نهيان بن مبارك: الإمارات ملتزمة بإرساء مجتمع قوامه التعايش والتسامح
تاريخ النشر: 13th, November 2024 GMT
سفير النمسا: علاقات البلدين تشهد نقلة نوعية بدمج ممثلين دينيين مميّزين
الإمارات نموذج يحتذى للتعايش بين الثقافات المتمثلة بملايين المقيمين على أرضها
أبوظبي: عماد الدين خليل
افتتح الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، الأربعاء، «المنتدى الأول للحوار بين الثقافات والأديان»، الذي تنظمه الوزارة، بالتعاون مع سفارة جمهورية النمسا لدى الدولة، ضمن فعاليات «المهرجان الوطني للتسامح» الذي استضافه بيت العائلة الإبراهيمية في أبوظبي.
حضر افتتاح المنتدى، عفراء الصابري، المديرة العامة لوزارة التسامح والتعايش، والسفير كريستوف ثون-هونهشتاين، نائب وزير للشؤون الثقافية بوزارة الخارجية النمساوية، وإتيان بيرشتولد، السفير النمساوي لدى الإمارات.
وأكد الشيخ نهيان بن مبارك، في كلمته الافتتاحية، التزام دولة الإمارات بإرساء دعائم المجتمع القائمة على التعايش السلمي والتسامح، تحت القيادة الحكيمة لصاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، الذي يدرك أن التسامح هو السبيل لتعزيز التعاون والتفاهم وبناء جسور التعرف إلى الآخرين من الجماعات والثقافات المختلفة.
وقال: إن التسامح يساعد في معالجة القضايا البيئية المهمة، وحل النزاعات والخلافات السياسية، وصاحب السموّ رئيس الدولة يؤمن إيماناً راسخاً بأن التسامح والأخوّة الإنسانية سيسهمان في تحديد مسؤولياتنا الفردية والجماعية للعمل معاً، من أجل رفع راية السلام، والحفاظ على كرامة الإنسان، وتنمية مجتمعاتنا المحلية والعالمية، مستذكراً قول سموّه «تعدّ دولة الإمارات نموذجاً يحتذى للتعايش بين مختلف الثقافات التي تمثل الملايين من المقيمين على أرضها».
وأوضح أن من بين الأسباب الكثيرة التي تؤكد أهمية هذا المنتدى، تزايد الحاجة إلى السلام العالمي، والتفاهم واحترام ثقافات ومعتقدات الآخرين. والعمل معاً والتفكير معاً هما السبيل لتحقيق ما يعدنا به الإبداع البشري لمجتمع عالمي مسالم ومزدهر.
وقال «إن وجودنا، إماراتيين ونمساويين معاً، يستحق التأمل، حيث نعمل بانسجام وسلام، وبالرغم من اعترافنا باختلافاتنا، فإننا نسعى إلى فهم بعضنا لبعض أفراداً تجمعنا الأخوة الإنسانية بمعناها الشامل، أفراداً يتسامحون ويحترم بعضهم بعضاً ويفهمون نيّاتهم الطيبة، مهما كانت اختلافاتنا الثقافية».
وأشار إلى أن هذا المنتدى، احتفال بالالتزام المشترك بتعزيز العلاقات المثمرة والودية بين الإمارات والنمسا. والثقة التي تجمع بين البلدين على مرّ السنين ستستمر في تعزيز جهود التعاون في المستقبل.
وأعرب عن سعادته كونه إمارتياً بالعمل من كثب مع الأصدقاء والزملاء النمساويين.
وقال: هذا المنتدى يؤكد أن الحوار جوهر المجتمعات المتسامحة، ودولة الإمارات، أحد أهم ملامح نجاحها بلداً متنوعاً وشاملاً وحيوياً، أنها مركز ثقافي مزدهر ومركز عالمي مهم للتبادل الثقافي، وبناء علاقات إيجابية مع الآخرين على أساس قيم الأخوّة الإنسانية والتعاطف والاحترام المتبادل. والحوار الذي يدعو إليه هذا المنتدى بين الأنداد، لديه القدرة على تبديد الأساطير وسوء الفهم، وتعزيز التعاون وتشجيع لقاء العقول.
