تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

لقد أدى الصراع المطول فى ميانمار، والذى أشعله الانقلاب العسكري فى عام ٢٠٢١، إلى تحويل صراع سياسي متقلب إلى حرب أهلية مدمرة. 

ويشير المراقبون، بما فى ذلك الخبراء الرئيسيون، إلى أن الجيش، أو تاتماداو، فى موقف دفاعي، ويواجه مقاومة متصاعدة، وخسائر إقليمية، وضغوط اقتصادية واجتماعية متزايدة.

وفى حين يظل الصراع معقدًا، مع مقتل أكثر من ٥٠ ألف شخص وتشريد حوالى ثلاثة ملايين شخص، فإن قبضة المجلس العسكرى على السلطة تضعف بشكل ملحوظ، مما يشير إلى سيناريوهات محتملة لإنهاء الحرب.

الديمقراطية المتوقفة وصعود المقاومة المسلحة

أطاح الانقلاب الذي شنته تاتماداو فى فبراير ٢٠٢١ بحكومة مدنية كانت على استعداد لتنصيب الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية، بقيادة أونج سان سو كي، بعد فوز انتخابى ساحق. وسرعان ما تبع هذه الخطوة احتجاجات وإضرابات على مستوى البلاد.

وكما لاحظ كريس سيدوتي، مستشار حقوق الإنسان الدولى وعضو المجلس الاستشارى الخاص لميانمار، "إن نهاية الحرب واضحة. الشيء الوحيد الذى ليس واضحًا هو الوسائل التى يتم بها تحقيق ذلك والتوقيت".

ومع تصاعد المقاومة، بما فى ذلك إنشاء حكومة الوحدة الوطنية وجناحها المسلح، قوات الدفاع الشعبي، اشتدت المعركة ضد الجيش، مما يمثل تقدمًا كبيرًا للحركة المناهضة للمجلس العسكري.

نقاط التحول الرئيسية ومكاسب المقاومة

فى الأشهر الأخيرة، دخل الصراع مرحلة جديدة مع اكتساب المقاومة زخمًا. أطلق تحالف الإخوة الثلاثة، وهو تحالف من الجماعات المسلحة العرقية، العملية ١٠٢٧ فى أواخر عام ٢٠٢٣، واستولى على أراضٍ حاسمة فى ولاية شان الشمالية.

وقد حافظ التحالف على هذه الجهود، على الرغم من محاولات الجيش لشن هجوم مضاد. "إن الروح القتالية قوية"، كما يقول عضو مجهول فى مجموعة أفلام ميانمار. "إن الجانب التابع للمجلس العسكرى لا يعرف حتى ما الذى يقاتل من أجله".

ويضيف، مشددًا على الفجوة التحفيزية بين قوات المجلس العسكري، والتى غالبًا ما تتألف من مدنيين تم تجنيدهم قسرًا، والقوات العرقية وقوات الدفاع الشعبى ذات الدوافع العالية.

وقد أدت هذه المكاسب الإقليمية أيضًا إلى تحالفات استراتيجية بين جماعات المقاومة. تتعاون العديد من وحدات قوات الدفاع الشعبى الآن مع الجيوش العرقية فى الهجمات المشتركة، مما يعزز من نطاق المقاومة فى جميع أنحاء ميانمار.

كان هذا التعاون ضروريًا فى الاستيلاء على لاشيو فى ولاية شان، وهى قاعدة عسكرية حاسمة، مما يعكس ضعف القبضة العسكرية ونقطة تحول رمزية محتملة فى الحرب.

صراعات المجلس العسكرى والانقسامات الداخلية

مع تقدم قوات المقاومة، يواجه جيش ميانمار ضغوطًا داخلية غير مسبوقة. كانت هناك تقارير عن صراع داخل صفوف الجيش، تفاقم بسبب الخسائر الإقليمية والظروف الاقتصادية القاسية.

