السنوار.. أُسطورةُ الزمان والمكان
تاريخ النشر: 17th, November 2024 GMT
محمد يحيى فطيرة
جسّد الشهيد البطل القائد يحيى السنوار، أنصع صفحات الشجاعة والإقدام والتضحية، وهو يضحّي بنفسه شهيدًا في مواجهة جيش الكيان الصهيوني الذي يحظى بدعم عسكري هو الأكبر في التاريخ الغرب.
على طريق تحرير الأقصى الشريف وعلى خطى شهداء الأُمَّــة العظماء أمثال السيد القائد حسن نصرالله أمين عام المقاومة الإسلامية اللبنانية “حزب الله” والقادة أحمد ياسين وإسماعيل هنية وغيرهم من الأبطال الذين لن تنسى الأجيال القادمة بطولاتهم ومآثرهم، كان لاستشهاد القائد المقدام يحيى السنوار، الأثر البالغ في نفوس أحرار الأُمَّــة، بعد أن تحول إلى أيقونة عالمية؛ بسَببِ المشاهد الحية التي التقطتها عدسات الكاميرات لحظة استشهاد هذا الفارس البطل القائد الحقيقي والفعلي لملحمة السابع من أُكتوبر المجيدة، التي أعادت القضية الفلسطينية إلى مسارها الصحيح ومنحت العرب والمسلمين عزة وكرامة.
وفاء وامتنانًا للشهيد القائد المجاهد يحيى السنوار، وغيره من الشهداء العظماء، يجدد أبناء الشعب اليمني العهد لهم والمضي على دربهم، بشكل أسبوعي من خلال المسيرات المليونية التي يشهدها ميدان السبعين في العاصمة صنعاء، وبقية المحافظات اليمنية؛ انطلاقًا من مسؤولياتهم الدينية والإنسانية والأخلاقية تجاه الأشقاء في فلسطين ولبنان، واستجابةً لتوجيهات السيد القائد العلم عبدالملك الحوثي “يحفظه الله” الذي برز في زماننا الحاضر من أكبر المدافعين عن المستضعفين في الأرض وعن قضايا الأُمَّــة المصيرية، وفي مقدمتها قضية فلسطين الجريحة.
لولا الموقفُ المشرِّفُ والإنساني لقائد الثورة المتمثل في نصرة غزة، لما كان احتل اليمنُ مكانةً رفيعة في قلوب الأحرار داخل الوطن العربي والإسلامي، ولما كانت العمليات البطولية لقواتنا المسلحة في البحر الأحمر وباب المندب، محطَّ احترام وتقدير الجميع، لا سِـيَّـما أبناء غزة الجريحة الذين كان للمشاركة اليمنية أثرٌ كبيرٌ في نفوسهم وكانت سببًا في رفع معنوياتهم ومعنويات حركات المقاومة الإسلامية الفلسطينية.
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
الإنسان بين نعمة الهداية وشهوة الطغيان .. قراءة دلالية في وعي الشهيد القائد رضوان الله عليه
حين يقرأ الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه) القرآن الكريم، فإنه يغوص في أعماق المعاني، ويتعامل مع النص القرآني بوصفه حيًّا ناطقًا، يخاطب الإنسان في وجدانه وسلوكه وواقعه اليومي، ومن بين الآيات التي توقف عندها بتأمل واسع وقراءة ذات طابع روحي وفكري، هي الآيات الأولى من سورة النحل، التي تبدأ بقوله تعالى: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ} (النحل:2)
يمانيون / خاص
في هذا التناول القرآني، يعرض الشهيد القائد الآيات كنافذة يدخل منها القارئ إلى فضاءٍ واسع من النعم الإلهية، والهداية الربانية، وقوانين الطغيان الإنساني، وتفاصيل الرحمة المتجلّية في الخلق والتسخير والجمال، إنه يُمهّد لقراءة تربط بين الهداية كأعظم نعمة، والكون كمنظومة تسخيرٍ رحيمٍ للإنسان، والإنسان ذاته ككائن متمرّد حين يرى نفسه مستغنيًا.
هذا التمهيد الذي يبدأ بذكر “أمر الله” لا يُفهم عند الشهيد القائد على أنه مجرد تهديد بالعقوبة، بل كمفتاح لفهم الجدّية في مشروع الهداية الإلهي، وكمال الرعاية الربانية التي تشمل أدق تفاصيل حياة الإنسان، من إرساله الأنبياء وإنزال الكتب، إلى تسخيره الأنعام وتهيئة الأرض بجمالها ومنافعها.
