ثقافتنا: بين ثقافة الدولة ودولة الثقافة
تاريخ النشر: 11th, November 2024 GMT
د. عبدالرحيم عبدالحليم محمد
abdelrmohd@hotmail.com
ظللت لفترة مشغولا بأمر الاجابة على سؤال هو كيفية أن تحتل ّ الثقافةُ السودانية مكانةً بارزةً في ابراز أمتنا في تطلعها أن يكون لها حضور لافت ومؤثر وملهم في العالم.. نحن نعيش في عالم يحفل بالثقافة..عالم نرى فيه كيف أن "القراصة" مثلا أو العراقي أو الجلابية عبرت الحدود وكذا موسيقانا ولوبدرجة محدودة باعتبارها احدى معالم هويتنا الثقافية وخصوصيتها التي تميِّزها عن غيرها من الدول الأخرى، ولا بد للمتأمل أو المهموم بهذه المسألة من تأكيد ضرورة تشكيل أو تعزيز تلك الخصوصية الثقافية المبدعة التي تستلهم روح المجتمع وتراثه وتاريخه.
يظهر حرص الدول على تشكيل ثقافاتها الوطنية، من خلال البرامج والمشروعات واستراتيجيات التَّنمية الثَّقافية المستدامة. ان هذا التعبير ...يشوقني جدا وفي هذا الإطار يأتي سعى الدول الدائمُ والجدّي إلى رعاية الثقافة وتمويل برامجها وأنشطتها. حتى يمكن لنا الحديث عن دولة الثقافة كمفهوم سيال متجددة يخرج بالوطن من ثقافة راكدة الى ثقافة تنافسية from stagnant to competitive تعبِّر عن الهوية والتوجهات وتعزيز الوحدة وهذا حرم مضيء اشار اليه شاعرنا المبدع التيجاني يوسف بشير بأنه حرم الفن . فبقدر ما تكون الدولةُ حاضرةً في فضاءات الثقافة والإبداع، بقدر ما يكون ذلك متمثلاً ضمن معاييرها الرسمية التي تخدم توجهاتها وبرامجها واستراتيجياتها.
تختلف فلسفات الدول في نظرتها الى التنمية الثقافية أو ما يسمى بالاستثمار الثقافي فبعض الدول تقوم بتوفير الدعم المادي لهيئات مستقلة، لكى تتولى تلك الهيئات توزيع الدعم على المؤسسات النَّاشطةِ في الحقلِ الثقافي، كما في الأنموذجِ الأنجلو – سكسوني. وفي بعض الأحيان تتولى وزارات الثقافة بمختلف هياكلها مركزية كانت أم جهوية إدارة الشأن الثقافي عبر تدخُّل الدولة بشكل مباشر في وضع البرامج وتنفيذ المشروعات الثقافية، ومثال ذلك الأنموذج الفرنسي. وهناك نموذج آخريعتمد اللا مركزية في إدارة الثقافة التي تتولاها الأقاليم، على أن تحتفظ الإدارة المركزية بالتخطيط والتوجيه والتمويل، كما هو الحال في ألمانيا..