ما يقرب من ٨٠٪ من بلدات البلاد أصبحت الآن خارج سيطرة المجلس العسكري، وفقًا لتقديرات SAC-M. حتى مدينة ماندالاي، ثانى أكبر مدينة فى ميانمار، مهددة بالاستيلاء عليها من قبل الجماعات المسلحة العرقية، وهو السيناريو الذى قد يوجه ضربة حاسمة لمعنويات جيش ميانمار.

من الناحية الاقتصادية، تنهار ميانمار تحت وطأة الصراع. فقد ارتفع معدل التضخم فى البلاد، وتضاعفت مستويات الفقر، ويواجه الملايين انعدام الأمن الغذائي.

وتعلق أمارا ثيها من معهد أبحاث السلام فى أوسلو قائلة: "العقوبات... تؤثر على الجميع"، معترفة بالعواقب الأوسع نطاقا للعقوبات الدولية التي، فى حين تستهدف المجلس العسكري، تؤثر بشكل غير مباشر على السكان المدنيين فى ميانمار.

وقد يجبر هذا التدهور الاقتصادى الجيش على البحث عن بدائل دبلوماسية، وإن كان ذلك بتكلفة إنسانية عالية.

المخاوف الإقليمية والديناميكيات الدولية

يزيد الوضع الجيوسياسى فى ميانمار من تعقيد الصراع. وتحافظ الصين، وهى جارة مهمة لها مصالح اقتصادية، على علاقة حذرة مع المجلس العسكرى والجماعات المسلحة العرقية.

بكين، بدافع من الاستقرار الإقليمي، توسطت فى وقف إطلاق النار مع تحالف الأخوة الثلاثة، على الرغم من أن انتهاكات التاتماداو للاتفاق قد أرهقت هذه الجهود.

كما تتأثر تايلاند والهند، الدولتان المجاورتان، بتدفق النازحين والاتجار بالمخدرات المرتبط بالصراع.

مع تأرجح ميانمار على حافة الهاوية، فإن تضاؤل سيطرة المجلس العسكرى له آثار إقليمية، وخاصة بالنسبة للصين، التى تخشى الآثار الجانبية لميانمار غير المستقرة.

سيناريوهات نهاية اللعبة المحتملة.. مستقبل الصراع فى ميانمار

يحدد الخبراء عدة مسارات محتملة لحرب ميانمار الأهلية للوصول إلى خاتمة. يتصور أحد السيناريوهات ظهور "دولة عسكرية" فى المراكز الحضرية مثل نايبيداو ويانغون، مع تفتت بقية البلاد إلى مناطق عرقية.

يشير احتمال آخر إلى الإطاحة بالمجلس العسكرى فى نهاية المطاف من خلال الانهيار الداخلي، أو التدخل الدبلوماسي، أو التفاوض مع قوى المقاومة.

ولكن الطريق إلى الأمام لا يزال مليئا بالتحديات. ويؤكد توماس كين، المحلل فى مجموعة الأزمات الدولية، أنه فى حين تتمتع الجماعات المسلحة العرقية بالقوة فى أراضيها، فقد لا تملك الموارد اللازمة للتقدم إلى ما هو أبعد من هذه المناطق.

ويترك هذا القيد للمجلس العسكرى بعض النفوذ، وإن كان نفوذه لا يزال يتضاءل. ويحذر يانغى لي، المقرر الخاص السابق للأمم المتحدة، من أن خسارة ماندالاى قد "توجه ضربة هائلة" إلى جيش ميانمار، ملمحًا إلى أن مثل هذا التطور قد يعيد تشكيل المشهد السياسى فى ميانمار بشكل كبير.

طريق طويل للتعافي 

فى حين تظل النتيجة النهائية غير واضحة، تطورت الحرب الأهلية فى ميانمار إلى صراع حاسم له آثار بعيدة المدى.

