أثار فوز دونالد ترامب في الانتخابات مخاوف بشأن مستقبل الاقتصاد العالمي، فخلال حملته الانتخابية اقترح ترامب فرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 10% على جميع الواردات الأمريكية ورسوم جمركية بنسبة 60% على السلع الصينية.

ونظرًا لترابط سلاسل التوريد العالمية بشكل كبير، فإن حرب التعريفات الجمركية ضد اقتصاد واحد اليوم تعني حرب تعريفات جمركية ضد العديد من البلدان، وأن حرب التعريفات الجمركية أو الحرب التجارية التي تشنها الولايات المتحدة تنتهي إلى الإضرار بالاقتصاد الأمريكي والمستهلكين.

وتُظهِر الدراسات أن حروب التعريفات الجمركية كانت وستظل كارثية بالنسبة للعمال والمستهلكين والشركات في الولايات المتحدة.

لقد كان التعاون المربح للجانبين، خاصة بين أكبر اقتصادين في العالم، مفيدًا دائمًا ليس فقط لشعبي البلدين، بل للعالم بأسره.

إن أحد المخاوف الرئيسية هو نوع الأشخاص الذين سيختارهم الرئيس المنتخب لحكومته الجديدة، فقد حذر رون بول، عضو الكونجرس الجمهوري السابق من تكساس، من خطر «عودة المحافظين الجدد» للإدارة الأمريكية الجديدة، أشخاص مثل جون بولتون ومايك بومبيو. وقد أشاد (إيلون ماسك) مؤسس تيسلا وسبيس إكس بتغريدة على منصة إكس بذلك، قائلًا: «أوافق على أننا لا ينبغي لنا تمكين دعاة الحرب المحافظين الجدد».

لقد أصبح العالم اليوم مكانا أكثر خطورة بسبب هوس إدارة بايدن بلعب ألعاب محصلتها صفر، وخاصة في تعاملاتها مع الصين، وتركيز طاقتها على التدابير الرامية إلى احتواء الصين وتقسيم العالم إلى كتل سياسية مواجهة.

إن الدور السلبي الذي تقوم به الولايات المتحدة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ يشمل إذكاء التوترات في مضيق تايوان وبحر الصين الجنوبي. كما عملت على إطالة أمد الصراع بين روسيا وأوكرانيا وإسرائيل وفلسطين، من خلال صب الزيت على النار لتحقيق أهدافها الجيوسياسية الضيقة.

حذر العديد من الخبراء، ومن بينهم جيفري ساكس، أستاذ جامعة كولومبيا، من أن السياسة الخارجية الأمريكية الحالية تدفع العالم نحو حرب باردة جديدة، وحرب عالمية ثالثة محتملة، وحتى حرب نووية يمكن أن تبيد الجنس البشري بأكمله.

في حين يشكك كثيرون في الوعود التي قطعها الرئيس الأمريكي المنتخب خلال حملته الانتخابية، خاصة تعهده «بوقف الحروب»، فإن الوفاء بمثل هذه الوعود ضرورية أكثر من العديد من الأشياء الأخرى في عالم اليوم.

ورغم أن هذا التصرف يعد غير صحيح من الناحية السياسية في واشنطن، فقد قال ترامب مرارا وتكرارا إنه من الرائع أن يتوافق مع الصين وروسيا وجمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية.

كوني صحفيا غطى القمة الأولى بين ترامب وزعيم جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية كيم جونج أون في سنغافورة عام 2018، فقد أعجبت بجهوده الرامية إلى التقارب مع جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية، لأن هذا أمر آخر مهم يحتاجه العالم اليوم.

من المبكر للغاية أن نتنبأ بما قد تبدو عليه إدارة ترامب الثانية. ولكنني آمل أن يفي بوعده بإنهاء الصراعات في أوراسيا والشرق الأوسط، واستعادة السلام الدائم في الشرق الأوسط، وتحسين العلاقات مع الصين وروسيا وكوريا الشمالية، وبالتالي وقف الانحدار نحو حرب باردة جديدة، أو حتى حرب عالمية ثالثة.

لا ينبغي للعالم أن يرى حربًا باردة جديدة أبدًا، ناهيك عن حرب عالمية أخرى.

