أكد معالي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الأستاذ جاسم محمد البديوي، أن المجلس أصبح مقصدًا للعديد من دول العالم والتجمعات الإقليمية لترسيخ الشراكات الإستراتيجية، لاسيما أن دول مجلس التعاون أمست شريكًا موثوقًا في ضوء السياسات الحكيمة والمعتدلة التي تنتهجها على جميع المستويات إقليميًا ودوليًا.

جاء ذلك في كلمة خلال الاجتماع الدوري الثامن عشر لأصحاب المعالي رؤساء مجالس الشورى والنواب والوطني والأمة بدول مجلس التعاون، بالعاصمة الإماراتية أبوظبي اليوم، برئاسة معالي رئيس المجلس الوطني الاتحادي بدولة الإمارات العربية المتحدة صقر غباش، وبحضور رؤساء مجالس الشورى والنواب والوطني والأمة بدول المجلس.

اقرأ أيضاًالعالمالبديوي يهنئ ترمب بمناسبة انتخابه رئيسًا للولايات المتحدة

وأشار معاليه إلى أن هذه اللقاءات تأتي تنفيذًا لرؤى وتوجيهات قادة دول المجلس لما يرونه من أهمية الوحدة والتكامل والتقارب بين دول المجلس في شتى الميادين، وأن اجتماع رؤساء مجالس الشورى والنواب والوطني والأمة بدول مجلس، ومنذ أول انعقاد له بمدينة الدوحة عام 2007م، يسعى إلى تعزيز المواقف البرلمانية الخليجية المشتركة في المحافل الإقليمية والدولية فيما يتعلق بالقضايا الإستراتيجية والأمن الإقليمي الخليجي والعربي، وتعزيز العلاقات والتعاون مع برلمانات الدول الأخرى والمنظمات البرلمانية الدولية.

وأشاد بالدور الإيجابي والمنجزات التي تمت على صعيد العمل البرلماني الخليجي المشترك خلال ترؤس دولة قطر لأعمال هذه الدورة، والاجتماعات واللقاءات التي عقدت مع ممثلي برلمانات الدول الأخرى التي نتج عنها عدد من التوصيات، التي من شأنها تعزيز مسيرة العمل الخليجي المشترك في مجال المجالس التشريعية، مشيدًا بالندوة التي تم تنظيمها من قبل مجلس الشورى القطري تحت عنوان: “التنوع الثقافي وتحديات التغيير: دور المجالس التشريعية الخليجية في الحفاظ على الهوية الخليجية” والنتائج والتوصيات التي نتجت عنها وبالأخص تطوير برامج ثقافية وتعليمية في دول المجلس، وتطوير المناهج الدراسية للحفاظ على الهوية الخليجية وتعزيز القيم المشتركة، وتوجيه المؤثرين في العالم الرقمي نحو الحفاظ على الهوية الخليجية، واستصدار وثيقة خليجية تعنى بالحفاظ على الهوية الخليجية.

المصدر: صحيفة الجزيرة

كلمات دلالية: كورونا بريطانيا أمريكا حوادث السعودية على الهویة الخلیجیة مجلس التعاون دول المجلس دول مجلس

إقرأ أيضاً:

مجلس التعاون .. نظرة على فكرة التأسيس

احتفل مجلس التعاون الخليجي الأسبوع الماضي بمناسبة مرور 44 عاما على تأسيسه، ذلك التأسيس الذي لم يكن سهلا على الإطلاق، فلم تكن ولادته صدفة، ولم تكن سهلة ميسرة، رغم أنها ولادة طبيعية جاءت نتيجة لما سبقها من أفكار وتحضيرات واستعدادات لاستقبال الوليد الجديد.

وعلى وقع جدلية أيهما يجلب الاستقرار: الأمن أم الاقتصاد، المال أم البندقية؟ تقاطعت الرؤى، وتلاقت الأفكار على إنشاء مجلس التعاون. طرحت ثلاث رؤى: رؤية تقوم على التعاون الاقتصادي والسياسي، ورؤيتان تقومان على الأمن والدفاع. ولكن قبل هذا لم تأت هذا الأفكار في الأساس من فراغ ولا صدفة، أو كانت مجرد رغبة في إنشاء تجمع إقليمي بين الدول إذ كانت الأرضية مهيأة وجاهزة للبناء عليها؛ لما تمتاز به هذه المنطقة من التشابه، والتكوين، والتناغم في الكثير من المجالات. يتمثل ذلك في التماثل في الوضع الاقتصادي، والسياسي، والاجتماعي والترابط الأسري والقبلي، والامتداد الطبيعي والأنثروبولوجي، والروابط الدينية والثقافية، وسهولة التواصل والتنقل منذ الأزل بين أبناء هذه الدول، وبيئة صحراوية، وعادات وتقاليد مشتركة إضافة إلى العلاقات التاريخية الودية، والتعاضد والتكافل، وكذلك التشابه في الأنظمة والبنى السياسية.