الحوار الصادق
وأوضح الشيخ نهيان، أن الإمارات في ظل القيادة الحكيمة لصاحب السموّ رئيس الدولة، تؤمن بأهمية الحوار بين الثقافات والأديان، وأن لدى قيادتها ومواطنيها قناعة راسخة بأن الحوار الصادق والثقة المتبادلة بين الأفراد والمنظمات والدول التي تمثل البشر، من ديانات وثقافات ومعتقدات وخلفيات متنوعة، سيجعل العالم أفضل وأكثر سلاماً وازدهاراً. كما يمكن للحوار بين الثقافات والأديان أن يكمل العلاقات الدولية الجيدة، فمفهومه يعزز الإيمان بوجود مجال واسع وعظيم يمكن به أن يعمل الجميع معاً للدفاع عن القيم الأخلاقية التي تشكل جزءاً من التراث الإنساني المشترك.
مشيراً إلى أن المنتدى يعكس رغبة النمسا والإمارات في العمل معاً لدعم التسامح والحوار بين الأديان وتمكين الشباب في العصر الرقمي، كما يظهر بوضوح أن هناك أرضية مشتركة متاحة وممكنة؛ «إذا ما تعرف بعضنا إلى بعض شركاء ومناصرين للسلام والرفاه الإنسانية».
نقاط حيوية
وطرح على المشاركين في المنتدى بعض المحاور المهمة ودعاهم إلى التفكير فيها خلال الجلسات المختلفة. موضحاً أن هذه النقاط الحيوية، تبدأ بأسئلة واضحة عن كيفية تمكين مجتمعي النمسا والإمارات، من العمل معاً ليكونا محركاً للتسامح والتغيير الاجتماعي في العالم؟ وما الدور الذي يجب أن تؤديه الأديان والحوار بين الأديان في مساعدة المجتمعين على تعزيز التسامح والقبول؟ وكيف يمكن سد الفجوة في التواصل بين أتباع الديانات المختلفة وعبر الثقافات المختلفة؟ وفي ظل جميع الدعوات من التحالفات والمؤتمرات واللقاءات بين الأديان التي انعقدت على مر السنين، لماذا لا يزال السلام المستدام بعيد المنال؟ وكيف يمكننا استخدام أدوات القرن الحادي والعشرين لبناء علاقات إيجابية بين الناس، وتبديد الأفكار النمطية، وتعزيز طرائق جديدة للتفكير؟ وكيف يمكننا تبادل خبرات بلدينا في تمكين الشباب، من الرجال والنساء، ليكونوا مواطنين فاعلين ومسؤولين وواثقين؟
رؤى وإجابات ثرية
وعبر عن ثقته بأن مجموعة المتحدثين المتميزين للغاية المشاركين في المنتدى يمتلكون رؤى وإجابات ثرية عن هذه الأسئلة وغيرها من الأسئلة المماثلة، بالحوار الإيجابي الواعي والنقاشات المهمة التي تضمها جلساته. داعياً إياهم إلى مواصلة العمل معاً من أجل عالم يسوده السلام ويضمن التقدم والازدهار للجميع.
وختم الشيخ نهيان كلمته بالقول «أرحّب بضيوفنا النمساويين وأعبّر عن أملي الكبير وتفاؤلي، بأن الإمارات والنمسا ستواصلان العمل معاً لتحسين الأوضاع الإنسانية وتعزيز تقدم المجتمع الإنساني والعالم. وسنساعد في تشكيل مستقبل أكثر أماناً ومرونة، مستقبل متجذّر في التسامح والأخوة الإنسانية، ومبني على روح المجتمع والتعاون الإبداعي».
وتحدث بالمنتدى عبدالله الشحي، المدير التنفيذي بالإنابة لبيت العائلة الإبراهيمية عن أهمية مبادرات الحوار ووجهات النظر في الإمارات، فيما قدم ألكسندر ريغر، رئيس وحدة الحوار بين الثقافات والأديان، بوزارة الخارجية النمساوية رؤية عامة عن مبادرات الحوار ووجهات النظر في النمسا.
وضم المنتدى ثلاث جلسات حوارية، تناولت أهمية التسامح والتكامل الأخلاقي، ومناقشة تعزيز التفاهم والتعاون بين الأديان، وتمكين الشباب عبر المعرفة الرقمية الموجهة للإنسان.
