الأمن الغذائي مهدد... وزير الزراعة: العدوان أضر 70% من القطاع الزراعي
تاريخ النشر: 17th, November 2024 GMT
شدد وزير الزراعة عباس الحاج حسن، على أن "لبنان خسر حتى الآن آلاف الهكتارات جراء العدوان الإسرائيلي، كما نزح عشرات الآلاف من المزارعين"، مضيفاً أن "الأمن الغذائي مهدد إذا ما استمر العدوان على وتيرته". وأشار إلى "ضرورة الالتفات إلى أن إسرائيل قصفت عدداً من المعابر الحدودية، وهذا خرق فاضح للقانون الدولي والقانون الإنساني، وهي تريد الإطباق على البلد وخنقه من كافة الاتجاهات"، مطمئناً في المقابل أن "إنتاجنا وإن تراجع قليلاً، إلا أنه لا يوجد أي منتج مفقود من الأسواق، ونعمل على أن يكون هناك استمرارية في سلاسل الإنتاج".
ولفت في مقابلة صحافية إلى أن "الخسائر بدأت تُسجَّل في القطاع الزراعي منذ 8 تشرين الأول من العام الماضي، مع بدء العدوان الإسرائيلي على لبنان، وكانت تركز على المناطق الجنوبية المحاذية لفلسطين المحتلة، بيد أن الضرر الأكبر بدأ منذ 23 أيلول الماضي، مع توسّع العدوان، ويمكن وصفه بالكبير جداً، بحيث تؤكد منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو)، أنّ 70% من القطاع الزراعي في لبنان تأثر بشكل مباشر وغير مباشر، وآلاف الهكتارات قُضيَ عليها بشكلٍ كاملٍ أو شبه كاملٍ، وإن 65 ألف شجرة زيتون أحرقت بالكامل نتيجة القصف بالفوسفور الأبيض المحرَّم دولياً، وأيضاً القصف بالقنابل العنقودية التي ستدفع حتماً الحكومة ووزارة الزراعة إلى العمل طويلاً لتنظيف هذه الحقول الشاسعة، لأنه بمجرد أن تكون هناك قنابل عنقودية يعني عدم إمكان وصول المزارعين إلى هذه الحقول، لأنها ستكون مهدِّدة لحياتهم".
أضاف: "بدأنا مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة "فاو" بإجراء مسحٍ لأربعة آلاف مزارع مبدئياً، وسيُستكمَل حتى نصل إلى 22 ألف مزارع من المسجلين في سجل المزارعين، لمعرفة أين هم موجودون الآن، وهل هم في مناطق تتعرَّض للقصف أو مناطق اللجوء؟ الأمر الذي من شأنه أن يؤسِّس لمعرفة أعداد المزارعين النازحين، وكيفية انعكاس ذلك وضرره على القطاع الزراعي، وتالياً بحث سبل دعمهم. من بين 25% إلى 35% كان يشكل ناتج الجنوب من الناتج القومي المحلي. وعلى صعيد المواسم الشتوية، فإنّ التحضير في كلّ المناطق التي لا تتعرَّض للقصف، حيث إنّ أربع محافظات تتعرّض لقصف يومي، هي النبطية والجنوب وجزء كبير من البقاع الأوسط والشمالي. وبالتالي، فإننا نعمل على توسيع المساحات الزراعية في المناطق التي لم تتعرَّض للقصف، أي سهول عكار والضنية والشريط الساحلي وجبل لبنان والبقاع الأوسط وبعض المناطق في البقاع الشمالي".
وتابع: "الفكرة أننا مسحنا كشوفات حول ما يُزرع في هذه المناطق وما هي الكميات؟ وبالتالي ما هي إمكانية توسيع المساحات؟ وكانت هناك عدة لقاءات عبر غرف التجارة والصناعة والزراعة في الشمال ورئيسها توفيق دبوسي، والتقينا عدداً من المزارعين، واستكملت بلقاءات عدة مع النقابيين والتعاونيات الزراعية، ونحن اليوم أمام واقع يمكن لسهول عكار والضنية والشريط الساحلي أن تعوّض قدراً كبيراً من المساحات التي فقدناها، نتيجة تعرّضها لاعتداءات إسرائيلية مرحلياً كخطة بديلة وسريعة".