أيا كان شكل تعاطي الدول مع موضوع الثقافة فـانه لا بد للدولة من الانسحاب من دور التوجيه المباشر أو الانتاج المباشر فتركز على رعاية الانتاج ودعمه فتخرج من دور ثقافة الدولة الى دولة الثقافة. على أن ذلك لا يعني أن تقف الدولة بعيدا بل تستمر الدَّولة في توفير الدعم والمتابعة والرعاية والتخطيط، و تقيم المهرجانات الكبرى، مثل مهرجان الكتاب ومهرجانات أعياد الحصاد كمهرجان التموروصناعاتها ومهرجان الشِّعر ومهرجان التراث ومهرجان الموسيقى ومهرجان المسرح ومهرجان السينما وغير ذلك من المجالات في تكامل أخاذ بين الاقتصاد والثقافة.إن على الدولة تشجيع قيام دور النشر وو دور السينما والمسرح والشركات الفنية الخاصة في كافة المجالات الإبداعية، ودعم إنتاجاتها، وبرامجها وعروضها. مع الاستمرار في أداء دورها في الرعاية والمتابعة والتمويل والتشريع. فتتحوَّل الفِرَق المسرحية إلى مراكز للابداع الفني، بحيث يتم تمويل عملها ونشاطها. وكذلك الشأن بالنسبة للتشكيل والموسيقى والأدب، وكافة أبواب الثقافة الحية،على أن يبقى قطاع التراث الوطني الذي يشمل الآثار أيضاً، من مسؤوليات الدولة بالدرجة الأولى، لصعوبة أن يتولاه أفراد أو جمعيات أهلية أو حتى القطاع الخاص، مع العمل على ربط الثقافة ببرامج واستراتيجيات لدعم مفهوم التنوع التنوُّع والتسامح والانفتاح أمراً أساسياً في أي عمل ثقافي وإبداعي. نحتاج لذلك بعد أن لمسنا في هذه الحرب أثر تكايا قيمنا السمحة كما لمسنا فيها أسوأ ما عندنا باعلاء نعرات قبلية لا تنسجم مع روح التنوع أوروحانياته..
لا بد للقائمين عل أمر الاستثمار والتخطيط الثقافي في بلادنا ،الانتباه الى ما تشكله أنظمة الملكية الفكرية القوية من دورفاعل في الحفاظ على الاقتصادات التنافسية والديناميكية والمستدامة في جميع أنحاء العالم. ونذطرهنا أن هذه الملكيات تمثل وفقا لبحث صغير أجريته ، حوالي 38% من اجمالي الدخل القومي للولايات المتحدة ،كلذلك عبر ابداعات من عقول وحناجر المبدعين , لقد أشارت احدى الدراسات إلى أن دخل بلد صناعي مثل المملكة المتحدة من الثقافة (كتب ومسرح وسينما وموسيقى وفنون تشكيلية…) يتجاوزُ في حجمه، دخلَها من صناعة السيارات البريطانية الشهيرة. كنت أستمع الى برنامج تلفزيوني علةقناتنا الفضائية ، جاء فيه أنه وفي عام 1943م ، أخذ سلاح البحرية الأمريكية موسيقاه من أعمال موسيقاؤنا الراحل اسماعيل عبدالمعين حيث جيء به يومها الى بارجة بحرية في قبرص للاستماع الى موسيقاه تدشينا لها واحتفاء بها.هنا كان حالي كحال اب سيدنا ابراهيم "ونظرنظرة في النجوم ...وقال إني سقيم".نظرت كباحث ودارس في مجال الملكية الفكرية وتجاربي في النشر مرورا عبر تصنيف المؤلفات في أم درمان، لاحظت بادرة جيدة للاهتمام بقطاع الملكية الفكرية لكن مع ضمورفي النظرة الشاملة لدورها في مجالات الثقافة والاقتصاد وضرورة تكامل الجهدين القانوني والاقتصادي ليس فقط في مجال عضويات البلاد في الاتفاقيات التي تمنح المؤلفين خارجبلدانهم نفس الحماية لمؤلفي ذلك البلد ، نذكرمن ذلك اتفاقيات مثل اتفاقية بيرن وروما واتفاقية الوايبو للأداءات الفكرية.ولا بد لنا هنا من الاشارة مرة اخرى الى أن الملكيات الفكرية بعناصرها المختلفة لم تعد مجردَ مكوِّنٍ أساسي من مكونات هوية الدول والمجتمعات فحسب، بل تحوَّلت إلى مصدر للثروة يستلزم أمر تنميتها تكامل أدوار تتراوح من مقاعد الدراسة الى صالونات الدولة والحكم بنظرة شاملة تنظر للدولة كمنشأة دائمة التعلم في عالمملكيات فكرية يؤمن أن الزبد يذهب جفاؤ ويبقى في الأرض ما ينفع الناس...