وقال إتيان بيرشتولد، سفير النمسا لدى الإمارات «تأتي مشاركتنا في هذا الحدث المهم هذا العام، ونحن نحتفل بالذكرى الخمسين لتأسيس العلاقات بين النمسا ودولة الإمارات، وقد تطورت هذه العلاقات إلى شراكة استراتيجية شاملة منذ عام 2021، بهدف تعزيز التعاون بين الشعوب، خاصة الشباب، والتفاهم المتبادل بين المجتمعين، والمشاركة في حوار ثقافي عابر للحدود، ودعم التعاون في البرامج الثقافية المشتركة. وفي مايو الماضي، وقّعتا مذكرة تفاهم لتطوير هذا التعاون في الحوار بين الثقافات والأديان».
وأكد أن علاقات البلدين، تشهد نقلة نوعية،
بدمج ممثلين دينيين مميّزين، ضمن الحوار بين الجانبين في أبوظبي، وتهدف هذه الخطوة إلى تعزيز تبادل الرؤى والأفكار بين جميع الشرائح واستثمار الجهود المشتركة لنقل الأفكار والرؤى وأفضل الممارسات من هذه الحوارات إلى مجتمعاتنا المدنية النشطة. وتعزيز مجالات الحوار بالتركيز على مواضيع رئيسة، مثل التسامح والقيم الأخلاقية، وتعزيز الفهم والتعاون بين الأديان، وتمكين الشباب بتعزيز القيم الإنسانية في التكنولوجيا الرقمية التي يعيشها العالم حالياً.
ويأمل المشاركون بأن يتيح هذا المنتدى الفرصة لحوار إيجابي، والقبول باحترام الاختلاف، كي يفهم بعضهم بعضاً، وإطلاق مشروعات مبتكرة لأفضل الممارسات.
وأكد السفير كريستوف ثون-هونهشتاين، نائب وزير للشؤون الثقافية، في وزارة الخارجية النمساوية، خلال كلمته، أهمية الحوار الإيجابي بين الدول الشعوب القائم على الاحترام المتبادل، قائلا «تعد النمسا عضواً مؤسساً في «التحالف الدولي للحرية الدينية أو الاعتقاد» (IRFBA) بناءً على تجربتنا مع جائزة الإنجاز الثقافي، بدأنا العمل على إعداد منشور يتناول أفضل الممارسات في الدولة والمجتمع المدني لتعزيز التعايش السلمي؛ وفي الحوار بين الثقافات والأديان، أسست وزارة الخارجية عام 2007 «فرقة عمل حوار الثقافات والأديان» وتعمل نقطة اتصال ومنطلق لمختلف أنشطة الحوار، ونحاول أن نرسم خريطة لأفضل الممارسات في الحوار بين الأديان والثقافات عالميًا، ونثمّنها رسمياً، ونشجع التعاون بين المنظمات المدنية».
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان التسامح الشیخ نهیان هذا المنتدى بین الأدیان التعاون بین العمل معا
إقرأ أيضاً:
العاهل المغربي يدعو إلى مصالحة تاريخية مع الجزائر.. ويؤكد: لا حل للصحراء خارج مبادرة الحكم الذاتي
شدد العاهل المغربي الملك محمد السادس على أن إعادة إحياء الاتحاد المغاربي تمر بالضرورة عبر تطبيع العلاقات بين المغرب والجزائر، مجددًا الدعوة لفتح صفحة جديدة بين البلدين الجارين، ومؤكدًا استعداده الدائم لحوار صريح ومسؤول.
الملك قال بصريح العبارة في خطاب سياسي رفيع بمناسبة عيد العرش، إن “الاتحاد المغاربي لن يكون بدون انخراط المغرب والجزائر، مع باقي الدول الشقيقة”، مبرزًا إيمانه الراسخ بوحدة شعوب المنطقة، وقدرتها على تجاوز “الوضع المؤسف” الراهن، عبر التعاون وتغليب المصالح الاستراتيجية على الخلافات الظرفية.
مد اليد للجزائر.. والتزام بالحوار
أكد الملك، في خطابه الذي ألقاه مساء الثلاثاء 29 يوليوز 2025، أن موقفه تجاه الجزائر لم يتغير، قائلًا: “الشعب الجزائري شعب شقيق، تجمعه بالشعب المغربي علاقات إنسانية وتاريخية عريقة، وتربطهما أواصر اللغة والدين والجغرافيا والمصير المشترك”.
وأضاف: “حرصت دوماً على مد اليد لأشقائي في الجزائر، ومستعدون لحوار صريح ومسؤول، أخوي وصادق، حول مختلف القضايا العالقة بين البلدين”.
