي ارتفاع الأسعاروتشير بيانات غرفة التجارة الكندية إلى أن أميركا تستورد:
69% من أخشابها 25% من الحديد والصلب 18% من النحاس —جميعها من كندا، التي تواجه الآن تهديدًا بتعرفة 35%.وتشير بي بي سي إلى أن الولايات المتحدة تمثل أحد أكبر الأسواق العالمية للكحول الأوروبي، إذ تصدّر دول كفرنسا وأيرلندا ما يقرب من 9 مليارات يورو سنويًا إلى السوق الأميركية، منها:
ثلث صادرات الويسكي الأيرلندي 18% من صادرات الشمبانيالكن لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت منتجات الكحول قد أُعفيت في اتفاقية الاتحاد الأوروبي مع ترامب.
في المقابل، يُتوقع أن ترتفع أسعار البيرة المكسيكية، مثل موديلو وكورونا نتيجة الرسوم على الألمنيوم، الذي يُستخدم في 64% من البيرة المُستهلكة في أميركا، وفقًا لمعهد البيرة الأميركي.
الطاقة والوقود.. رسوم على كندا تعيد خلط الأوراقبينما استُثنيت واردات الغاز والنفط من معظم التعريفات، فرض ترامب 10% على واردات الطاقة من كندا، أكبر مزود للنفط الخام لأميركا، إذ شكّلت 61% من إجمالي الواردات بين يناير/كانون الثاني ونوفمبر/تشرين الثاني 2024.
وتكمن المشكلة في أن المصافي الأميركية مصمّمة لمعالجة خام ثقيل، وهو ما يأتي غالبًا من كندا والمكسيك. وفي حال ردّت أوتاوا بخفض صادراتها، فقد يؤدي ذلك إلى ارتفاع أسعار الوقود، بحسب رابطة الوقود والبتروكيميائيات الأميركية.
وبينما تؤكد إدارة ترامب، أن الرسوم الجديدة ستوفر مليارات للخزينة، وتشجع الشركات على توطين الإنتاج داخل البلاد، يرى مراقبون أن الفاتورة النهائية ستُدفع في محلات الملابس، محطات الوقود، وأسواق الغذاء.
ووفقًا لتقديرات جامعة ييل، فإن معظم آثار هذه الرسوم لم تصل بعد إلى المستهلكين، لكن الأشهر المقبلة قد تحمل تحولًا أكبر في الأسعار، في حال استمرت التوترات مع كندا، والموردين الآسيويين، ودول أوروبا.