ماذا يعني فوز ترامب للجيش الأمريكي؟
تاريخ النشر: 11th, November 2024 GMT
سلطت ماكنزي إيغلن، زميل أول في معهد أمريكان إنتربرايز متخصصة في استراتيجية الدفاع وميزانيات الدفاع والاستعداد العسكري، الضوء على التغييرات المحتملة التي قد تطرأ على الجيش الأمريكي بعد إعادة انتخاب دونالد ترامب والإصلاحات المرتقبة في الميزانية وحجم القوات والاستعداد بهدف مواءمة القدرات العسكرية مع المتطلبات الاستراتيجية.
العديد من فجوات الاستعداد والقدرات ما تزال دون معالجة
وقالت الباحثة في مقالها بموقع "ناشونال إنترست" إن ترامب سيركز على تقليص مسؤوليات الجيش لتجنب الإرهاق.
ونقلت عن رايان مكارثي، وزير الجيش السابق في عهد ترامب، أن المطالب الحالية من القوات الأمريكية تتجاوز قدرتها، نظراً للموارد المحدودة والمعدات القديمة. وفي رأيه، سيحتاج البنتاغون إلى إعادة النظر في كيفية تخصيص قواته للمسارح الاستراتيجية، مما قد يقلل الالتزامات في المناطق الأقل أهمية.
هل انتهت الزعامة الأمريكية للعالم؟ - موقع 24تناول دان بيري، محرر سياسي خبير بشؤون الشرق الأوسط وأفريقيا وأوروبا، الدور المتغير لأمريكا في السياسة العالمية، بالنظر إلى الاحتمالات الانعزالية في ولاية ترامب الثانية.ويستخدم مكارثي الجيش كمثال، موضحاً أنه رغم الطلب المرتفع، انخفضت ميزانية الجيش الحقيقية بنسبة 25% على مدى أربع سنوات.
وتوضح إيغلن أنه في عهد ترامب، قد يتم تعديل القيادات القتالية لتحقيق توازن أفضل بين المطلوب والمتاح، وتعزيز الأولويات الاستراتيجية.
التجنيد العسكريوأكد الباحث أن إدارة ترامب ستركز على التجنيد والاحتفاظ بالمجندين، نظراً لمعاناة الإدارة الأمريكية بسبب نقص التحسينات في تلك القطاعات، مشيرةً إلى أن "فقاعة" نقص المجندين تخلق وظائف شاغرة مستمرة، مما يعرض الاستعداد والتماسك الذي يجب أن تظهر به القوات العسكرية.
"This will be 2016 on steroids and the fear is that he will hollow out the ranks and expertise in a way that will do irreparable damage to the Pentagon.” @phildstewart and I look at angst in the U.S. military about what the Trump admin may mean. https://t.co/hp2Z09vgOx
— Idrees Ali (@idreesali114) November 10, 2024وأضافت الباحثة أن تعزيز صورة إيجابية للخدمة العسكرية وتحسين ظروف الخدمة من شأنه أن يضمن استقرار القوات المسلحة.
تحديات بناء السفن في البحريةوتابعت الباحثة: "يمثل بناء السفن تحدياً آخر. فقد تقادم أسطول البحرية، حيث تتقاعد السفن بشكل أسرع مما يمكن للسفن الجديدة أن تحل محلها"، وهي الدورة التي تصفها إيغلن بأنها "حلقة الهلاك".
ورغم أن ميزانية عام 2025 تخصص 32.4 مليار دولار لبناء السفن، فمن المخطط بناء تسع سفن جديدة فقط، وهو ما يتجاوز بالكاد السفن الثماني التي تم بناؤها في عام 2015 بأقل من نصف الميزانية.
وأكد رايان ماكارثي ضرورة إجراء مراجعة شاملة لتكاليف بناء السفن لمعالجة عدم الكفاءة، مقترحاً أفكاراً تعاقدية مبتكرة يمكن أن تزيد من الموارد إلى أقصى حد. ولمكافحة نقص السفن، يقترح ماكارثي تأمين التمويل المحتمل خارج ميزانيات البحرية والقوات الجوية العادية، خاصة لتحديث الثالوث النووي، وهو المجال الذي يعده كل من إدارة ترامب والقادة العسكريين ضرورياً.
ولفتت الباحثة النظر إلى الضغوط الواقعة على القوات الجوية، والتي تحاول حالياً تحقيق التوازن بين التحديث النووي والتقليدي وسط قيود الموارد.
ويدعم ماكارثي تسريع تقاعد الطائرات المكلفة والقديمة كإجراء لتوفير التكاليف.
ومع ذلك، تؤكد الباحثة أن الاستثمار الجديد في الأنظمة المتقدمة أمر بالغ الأهمية لاستبدال القدرات التي توفرها هذه الطائرات القديمة. وقد يعمل فريق ترامب على تسريع برامج مثل الطائرات القتالية التعاونية، والتي تستخدم الذكاء الاصطناعي لتحسين الكفاءة التشغيلية.