قضية الصحراء.. دعم دولي متزايد لمبادرة الحكم الذاتي
وفي الشق المرتبط بنزاع الصحراء، أعرب الملك عن اعتزازه بما وصفه بـ”الدعم الدولي المتزايد” لمبادرة الحكم الذاتي المغربية، مشيدًا على وجه الخصوص بموقفي المملكة المتحدة والبرتغال، اللذين اعتبر أنهما يكرّسان مواقف داعمة لـ”سيادة المغرب على صحرائه”.
وأشار الملك إلى أن المغرب، رغم ذلك، لا يزال حريصًا على إيجاد “حل توافقي لا غالب فيه ولا مغلوب، يحفظ ماء وجه جميع الأطراف”.
في تفاعل مباشر مع الخطاب الملكي، أصدر المنتدى المغاربي للحوار بيانًا ثمّن فيه مضامين خطاب العرش، معتبرًا أنه يحمل “روحًا واقعية وانفتاحًا مسؤولًا”، ويدشّن فرصة تاريخية لترميم العلاقة بين المغرب والجزائر، وبعث مشروع الاتحاد المغاربي من جديد.
وقال البيان، الذي أرسل نسخة منه ل- "عربي٢١" إن المنتدى تابع “باهتمام بالغ” ما جاء في خطاب العاهل المغربي، وخاصة دعوته إلى “فتح صفحة جديدة في العلاقات مع الجزائر”، مشيدًا بتجديد مد اليد و”تغليب منطق الحكمة والتكامل”، وفق تعبيره.
وأكد المنتدى أن وحدة شعوب المغرب الكبير لم تعد مجرد خيار سياسي، بل “ضرورة استراتيجية لمواجهة التحديات التنموية والأمنية”، داعيًا إلى استثمار هذه اللحظة السياسية.
وأعلن المنتدى في بيانه: دعوة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى التجاوب الإيجابي مع المبادرة الملكية، وبناء مستقبل مشترك على أسس الثقة والاحترام المتبادل. ومناشدة النخب المغاربية، من سياسيين ومثقفين ومجتمع مدني، إلى الانخراط الفاعل في دينامية التقارب والمصالحة، بما يخدم تطلعات شعوب المنطقة نحو الاستقرار والازدهار، وتجديد التزام المنتدى بدعم المبادرات الرامية إلى بعث الاتحاد المغاربي، باعتباره مشروعًا للسلم والتنمية والتكامل.
وختم المنتدى بيانه برسالة رمزية قوية، مفادها أن “القطيعة والانغلاق لا يمكن أن يكونا قدَر شعوبنا”، وأن “الزمن المغاربي قد حان”، وأن “المصالحة التاريخية هي السبيل إلى مستقبل أكثر إشراقًا وكرامة لجميع مواطني المنطقة”.
كرونولوجيا القطيعة بين المغرب والجزائر
رغم الروابط التاريخية والجغرافية التي تجمع المغرب والجزائر، فإن العلاقات بين البلدين ظلت متوترة لعقود، وشهدت محطات مفصلية عمّقت الانقسام، وصولًا إلى القطيعة الرسمية عام 2021:
1975 بداية الشرخ: مع انسحاب إسبانيا من الصحراء الغربية، دعم الجزائر لجبهة البوليساريو مقابل المسيرة الخضراء المغربية، فجّر أولى بوادر النزاع الحاد.
- 1994 إغلاق الحدود: عقب تفجيرات مراكش التي اتهم المغرب فيها عناصر جزائرية، فرض تأشيرات فردّت الجزائر بإغلاق الحدود البرية، في قرار لا يزال قائمًا حتى اليوم.
- 2004–2011 محاولات تطبيع خجولة، لكنها لم تثمر إعادة بناء الثقة، وبقيت العلاقات في وضع هشّ.
2014–2020 تصعيد إعلامي واستخباراتي متبادل، وسط اتهامات بالتدخل ودعم الانفصال.
أواخر 2020 – المغرب يحصل على اعتراف أمريكي بسيادته على الصحراء، ويطبع العلاقات مع إسرائيل، ما فاقم التوتر مع الجزائر.
24 أغسطس 2021 الجزائر تعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب، متهمة الرباط بـ”أعمال عدائية”، بينما اكتفى المغرب بالتعبير عن “الأسف”، داعيًا إلى تغليب منطق الحوار.
منذ ذلك الحين، بقي الوضع على حاله، وسط مبادرات متفرقة من الرباط لمد الجسور، دون استجابة رسمية من الجزائر حتى الآن.