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
وزير الثقافة يستعرض خطة العمل والمبادرات المنتظرة تزامنًا مع احتفالات 30 يونيو
عقد الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، اجتماعًا موسعًا مع قيادات ورؤساء الهيئات والقطاعات التابعة للوزارة، وذلك لمناقشة خطط العمل خلال الفترة المقبلة، وإطلاق عدد من المبادرات الثقافية مع بدء الإجازة الصيفية، ومستجدات العمل فى عدد من المشروعات الثقافية الجاري الإعداد لافتتاحها تزامنًا مع احتفالات 30 يونيو.
واستعرض الاجتماع الموقف التنفيذي للمبنى الجديد لفرع أكاديمية الفنون بمحافظة الإسكندرية، وموقف عدد من قصور الثقافة الجاهزة للافتتاح، ومنها: «بيت ثقافة أخميم» بمحافظة سوهاج، «قصر ثقافة المحلة» بمحافظة الغربية، «قصر ثقافة الطفل» بجاردن سيتي، «قصر ثقافة حلوان» بالقاهرة، وقصرا ثقافة «قطية» و«نخل» بمحافظة شمال سيناء، بالإضافة إلى مشروع «مسرح مصر» بشارع عماد الدين بوسط القاهرة.
كما تم استعراض مستجدات تجهيز 45 كشك كتاب ضمن مشروع «كتابك» في عدد من المحافظات المشمولة بالمبادرة الرئاسية «حياة كريمة»، تمهيدًا لتشغيلها مع حلول ذكرى 30 يونيو، بهدف دعم ثقافة القراءة وتوفير الكتب بأسعار رمزية.
وناقش الاجتماع عددًا من المبادرات الثقافية الجديدة المقرر إطلاقها خلال الأيام المقبلة، بمشاركة كافة قطاعات الوزارة، إلى جانب برنامج الفعاليات الفنية والثقافية لعيد الأضحى المبارك، بالإضافة إلى الاستعدادات الجارية لاحتفالية تسجيل آلة السمسمية كعنصر من عناصر التراث الثقافي غير المادي بمحافظة الإسماعيلية.
وشدد الدكتور أحمد فؤاد هنو على أهمية الإسراع فى استكمال المشروعات الجاهزة للافتتاح، مؤكداً ضرورة وضع إطار زمني واضح ومحدد لبدء تشغيلها بما يواكب المناسبات الوطنية، مشيرا لأهمية تحقيق التكامل بين قطاعات الوزارة في تنفيذ البرامج والأنشطة، بما يسهم في تقديم خدمات ثقافية متكاملة ومتنوعة للمواطنين.
وقال وزير الثقافة: «نعمل على أن تكون الثقافة حاضرة في كل ربوع الوطن، ونلتزم بتوفير بنية تحتية ثقافية تليق بالمواطن المصري وتعكس قيمة وتاريخ هذا الوطن»، مؤكدًا أن رؤية الوزارة تستند إلى تعزيز دور القوى الناعمة وتكامل العمل المؤسسي بين مختلف القطاعات.
ووجّه وزير الثقافة بضرورة التنسيق بين الهيئة العامة لقصور الثقافة، وقطاع المسرح، ودار الأوبرا المصرية، لتقديم عروض مسرحية وموسيقية متنوعة على مسارح قصور الثقافة في مختلف المحافظات، تحقيقاً للعدالة الثقافية وتوسيعًا لنطاق الوصول للجمهور.
اقرأ أيضاًغدا.. الثقافة تطلق برنامج «مصر جميلة» لاكتشاف المواهب بالسويس
وزير الثقافة يوقع بروتوكول تعاون مع النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر لاكتشاف المواهب الأدبية
رئيس جامعة المنصورة يلتقى وفد الوكالة الفرانكفونية لبحث سبل تعزيز التعاون الأكاديمى والثقافة