عبدالفتاح باشا يحيى إبراهيم.. بين السياسة والوفاء لمصر
تاريخ النشر: 11th, December 2025 GMT
عبدالفتاح باشا يحيى إبراهيم، اسم يرن في تاريخ مصر السياسي والدبلوماسي كرمز للنزاهة والجدية والتفاني في خدمة الوطن. ولد في مدينة الإسكندرية عام 1876، في بيت معروف بالتجارة والثقافة، حيث كان والده أحمد يحيي من كبار تجار القطن، ينتمي منذ بداياته إلى حزب الوفد، وكان له موقف راسخ في خدمة وطنه.
عبدالفتاح يحيى نشأ في بيئة تجمع بين العمل التجاري والاجتماعي، ما أكسبه فهما عميقا للاقتصاد والمجتمع المصري، كما ورث عنه حب الوطن والانتماء الوطني الذي سيصنع لاحقا مسارا سياسيا غنيا بالعطاء والإنجازات.
في حياته العملية، تجسد دور عبدالفتاح باشا في شتى مناحي السياسة والدبلوماسية، فقد تقلد مناصب عديدة بداية من وزارة العدل، مرورا بمجلس الشوري، وصولا إلى رئاسة وزراء مصر.
لم يكن مجرد سياسي تقليدي؛ بل كان رجلا يرى في السياسة وسيلة لخدمة المواطنين وتحقيق العدالة، خلال توليه وزارة العدل، حرص على تطوير النظام القضائي وتعزيز استخدام اللغة العربية في المحاكم المختلطة، مؤمنا أن اللغة ليست وسيلة للتواصل فحسب، بل هوية وطنية يجب الحفاظ عليها ودعمها.
وقد برز اسمه بشكل أكبر عندما تولى رئاسة مجلس الوزراء بين عامي 1933 و1934، حيث شكل حكومة كان هدفها خدمة الشعب المصري وتعزيز الاستقلال السياسي للبلاد.
كان في هذه المرحلة محوريا في سن نظام أداء اليمين القانونية للوزراء أمام الملك، خطوة رائدة عززت من شفافية العمل الحكومي ونظام المساءلة داخل الدولة.
لم يقتصر دوره على الجانب السياسي الداخلي، بل امتدت بصماته إلى السياسة الخارجية، حيث احتفظ أثناء رئاسته للوزارة بمنصب وزير الخارجية، ما أتاح له أن يمثل مصر في المحافل الدولية ويثبت مكانتها بين الأمم.
عبدالفتاح باشا لم يكن بعيدا عن هموم المواطن البسيط، فقد أصدر قرارا بتخفيض إيجار الأطيان الزراعية عام 1932 بمقدار ثلاثة أعشار قيمتها، وهو قرار يعكس اهتمامه المباشر بمصالح الفلاحين والطبقة العاملة في الريف، ويبرهن على حبه لبلده وحرصه على العدالة الاجتماعية.
كما كان له موقف حاسم من مؤسسات الإدارة المحلية التي لم تكن تعكس تطلعات المصريين، حيث قام بحل مجلس بلدي الإسكندرية الذي كان ذا صبغة دولية وأعضاؤه أجانب، مؤكدا أن مصر للأهالي وأن قراراتها يجب أن تخدم مصالح الشعب المصري أولا.
إضافة إلى ذلك، عمل على تنظيم وزارة الخارجية بشكل دقيق، محددا اختصاصات إداراتها، وهو ما ساعد على تعزيز كفاءة العمل الدبلوماسي، وفتح الطريق أمام جيل من الدبلوماسيين الذين يتطلعون لبناء مصر على أسس متينة.
كل هذه الإنجازات لم تأت من فراغ، بل جاءت نتيجة لرؤية وطنية واضحة وإيمان راسخ بأن مصر تستحق قيادة واعية ومخلصة تعمل بلا كلل من أجلها.