من هنا تبدأ رحلته مع الآيات، رحلة لا تكشف عن معناها الظاهري فقط، بل تكشف عن علاقتها بالواقع، وعن مسؤولية الإنسان في التفاعل مع نعم الله، خشيةً وشكرًا وعبادة.
الهداية .. قمة النعم الإلهية
يبدأ الشهيد القائد بتسليط الضوء على النعمة الأساسية، والمركزية في حياة الإنسان، نعمة الهداية، عبر إرسال الأنبياء وإنزال الكتب، حيث يؤكد أن هذه النعمة هي الأولى والأعظم، وتُقدَّم على ما سواها من النعم، حتى نعمة الخلق والرزق، قوله: ’’هذا أول شيء، وأهم النعم نعمة الهداية بالنبوة…’’ ،، يبرز هذا الترتيب الدلالي لمفهوم النعمة أن الشهيد القائد لا ينظر إلى الدين كمجرد ثقافة، بل كضرورة وجودية مرتبطة ببقاء الإنسان في مساره الصحيح.
الخلق بالحق .. لا عبث في خلق الله
في معرض المعنى الدلالي في قوله تعالى: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ} ، يؤكد الشهيد القائد رضوان الله عليه ، أن هذا الخلق لم يكن عبثًا، بل لحكمة وغاية، وهذا يلفت النظر إلى مركزية الغاية في العقيدة الإيمانية، حيث كل ما حول الإنسان له وظيفة، وكل نظام كوني يحمل رسالة.
الطغيان الإنساني عند الغنى .. جحود النعمة
من أهم المحاور الدلالية في الخطاب تحذير الشهيد القائد من انقلاب الإنسان على خالقه حين يرى نفسه مستغنيًا، يستشهد بآيات كثيرة منها: {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} ، وهنا يستنبط القائد درسًا عميقًا، أن الطغيان لا ينبع فقط من الجهل أو الحاجة، بل غالبًا ما ينبثق من حالة الاستغناء والغفلة، وبالتالي يدعو إلى الحياء من الله في لحظات الرخاء، لا فقط في لحظات الشدة.
نعمة الجمال في الخلق الإلهي
يتناول الشهيد القائد جانبًا مميزًا في النعمة، البعد الجمالي، ويعتبره نعمة مستقلة، ومن الأمثلة التي أوردها ، جمال الأنعام عند السرح والرواح ، ومناظر الزرع والثمار، وألوان الفواكه وروائحها، ’’حتى جانب الجمال، هو أيضاً مما هو ملحوظ داخل هذه النعم الإلهية…’’ ، الرسالة هنا أن الله لا يُعطي فقط ما تحتاجه أجسادنا، بل ما تطرب له أرواحنا وأبصارنا، وفي هذا تكامل للنعمة يجعلها شاملة لحياة الإنسان الحسية والوجدانية.
الرحمة الإلهية في التسخير والتنوع
من خلال استعراضه لخلق الأنعام والخيل والبغال والحمير، يبيّن الشهيد القائد أن هذا التسخير نابع من رأفة ورحمة إلهية، يقول : وأنتم لا تملكون أن تسخروها لأنفسكم فسخرها لكم؛ لأنه رؤوف بكم، رحيم بكم ، يشير إلى أن الإنسان ليس هو المتحكم الحقيقي في سنن الكون، بل هو مُكرَّم بتسخيرٍ من الله، وأن من واجبه الاعتراف بهذا الفضل والتواضع أمامه.
الهداية .. مسؤولية الله وحقه المطلق
يعود القائد ليؤكد مركزية الهداية كخط رسالي، فيقول: ’’وكأنه يقول لنا، أنا الذي أهدي، وأنا الذي يهمني أمركم…’’ ، في هذا الموضع يؤكد على حق الله في أن يهدي، وأن ذلك ليس خاضعًا لميول البشر أو رؤاهم، بل هو نابع من إرادته ورحمته، فكما تكفّل الله بالرزق والخلق، تكفل أيضًا بالهداية.
أخيراً
المعاني الدلالية في قراءة الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي للآيات، ليس تفسيرًا تقليديًا قائمًا على البيان اللغوي فقط، بل هو تأملٌ روحي واجتماعي وتحليل نفسي لطبيعة الإنسان في تعامله مع النعم. يبرز فيه عمق البصيرة الإيمانية، والربط بين الآيات والواقع الاجتماعي والاقتصادي، والتنبيه على خطر الغفلة في الرخاء، والدعوة إلى التأمل في الجمال كدليل على رحمة الله، وإثبات أن الهداية من الله وحده، وهي أعظم نعمة على الإطلاق.