ـ تشين وي هوا رئيس مكتب صحيفة «تشاينا ديلي» في الاتحاد الأوروبي ومقره بروكسل.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

ترامب يعلن حربًا على قوانين الذكاء الاصطناعي في الولايات الأمريكية

نيويورك: إسلام الشافعي
في خطوة تعيد رسم خريطة تنظيم الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة، وقّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمرًا تنفيذيًا جديدًا بعنوان «ضمان إطار وطني للسياسة الخاصة بالذكاء الاصطناعي»، يهدف إلى ترسيخ هيمنة واشنطن في هذا القطاع عبر تقليص سلطة الولايات في سنّ قوانينها المنفردة. يأتي الأمر استكمالًا لمسار بدأه ترامب في يناير 2025 بالأمر التنفيذي 14179 «إزالة العوائق أمام قيادة أمريكا في الذكاء الاصطناعي»، الذي ألغى عددًا من سياسات الإدارة السابقة واعتبر أنها تعرقل صناعة الذكاء الاصطناعي وتكبّل الابتكار.

يقدّم الأمر التنفيذي الجديد رؤية واضحة: الولايات المتحدة تخوض سباقًا عالميًا على الريادة في الذكاء الاصطناعي، وأي «ترقيع تنظيمي» على مستوى الولايات من شأنه إضعاف الشركات الأميركية في مواجهة منافسيها الدوليين. الإدارة ترى أن تعدد القوانين بين ٥٠ ولاية يخلق عبئًا تنظيميًا معقدًا، خاصة على الشركات الناشئة، ويحوّل الامتثال القانوني إلى متاهة مكلفة تهدد الاستثمارات التي تقول الإدارة إنها بلغت تريليونات الدولارات في هذا القطاع داخل الولايات المتحدة.

يلفت الأمر التنفيذي النظر بشكل خاص إلى تشريعات بعض الولايات، وعلى رأسها قانون في كولورادو يستهدف «التمييز الخوارزمي» في أنظمة الذكاء الاصطناعي. ترامب يهاجم هذا النوع من القوانين بوصفه محاولة لفرض «انحياز أيديولوجي» على النماذج، بل يذهب إلى القول إن متطلبات تجنّب «الأثر التفاضلي» على الفئات المحمية قد تجبر الأنظمة على تقديم نتائج خاطئة أو غير دقيقة من أجل استيفاء الاعتبارات القانونية.

لتنفيذ هذه الرؤية، يكلّف الأمر التنفيذي وزارة العدل بإنشاء «فريق تقاضٍ للذكاء الاصطناعي» تكون مهمته الوحيدة الطعن في قوانين الولايات التي تتعارض مع السياسة الفدرالية الجديدة، سواء بحجة انتهاك سلطة الحكومة الاتحادية في تنظيم التجارة بين الولايات، أو بحجة تعارضها مع اللوائح الفدرالية القائمة، أو أي أسباب قانونية أخرى تراها الوزارة مناسبة. بالتوازي، يطلب من وزارة التجارة إعداد تقييم شامل لقوانين الذكاء الاصطناعي في الولايات، مع تحديد تلك التي تُلزم النماذج بتعديل مخرجاتها الصحيحة أو تجبر المطورين على إفصاحات يُحتمل أن تصطدم بالتعديل الأول للدستور الأمريكي وحماية حرية التعبير.

أحد أكثر بنود الأمر إثارة للجدل هو ربطه بين موقف الولايات التشريعي من الذكاء الاصطناعي وبين إمكانية حصولها على تمويل اتحادي في مجالات حيوية، مثل برنامج «الإنصاف في النطاق العريض وإتاحته ونشره» (BEAD) المخصص لتوسيع الوصول إلى الإنترنت عالي السرعة. فالأمر التنفيذي يفتح الباب أمام حرمان الولايات ذات القوانين «المُرهِقة» من بعض التمويل غير المخصص للبنية التحتية المباشرة، بذريعة أن البيئة التنظيمية المجزأة تهدد انتشار تطبيقات الذكاء الاصطناعي المعتمدة على الشبكات فائقة السرعة وتعطّل هدف تحقيق اتصال شامل للمواطنين.