حين نتحدث عن عبدالفتاح باشا يحيى إبراهيم، نتحدث عن رجل جمع بين الصرامة والنزاهة والحكمة والإنسانية، رجل لم ينس جذوره ولم يبتعد عن هموم شعبه، رجل جعل من السياسة أداة لخدمة الوطن والناس على حد سواء.
إن تاريخه يذكرنا بأن القيادة الحقيقية ليست مجرد منصب، بل مسؤولية تجاه الوطن والمواطن، وأن الحب الحقيقي لمصر يظهر في القرارات الصغيرة والكبيرة، في العدالة الاجتماعية، وفي الدفاع عن هوية البلاد ومصالحها.
عبدالفتاح باشا ترك إرثا عميقا في الذاكرة المصرية، ليس فقط كسياسي ودبلوماسي، بل كمواطن عاش وحلم وعمل من أجل مصر، وعلمنا أن الوطنية ليست شعارات ترفع، بل أفعال تمارس يوميا، وأن الالتزام بحقوق الناس هو السبيل لبناء وطن قوي وكريم.
وبالرغم من مرور السنوات، يظل اسمه محفورا في صفحات التاريخ، مثالا للنزاهة، للحكمة، وللإخلاص، وللحب الحقيقي لمصر، حب يتجاوز الكلمات ويصل إلى الأفعال، لتبقى مصر دائما في المقدمة، ولتبقى ذكراه مصدر إلهام لكل من يحب وطنه ويعمل من أجل رفعتها.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: السياسة المصرية دبلوماسية مصرية العدالة الاجتماعية تاريخ مصر الحديث
إقرأ أيضاً:
الديهي يطالب أنقرة بوقف منصات الإخوان المهاجمة لمصر
وجّه الإعلامي نشأت الديهي نداءً صريحًا إلى الدولة التركية، محذرًا من خطورة وجود عناصر جماعة الإخوان على أراضيها، مؤكدًا أنهم يستغلون المنصات الإعلامية التي تبث من تركيا في مهاجمة الدولة المصرية ورئيسها عبد الفتاح السيسي.
التغلغل والنشاط بحريةوخلال تقديمه برنامج "بالورقة والقلم" على قناة TEN مساء الثلاثاء، قال الديهي إن تمدد الإخوان في أوروبا والولايات المتحدة لم يكن نتيجة قدرات خاصة تميّزهم، بل جاء بسبب قرارات غربية سمحت لهم بالتغلغل والنشاط بحرية، مشيرًا إلى أن بعض أفراد الجماعة يظنون أنهم أصحاب نفوذ وتأثير متفوق، رغم أن التاريخ يكشف ارتباطاتهم وأدوارهم الحقيقية.
وأوضح الديهي أن الجماعة دائمة الصدام مع الدولة المصرية، وتحرص على تقديم صورة مزيفة عن نفسها قبل أن تنكشف حقيقتها للرأي العام، مستشهدًا بجملة من مواقف رموزها ودعواتهم المتشددة.
وأكد أن "الدور الوظيفي" لجماعة الإخوان قد انتهى، رغم إمكانية إعادة توظيفهم في سياقات أخرى مستقبلاً، إلا أن المرحلة الحالية تشهد تغيرًا واضحًا في المشهد الإقليمي. ووجّه رسالة إلى الإخوان المقيمين في تركيا ولندن وأوروبا والولايات المتحدة بقوله: “احزموا حقائبكم.. لقد آن وقت الرحيل”.
كما حذّر الديهي من "المرتزقة الذين يعشش الإرهاب في عقولهم"، معتبرًا أن وجودهم داخل تركيا يشكّل خطرًا مباشرًا على أمنها الداخلي قبل أن يشكّل خطرًا على مصر، داعيًا أنقرة إلى الانتباه لخطورة العناصر التي تهاجم مصر ورئيسها من داخل الأراضي التركية.