مؤمن الجندي يكتب: صلاح والحمار
تاريخ النشر: 18th, November 2024 GMT
في زوايا العالم المزدحم بالصخب، حيث تتقاطع الأرواح في طرقات لا تنتهي، تنشأ عيون لا تعرف السكون، تترصد تفاصيل الآخرين بلا دعوة.. كأنما الحياة أصبحت خشبة مسرح، والجميع فيها مُشاهدون ومتفرجون، لا يتوقفون عن الهمس، ولا يملّون من تقديم الأحكام.. بل لا يعجبهم العجب!.. وتبدو هنا الخصوصية في هذا المشهد حلمًا بعيد المنال، يتحول الإنسان إلى لوحة مكشوفة، تُفسر ألوانها، وتُنتقد ضربات فرشاتها، وكأن حريته في رسم حياته أصبحت مسألة رأي عام.
نعيش اليوم في زمنٍ يبدو فيه الجميع مراقبًا من الجميع، تُصبح حياتنا مشهدًا عامًا، والجميع يُدلي بدلوه في كيفية عيشنا، وكأن الآخرين يملكون مفاتيح سعادتنا.. محمد صلاح، في بساطة كلماته، يُعيد صياغة الحقيقة الكبرى: الحياة لا تُقاس بما يتوقعه الآخرون، بل بما يُرضي قلوبنا ويُشعرنا بالسلام الداخلي، وقبلهما بالطبع رضا الله عز وجل.
"أنا بعيش الحياة بالشكل اللي أنا عايزه، مش اللي الناس عايزاه".. هذا التصريح لصلاح ليس مجرد كلمات، بل هو فلسفة حياة، دعوة للتفكر في معاني الحرية الشخصية والاستقلالية، ورحلة نحو استعادة الذات في مواجهة الضغوط المجتمعية.. فكلنا نعرف قصة جحا والحمار حيث نفذ ما يريده الناس في كل مرة (جلس وجر ابنه الحمار وأجلس ابنه وجره ونزلا وجرا الحمار) ولكنهم انتقدوه في كل الأحوال.. وها هو النجم المصري المتفرد ينسف قصة صلاح والحمار مبكرًا!.
تصريحه هذا هو صوت يُخاطب كل من يشعر بثقل نظرات الناس.. إنه يرفض قيودًا غير مرئية تُكبلنا: "مش فارق معايا الناس شايفة إني المفروض أعيش إزاي".. وهنا يكمن درس عميق في الانفصال عن أحكام الآخرين، درسٌ يحرر الروح من وهم التوقعات.
الحقيقة أنني أرى أن الحياة ليست مجرد قائمة مهام تُنجز لإرضاء الآخرين، بل هي لحظات من الشغف والبهجة.. كيف يُمكن لإنسان أن يحيا حياةً كاملة إذا كان دومًا رهينة لآراء الناس؟ دائمًا ما أدعو نفسي لكسر هذه القيود، إلى تذوق كل لحظة كما هي، بكل صدقها وبساطتها.
متاهة بلا نهاية"هي حياتي أنا مش حياتهم هما"، عبارة تحمل عمقًا فلسفيًا.. هنا يُذكّرنا صلاح بحقيقة أن الحياة هي رحلة فردية، مهما كثرت الأصوات المحيطة، كل شخص مسؤول عن رسم مساره، عن اتخاذ قراراته، وعن تحمّل نتائجها، سواء أكانت نجاحًا أم فشلًا.. العيش وفق توقعات الآخرين أشبه بالسير في متاهة بلا نهاية، أما أن تعيش حياتك كما تريد، فهو أشبه بالسير في حقل مفتوح، حيث تُشرق الشمس في كل خطوة، ويُزهر الطريق بثمار اختياراتك.
مؤمن الجندي يكتب: ولي العهد والنيل الذي لا يجف أبدًا مؤمن الجندي يكتب: "العالمي".. هناك من يسلم باليد وهناك من يسلم بالروحفي النهاية، تصريح محمد صلاح ليس مجرد موقف شخصي؛ إنه رسالة لكل إنسان يبحث عن ذاته وسط ضجيج العالم.. هو دعوة لأن نكون أكثر شجاعة، أكثر صدقًا مع أنفسنا، فعندما نُدرك أن حياتنا ملك لنا وحدنا، حينها فقط نعيش بصدق.. حينها فقط سنُدرك أن الحياة ليست سباقًا لإرضاء الآخرين، بل هي فرصة لا تُقدّر بثمن لنُشكلها كما نشاء، لنعيشها كما نُحب.
للتواصل مع الكاتب الصحفي مؤمن الجندي اضغط هنا
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: محمد صلاح مو صلاح ليفربول معرض الشارقة الدولي للكتاب مؤمن الجندي يكتب مؤمن الجندی یکتب
إقرأ أيضاً:
الشيخ خالد الجندي: حب الوطن فطرة داخل كل إنسان
قال الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، إن فهم معنى الهجرة الحقيقي لا ينفصل عن إدراك قيمة الوطن، مشددًا على أن الوطن يمثل للإنسان كل شيء، فهو الحياة، والمستقبل، والزمن، والذكريات، والسعادة، والانتماء، والولاء، والمحبة.
وأوضح عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، خلال تصريحات تلفزيونية، اليوم الثلاثاء، أن حب الوطن ليس مجرد شعور عابر، بل هو فطرة داخل الإنسان، يجري بها دمه، وينبض بها قلبه، حتى لو كان هذا الوطن "كثبان رمل في الصحراء" أو عانى فيه الإنسان من ابتلاءات وأذى.
الشيخ خالد الجندي: النبي عبّر عن حب الوطن في لحظات الهجرة
الشيخ خالد الجندي: الإسلام الدين الأكثر انتشارا رغم كل محاولات التشويه
هل ما يحدث من فتن يعتبر نهاية الإسلام؟.. الشيخ خالد الجندي يرد
الشيخ خالد الجندي: الإسلام واجه التنمر حتى ضد الحيوانات من أكثر من ١٤٠٠ سنة
خالد الجندي: الكلب مخلوق له حرمة .. والخلاف حول نجاسته لا يبرر إيذاءه
الشيخ خالد الجندي: الإسلام يحث على الترحم والرفق بجميع المخلوقات
وقال الشيخ خالد الجندي "حتى وإن غادر الإنسان وطنه لضرورة في عمل أو علاج أو تعليم، يبقى الشوق والحنين إليه ساكنًا في النفس والوجدان، لأنه المكان الذي وُلد فيه ونشأ وترعرع، وفيه الأهل والأحباب والذكريات التي لا تُنسى".
واستشهد الشيخ خالد الجندي بكلام الإمام الغزالي، رحمه الله، حين قال: "والبشر يألفون أرضهم على ما بها، وإن كانت قفرًا مستوحشًا"، مؤكدًا أن حب الوطن غريزة متأصلة في النفوس، تجعل الإنسان يستريح للبقاء فيه، ويحن إليه إذا ابتعد، ويدافع عنه إذا هوجم، ويغضب له إذا انتُقص.