ويمضي الأمر أبعد من ذلك، إذ يدعو هيئات فدرالية مثل لجنة الاتصالات الفدرالية ولجنة التجارة الفدرالية إلى بحث وضع معايير وطنية ملزمة للإبلاغ والإفصاح عن نماذج الذكاء الاصطناعي، تكون لها الأسبقية على القوانين المتعارضة في الولايات، وإلى توضيح متى تُعتبر قوانين الولايات التي تفرض تعديل المخرجات «الحقيقية» للنماذج نوعًا من الإلزام بالسلوك المضلِّل المحظور بموجب قانون التجارة الفيدرالي.

في الخلفية، تلوّح الإدارة أيضًا بمسار تشريعي طويل الأمد؛ إذ يوجّه الأمر المستشار الخاص بالذكاء الاصطناعي والتشفير، ومستشار الرئيس للعلوم والتكنولوجيا، لإعداد مشروع قانون يضع إطارًا فدراليًا موحدًا للذكاء الاصطناعي يَسمو على قوانين الولايات المتعارضة مع هذه السياسة، مع استثناءات تتعلق بحماية الأطفال، والبنية التحتية للحوسبة، واستخدام الحكومات المحلية للذكاء الاصطناعي.
بهذا، لا يقتصر الأمر التنفيذي على كونه وثيقة تنظيمية تقنية، بل يتحول إلى محطة جديدة في الصراع بين الحكومة الفدرالية والولايات حول من يملك الكلمة العليا في رسم مستقبل الذكاء الاصطناعي في أميركا، بين من يرى أن التساهل التنظيمي شرطٌ للحاق بالسباق العالمي، ومن يخشى أن يتحول ذلك إلى فراغ رقابي يترك الحقوق المدنية والبيانات الحساسة دون حماية كافية.
و بينما تصف إدارة ترامب هذه الخطوة بأنها ضرورية لحماية الابتكار الأميركي وتفادي “فسيفساء تنظيمية” تعطل الاستثمار، ترى حكومات ولايات ومجموعات حقوقية أن الأمر التنفيذي يضعف طبقة الحماية المحلية التي فُرضت استجابة لمخاوف حقيقية تتعلق بالتمييز الخوارزمي والخصوصية، ما يفتح جولة جديدة من الجدل القانوني والسياسي حول من يملك حق رسم قواعد لعبة الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة.
حذّرت حكومات عدد من الولايات من أن الأمر التنفيذي يعتدي على سلطاتها الدستورية في تنظيم شؤون مواطنيها، خصوصًا في مجالات حماية الخصوصية والتمييز في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي.
ويؤكد مسؤولون في هذه الولايات أن القوانين المحلية لا تستهدف عرقلة الابتكار، بل وضع حدّ لاستخدامات قد تضر بالحقوق المدنية أو تعزز التحيّز ضد مجموعات بعينها.
ومن جانبها، سارعت المجموعات الحقوقية  إلى انتقاد القرار، معتبرة أنه يمنح الشركات التكنولوجية حرية واسعة على حساب آليات المساءلة والشفافية، ويُضعف قدرة الضحايا المحتملين على مواجهة الأضرار الناجمة عن أنظمة خوارزمية متحيزة أو غير شفافة.
وترى هذه المنظمات أن ربط التمويل الفيدرالي بمواقف الولايات التشريعية قد يتحوّل إلى أداة ضغط سياسي تُستخدم لثني المشرّعين المحليين عن سنّ قوانين لحماية المستهلكين.

 

 

 

 

 

 

مقالات مشابهة

  • كيف حققت الصين فائضا تجاريا مع العالم بقيمة تريليون دولار؟
  • ترامب يعلن حربًا على قوانين الذكاء الاصطناعي في الولايات الأمريكية
  • ماذا سيحدث فى العام الجديد
  • فرصة مقيدة: هل تستفيد الصين من تراجع القوة الناعمة الأمريكية؟
  • فورين بوليسي: 3 دروس تعلمتها الصين من الولايات المتحدة
  • تساقط أمطار رعدية على هذه الولايات اليوم
  • استراتيجية الأمن القومي الأمريكي: راعي الأبقار وماشية العالم
  • ميسي يسطر التاريخ في الدوري الأمريكي
  • الرئيس الكوبي: احتجاز الولايات المتحدة لناقلة نفط قبالة فنزويلا قرصنة وتصعيد للعدوان ضد دولة شقيقة
  • الأمطار خفيفة .. الطقس اليوم| أجواء باردة وتحرير من اضطراب البحر