إضافة إلى ذلك كان الهاجس الأمني والدفاعي هو المسيطر والدافع الرئيسي وإن غلبت فكرة التكامل الاقتصادي. وكان كذلك للصخب الإقليمي والدولي عاملاً آخر رسخ الفكرة وعجل بها. كل تلك الأفكار كانت تهدف إلى إنشاء شيء ما يجمع أبناء الدول العربية المطلة على الخليج العربي؛ اتحاد أو مجلس أو منظمة، فليكن ما يكون.

لذلك كانت فكرة إنشاء مجلس أو منظمة تربط أبناء هذه الدول. وفكرة إنشاء تجمع إقليمي كانت فكرة سابقة ومبكرة جدا رغم أنها لم تتبلور كمشروع إلا في أوقات لاحقة، وربما استدعتها الظروف أكثر. فحسب المصادر أن الفكرة الأولى لإنشاء تجمع إقليمي تولدت من عُمان، وكان في وقت باكر جدا. وكان السلطان قابوس - طيب الله ثراه - يشغله الهاجس الأمني والعسكري وأمن دول المنطقة، ويعود ذلك إلى تكوينه العسكري الأمني، نستشف ذلك من حديثه لإحدى الصحف بأن عُمان منذ عام ١٩٧٤ كانت تدعو إلى إيجاد تجمع لدول الخليج العربية. وكان السلطان يولي أهمية قصوى لفكرة مجلس التعاون الخليجي - الأمن الجماعي الخليجي - معتقدا أن هذا هو الخطر الذي يهدد الدول؛ لذلك وجب القيام بجهود منسقة لدرء هذا الخطر، والوقاية منه. فالدور الأمني لمجلس التعاون الخليجي دور رئيسي وأساسي بالنسبة لعمان؛ لذلك وجدت الفكرة لإنشاء التجمع الإقليمي، ومهدت الأرضية لظهور أفكار أخرى في هذا الشأن. وكانت الفكرة خلال هذه الفترة تلوح في أفق المنطقة ليأتي مايو عام ١٩٧٦ ويقدم أمير دولة الكويت فكرة إنشاء وحدة خليجية؛ بهدف تعزيز التعاون وتوثيق الروابط بين شعوب المنطقة، قدمها أثناء زيارة لدولة الإمارات العربية المتحدة، ولقائه مع الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان. حظي المقترح بالدعم والتأييد من الجميع. يتمثل المقترح الكويتي في التركيز على الجوانب الاقتصادية والثقافية والسياسية، وقد بني في الأساس على مقترح لأمير البحرين الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة يتمثل في إقامة منظمة إقليمية تضم دول الخليج العربية تحت مظلة واحدة، وهو المقترح الذي أحاله أمير الكويت الراحل جابر الأحمد إلى جامعة الكويت؛ لبلورته وصياغته كمشروع لإنشاء المجلس.

وفي أكتوبر عام ١٩٧٦ عاد السلطان قابوس بن سعيد ودعا إلى اجتماع في مسقط حضره وزراء خارجية دول الخليج، وحضره العراق وإيران، قدم خلاله السلطان قابوس فكرة إنشاء قوة بحرية مشتركة للدفاع عن مضيق هرمز؛ بوصفه الشريان الحيوي في المنطقة. ركز المقترح على إعطاء الأولوية للأمن والتعاون العسكري؛ بوصفهما ركيزة الاستقرار لدول المنطقة. وفي عام ١٩٧٨ تقدمت المملكة العربية السعودية بمقترح آخر يتضمن إنشاء منظمة خليجية تهدف إلى توحيد مصادر السلاح لدول الخليج، وإقامة تعاون بين قوات الأمن الداخلي في الدول المعنية لضمان الاستقرار والأمن الداخلي، بعيدا عن الأحلاف العسكرية مع القوى الأجنبية.

وكان للظروف الدولية والإقليمية التي أحاطت بالمنطقة دور مهم في التعجيل بفكرة الإنشاء، وتمثل ذلك في قيام الثورة الإيرانية في ١٩٧٩، والتحول الديناميكي في الوضع بشكل عام، والتوجس والقلق الذي تولد لدى قادة الدول الخليجية من شعارات الثورة، وخصوصا شعار تصديرها. وكذلك انفجار الوضع بقيام الحرب العراقية الإيرانية في عام ١٩٨١، وقبلها اتفاقية السلام التي وقعتها مصر مع (إسرائيل)، والغزو السوفييتي لأفغانستان، والحرب الباردة بين الاتحاد السوفييتي وأمريكا.