ويتفق الخبراء على أن ضعف موقف جيش ميانمار، إلى جانب تصميم المقاومة، أجبر المجلس العسكرى على اتخاذ موقف محفوف بالمخاطر.

ومع ذلك، فإن أى نهاية للصراع من المرجح أن تتطلب مفاوضات جوهرية وربما جهدًا دبلوماسيًا دوليًا لإعادة بناء ميانمار.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: ميانمار الانقلاب العسكري الديمقراطية في ميانمار الديمقراطية المقاومة المسلحة الامم المتحده الصراع في ميانمار المجلس العسکرى جیش میانمار فى حین

إقرأ أيضاً:

محللون إسرائيليون: الجيش يطيل أمد الحرب ويعاقب الرافضين العودة لغزة

يحاول الجيش الإسرائيلي إطالة أمد العمليات العسكرية في قطاع غزة على أمل التوصل لاتفاق مع المقاومة، لكنه في الوقت نفسه يعاقب جنوده الذين يرفضون العودة للقتال، وهو سلوك انتقده محللون إسرائيليون يرون أن هؤلاء بحاجة للدعم وليس للعقاب.

فقد أكد محلل الشؤون العسكرية في قناة "24 نيوز"، يوسي يهوشوع، أن الجيش يطيل الوقت ميدانيا لأنه ينتظر ردا من حركة المقاومة الإسلامية (حماس) "لأن إسرائيل تريد صفقة بأي ثمن".

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2خالف كل التوقعات.. لماذا لم يتسبب زلزال كاماتشتكا الهائل في تسونامي كبير؟list 2 of 2مجلة أميركية: العنف بغزة ليس حربا بل تطهير عرقي تمهيدا لطرد السكانend of list

وتحدث يهوشوع عن الخيارات المطروحة حاليا والتي قال إنها "ليست كثيرة، ومنها احتلال مدينة غزة والمنطقة الوسطى"، لافتا إلى أنها "مسألة معقدة، بسبب وجود المخطوفين (الأسرى) فيها، فضلا عن أنها تتطلب تهجير نحو مليون فلسطيني بالمنطقة إلى مكان آخر".

كما عرض رئيس الأركان إيال زامير، خيارا آخر يتمثل في "الحصار والاستنزاف"، وهو أمر يرى يهوشوع أنه لن يلحق الهزيمة بحماس ولن يعيد المخطوفين، ولن يتجاوز كونه ضغطا عسكريا على المقاومة التي قال إنها "لن تطلق سراح الأسرى أبدا (دون صفقة)".

وهناك أيضا خيار ضم الأرض الذي يقول محلل الشؤون العسكرية إنهم لا يعرفون إن كان سيؤلم حماس ويعيدها للمفاوضات أم لا، مضيفا أنه "لا يعتقد أن هذا الأمر سيحقق نجاحا".

أما مراسل الشؤون العسكرية في إذاعة الجيش أمير بار شالوم، فقال إن الجيش حاليا يطالب القيادة السياسية باتخاذ قرار مستقبلي حتى لو كان احتلال القطاع بشكل كامل، مع الأخذ في الاعتبار الأثمان التي ستدفعها إسرائيل نتيجة دخول مناطق لم تدخلها من قبل، ولم يكن قرار عدم دخولها عبثا.

لكن هناك من يرون عدم إمكانية مواصلة هذه الحرب التي جعلت الجنود يفضلون الانتحار على العودة لغزة. ومن بين هؤلاء رجل الأعمال زيف شيلون الذي فقد يده في حرب غزة عام 2002 والذي قال إن إسرائيل وصلت إلى وضع لا يمكن السكوت عليه.

إعلان

وتحدث شيلون عن جنود ينتحرون وآخرين يحاولون الانتحار أو منعزلين في بيوتهم، وقال إن عددا منهم لم يعودوا قادرين على ترميم حياتهم بعد العودة من جحيم المعارك بلغ "مستويات فلكية"، معربا عن اعتقاده بأن المجتمع الإسرائيلي "سيصل إلى وضع سيئ ما لم يعد إلى رشده".