إلى ذلك، يدعم مكارثي إعادة تصميم أنظمة قديمة مختارة، مثل صاروخ البحرية AIM-174B، والذي تم تعديله لتعزيز المدى والدقة، مما أدى إلى إطالة العمر التشغيلي لبعض الطائرات.
Trump Won. Here's What That Could Mean for the Military. | https://t.co/A9Zgp7eoV2 https://t.co/gcgBDg2J3W
— Doc Pete Chambers (@DocPeteChambers) November 9, 2024وترى الباحثة أن إعادة استخدام التكنولوجيا القديمة يمكن أن تكون بمنزلة حل مؤقت، وتوفير القدرات حتى تصبح البدائل الأحدث جاهزة للعمل بشكل كامل.
توسيع إنتاج الذخائروقالت إيغلن إن إنتاج الذخائر هو مجال آخر ذو أولوية. وتنقل عن مكارثي قوله إن الصراعات الأخيرة كشفت عن نقاط ضعف سلسلة توريد الذخائر، مما سلط الضوء على المخزونات المستنفدة وقدرات الإنتاج غير الكافية.
وأدى الطلب المتزايد على الدعم العسكري الأمريكي في الصراعات الجارية إلى إجهاد الموارد، وكشف عن فجوات كبيرة في التخطيط والإنتاج.
ويدعو مكارثي إلى العودة إلى نهج "إنتاج الذخائر على نطاق واسع" الذي شوهد آخر مرة في الثمانينيات، والذي من شأنه أن يعزز القاعدة الصناعية الدفاعية ويضمن مخزونات وفيرة.
إعادة تخصيص الميزانيةوتناولت الباحثة أيضاً إعادة التخصيص المحتملة داخل "السلطة الرابعة" التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية، والتي تغطي وكالات خارج الفروع العسكرية التقليدية، مثل وكالة استخبارات الدفاع وبرامج الدفاع الصاروخي.
ويقترح مكارثي إعادة تخصيص 10-15% من هذه الميزانية البالغة 140 مليار دولار من أجل تدريب القوة المشتركة ورفع كفاءتها. ويمكن لفريق ترامب تنفيذ نموذج "المحكمة الليلية" - عملية مراجعة الميزانية التي تم تقديمها خلال فترة ولاية ترامب الأولى - لتحديد النفقات غير المستخدمة أو الزائدة عن الحاجة داخل السلطة الرابعة، وتحرير الأموال للاحتياجات ذات الأولوية الأعلى.
وقالت الباحثة إنه في حين أدت فترة ولاية ترامب الأولى إلى زيادة قدرها 225 مليار دولار في تمويل الدفاع، فإن العديد من فجوات الاستعداد والقدرات ما تزال دون معالجة بسبب أوجه القصور القائمة مسبقاً. وأشارت إيغلن إلى أن تحقيق رؤية ترامب لجيش قوي سوف يتطلب نمواً مستداماً في الميزانية فوق التضخم، حيث أن الأهداف الاستراتيجية اليوم ليست أقل طموحاً.
وخلصت الباحثة إلى أن أجندة ترامب تهدف إلى جعل الجيش الأمريكي أكثر كفاءة وتركيزاً استراتيجياً وذكاءً. ولكن نظراً لمتطلبات البنتاغون واسعة النطاق، فما زال من غير الواضح كيف ستتمكن هذه المقترحات من تحقيق التوازن بين المتطلبات الحالية والهدف المتمثل في بناء قوة أقل عدداً وأكثر استعداداً.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية ترامب عودة ترامب الانتخابات الأمريكية الحرب الأوكرانية بناء السفن
إقرأ أيضاً:
التحرك الأمريكي في ليبيا.. مصالح متجددة في ظل إدارة ترامب الثانية
أولًا: عودة ليبيا إلى واجهة الاهتمام الأمريكي
مع بداية الولاية الثانية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، استعادت ليبيا مكانة متقدمة ضمن أولويات السياسة الخارجية الأمريكية, ويأتي ذلك في سياق إقليمي ودولي يشهد تحولات متسارعة، أبرزها تصاعد الصراع في الشرق الأوسط، واحتدام التنافس بين القوى الكبرى داخل القارة الإفريقية، ما جعل من ليبيا بوابة استراتيجية لا يمكن تجاهلها.
ثانيًا: خلفيات وأبعاد الزيارة الأمريكية
زيارة مستشار الرئيس الأمريكي، مسعد بولس، إلى كل من طرابلس وبنغازي، لم تكن مجرد بروتوكولية، بل يمكن قراءتها باعتبارها خطوة استطلاعية لجمع معلومات مباشرة من الفاعلين الليبيين، وتشكيل تصور دقيق لصانع القرار في واشنطن حول موازين القوى واتجاهات النفوذ.