وعن الزراعات الأكثر تأثراً قال الحاج حسن: "الأشجار المثمرة والبقوليات والعنب ومعظم المنتجات الزراعية تأثرت، وتحديداً المواسم الشتوية، لأنه لم يكن بمقدورنا زراعة موسمين متتاليين، لذلك الضرر سيكون كبيراً جداً في القادم من الأيام".
أضاف رداً على سؤال: "الأمن الغذائي مهدَّدٌ إذا ما استمرَّ العدوان على وتيرته على لبنان، مع ضرورة الإشارة إلى أنّ إسرائيل قصفت عدداً من المعابر الحدودية، وهذا خرق فاضح للقانون الدولي والقانون الإنساني، وهي تريد الإطباق وخنق البلد من كافة الاتجاهات".
وقال: "نحن الآن نعتقد أن إنتاجنا وإن تراجع قليلاً، فلا يوجد أي منتج مفقود من الأسواق، ونعمل على أن يكون هناك استمرارية في سلاسل الإنتاج كي لا نفقد أي محصول من المحاصيل، وستتأثر عمليات التصدير لا شك، لكن الأمن الغذائي مقبول حتى الآن، ونخاف من اهتزازه فيما لو استمرت وتيرة العدوان بهذا التصاعد. هناك مساعدات من الجهات المانحة، تحديداً للقطاع الزراعي. وهناك خطط طوارئ موجودة أصلاً، ونعمل اليوم على وضع خطط وبدائل معها لكيفية تحويل بعض الأموال التي رصدت سابقاً لاستمرار وديمومة القطاع الزراعي، للتحول إلى مساعدات طارئة للمزارعين اللبنانيين".
وفي معرض رده على سؤال عن تحذيرات المنظمات الدولية من مجاعة في لبنان وهل تخشون هذا الأمر وكيف يتم العمل على منع حدوثه؟ قال الحاج حسن: "نحن نخاف ونحشى أن تنزلق الأمور إلى هذا الأمر، "الأمن الغذائي اللبناني" فيما لو اهتز سيهتز الأمن الغذائي العربي، لأن الأمن الغذائي تكاملي ما بين الأقطار العربية، ولا يمكن أن يكون هناك أمن غذائي للمنطقة ودولة أو عدة دول يهتز بها الأمن الغذائي. نعم نحشى هذا الأمر، ونعمل بكل طاقتنا لمنع حدوثه، وهنا نطلق صرخة ونداءً للمجتمع الدولي أن يوقف حمّام الدم، ويوقف إسرائيل التي تتفلت من أي عقال ويُلزمها بوقف إطلاق النار، والالتزام بالقرارات الدولية، وتحديداً القرار 1701".
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
سنابل الصمود .. كيف حول الشعب اليمني ’’الزراعة’’ إلى سلاح لمواجهة العدوان والحصار
بين التراب والسنابل، بين الأرض واليد اليمنية الصامدة، يُكتب فصل جديد من فصول الصمود في مواجهة العدوان والحصار، في تلك الحقول الممتدة من الجوف إلى صعدة، ومن عمران إلى ذمار، تتنفس الأرض حياةً رغم كل ذلك القصف الهمجي، وتزداد عزيمة الإنسان اليمني على مواجهة كل محاولات التجويع والإخضاع، الحبوب التي تُزرع اليوم ليست مجرد غذاء، بل سنابل رسالة وطنية، كل حبة فيها تحكي قصة إرادة لا تنكسر، وحلم أمة في الاعتماد على ذاتها، ورؤية قيادة ربانية جعلت من الزراعة خط الدفاع الأول عن الحياة والكرامة.