وفي نفس السياق صرح عبدالله يعقوب بشارة أول أمين عام للمجلس بأن فكرة إنشاء المجلس جاءت «من استياء تولد لدى قادة دول الخليج من الأساليب غير المعتادة وغير الأخلاقية التي اتّبعتها بعض العواصم لتأمين الموافقة الخليجية على البرنامج الذي وضعته بغداد ضد مصر، إضافة إلى نجاح الثورة الإيرانية وما رافقها من صوت ثوري شعاراتي موجه ضد دول الخليج، وانفجار الحرب العراقية الإيرانية في سبتمبر عام ١٩٨٠، والوضع المتوتر بين سلطنة عُمان واليمن الجنوبي، والتبدلات التي شهدتها الساحة الدولية على إثر غزو الاتحاد السوفييتي لأفغانستان، والتهديد الذي رافقه لاستقرار باكستان». كل تلك الأجواء والظروف دفعت بالفكرة إلى مرحلة متقدمة جدا، وقد تبلورت تلك الأفكار في مشاريع ثلاثة قدمت لقادة دول المجلس أثناء انعقاد القمة العربية في عمّان في نوفمبر ١٩٨٠. وفي القمة الإسلامية في الطائف في كانون الثاني ١٩٨١ اجتمع قادة الخليج لمناقشة ثلاثة مشاريع: عماني وكويتي وسعودي، وتم خلال الاجتماع الاتفاق على إنشاء تكتل اقتصادي سياسي بين الدول.

وكان الاتفاق على إنشاء المجلس هو سنام العمل الدؤوب وذروة الاجتهاد الذي أطلقه القادة، وتم الإعلان عن إنشاء مجلس التعاون لدول الخليج العربية في ٢٥ مايو ١٩٨١ في القمة الخليجية الأولى التي عقدت في مدينة أبوظبي. وقد هدف منذ تأسيسه إلى تحقيق التعاون بين دوله وتنمية علاقاتها، والتنسيق والتكامل والترابط، وتعميق وتوثيق الروابط والصلات بين شعوبها في مختلف المجالات. وإنشاء المشاريع المشتركة، ووضع أنظمة متماثلة في جميع المجالات.

ورغم أن الصيغة التي تم التوافق عليها هي التجمع والتكامل الاقتصادي - كما نستشف ذلك من الأهداف المجلس -؛ لكن بقي الهاجس الأمني والعسكري هو العامل الذي يلوح في الآفاق، ويخيم على المنطقة، وبقيت نظرة الدفاع المشترك حاضرة في أروقة المجلس؛ فقد تكلل ذلك بإنشاء قوة درع الجزيرة المشتركة في عام ١٩٨٢، ليأتي عام ١٩٩٠ عام الغزو العراقي للكويت، وتشترك هذه القوة في تحرير الكويت.

ولو ألقينا نظرة على الأهداف الرئيسية التي قام عليها المجلس وسعى إلى ترسيخها منذ إنشائه في مايو من عام ١٩٨١، وتساءلنا: هل استطاع المجلس بعد كل هذه السنوات (أربعة عقود) أن يحقق تلك الأهداف؟ بلا شك هناك بعض العثرات والإخفاقات، ولكن لا يمكن إلا أن نقول: إن للمجلس بعض الإنجازات التي تتناغم مع أهدافه، وتتمثل في التكامل الاقتصادي في بعض الجوانب، وإن بشكل هيكلي مؤسساتي، ومن ثمرة ذلك سوق خليجية مشتركة، واتحاد جمركي، وضريبة جمركية موحدة، وإجراءات متشابهة، ومنظومة تشريعية موحدة، وتحقيق جزء من المواطنة الخليجية المتمثلة في العديد من القرارات التي تساوي بين أبناء دول المجلس، والانتقال بالهوية الشخصية. ورغم بعض العثرات والإخفاقات والأزمات السياسية التي عصفت بالمجلس، ورغم الأماني الكبار المعولة عليه؛ إلا أن صمود المجلس ووقوفه في وجه الكثير من العواصف التي كادت أن تطيح به يعتبر إنجازا يحسب له. وطالما وجدت الرغبات الصادقة والمتجددة لدى أبناء دول المجلس والقادة؛ فإن المسيرة سوف تستمر، وتتجدد الأماني والطموحات.

بدر الشيدي كاتب عماني

مقالات مشابهة

  • الدكتور جهاد أبو لحية: مجلس الأمن عاجز و«الفيتو» الأمريكي شريك مباشر في جرائم غزة
  • مجلس الوزراء يقرر تعطيل الدوام الرسمي بمناسبة “عيد الغدير”!
  • “توكلنا”.. رفيق رقمي موثوق لضيوف الرحمن
  • البديوي: مسيرة مجلس التعاون تمثل نموذجًا متفردًا للعمل الجماعي وصوتًا رشيدًا يستأنس برأيه في قضايا الإقليم والعالم
  • “الوزاري الخليجي” يدين إنشاء وكالة لتهجير الفلسطينيين ويؤكد أهمية إنهاء حصار غزة
  • مجلس الشورى يعقد جلسته الأسبوعية ويثمن مشاركة سمو الأمير في قمة الآسيان
  • بمشاركة وزير الخارجية.. “الوزاري الخليجي” يستعرض سبل تعزيز العمل المشترك
  • البديوي: حملة السوق الخليجية المشتركة تجسّد لحظات وحدة الهوية
  • مجلس التعاون .. نظرة على فكرة التأسيس
  • البديوي: دول المجلس حققت الكثير من الإنجازات المهمة لتعزيز مكانتها مركزًا ماليًا واستثماريًا واقتصاديًا عالميًا