وقد عبّر بولس خلال لقائه مع رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، عن قلق الولايات المتحدة العميق من الوضع الأمني في العاصمة طرابلس، في ظل استمرار انتشار السلاح بيد التشكيلات المسلحة، وغياب سيطرة حقيقية للدولة على هذه القوى.
ويأتي هذا القلق خصوصًا بعد الاشتباكات التي شهدتها العاصمة قبل نحو أربعة أشهر بين قوات حكومية وتشكيلات تابعة لقوة “دعم الاستقرار”، والتي قلّص الدبيبة نفوذها مؤخرًا، ما فاقم التوتر داخل طرابلس. واليوم، تعيش العاصمة على وقع حالة احتقان أمني متصاعدة، وسط مخاوف من تفجر الوضع في أي لحظة.
هذا الواقع دفع بولس إلى التركيز خلال محادثاته على أولوية الأمن والاستقرار، مشددًا على أن استمرار حالة التفلت الأمني يعيق أي مسار سياسي أو اقتصادي، ويثير قلقًا أمريكيًا ودوليًا متزايدًا مما قد يحدث، خاصة في ظل اقتراب استحقاقات مفصلية، منها الحديث عن تنظيم الانتخابات واستئناف المسار السياسي.
تأتي هذه الزيارة أيضًا في لحظة حساسة، حيث تواجه المنطقة خطر التصعيد بين إسرائيل وإيران، وهو ما يهدد إمدادات الطاقة العالمية، ويجعل من ليبيا — بثرواتها وموقعها الجيوسياسي — بديلًا استراتيجيًا في الحسابات الأمريكية.
ثالثًا: السيطرة الميدانية ودلالاتها الاستراتيجية
لا يمكن فصل التحرك الأمريكي عن المعادلة الميدانية الليبية. إذ يسيطر الجيش الليبي على نحو 80% من مساحة البلاد، وهي مناطق تحتوي على أهم الحقول النفطية والثروات المعدنية، إضافة إلى مناطق استراتيجية متاخمة لدول الساحل الإفريقي.
هذه السيطرة تعكس واقعًا أمنيًا يختلف عن حالة الانقسام السياسي، وتفتح المجال أمام فرص استثمارية وتنموية، لأن المصالح الاقتصادية — بما فيها الاستثمارات الأمريكية المحتملة — لا يمكن أن تتحقق في غياب الأمن والاستقرار. ولذلك، فإن هذه السيطرة تُمثل نقطة جذب لأي انخراط دولي يسعى لحماية المصالح الاستراتيجية في ليبيا.
رابعًا: واشنطن والمنافسة الدولية في إفريقيا
في الوقت الذي تُرسّخ فيه الصين وجودها الاقتصادي في إفريقيا، وتتابع فيه روسيا تعزيز مصالحها الاستراتيجية في عدد من الدول الإفريقية، تسعى واشنطن لإعادة التمركز في القارة، انطلاقًا من بوابة ليبيا.
فالتحرك الأمريكي يحمل طابعًا مزدوجًا: مواجهة تنامي النفوذ الروسي – الصيني، وتأمين إمدادات الطاقة، خصوصًا في حال تدهور الوضع في الخليج أو شرق المتوسط. وليبيا تُعد خيارًا مطروحًا، خاصة بعد أن أثبتت السنوات الماضية أن غياب الدور الأمريكي فتح المجال لتنافسات إقليمية ودولية معقدة.
خامسًا: آفاق التحرك الأمريكي وحدوده
ورغم هذا الاهتمام المتجدد، لا تزال السياسة الأمريكية في ليبيا تتسم بالغموض النسبي، إذ لم تُعلن الإدارة الأمريكية حتى الآن عن مبادرة واضحة أو رؤية متكاملة للحل، كما أن تعاطيها مع خريطة الطريق الأممية الحالية لا يزال ضبابيًا.
ويُثير هذا تساؤلات حول مدى استعداد واشنطن للانتقال من الدور الرمزي إلى دور فاعل في حلحلة الأزمة الليبية، خاصة في ظل الانقسام الحاد بين المؤسسات، وانتشار السلاح، وفشل المبادرات السابقة.
ليبيا بين الفرصة والتنافسإن عودة ليبيا إلى حسابات الإدارة الأمريكية تعكس تغيرًا في التقديرات الاستراتيجية، لكنها تظل مرهونة بمدى قدرة الأطراف الليبية على استثمار هذه اللحظة، والذهاب نحو توافق حقيقي يتيح بناء دولة مستقرة.
ففرص التنمية والشراكة مع القوى الكبرى قائمة، لكن تحقيقها يتطلب أولًا التأسيس لسلطة وطنية موحدة تُنهي الانقسام، وتفتح الباب أمام استثمار الموقع والثروات في مصلحة الليبيين.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.