يمانيون / قصة صمود
رؤية قيادية تحوّل الفكر إلى فعل
كان توجيه قيادة المشروع القرآني أحد أهم عوامل الانطلاقة العملية لهذا المسار، فقد أكد الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه على أهمية الاعتماد على الذات والتوجه نحو الاكتفاء حيث قال: ( لا بد لهذه الأمة أن تتجه نحو الاكتفاء الذاتي، لتعتمد على نفسها في مجال غذائها فتهتم بالزراعة تهتم بالتصنيع، في كل المجالات، تهتم بالتصنيع العسكري، تهتم بالتصنيع في مختلف الأشياء التي يحتاجها الناس لتكون بمستوى المواجهة) ،
وقد أعادت توجيهات السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي حفظه الله هذه الرؤية إلى صلب العمل، حيث تم تبني خطة واضحة لتطوير الإنتاج الزراعي في كل المحافظات، وتعزيز الاكتفاء الذاتي، خصوصًا في الحبوب والبقوليات، والتي تمثل العمود الفقري للأمن الغذائي الوطني، حيث أكد السيد القائد منذ وقت مبكر على أهمية هذا الأمر ومن أهم ما قاله في هذا السياق في ضوء المحاضرة الرمضانية ’’22’’ 1442هــ ، : ( الجانب الزراعي هو العمود الفقري للاقتصاد، وإذا اهتممنا به، فنحن نبني اقتصادنا على نحوٍ صحيح، ونحقق لأنفسنا الاكتفاء الذاتي في قوتنا الضروري، فيما يعتبر له أهمية كبيرة جداً على مستوى أمننا، على مستوى كرامتنا، أن نعيش بكرامة، ألَّا يتحكم بنا أعداؤنا فيما يدخل إلينا من غذاء، ننتج هذا الغذاء، ونحقق الاكتفاء الذاتي فيه.
من الخطأ الاستراتيجي، حتى عند الدول غير المسلمين، أن يعتمد الإنسان على الاستيراد لاحتياجاته الأساسية، عندنا في البلد لو نأتي إلى قائمة الاستيراد، تجد أنهم يستوردون كل شيء: الحبوب بكل أنواعها، الفواكه بكل أنواعها، الخضروات، حتى الثوم، والبصل، والبطاط، وغير ذلك، يستوردونه من الخارج، الزنجبيل، كل التفاصيل هذه تستورد من الخارج، وهذا خطأ فادح جداً، إذا قمنا بإنتاجها فسنعيش بكرامة، سنحقق لأنفسنا الاستقلال، سنفقد العدو ورقة ضغط علينا، لا يضغط علينا بقوتنا، بطعامنا، باحتياجاتنا الأساسية)
الجوف نموذجًا للصمود الزراعي
تُعدّ محافظة الجوف مثالًا حيًا على هذا الصمود، حيث تحولت خلال سنوات العدوان والحصار ، إلى واحدة من أهم المناطق المنتجة للحبوب في اليمن، تمتد آلاف الهكتارات المزروعة بالقمح والذرة والدخن، لتصبح حاملةً رسالة واضحة للعالم، أن اليمن قادر على توفير غذائه رغم الحصار.
توسيع الاكتفاء الذاتي في المحافظات الأخرى
لم يقتصر النجاح على الجوف، بل شمل محافظات عديدة مثل صنعاء ، عمران، صعدة، إب، وذمار، حيث تم إحياء المدرجات الزراعية القديمة، وتوسيع زراعة البقوليات مثل العدس والفاصوليا، إضافةً إلى الذرة والدخن، كما لعبت المبادرات المجتمعية دورًا مهمًا في تعزيز الإنتاج، وتحويل الزراعة إلى ثقافة عامة، يشارك فيها المجتمع كله لتقوية صمود الوطن.
الاعتماد على هذه المحاصيل لا يعزز الأمن الغذائي فحسب، بل يرسّخ أيضًا مفهوم السيادة الوطنية، ويجعل من اليمن أقل تأثرًا بالحصار وأساليب الحرب الاقتصادية، مؤكدًا أن الإرادة اليمنية لا تُقهر.
البعد المعنوي للصمود الزراعي
الزراعة في اليمن اليوم أصبحت رمزًا للكرامة الوطنية، فكل سنبلة قمح تُزرع، وكل محصول بقوليات يُحصَد، هو رسالة صمود لكل العالم، ومؤشر على أن الشعب اليمني قادر على مواجهة التحديات الاقتصادية بكل عزيمة، ويمثل نجاحًا أسطوريًا في زمن العدوان والحصار
الزراعة جبهة الصمود الحقيقية
اليوم، بين سنابل القمح وحصاد البقوليات، تتشكل واحدة من أبرز صور الصمود اليمني، التي تجمع بين التخطيط القيادي، والمبادرة الشعبية، والالتزام الوطني، الزراعة ليست مجرد إنتاج، بل معركة صمت منتصرّة على الحصار، ودرس عملي في الاعتماد على الذات، ورسالة قوة وكرامة ترفعها سنابل الأرض اليمنية كل موسم.