وانتقد محللون سلوك الجيش تجاه من يرفضون العودة للقتال وسعيه لسجنهم بدلا من تقديم الدعم لهم بينما يتم تجاهل من ينشرون فيديوهات تظهر عمليات القتل والتدمير التي يقومون بها في غزة.

معاقبة من يرفضون العودة للحرب

وقد نقلت القناة 13 عن جندي يواجه السجن لأنه رفض العودة للحرب، وأنهم تلقوا أمرا بقتل 3 أشخاص دخلوا "منطقة القتل" الخاصة بهم، ثم تبين أنهم طفلان في العاشرة والـ12 ووالدتهما، لكنهم كانوا مضطرين لقتلهم تنفيذا للأوامر، مما أصاب 3 جنود بأعراض ما بعد الصدمة.

وتعليقا على هذا الأمر، قال الرئيس السابق لشعبة التخطيط في الجيش نمرود شيفر، إن أكثر من 3600 جندي أصيبوا بأعراض ما بعد الصدمة منذ بدء الحرب، وإن إسرائيل سيكون بها 100 ألف معاق بعد عامين ونصف العام حسب تقديرات وزارة الدفاع، نصفهم على الأقل يعانون مشاكل نفسية تم تشخيصها ومعظمهم لم يتجاوز سن الـ30.

وأكدت والدة أحد الجنود ما يقوم به الجيش ضد هؤلاء الجنود، مؤكدة أن ابنها قاتل مئات الأيام في غزة وعندما رفض العودة للمعارك "نظر له قادته نظرة سيئة واعتبروه جبانا رافضا للخدمة وسيرسلونه وزملاءه للسجن بدلا من أن يقدموا لهم الدعم".

ووصف المحلل السياسي في القناة 13 رفيف دروكر، سلوك رئيس الأركان تجاه هؤلاء الجنود بأنه "أسوأ ما يقوم به"، قائلا "إن زامير يرسل الجنود للسجن بعدما لم يعودوا قادرين على الذهاب للحرب، رغم أنهم قاتلوا شهورا وخاضوا أسوأ التجارب وفقدوا أصدقاء لهم، وبينهم جندي عاد للحرب بعدما عولج من إصابة خطيرة".

وهاجم دروكر موقف زامير بقوله إنه يسعى لسجن هؤلاء وينظر لموقفهم بخطورة ويعتبره رفضا للخدمة في زمن الحرب بينما يتجاهل من ينشرون مقاطع التدمير والقتل من باب التفاخر بالمخالفة للأوامر.

مقالات مشابهة

  • شاهد: حمد : متمسكون بسلاح المقاومة ولن نسلم ولا حتى طلقة فارغة
  • أقصر طريق للسلام هو استسلام المليشيا لا الشعب السوداني
  • “صمود” يدعو لتصنيف حزب المؤتمر الوطني “المحلول”، والحركة الإسلامية وواجهاتهما كـ “منظومة إرهابية”
  • الحرب احتمال قائم.. مفاوضات سلاح المقاومة في لبنان مستمرة
  • حماس وفصائل أخرى: الطريق إلى الحل يبدأ بوقف الحرب
  • مرصد الأزهر: قطلونية بؤرة التطرف المتصاعدة في أوروبا الغربية
  • محللون إسرائيليون: الجيش يطيل أمد الحرب ويعاقب الرافضين العودة لغزة
  • ميانمار تلغي حالة الطوارئ وتشكل لجنة لانتخابات عامة
  • انتهاء عربات جدعون - الجيش الإسرائيلي يسحب عدة ألوية من قطاع غزة
  • مستشفى الملكة رانيا يعتمد تقنية جديدة لعلاج أطفال الاضطرابات العصبية